الأسبوع:
2025-08-18@02:59:55 GMT

وداع جديد

تاريخ النشر: 18th, August 2025 GMT

وداع جديد

ها هو وداع جديد!! رحل غالٍ آخر تاركا لنا جبالاً من الذكريات الجميلة، ومزيدًا من أوجاع الفراق، مؤكدًا الحقيقة التي نعلمها جيدًا، ونتجاهلها، وكأننا لم نسمع بها من قبل، الموت قادم في وقت ما، وبقدومه ستنتهي سنين طالت، أو قصرت بكل ما تضمنته من شقاء وسعادة، تعب وراحة، جهد وتضحيات، فرح وحزن، فشل ونجاح، ينفد العمر المكتوب في الدنيا، وينتهى بنا الأمر في قبر ضيق مظلم، فكلنا على درب الموت، فقط تختلف أوقات وصولنا.

الموت ضيف ثقيل غير مرغوب فيه لكنه يأتي رغمًا عنا، نحاول أن نفلت من قبضته دون جدوى، وسيظل الموت فاجعة لا يعتاد عليها القلب مهما تكررت، وبالرغم مما قد يسبقها أحيانًا من شدة مرض وألم وعلامات احتضار لكن يظل حدوثها أمرًا قاسيًا مروعًا.

يتوقف الجسد عن الحياة، فيذهب الإنسان إلى القبـــر متحولاً إلى ذكرى، تاركًا وراءه من يتألم لفراقــه، يذهب الجسد إلى التراب، وتعود الروح إلى خالقها عز وجل، وتبقى الذكريات عالقة في أذهاننا وقلوبنا، نتحسر على الأوقات الثمينة التي أضعناها جهلاً في خضم الحياة.

يسعى الإنسان في الدنيا، يكافح من أجل توفير لقمة العيش، وتحقيق الذات، وتكوين أسرة، وتقلد المناصب، وغيرها من الأمور الدنيوية التي قد تشغله قليلاً أو كثيرًا عن العلاقات الإنسانية وصلة الرحم حتى يصدم بالفاجعة التي تأخذ منه الأحباب، فيتحسر على كل لحظة شغلته الدنيا عنهم، ويتمنى لو عاد الزمن للوراء ليقضي معهم وقتًا أطول، ويهتم بشأنهم أكثر، لكن الراحلين لا يعودون.

أفق أيها المخلوق الضعيف، فالحياة مهما طالت ستنتهي، اهتم بأحبابك، استمتع بوقتك معهم، عبر عن حبك لهم، اصنع ذكريات جميلة مشتركة تبقى لمن يمتد به العمر منكم، لا تؤجل التعبير عن الاهتمام والحب فأنت مفارق، وهم مفارقون، والحياة مهما طالت قصيرة فاغتنمها واستعد للرحيل بتجهيز ما ينفعك، ويثقل في ميزان حسناتك في الحياة الأخرى.

اللهم ارحم موتانا، واعفو عنهم، وسخر من يدعو لنا يوم يصلون علينا صلاة لا ركوع فيها، ولا سجود.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

