اعترف الموفد الأميركي توم برّاك بأنه استخدم وصف "سلوك حيواني" أثناء حديثه مع الصحفيين اللبنانيين أول أمس الثلاثاء في القصر الجمهوري ببعبدا، قائلا إنه كان ينبغي أن يكون "أكثر تسامحا"، دون أن يقدم اعتذارا.

وفي مقابلة مع الصحفي الأسترالي اللبناني ماريو نوفل نشرها اليوم الخميس، شرح برّاك أنه لم يستخدم وصف "حيواني" بمعنى تحقيري، متابعا "كنت أقول فقط هلا نهدأ؟ بعض العطف واللطافة.

فلنكن حضاريين".

لكنه أكد أنه يعلم أن الكلمة ليست ملائمة للاستخدام مع صحفيين يؤودون واجبهم فحسب، دون أن يقدم اعتذارا واضحا على ما بدر منه.

وأضاف أنه كان ينبغي عليه أن يكون أكثر تسامحا ويخصص وقتا أكثر لأسئلة الصحفيين، شارحا أنه يتفهم موقفهم بأنه من النادر أن يحظى المرء بفرصة للحديث مع الأشخاص الذين يتخذون القرارات المهمة، موضحا أن الصحفيين "يعتقدون وهمًا أنني من أفعل ذلك".

تصريحات مهينة

والثلاثاء، أشعل توم برّاك موجة من الغضب والانتقادات الواسعة بعد توجيه عبارات اعتبرها لبنانيون "مهينة" بحق الصحفيين، خلال مؤتمر عقده بالقصر الجمهوري عقب لقائه الرئيس اللبناني جوزيف عون ضمن وفد أميركي رفيع المستوى.

وجاءت تصريحات برّاك -الذي حذّر الصحفيين من إثارة الفوضى والتصرف بـ"سلوك حيواني"- في سياق تداخل أصوات الإعلاميين أثناء محاولة الحصول على تصريحات منه ومن المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس، مهددا بإنهاء المؤتمر إذا استمر الوضع "الفوضوي".

وقال برّاك مخاطبا الصحفيين "سنضع مجموعة مختلفة من القواعد هنا.. أريدكم أن تصمتوا للحظة". وأضاف "في اللحظة التي يصبح فيها هذا الوضع فوضويا، وأقرب إلى السلوك الحيواني، سنغادر".

كما دعاهم للتحلي بـ"التصرف المتحضّر، اللطف والتسامح"، مشيرا إلى أن عدم الالتزام بهذه القواعد يُمثِّل جزءا من المشكلات في المنطقة.

وردت رئاسة الجمهورية اللبنانية على الحادثة في بيان أسفت فيه "للكلام الذي صدر عفوا عن منبرها من قبل أحد ضيوفها"، دون أن تسمّه، مؤكدة احترامها "المطلق لكرامة الشخص الإنساني بشكل عام" وتقديرها "لكل الصحفيين والمندوبين الإعلاميين المعتمدين لديها خاصة".

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

سباق القواعد والنفوذ في أفريقيا.. من يملك القرار في القارة؟

الدوحة ـ في وقت تتسارع فيه التحولات الجيوسياسية عالميا، تعود القارة الأفريقية إلى صدارة المشهد الدولي، ليس فقط بوصفها فضاء غنيا بالموارد والأسواق الواعدة، بل باعتبارها ساحة مفتوحة لتنافس القوى الكبرى عسكريا واقتصاديا وإستراتيجيا.

وبين انتشار القواعد العسكرية الأجنبية، وتدفق الاستثمارات، ومحاولات تنويع الشراكات الدولية، يظل السؤال الجوهري مطروحا: هل تمتلك أفريقيا اليوم القدرة على حماية استقلال قرارها، أم أنها ما تزال أسيرة أنماط قديمة من التبعية بأدوات جديدة؟

في هذا السياق، قدم عدد من الباحثين والأكاديميين، خلال جلسة "سيادة الدول الأفريقية في مواجهة التدخلات الخارجية" على هامش مؤتمر أفريقيا وتحديات الأمن والسيادة في ظل التحولات الجيوسياسية الذي ينظمه مركز الجزيرة للدراسات، في الدوحة اليوم، قراءات متقاطعة حول واقع الوجود العسكري الأجنبي، وأبعاد التنافس الدولي، ومستقبل الاستثمار في القارة، خلال نقاشات عكست تعقيدات المشهد الأفريقي وتحدياته البنيوية.

