إيران واتفاقية زنغزور: مواجهة جيوسياسية على حدود القوقاز
تاريخ النشر: 26th, August 2025 GMT
26 غشت، 2025
بغداد/المسلة: رعد هادي جبارة
????تمهيد ومدخل:
في قلب القوقاز، حيث تتقاطع طرق التجارة القديمة مع حسابات السياسة المعاصرة، اندلع فصل جديد من الصراع الجيوسياسي. اتفاقية “ممر زنغزور” التي وُقعت في البيت الأبيض بين أرمينيا وأذربيجان، برعاية أمريكية، بدت للبعض مشروعًا للتواصل الإقليمي، لكنها في عيون طهران ليست سوى محاولة لتطويقها من خاصرتها الشمالية الغربية، وفتح بوابة جديدة أمام الناتو و إسرائيل على حدودها.
????رعاية امريكية لتطويق ايران:
في خطوة أثارت جدلًا إقليميًا واسعًا، وقّعت أرمينيا وأذربيجان، برعاية أمريكية ماكرة في البيت الأبيض، اتفاقية “ممر زنغزور” الذي يربط بين أذربيجان و نخجوان عبر الأراضي الأرمينية، ليفتح بذلك ممرًا استراتيجيًا نحو تركيا وآسيا الوسطى.و بينما احتفى رعاة الاتفاق باعتباره إنجازًا دبلوماسيًا، جاء الموقف الإيراني رافضًا وحادًّا، معتبرًا أن المشروع يستهدف تطويقها جيوسياسيًا هذه المرة من حدودها الشمالية الغربية.
????رفض إيراني صريح:
مستشار المرشد الأعلى، د. علي أكبر ولايتي، صرّح بوضوح أن إيران “لن تسمح بالممر المدعوم من ترمب”، محذرًا من أن تنفيذه سيهدد أمن جنوب القوقاز، وسيعزل طرق اتصال إيران مع الشمال والشمال الغربي لصالح المرور عبر تركيا. وأكد ولايتي أن طهران ستتحرك لمواجهة المشروع، سواء بالتنسيق مع موسكو – التي ترفضه أيضًا – أو منفردة.
????القوقاز؛حديقةخلفية:
من منظور تاريخي وجيوبوليتيكي، تعتبر إيران منطقة القوقاز امتدادًا طبيعيًا لنفوذها، إذ كانت بعض دولها في الماضي جزءًا من الأراضي الإيرانية قبل أن تُنتزع منها في القرن التاسع عشر عبر اتفاقيات فرضتها القوى الكبرى آنذاك. واليوم، تحتفظ طهران بمصالح اقتصادية واستراتيجية كبيرة في هذه المنطقة، وترى في أي تغييرات ميدانية أو طرق مواصلات جديدة تهديدًا مباشرًا لتلك المصالح.
????تواطؤتركي أمريكي:
تركيا، التي أبدت ارتياحها للاتفاق، تنظر إلى ممر زنغزور كجسر بري يربطها بأذربيجان ودول آسيا الوسطى الناطقة بالتركية، وصولًا إلى الصين، في إطار مشروع طريق الحرير. هذه الرؤية تتجاوز إيران والعراق، وتمنح أنقرة مزايا استراتيجية تحت إشراف أمريكي، مما يفتح الباب أمام نفوذ الناتو في منطقة شديدة الحساسية بالنسبة لطهران.
ورغم العلاقات الاقتصادية الجيدة بين تركيا وإيران، فإن سجل التمدد التركي – في سوريا وأفغانستان والخليج وآسيا الوسطى – يثير قلق طهران من أن يتحول الممر إلى منصة جديدة لتقليص نفوذها.
????هواجس أمنيةشتى؛
إيران لا تخشى فقط عزلها جغرافيًا، بل أيضًا أن يتحول الممر، بطوله البالغ نحو 43.5 كيلومتر، إلى نقطة ارتكاز متقدمة لحلف الناتو وإسرائيل على مقربة مباشرة من حدودها. وتتعزز هذه المخاوف في ظل العلاقات الوثيقة بين تل أبيب وباكو، إضافة إلى الشكوك الإيرانية بشأن دورهما المحتمل في حادث سقوط المروحية الذي أودى بحياة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان.
