الهجرة الكبرى بماساي مارا الكينية.. لوحة برية مذهلة تقاوم التحديات
تاريخ النشر: 8th, August 2025 GMT
في قلب السهول العشبية جنوب غرب كينيا، وعلى امتداد يلامس حدود تنزانيا، تقع محمية ماساي مارا، إحدى أبرز وجهات الحياة البرية في أفريقيا، ومسرحا سنويا للهجرة الكبرى التي تشهد عبور أكثر من 1.5 مليون ظبي أفريقي ومئات الآلاف من الحُمُر الوحشية نحو سهول سيرينغيتي المجاورة.
خلال موسم الهجرة في يوليو/تموز، يتحول نهر مارا إلى نقطة عبور محفوفة بالمخاطر، حيث تتردد القطعان قبل القفز في المياه التي تتربص فيها التماسيح.
هذا المشهد الطبيعي الآسر لا يخلو من التحديات، إذ تثير سلوكيات بعض السياح قلقا متزايدا لدى حراس المحمية والناشطين البيئيين.
وفقا لحراس ماساي مارا، فإن تكدّس المركبات السياحية قرب مسارات الهجرة يعيق حركة الحيوانات ويثير ذعرها، مما يؤثر على سلوكها الطبيعي.
وقد أثار مقطع مصوّر من سيرينغيتي المجاورة جدلا واسعا، بعد أن ظهر فيه سياح يتركون مركباتهم لالتقاط صور ذاتية وسط غابات السافانا، في انتهاك صريح لقواعد السلامة البيئية.
يقول أحد الحراس المحليين "الطبيعة لا تُصوَّر من مسافة لصيقة.. بل تُحترم من بعيد"، في إشارة إلى ضرورة الحفاظ على مسافة آمنة بين الإنسان والحياة البرية.
في اليوم الثاني من الرحلة، بلغنا الحدود غير المرئية بين كينيا وتنزانيا، حيث تنتهي ماساي مارا وتبدأ سهول سيرينغيتي.
لا وجود لحواجز أو أسلاك، فقط فضاء مفتوح تتنقل فيه القطعان بحرية، غير عابئة بجغرافيا الإنسان، وصخرة وسط الطبيعة تشير إلى موقع الحدود بين البلدين.
هذا الامتداد الطبيعي يعكس وحدة النظام البيئي الذي يتجاوز التقسيمات السياسية.
خلال رحلات السفاري اليومية، رُصدت مشاهد آسرة لأسود تخرج من بين شجيرات الأكاسيا في ساعات الصباح الأولى، يتبعها أشبال صغيرة تخطو بتردد نحو عالم لا يرحم، إذ البقاء للأقوى.
إعلانفي لحظة نادرة، توقف الأسد ونظر نحو المركبة بصمت، وكأنما يراقب من يراقبه، قبل أن يواصل طريقه في هدوء مهيب.
كما شوهد الفهد الرشيق وهو يتسلل بخفة بين الأعشاب الطويلة، متربصا بفريسة محتملة، في مشهد يختزل دقة الغريزة وسرعة الحسم.
أما الفيلة الضخمة، فقد ظهرت في قطيع متماسك، تتقدمه أنثى مسنّة، بينما تتبعها الصغار في ترتيب دقيق يعكس تراتبية اجتماعية صارمة داخل القطيع.
الزرافات بدت أكثر هدوءا، تتنقل برشاقة بين الأشجار، في حين الجواميس والظباء تملأ السهول في حركة دائمة، وكأنها تعرف أن السكون يعني الخطر.
ورغم جمال هذه اللقاءات، فإنها تكشف عن هشاشة التوازن بين السياحة والحياة البرية. ففي أكثر من مناسبة، اقتربت المركبات السياحية بشكل مفرط من الحيوانات، ما أدى إلى اضطراب سلوكها، خاصة لدى المفترسات التي تعتمد على التخفي والصبر في الصيد.
بعض الزوار، بدافع الحماس أو الرغبة في التقاط صور مثالية، يتجاوزون التعليمات البيئية، وهذا يهدد سلامة الحيوانات ويشوّه التجربة الطبيعية.
على أطراف المحمية، زُرنا قرية صغيرة لشعب الماساي، حيث استقبلتنا النساء بالرقص والغناء، في مشهد احتفالي ينبض بالحياة، قبل الدخول إلى أحد البيوت الطينية ذات السقف المنخفض والجدران المصنوعة من خليط الطين وروث الأبقار.
تحدث السكان عن تمسكهم بالحياة التقليدية رغم التغيرات العالمية، وعن أساطيرهم التي جعلت الأسد رمزا للقوة والهيبة، لكنه ليس موضع رهبة.