المتحدثون في المؤتمر قدموا قراءات متقاطعة حول واقع الوجود العسكري الأجنبي بأفريقيا (الجزيرة)استقلال القرار الأفريقي

وخلال مداخلته في الجلسة، قال الشافعي أبتدون الباحث المهتم بشؤون القرن الأفريقي إن الوجود العسكري الأجنبي في أفريقيا يترك تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على استقلال القرار الأفريقي، سواء على المستوى الأمني أو السياسي.

وأوضح أن هذه القواعد تقيد في كثير من الأحيان حرية الدول المضيفة في رسم سياساتها الدفاعية، إذ يصبح جزء من أمنها الوطني مرتبطا بأجندات قوى خارجية، مضيفا أن الوجود العسكري الأجنبي لا يقتصر أثره على البعد الأمني، بل يمتد سياسيا عبر ممارسة ضغوط على صناع القرار، ما يحد من استقلالية المواقف الأفريقية في القضايا الإقليمية والدولية، ويحول القارة إلى ساحة تنافس مفتوح بين القوى الكبرى.

إعلان

وأشار أبتدون إلى أن وجود القواعد العسكرية الأجنبية، أو حتى انسحابها، لا يعني بالضرورة تدهور العلاقات بين الدول، بل قد يفتح المجال أمام إعادة تشكيل علاقات جديدة بين الدول المضيفة والقوى الدولية، وفق منطق المصالح المتبادلة وإعادة التموضع الجيوسياسي.

وضرب الباحث مثالا بجيبوتي، التي تمثل نموذجا واضحا لهذا الواقع، إذ تحتضن عددا كبيرا من القواعد العسكرية الأجنبية في مساحة جغرافية وسكانية محدودة. ولفت إلى أن الهدف الأساسي لجيبوتي يتمثل في حماية هذه القواعد واستثمارها اقتصاديا.

وبين أن الولايات المتحدة تدفع ما بين 63 و75 مليون دولار سنويا مقابل قاعدتها العسكرية، تليها فرنسا بنحو 40 مليون دولار، ثم اليابان وإيطاليا، إضافة إلى الصين، موضحا أن هذه العائدات تمثل قرابة 10% من الميزانية العامة للدولة، وتسهم في دعم الاقتصاد الوطني، رغم أن الأوضاع المعيشية للسكان ما تزال متدنية مقارنة بدول الجوار.

وحذر الباحث المهتم بشؤون القرن الأفريقي من أن هذه العائدات، على أهميتها المالية، تكرس نمطا من التبعية الاقتصادية، حيث تستبدل من التنمية المستدامة إيرادات ريعية قصيرة الأجل، مشددا على أن المكاسب الأمنية التي توفرها القواعد قد تكون مؤقتة، في حين تمتد آثارها السلبية على المدى الطويل.

أشار أبتدون، في تصريح للجزيرة نت إلى تحركات إقليمية ودولية متسارعة، لاسيما في الصومال، لإعادة فتح أو تفعيل قواعد عسكرية تحت ذريعة تقديم الدعم الأمني، في ظل تنافس أميركي وإقليمي متزايد على النفوذ في منطقة القرن الأفريقي، موضحا أن لجوء الدول الأفريقية إلى تنويع شراكاتها الدولية لا يعني بالضرورة تغيير عقيدتها السياسية، بل يخضع لمنطق اقتصادي معروف يقوم على تنويع الشركاء لتقليل المخاطر وجذب الاستثمارات.