????سيناريو المستقبل:
المشهد أمام إيران مفتوح على عدة احتمالات. في حال أصرت أرمينيا و أذربيجان، بدعم أمريكي–تركي، على المضي في تنفيذ ممر زنغزور، فقد تتحرك طهران نحو خيارات أكثر حزمًا، بدءًا من تعزيز وجودها العسكري على الحدود الشمالية الغربية، وصولًا إلى تحالفات أو تفاهمات أعمق مع روسيا وبعض دول آسيا الوسطى الرافضة لتقليص نفوذها.
وفي المقابل، إذا أبدى الطرفان استعدادًا لتعديلات تضمن عدم الإضرار بالمصالح الإيرانية، فقد يتجه المسار نحو تفاهمات إقليمية تعكس موازين القوى الواقعية.
????حواراتي:
النقاط أعلاه أكدت عليها خلال الحوارات التي أجرتها معي عدة قنوات فضائية واختتمها بالقول:
إن إيران، التي ترى في القوقاز امتدادًا تاريخيًا و عمقًا استراتيجيًا، لن تسمح بفرض معادلات جديدة تتجاهل خطوطها الحمر، حتى لو تطلب الأمر استخدام أدوات القوة الناعمة والخشنة معًا.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: ممر زنغزور
إقرأ أيضاً:
إيران تنسحب من اتفاق القاهرة النووي: لا اتفاق نووي ولا تفتيش دولي
قررت إيران الانسحاب رسميًا من الاتفاق النووي الذي أبرمته مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر الماضي في القاهرة، برعاية مصرية، وذلك على خلفية إعادة تفعيل آلية "سناب باك" وعودة العقوبات الدولية ضد طهران.
وأكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن الاتفاق الذي وقّعه في 9 سبتمبر مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، لم يعد قائمًا، معتبرًا أنه فقد صلاحيته كأساس للتعاون بعد المتغيرات السياسية الأخيرة، وعلى رأسها تفعيل العقوبات.
وفي تصريحات لوسائل إعلام محلية عقب لقائه سفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية في طهران، أوضح عراقجي أن طهران ستُعلن قريبًا عن رؤيتها الجديدة للتعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيرًا إلى أن المستجدات الإقليمية والدولية "تفرض على إيران اتخاذ قرارات تتناسب مع الوضع الجديد".
واعتبر الوزير الإيراني أن تفعيل آلية "سناب باك" غيّر كل المعطيات، تمامًا كما فعل الهجوم العسكري الأخير، مضيفًا أن "اتفاق القاهرة لم يعد مجديًا أو ذا صلة بالواقع الراهن".
وتتيح آلية "سناب باك" — المندرجة في إطار الاتفاق النووي الإيراني وقرار مجلس الأمن 2231 لعام 2015 — لأي طرف من الأطراف الموقّعة (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران تلقائيًا، دون الحاجة لتصويت جديد في مجلس الأمن، في حال تم التأكد من أن طهران لا تلتزم ببنود الاتفاق.
وكان الاتفاق الذي وُقّع في القاهرة في 9 سبتمبر بوساطة مصرية، من خلال وزير الخارجية بدر عبد العاطي، قد جاء بهدف استئناف التعاون التقني والتفتيش النووي بعد أن علّقت إيران تعاونها مع الوكالة في يوليو، عقب هجوم إسرائيلي–أمريكي مشترك استهدف منشآتها النووية في يونيو، خلال حرب استمرت 12 يومًا.
وتضمّن الاتفاق "آليات عملية" لإعادة تفعيل عمليات التفتيش بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي، مع التركيز على الشفافية وحماية السيادة الإيرانية، كما نُظر إليه كخطوة أولى لإعادة بناء الثقة بين طهران والوكالة الدولية.
ورغم إشادة المدير العام للوكالة رافاييل غروسي بالاتفاق، واعتباره "خطوة في الاتجاه الصحيح"، إلا أن عراقجي كان قد حذّر في وقت سابق من أن تفعيل آلية "سناب باك" سيُسقط الاتفاق تلقائيًا، وهو ما حدث بالفعل مع تصاعد التوترات الأخيرة.
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن