في خطوة تنذر بتصعيد خطير، وافق المجلس الوزاري الأمني في إسرائيل اليوم الجمعة على خطة لاحتلال كامل قطاع غزة، تبدأ بالسيطرة على مدينة غزة وترحيل سكانها قسرا، وسط تحذيرات خبراء من خطورة القرار بحسب صحف عالمية.

واستعرضت وسائل إعلام بريطانية وأميركية في تقارير لها ملامح خطة الاحتلال المرتقبة، وأبعادها الإنسانية والسياسية والعسكرية، وردود الفعل المتباينة حولها.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هآرتس: الصمت أمام كابوس غزة استسلامlist 2 of 2نيويورك تايمز: هكذا سقطت جماعة مؤيدة لفلسطين ضحية قانون بريطاني قديمend of list

ونقلت صحيفة آي بيبر البريطانية عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الخطة تشتمل على مبادئ لإنهاء الحرب وتقديم "مساعدات إنسانية" خارج مناطق القتال، وتسليم قطاع غزة إلى إدارة مدنية، دون نية إسرائيلية للبقاء كقوة حاكمة، على حد تعبير الصحيفة.

سيطرة تدريجية

وتبدأ الخطة بالسيطرة على مدينة غزة نفسها، وفق الصحيفة، وطرد سكانها بالقوة نحو الجنوب، وتحديدا إلى منطقة المواصي الساحلية، على أن تتولى الولايات المتحدة، -بحسب القناة 12- تقديم دعم "لوجبستي وإنساني" عبر بنية تحتية مدنية مؤقتة. وقدّر مراقبون أن السيطرة على المدينة والمناطق المركزية ستستغرق نحو 5 أشهر.

آلاف الخيام التي يتكدس فيها النازحون بمنطقة المواصي تفتقر لكل الخدمات الأساسية (الجزيرة)خطوة خطيرة

وبينما يروّج نتنياهو للخطة على أنها ضرورية لاجتثاث حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وضمان أمن إسرائيل، يؤكد خبراء ومراقبون -حسب آي بيبر- أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى موجة تهجير جديدة، وتفاقم أزمة المجاعة الحادة التي تضرب القطاع، فضلا عن تعريض حياة الأسرى المتبقين للخطر.

وبدورها نقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن مصادر مطلعة على تفاصيل اجتماع المجلس الوزاري، أنه من المتوقع أن تستغرق عملية إجلاء سكان مدينة غزة إلى مناطق بديلة نحو شهرين.

وقال الغزي آدم أحمد سالم (35 عاما) للصحيفة، وهو أب لـ3 أطفال عاد إلى مدينة غزة بعد نزوحه إلى الجنوب في بداية الحرب: "لا أفهم إلى أين يريدون أن يطردونا؟ غزة صغيرة جدا"، مضيفا أن الحياة بهذا الشكل "صعبة للغاية".

إعلان

في حين أشار محمد سعيد مرتجى، مريض سرطان يبلغ من العمر 52 عاما وأب لـ4 أبناء من مدينة غزة، إلى أنه "يتوقع الأسوأ من الخطة"، وأنه بدأ بالفعل الاستعدادات للانتقال قبل صدور الأمر الرسمي بالتهجير.

وأوضح الخبير العسكري أهرون برغمان من جامعة كينغز كوليدج لندن لصحيفة آي بيبر، أن الخطة ستؤدي إلى المزيد من التهجير، في ظل نزوح حوالي 90% من سكان غزة بالفعل، مضيفا أن أي احتلال كامل سيُعقّد إيصال المساعدات، مع تحويل القطاع إلى منطقة حرب.

وقال إن "الجيش مرهق تماما، من حيث المعدات والجنود. ولاحتلال الـ25% المتبقية من قطاع غزة، سيتطلب الأمر تعبئة قوات الاحتياط، وهم الآن في حالة إنهاك تام".

وأضاف أن في قطاع غزة الآن نحو 4 فرق عسكرية، بينما تحتاج إسرائيل لاحتلال القطاع بالكامل 6 فرق على الأقل.

ومن جهته، حذر روبرت غايست بينفولد -محاضر في الأمن الدولي بجامعة كينغز كوليدج لندن- من أن توسع الاحتلال سيفاقم المجاعة، في ظل تمركز 80% من سكان غزة في 20% فقط من المساحة، وهذا ينذر بارتفاع عدد الوفيات بسبب الجوع وسوء التغذية، حسب آي بيبر.

وأفادت الصحيفة البريطانية أن خبراء يحذرون من أن العملية قد تهدد حياة الأسرى الباقين، نظرا لاحتمال مقتلهم بنيران صديقة أو إعدامهم من قبل آسريهم حال اقتراب القوات الإسرائيلية.

كما تواجه الخطة معارضة من داخل الجيش الإسرائيلي نفسه، إذ يرى رئيس الأركان إيال زامير أن القوات مرهقة وتفتقر للعتاد والجنود اللازمين، ويتطلب تنفيذ الخطة تعبئة واسعة للاحتياط، وسط رفض شعبي متزايد لاستمرار الحرب.

ولكن يشير محللون -وفق تحليل آي بيبر- إلى أن متطرفين داخل الحكومة الإسرائيلية، على رأسهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، يدفعون باتجاه تحويل الاحتلال المؤقت إلى دائم، وتهجير الفلسطينيين من غزة لإفساح المجال لإعادة استيطانها من قبل الإسرائيليين.

مظاهرات حاشدة حول العالم في المدن الغربية نصرة لغزة (الجزيرة)

وترى الباحثة بورجو أوزجيليك من المعهد الملكي للخدمات المتحدة -وهو مركز أبحاث متخصص في الدراسات الأمنية والدفاعية- أن الاحتلال الكامل سيشكل مرحلة قاتمة في الحرب، مع تداعيات إقليمية ودولية واسعة، وقد يفضي ذلك إلى تقويض فرص حل الدولتين نهائيا، حسب تقرير آي بيبر.

كما توقع برغمان أن تؤدي الخطوة إلى مزيد من العزلة الدولية لإسرائيل، وربما تدفع دولا مترددة نحو الاعتراف بدولة فلسطين، على غرار ما لوحت به بريطانيا.

وبدوره، يعتقد البروفيسور يوسي ميكلبرغ، الزميل في مركز تشاتام هاوس في لندن، أن الخطة الجديدة قد تمثل استهلالا لـ"أكثر نسخة تطرفا" من أهداف إسرائيل في الحرب على غزة، تحت تأثير القوميين المتطرفين.

خطة نتنياهو الجديدة قد تمثل استهلالا لأكثر نسخة تطرفا من أهداف إسرائيل في الحرب على غزة

بواسطة البروفيسور يوسي ميكلبرغ

ولفتت نيويورك تايمز في تقرير إلى أن القرار الإسرائيلي يأتي في ظل سخط عالمي متزايد من صور المجاعة والدمار في غزة، والسياسات الإسرائيلية المتعلقة بإيصال المساعدات.

ويقول مخلص المصري (34 عاما) للصحيفة، وقد أجبر على ترك منزله في شمال غزة: "يتحدثون عن احتلال مناطق مكتظة بالناس، إذا حدث ذلك، سيكون هناك قتل لا يمكن تقديره. الوضع سيكون أكثر خطورة مما يمكن لأي أحد تخيله".

إعلان

وأضاف أن قصف مدرسة تحولت إلى ملجأ في خان يونس أسفر عن مقتل عدد من أقاربه، مشيرا إلى أن عائلته تعيش حالة من الرعب، ومن المتوقع أن تفاقم خطة نتنياهو هذه المعاناة في القطاع ككل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات ترجمات مدینة غزة قطاع غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

لماذا استهدفت إسرائيل الرجل الثاني في القسام الآن؟

أعلنت إسرائيل استهداف قيادي بارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خلال عملية عسكرية في قطاع غزة، في خطوة أثارت تساؤلات حول توقيتها ودلالاتها السياسية والأمنية، لا سيما أنها جاءت في ظل سريان اتفاق وقف إطلاق النار.

ورغم أن البيان الرسمي للجيش الإسرائيلي خلا من ذكر اسم القيادي المستهدف، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية تداولت على نطاق واسع اسم رائد سعد، وقدمته بوصفه "الرجل الثاني" في كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ونائب قائدها العام.

وفي هذا السياق، أوضح مراسل الجزيرة إلياس كرام أن عدم ذكر الجيش الإسرائيلي للاسم يعكس على الأرجح، عدم التيقن الكامل من نتائج محاولة الاغتيال، لافتا إلى أن البيانات الرسمية غالبا ما تتأخر إلى حين التأكد الاستخباراتي من نجاح العملية.

وبحسب كرام، فإن البيان الإسرائيلي اكتفى بالإشارة إلى استهداف "شخصية قيادية بارزة" في حماس، قال إنها كانت تعمل على إعادة تأهيل بنى عسكرية موجهة ضد الجيش الإسرائيلي، وهو الوصف ذاته الذي تبنته التسريبات المنسوبة لمصادر أمنية.

وتزامنا مع ذلك، حرصت وسائل الإعلام الإسرائيلية على إبراز دور رائد سعد، مقدمة إياه باعتباره اليد اليمنى لقائد القسام الراحل محمد الضيف، وأحد المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في محاولة لتبرير عملية الاغتيال.