فالماساي، الذين يعيشون في كينيا وتنزانيا، لا يهابون الأسود، بل هي من تخشاهم. يرتدون اللون الأحمر، ليس فقط كرمز للهوية، بل لأنه يُعتقد أن الأسود تنفر منه، ما يمنحهم حضورا مهيبا في البرية.
وفي حالات نادرة، يهاجمون الأسود التي تفترس جواميسهم، مستخدمين الرماح والسكاكين، في طقوس دفاعية تُجسد شجاعة جماعية متوارثة.
هذه المجتمعات لا تمارس الزراعة، إذ إن الفيلة تقتلع المحاصيل وتدمر الحقول، ما دفعهم إلى تبني نمط حياة رعوي تقليدي يقوم أساسا على تربية الأبقار، التي تمثل مصدر رزقهم ومقياس ثروتهم، إلى جانب الماعز والأغنام.
ويعتمد نظامهم الغذائي على الحليب الطازج أو الممزوج بالدم، واللحم الذي يُستهلك في المناسبات الخاصة، مع إدخال بعض الحبوب مثل الذرة والشاي المحلى التي بدأت تظهر ضمن النظام الغذائي في السنين الأخيرة.
يقدم شعب الماساي نموذجا فريدا للتعايش مع الطبيعة دون إخضاعها، حيث تُبنى العلاقة مع الأرض والحيوان على الاحترام والتوازن، لا على الاستغلال أو الهيمنة.
في عالم يتسارع نحو التمدن، يظل شعب الماساي شاهدا حيا على إمكانية العيش بتناغم مع البيئة، من دون أن يفقد الإنسان جوهره.
كانت الإقامة في فندق صديق للبيئة يعتمد على الطاقة النظيفة، وسط المحمية، تجربة فريدة.
إعلانفالموقع يتيح للزوار معايشة البرية ليلا ونهارا، حيث تمر الحيوانات قرب الغرف، وتُسمع أصوات المفترسات من بعيد.
لكن هذه التجربة تطرح تساؤلات حول مدى التزام السياحة البيئية بمبادئها، خاصة في ظل التوسع التجاري لبعض المنشآت.
بمساحتها التي تبلغ نحو 1510 كيلومترات مربعة وتنوعها البيئي المذهل، تظل ماساي مارا وجهة لا مثيل لها لعشاق الحياة البرية.
لكنها أيضا اختبار لمدى قدرة الإنسان على احترام الطبيعة أثناء الاستمتاع بها.
فكل مشهد ساحر تحفه قوانين الحياة البرية، وأي إخلال بها قد يهدد التوازن الذي جعل من هذه الأرض مسرحا لأحد أعظم مشاهد الطبيعة على وجه الأرض.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
تفاصيل تحطم طائرة إسعاف خارج العاصمة الكينية
(أ ب)
تحطمت طائرة تابعة لخدمة الإسعاف الجوي في منطقة سكنية خارج العاصمة الكينية اليوم الخميس، حسبما ذكرت الشركة المالكة للطائرة.
وقالت شركة "أمريف فلاينج دوكتورز" إن الطائرة متوسطة الحجم، وهي من طراز "سيسنا سايتيشن إكس إل إس" أقلعت من مطار في نيروبي وكانت متجهة إلى صوماليلاند عندما تحطمت.
ولم تعلن الشركة المقدمة للخدمة عدد القتلى والجرحى أو السبب المحتمل للحادث، وذكرت في بيان أنها "تتعاون تماما مع سلطات الطيران المعنية وفرق الاستجابة الطارئة لتحديد الحقائق المحيطة بالوضع".
وأضافت أنه سيتم إعلان المزيد من المعلومات لاحقا.
وقالت هيئة الصليب الأحمر الكينية إن فرق الإنقاذ التابعة لها تتوجه إلى موقع التحطم في كيامبو، وهي مقاطعة تشترك في الحدود مع العاصمة الكينية. وذكرت المنظمة غير الحكومية في وقت سابق أن الطائرة التي تحطمت كانت مروحية.
وذكرت صحيفة " ستار" الكينية أن التحطم أدى إلى "أستجابة سريعة من السلطات". وأضافت الصحيفة أن أفراد الجيش والشرطة "وصلوا بسرعة إلى الموقع وأمنوا المنطقة".
ولم ترد المزيد من التفاصيل من المسؤولين.
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
تحطم طائرة إسعاف كينية خدمة الإسعاف الجوي الكيني شركة أمريف فلاينج دوكتورزتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
إعلان
أخبار
المزيدالثانوية العامة
المزيدإعلان
تفاصيل تحطم طائرة إسعاف خارج العاصمة الكينية
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
35 25 الرطوبة: 25% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك