لجريدة عمان:
2025-08-12@17:44:01 GMT

أكاذيب الصهيونية السياسية-2

تاريخ النشر: 12th, August 2025 GMT

تناولت في مقالي السابق الأكاذيب المتعلقة بالأصول الدينية للصهيونية، بمعنى الكذب في تأويل النصوص والروايات الدينية باستخدامها لأجل تبرير مشروع سياسي قومي استيطاني. أما في هذا المقال فأتناول الأكاذيب المتعلقة بالصهيونية السياسية، أي بالمشروع الصهيوني ذاته، وهي أكاذيب تروج باستمرار والدعاية لها، ويمكن إجمال أهم هذه الأكاذيب فيما يلي:

- أكذوبة القول بأن «القدس عاصمة أبدية لإسرائيل»: وهي مقولة تسعى الصهيونية الدينية إلى تبريرها على نحو مضلل من خلال الوعد الإلهي التوراتي لليهود (كما رأينا في المقال السابق).

أما الصهيونية السياسية فتستخدمها؛ من أجل إذكاء الحماس الديني لدى شعب إسرائيل، ومن أجل تبرير أيديولوجيا سياسية استيطانية. وقد أدت هذه السياسة بالفعل إلى تحقيق تلك المقولة على أرض الواقع؛ فقد أصدر الكنيست الإسرائيلي سنة 1980 قانونًا يُعرف بقانون القدس، وينص على أن «القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة دولة إسرائيل»، وهو القانون الذي رفضه مجلس الأمن، والذي ترفضه معظم الدول التي تعترف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين. ولكن هذه هي سياسة الاحتلال الصهيوني الذي يتَّبع دائمًا ما أسميه بسياسة الـ«خطوة خطوة» (أي الخطوة تلو الخطوة)؛ فهو بعد احتلال القدس الشرقية سنة 1948 أصبح الآن يسيطر على الضفة الغربية كلها، بل يقرر الاستيلاء على مجمل قطاع غزة باعتبار ذلك تمهيدا لمزيد من توسع الاحتلال في المنطقة باقتطاع جزء من جنوب لبنان، وأجزاء من الأراضي السورية، وما خفي أعظم.

- أكذوبة القول بأن «إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط»: وهو قول طالما روجت له الصهيونية السياسية حتى بات يتردد في كل مكان، ولكنه أصبح الآن أكذوبة أو خدعة كبرى؛ إذ لا يمكن تصور إمكانية نظام ديمقراطي حقيقي يتبنى سياسة تقوم على اغتصاب أراضي الآخرين، وسلب حقوقهم المعيشية، بل الإنسانية عمومًا، بما في ذلك الحق في الحياة ذاتها. كيف يمكن أن نتصور نظاما ديمقراطيًا يتبنى سياسة تناهض مفهوم العدالة، وتتخذ موقفًا عنصريًّا، بل نازيًّا إزاء شعب فلسطين؛ ذلك أن الديمقراطية ليست مجرد إجراءات شكلية تتمثل في الانتخابات، وتداول السلطة، وما إلى ذلك مما يتعلق بالنظام السياسي داخل الدولة. وحتى على مستوى السياسة الداخلية بدأت تتعالى أصوات معارضة داخل إسرائيل وخارجها من اليهود أنفسهم؛ إذ ترى أن النظام السياسي الحالي يجرف الدولة بمنأى عن الديمقراطية والعَلمانية، ويحولها إلى دولة دينية يسيطر عليها اليمين الديني المتطرف.

- أكذوبة «تمجيد الجيش الإسرائيلي»، وهذه الأكذوبة تقوم على تمجيد الجيش الإسرائيلي من ناحيتين: من الناحية العسكرية، ومن الناحية الأخلاقية أيضًا. ومن الناحية العسكرية كانت السياسة الصهيونية تروِّج دائما للقول بأن الجيش الإسرائيلي هو أقوى الجيوش في المنطقة، أو هو «الجيش الذي لا يُقهر»؛ وذلك بهف بث الرعب في المنطقة، وتحذير أية قوة مقاوِمة أو مناوئة من الإقدام على أية مغامرة عسكرية. ولكن الأحداث المتوالية منذ السابع من أكتوبر 2023 قد كشفت عن زيف هذا الادعاء؛ فبعد قرابة سنتين منذ ذلك التاريخ يمكن القول بأن هذا الجيش قد نجح في تدمير معظم قطاع غزة، وتسويته بالأرض، ولكن لا يمكن القول بأنه خرج منتصرًا بتحقيق أهداف عدوانه، أو أنه قد قتل روح المقاومة حتى في نفوس الشعب نفسه؛ ذلك أن الحروب من هذا النوع لا تحسمها قوة الأسلحة، وقد تبين لنا في الآونة الأخيرة كيف استطاعت المقاومة باستخدام أسلحة بدائية تدمير آليات العدو، وقتل جنوده. كما تبين من الحرب القصيرة الأخيرة بين إسرائيل وإيران أن «القبة الحديدية»- التي تمثل ذروة القوة الدفاعية المتطورة لدى الجيش الإسرائيلي- لم تستطع التصدي لبعض الصواريخ الإيرانية الفائقة لسرعة الصوت التي أوقعت خسائر جسيمة داخل إسرائيل رغم دعم الدفاعات الأمريكية من خلال القواعد والأساطيل المنتشرة في المنطقة. والواقع أنه لولا الدعم الأوربي -وخاصة الدعم الأمريكي غير المحدود والمتواصل- لهذا الجيش لما أمكن ترديد هذه المقولات الكاذبة، ولما أمكن لهذا الجيش أن يصمد في حروب استنزاف طويلة نسبيًّا. أما تمجيد الجيش الإسرائيلي من الناحية الأخلاقية باعتباره «أكثر الجيوش أخلاقيةً في العالم»؛ فتلك مقولة قد أصبحت الآن ادعاءً ليس فحسب كاذبًا، وإنما أيضًا مدعاة للتهكم والسخرية. مثار السخرية هنا أن الصهاينة لا يزالون يرددون هذا الادعاء في الوقت الذي يمارسون فيه يوميًّا القتل بوحشية للأطفال والنساء والشيوخ لاسيما القتل تجويعًا. بل إن أحد وزراء حكومة الصهاينة قد طالب باستخدام السلاح النووي لإبادة الشعب الفلسطيني، وغير ذلك مما يعرفه الناس عبر العالم، ويشاهدونه يوميًّا.

- وهناك أكاذيب أخرى لا حصر لها تُروج لها حكومة الاحتلال الصهيوني يوميًّا على نحو يجعلنا في حالة من الدهشة من إنكار الحقائق التي تجري على الأرض في وضوح تام بالصوت والصورة، وهو ما يجعلنا نتساءل: هل هؤلاء الذين ينكرون هذه الحقائق هم أناس مغيبون بفعل الترويج الإعلامي الذي يهدف إلى غسيل الأذهان بتقديم صورة ذهنية مغايرة للواقع، أم أنهم أناس مدفوعون بنزعات عنصرية متأصلة في طبيعتهم؛ ومن ثم فإنهم يكونون محترفين في إشاعة الأكاذيب؟ ربما يصدق الاحتمال الأول على عامة الصهاينة في إسرائيل وغيرها، أما الاحتمال الثاني فهو يصدق على القلة الحاكمة في حكومة الصهاينة، وفي دوائرها النافذة عبر العالم. ومن هذه الأكاذيب التي روج لها هؤلاء الصهاينة أن قوى المقاومة في فلسطين- وحماس تحديدًا- هي جماعات إرهابية قد ارتكبت في السابع من أكتوبر جرائم بشعة بدءًا من قتل الأطفال والنساء، وحرقهم أحياءً (وهو ادعاء قد كشفت عن زيفه في مقال سابق بهذه الجريدة). كما يروِّج الصهاينة للادعاء بأن حماس تستخدم المواطنين دروعًا بشرية، وذلك في الوقت الذي يقتل فيه جيش الاحتلال أبناء وأحفاد بعض قادة حماس، ليغتالوا بعد ذلك الأب والجد نفسه! تلك أكاذيب لا تنتهي، ولكن الحقائق التي تجري على الأرض- منذ أحداث السابع من أكتوبر- قد قامت بتعريتها أمام العالم كله.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الصهیونیة السیاسیة الجیش الإسرائیلی من الناحیة فی المنطقة القول بأن

إقرأ أيضاً:

تجنيد احتياطي جديد وتحركات مُكثفة.. الجيش الإسرائيلي يستعد لمعركة غزة

أفادت قناة "كان" الإخبارية الإسرائيلية، المملوكة للكيان، مساء السبت، بأن الجيش الإسرائيلي يتوقع أن تستغرق عملية السيطرة على مدينة غزة مدة لا تقل عن ستة أشهر.

ونقلت القناة عن مصادر أمنية رفيعة المستوى تفاصيل الجدول الزمني للعملية، وذلك عقب موافقة مجلس الأمن على تنفيذها يوم الجمعة.

وأشارت القناة إلى أن الجيش سيبدأ خلال أسبوعين في إجلاء أكثر من 800 ألف من سكان أكبر مدن القطاع إلى المنطقة الإنسانية في المواصي جنوب غزة.

كما تقرر، خلال شهر، تجنيد فرقة احتياطية جديدة للانضمام إلى الفرق الخمس التي تعمل حاليًا في القطاع، تمهيدًا لعملية عسكرية واسعة في مدينة غزة من المقرر أن تنطلق بعد نحو شهرين.

وفي إطار التحضيرات للعملية البرية، وضعت الحكومة الإسرائيلية خطة لمضاعفة عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة أربع مرات، لتصل إلى 1200 شاحنة.

من رئاسة وزراء تشاد إلى السجن 20 عامًا.. القصة الكاملة لمُحاكمة زعيم المعارضة سوكسيس ماسراانسحاب مفاجئ من المفاوضات| مُقرّب من ترامب يكشف من أفشل الصفقة برعاية مصرية قطريةتحذيرات أممية .. 23 شهيدًا و124 جريحًا جراء عمليات إنزال المساعدات غير الآمنةعملية «برية تدريجية».. إسرائيل تعلن خطتها للسيطرة على غزة بعد 22 شهرًا من الحرباعتقال نحو 500 متظاهر في لندن من داعمي «فلسطين أكشن» |تفاصيل

وقد أثار قرار الجيش الإسرائيلي بالسيطرة على مدينة غزة إدانات محلية ودولية، حيث يرى المنتقدون أن هذا القرار ينتهك القانون الدولي، ويزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، ويقوض الجهود الرامية إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار.

وفي هذه الأثناء، تظاهر الآلاف في "ساحة الرهائن" بتل أبيب مساء السبت، مطالبين بإنهاء الحرب من خلال اتفاق من شأنه ضمان إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة.


 

وفي يوم السبت أيضا، أعربت اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة الطارئة بشأن غزة، إلى جانب 23 دولة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، عن "إدانتها الشديدة ورفضها القاطع" لنية إسرائيل فرض السيطرة العسكرية الكاملة على غزة.

ووصف البيان المشترك الصادر عن وزارات خارجية الدول، بما في ذلك مصر وفلسطين وقطر والأردن والسعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة والبحرين وعمان واليمن والسودان وليبيا وموريتانيا وإندونيسيا وماليزيا وباكستان ونيجيريا وبنجلاديش وتشاد وجيبوتي والصومال وتركيا وجامبيا، النية الإسرائيلية بأنها "تصعيد خطير وغير مقبول، وانتهاك صارخ للقانون الدولي، ومحاولة لترسيخ الاحتلال غير الشرعي وفرض الأمر الواقع على الأرض بالقوة، بما يتعارض مع الشرعية الدولية".

وحذر البيان من أن الإجراء الإسرائيلي المعلن "يشكل استمرارا لانتهاكاتها الجسيمة، بما في ذلك القتل والتجويع ومحاولات التهجير القسري وضم الأراضي الفلسطينية وإرهاب المستوطنين، وهي جرائم قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية".

وأضافت أن مثل هذه الإجراءات "تقضي على أي فرصة للسلام، وتقوض الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى خفض التصعيد والحل السلمي للصراع، وتفاقم الانتهاكات الجسيمة ضد الشعب الفلسطيني".

وطالبت الدول والتكتلات "بوقف فوري وشامل للعدوان الإسرائيلي" في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وكذلك "الدخول غير المشروط" للمساعدات الإنسانية إلى غزة وحرية عمل وكالات الإغاثة.

طباعة شارك الاحتلال احتلال غزة فلسطين

مقالات مشابهة

  • الصحفي الشجاع الذي أقلق إسرائيل
  • الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة جندي بنيران قناص شمال غزة
  • الجيش الإسرائيلي يرد على محمد صلاح
  • الجيش الإسرائيلي يداهم منطقة في سوريا بـ100 جندي وعشرين آلية
  • مقتل وإصابة العشرات بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة
  • الجيش الإسرائيلي يقر باستهداف الصحفي أنس الشريف في غزة
  • استشهاد 37 فلسطينيا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة معظمهم من منتظري المساعدات
  • تجنيد احتياطي جديد وتحركات مُكثفة.. الجيش الإسرائيلي يستعد لمعركة غزة
  • سعيد: الجغرافيا السياسية مع الجانب الفلسطيني الإسرائيلي جزء من الكينونة المصرية