وفي السياق، أفاد مصدر في الإسعاف والطوارئ في قطاع غزة بارتقاء 4 شهداء وإصابة 10 آخرين حالة بعضهم خطرة جراء قصف الاحتلال سيارة مدنية جنوب غربي مدينة غزة.

انتهاك للاتفاق

ويشير مراسل الجزيرة إلى أن هذا الخطاب الإعلامي يأتي في وقت يفترض أن وقف إطلاق النار لا يزال ساريا، لكنه يتعرض، وفق توصيفه، لانتهاكات متكررة من جانب إسرائيل عبر عمليات قصف واغتيال وهدم منازل داخل القطاع.

وتبرز أهمية هذه العملية، إن ثبت نجاحها، من كونها قد تكون أرفع عملية اغتيال تطال قياديا في غزة منذ بدء العمل باتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خاصة إذا صح توصيف سعد كمسؤول مركزي عن إعادة التصنيع والتسليح داخل الحركة.

إعلان

وفي هذا السياق، أشار كرام إلى أن إسرائيل تعتبر جميع قيادات حماس، السياسية والعسكرية، أهدافا مشروعة، ولا ترى في اتفاق وقف إطلاق النار أي حصانة لهم، سواء داخل قطاع غزة أو خارجه، وهو ما يفسر استمرار دائرة الاستهداف.

لكن توقيت العملية يكتسب بعدا سياسيا إضافيا، مع تزايد الحديث عن ضغوط أميركية للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، وهو ما قد تسعى إسرائيل إلى عرقلته أو إعادة صياغته بشروطها الخاصة.

ويؤكد كرام أن إسرائيل، عبر هذا التصعيد، تحاول فرض نموذج أمني مشابه لما تطبقه في لبنان، حيث نفذت مئات عمليات الاغتيال ضد كوادر حزب الله منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار هناك في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

تضارب الروايات

وبشأن تضارب الروايات حول نجاح الاغتيال، أوضح كرام أن التسريبات الصادرة عن "مصادر أمنية" إسرائيلية تعود في جوهرها إلى الجيش نفسه، الذي يفضل التريث قبل إعلان رسمي، تفاديا لإحراج محتمل في حال عدم تأكيد النتائج.

وتستند هذه التسريبات إلى سرد موسع عن شخصية رائد سعد، ودوره المفترض في إعداد وثيقة "جدار أريحا"، التي تتهمه إسرائيل بوضعها كخطة لهجوم "السابع من أكتوبر"، رغم أن الاستخبارات الإسرائيلية كانت قد اطلعت عليها سابقا دون التعامل معها بجدية.

كما تشير الروايات الإسرائيلية إلى أن سعد كان يتولى في المرحلة الأخيرة مهمة إعادة بناء القدرات العسكرية لحماس، وهو ما تستخدمه تل أبيب كمبرر مباشر لتنفيذ عملية الاغتيال، بزعم إحباط تهديدات مستقبلية.

وتحدث كرام عن محاولات سابقة لاغتيال سعد خلال الأسابيع الماضية، ألغيت في اللحظات الأخيرة لأسباب عملياتية أو استخباراتية، إلى أن اعتبرت إسرائيل أن "الفرصة الميدانية" باتت مؤاتية لتنفيذ العملية.

وفي خلفية المشهد، يربط كرام بين هذا التصعيد واستعداد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة واشنطن، حيث يتوقع أن يواجه ضغوطا أميركية للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، مع سعيه لفرض شروط أمنية مشددة.

مقالات مشابهة

  • صور مفبركة وقرار علاجي حكومي.. لماذا عاد اسم عبلة كامل إلى الواجهة؟
  • برلماني أوكراني: الخطة الأمريكية تفتقر لضمانات أمنية حقيقية وتثير مخاوف كييف
  • لماذا استهدفت إسرائيل الرجل الثاني في القسام الآن؟
  • «المؤتمر السوداني» يحذر من انهيار كامل لمشروع الجزيرة
  • لماذا يضغط ترامب على نتنياهو لعدم التصعيد في لبنان؟
  • زيلينسكي يكشف نقاط الخلاف في الخطة الأميركية.. وترامب مستاء للغاية
  • كامل الوزير: القطار السريع والطريق الصحراوي والصناعة محور الخطة العاجلة بالصعيد
  • القطار السريع والطريق الصحراوي أبرزها.. كامل الوزير يكشف محور الخطة العاجلة بالصعيد
  • كامل الوزير: القطار السريع والطريق الصحراوي والصناعة محور الخطة العاجلة في الصعيد
  • نتنياهو يستقوي بترامب.. تقرير بريطاني يحذر من مرحلة الإفلات من العقاب