الرجل المريض

مرة أخرى يطل بنيامين نتنياهو على العالم بتصريحات تعكس خيالا مريضا، وعقلية استعمارية متجذرة، حيث نقلت صحيفة ذا تايمز أوف إسرائيل تصريحات نتنياهو فى مقابلته التليفزيونية مع قناة i24 والتى قال فيها إنه يعيش «مهمة تاريخية وروحية» متمسكًا برؤية «إسرائيل الكبرى» التى لا تكتفى بابتلاع كامل الأراضى الفلسطينية، بل تمتد – فى خياله المريض – إلى أجزاء من الأردن ومصر. تصريح كهذا لا يمكن قراءته إلا باعتباره استمرارًا لمسلسل من الأوهام التى تغذيها عقيدة التوسع على حساب شعوب المنطقة وتاريخها.
هذه ليست المرة الأولى التى يكشف فيها نتنياهو، بلسانه وعبر خياله المريض، عن أطماع تتجاوز حدود القانون الدولى، بل هى حلقة جديدة فى مشروع استعمارى لم ينقطع منذ تأسيس الكيان الإسرائيلى -الذى يقوم من الأساس على أرض ووطن ليس وطنه- مشروع يقوم على إنكار الآخر وطمس هويته. لكن ما يثير السخرية أن صاحب هذه الرؤية يتجاهل الحقائق السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى تجعل من «إسرائيل الكبرى» مجرد أوهام على ورق، لا وجود لها إلا فى خياله المريض.
الأرض التى يطمع فيها نتنياهو لم ولن تكون فراغًا سياسيًا أو بشريًا، فهى مأهولة بشعوب لها تاريخ يمتد لآلاف السنين، وشهدت مقاومة شرسة لكل محتل. والتجربة التاريخية علمتنا أن الاحتلال مهما طال عمره، فإن نهايته حتمية، وأن الشعوب التى تدافع عن أرضها لا تُهزم بالإرادة أو الهوية، مهما حاول أصحاب الخيال المريض إعادة رسم الخرائط على مقاس أوهامهم.
لكن ما لا يدركه نتنياهو، أن خياله المريض مهما اتسع لن يتجاوز حدود الأوهام، وأن الخرائط التى يرسمها فى أحلامه ستظل حبرًا على ورق أمام صلابة الأرض وأصحابها.
ولم يكن غريبًا أن ترد القاهرة سريعًا عبر بيان رسمى لوزارة الخارجية المصرية، أعربت فيه عن القلق البالغ إزاء ما تم تداوله فى بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية حول ما يُسمى بـ«إسرائيل الكبرى»، مؤكدة أن هذه الأطروحات المرفوضة تتنافى مع خيار السلام وتكشف إصرارًا على التصعيد وزعزعة الاستقرار فى المنطقة. وشددت القاهرة على أن السلام العادل لن يتحقق إلا بوقف الحرب على غزة والعودة الجادة إلى طاولة المفاوضات لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية.
تصريحات نتنياهو ليست فقط استفزازًا للشعوب العربية، بل هى رسالة تهديد لكل دول المنطقة، وكأن الرجل يحاول – بدافع خياله المريض – إعادة إنتاج خطاب «إسرائيل من النيل إلى الفرات» الذى وُلد ميتًا، لأنه اصطدم بصلابة الواقع وموازين القوى الإقليمية والدولية، ولأنه يتجاهل أن الشعوب العربية، وفى مقدمتها مصر، لم ولن تتهاون فى حماية حدودها وحقوقها التاريخية.
ما بين «المهمة الروحية» و«رؤية إسرائيل الكبرى»، يظل نتنياهو أسير خياله المريض، غير مدرك أن زمن الاحتلال بلا ثمن قد ذهب بلا رجعة، وأن الأحلام الاستعمارية مهما تجملت بالشعارات الدينية أو التاريخية، ستظل تصطدم بجدار الحقيقة الصلبة، أن هذه الأرض لأصحابها، وأن الشعوب لا تمحى بقرارات ولا تُشطب بأحلام رجل يعيش فى وهم الماضى.
وفى النهاية، ليس على نتنياهو حرج... فالخيال المريض لا يعترف بالواقع.

مقالات مشابهة

  • وداعًا.. صنع الله إبراهيم
  • بيان مهم للقوات المسلحة في الساعة الثامنة مساء
  • دفء الندى على شفاه عطشى
  • علي جمعة يوضح الفارق بين حب الحياة وحب الدنيا
  • علي جمعة: أُمِرنا أن نحبَّ الحياة الدنيا ونأخذ حظَّنا من السعادة
  • نضال حسن الحاج: أي شخص سام في حياتك مهما طالت مدة إقامته.. خليك شجاع وأطرده
  • قمة ألاسكا.. ماذا تقول لغة الجسد عن لقاء بوتين وترامب ؟
  • الرجل المريض
  • المطران عودة في عيد السيدة: الموت جسر إلى الحياة الأبدية