مصور الجزيرة محمد سلامة.. العريس الذي زُف شهيدا
تاريخ النشر: 25th, August 2025 GMT
لم تمهل إسرائيل محمد سلامة، "الأسمر" كما يلقبه زملاؤه ومحبوه، حتى يتم زفافه وفق ما كان يخطط قريبا، إذ عاجلته بطائرة انتحارية خلال قيامه بعمله في مجمع ناصر الطبي، فزُف بالكفن الأبيض شهيدا إلى جانب أربعة من زملائه، لينضموا جميعا لقائمة شهداء الكلمة والصورة والحقيقة الذين بلغوا 245 صحفيا منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة.
ساد الحزن والأسى زملاء محمد، مصور الجزيرة في خان يونس جنوبي القطاع، الذين أجمعوا على سيرته الحسنة وأخلاقه الطيبة، فقد كان محبوبا وبارا بوالده. أما والدته التي توفيت وهو صغير، ففور دخول أول هدنة حيّز التنفيذ، توجه محمد إلى قبرها ليبث لها الأشواق، وفق منشور لزميله الصحفي أحمد حجازي.
بمجرد أن دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في المرة الأولى توجه مباشرة لقبر والدته يخبرها كم يشتاق لها وعندما وجد قبرها تتسرب إليه مياه الأمطار بسبب القصف كان قلبه مكسوراً لكنه يُظهر القوة.
في ريعان شبابه وذروته قُتل محمد سلامة.
كان إنسان ما كان رقم يا عالم ظالم. https://t.co/BCPCu0Mpyf
— أحمد حجازي Ahmed Hijazi ???? (@ahmedhijazee) August 25, 2025
في اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي صادف الثالث من مايو/أيار الماضي، عبّرت الصحفية هلا عصفور، خطيبة الشهيد محمد سلامة عن خوفها، لأن الكلمة صارت تهمة والكاميرا أصبحت سلاحا، وفق تعبيرها، لتختم منشورها الذي أرفقته بصورتها وهي تقف إلى جانب خطيبها أثناء عمله بعبارة "حرية الصحافة؟ إحنا بندفع دمنا عشانها..".
وعن قصة خطوبتهما، كتب الزميل تامر المسحال كيف نشأ الحب في أحضان الحرب قبل 10 شهور، وتوّج بالخطوبة، وقبل أن يوشك على الاكتمال بالزواج، قتلته إسرائيل التي تطارد الحياة والفرح والحب في كل دقيقة.
قبل عشرة شهور وفي قلب الحرب، نشأ حب صغير بين الركام ورائحة الجثث ونقل الحدث، وتوج بالخطوبة، لكنه لم يكتمل.
غادر اليوم الصحفي محمد سلامة هذا العالم الظالم وهو يسلط كاميرته على مجزرة مستشفى ناصر الطبي، ليصبح الحدث الأخير في حياته. لم تمض سوى ثوانٍ حتى انفجرت مسيرة إسرائيلية أخرى،… pic.twitter.com/m9OMjZOrWC
— Tamer | تامر (@tamerqdh) August 25, 2025
إعلانلكن لهذه الخطوبة، التي بدأت بعد عام من الحرب وانطوت على ذكريات وحكايات كثيرة، فصل استثنائي رواه الصحفي هيثم عصفور، إذ لم يجد محمد والمجاعة تضرب القطاع أفضل من أن يهدي خطيبته "ربطة خبز"، في وقت صار فيه الرغيف بغزة أغلى من الذهب.
أما رفيق دربه مراسل الجزيرة هاني الشاعر، فقد قال وهو يغالب حزنه وبكاءه إن اللسان يعجز عن وصف محمد، إذ كان شعلة من العطاء، ولم يترك مجمع ناصر الطبي منذ بدء الحرب، وصمم على البقاء فيه حتى عندما حوصر المجمع من قبل قوات الاحتلال.
قبل استشهاده باستهداف إسرائيلي اليوم.. لقطات سابقة لمصور #الجزيرة الشهيد محمد سلامة أثناء عمله رفقة زميله مراسل الجزيرة في غزة هاني الشاعر pic.twitter.com/W5filLQvEj
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) August 25, 2025
ودأب الصحفي العشريني على نقل قصص المآسي وصور الأطفال الذين قضوا جراء التجويع، وسرعان ما كانت قصصه تلقى انتشارا هائلا.
وكان من أواخر المقاطع التي نقلها محمد، مشهد في منتهى الأسى للطفلة راسيل، التي كانت تتألم صباحا واستشهدت في المساء، معقبا "يموت أطفال غزة جوعا أمام أعين العالم، ولا أحد يحرّك ساكنا".
هكذا يواصل الصحفيون الفلسطينيون نقل أخبار الناس في القطاع المنكوب إلى العالم حتى تنطفئ عدساتهم في سبيل ذلك، وشأن محمد في ذلك شأن 244 صحفيا آثروا مأساة الآخرين على حساب قصصهم الإنسانية، لكنهم تركوا في الوقت ذاته إرثا وتاريخا مشرفا من التضحية والشجاعة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات محمد سلامة
إقرأ أيضاً:
خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
كشف الدكتور محمد العزبي، خبير العلاقات الدولية، تفاصيل جديدة حول ما وصفه بـ"الصفقة الجارية لإعادة الرئيس السوري السابق بشار الأسد إلى المشهد"، مؤكدًا أن جزءًا من بنودها يتضمن تسليم الأسد لدولة أخرى لإجراء محاكمة شكلية تمهيدًا لتبرئته من تهم جرائم الحرب.
وأشار العزبي خلال مشاركته في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، إلى أن هذا الطرح "غير مسبوق وخطير للغاية"، متسائلًا: "وفق أي قانون سيتم محاكمته؟ السوري أم الدولي؟ وكيف يتم إعداد سيناريو يعيد شخصًا متهمًا بقتل شعبه إلى واجهة المشهد؟".
وأوضح أن هذه البنود كانت محل رفض وسخرية في البداية، حيث اتُهم هو وآخرون بـ"الجنون وترويج الأوهام"، قبل أن تظهر تقارير دولية – بينها تقرير لوكالة رويترز وأخرى لهيئة الإذاعة البريطانية BBC – تؤكد صحة ما نشره، وتكشف عن تحركات فعلية تمهّد لهذه الصفقة.
وأكد العزبي أن ما تم نشره في الإعلام الدولي يتوافق مع ما تم كشفه مسبقًا عبر البرنامج، مشيرًا إلى أن هذه التسريبات أحدثت حالة هلع داخل صفوف هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني، ما أدى إلى حملة اعتقالات واسعة في مناطق نفوذ التنظيم.
وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورًا غير متوقع، يتمثل في فتح عدد من السجون في حمص وحلب وإطلاق سراح مجموعات معينة، ضمن سيناريو يعزّز مخطط تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ متعددة.
وكشف العزبي أن الجولاني وافق ضمن الصفقة على التخلي عن المناطق الغنية بالنفط والغاز لصالح إسرائيل، مستشهدًا بتقرير بثته القناة الإسرائيلية 12، ظهر خلاله مسؤولون إسرائيليون يتحدثون صراحة عن "ضرورة بقاء مناطق معينة تحت السيطرة الإسرائيلية".
وأشار إلى أن الجولاني لم يصدر أي تصريح يعترض فيه على هذه التصريحات، رغم ظهوره مؤخرًا في مقاطع وصفت بأنها "استعراضية وغير واقعية".
وأكد العزبي أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تقف ضد سيناريو التقسيم، وقد نجحت بالفعل في تمرير قرار أممي يمنع تفكيك الدولة السورية ويطالب بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي التي يسيطر عليها.
وفي ختام حديثه، انتقد العزبي الأبواق الإعلامية التابعة للإخوان وتنظيم داعش، معتبرًا هجومهم الحاد على مصر وعلى كل من يكشف الحقائق "محاولة بائسة للتغطية على حجم الترتيبات التي تجري في الخفاء".