وأكد أن رأس المال تحكمه المصالح لا الاعتبارات الأخلاقية، مبينا أن قوة المؤسسات الوطنية وقدرتها التفاوضية تمثل عاملا حاسما في استقطاب الاستثمارات الأجنبية، إلى جانب وجود ضمانات قانونية واضحة وعلاقات دبلوماسية مستقرة، مستشهدا بتجربة تركيا التي وسعت شراكاتها الاقتصادية عبر تعزيز تمثيلها الدبلوماسي، وضمان آليات التحكيم الدولي لحماية المستثمرين.

وشدد على أن أفريقيا ليست مضطرة للبقاء رهينة أنماط التبعية، غير أن ذلك يتطلب شراكات تبادلية قائمة على مبدأ الربح المتبادل، وليس على نماذج الهيمنة أو المكاسب الأحادية، مشيرا إلى أن بعض التجارب الناجحة، مثل رواندا، ما تزال بحاجة إلى مزيد من الشفافية، خصوصا في ما يتعلق بحجم الاستثمارات والصفقات غير المعلنة.

مداخلات الحضور ركزت على طريقة خروج أفريقيا من التبعية الدولية (الجزيرة)أفريقيا ساحة نفوذ

من جانبه، قال بوحنية قوي، الأكاديمي الجزائري المتخصص في قضايا الحوكمة والشؤون الأمنية والأفريقية في مداخلته أمام الجلسة، إن تعاطي القوى الكبرى مع أفريقيا لا يقوم فقط على منطق الاستثمار، بل على اعتبارها ساحة لتقاسم النفوذ، موضحا أن هذا التنافس يجري اليوم بأدوات جديدة تشمل أبعادا اقتصادية وأمنية وعسكرية واستخباراتية.

إعلان

وأوضح أن القارة تشهد انتشارا واسعا للقواعد العسكرية الأجنبية، مع وجود أكثر من 40 قاعدة أميركية وأوروبية، ساهم بعضها، بحسب تعبيره، في تقويض الاستقرار داخل عدد من الدول الأفريقية بدلا من دعمه.

وأضاف بوحينة قوي، في حديث للجزيرة نت، أن لكل قوة دولية مقاربتها الخاصة، فالولايات المتحدة تعتمد منظورا أمنيا وعسكريا ذا طابع استخباراتي مغلف اقتصاديا، في حين دخلت روسيا بقوة إلى منطقة الساحل بعد الحرب في أوكرانيا، عبر دعم دول مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو في إعادة تأهيل قدراتها العسكرية، وإن كان ذلك ضمن رؤية قصيرة المدى.

وأشار إلى أن تركيا اختارت مسارا مختلفا قائما على التعليم وبناء القدرات المؤسساتية، في حين تواصل الصين توسيع حضورها من خلال إستراتيجيات اقتصادية وتنموية طويلة الأمد.

وشدد قوي على أن الإشكالية الأساسية لا تكمن في الصين أو الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، بل في غياب الأجندة الوطنية الواضحة لدى العديد من الدول الأفريقية منذ الاستقلال، موضحا أن الخلط بين المسارات الدستورية والانتخابية دون بناء مشروع تنموي علمي متكامل أدى إلى تعثر هذه الدول لعقود.

وأكد أن القوى الكبرى تعتمد ما وصفه بـ"المشي الهادئ"، القائم على التغلغل الاقتصادي أولا، ثم التمويل والدعم، قبل تثبيت النفوذ، مستشهدا باستثمارات تتجاوز مليار دولار في بعض الحالات.

جانب من المشاركين في جلسة سيادة الدول الأفريقية في مواجهة التدخلات (الجزيرة)مفتاح مستقبل القارة

بدوره، قال محمد زكريا، الباحث في الشؤون الأفريقية الاقتصادية والاجتماعية، إن المقاربة الدولية تجاه أفريقيا لا يمكن اختزالها في المساعدات الإنسانية أو الترتيبات الأمنية، مؤكدا أن الاستثمار سيظل العامل الحاسم في رسم ملامح القارة خلال العقود المقبلة.

وأوضح أن القارة تشهد تحولا لافتا نحو تنويع الشركاء الدوليين، كما في حالة النيجر، التي تسعى إلى الانفتاح على الأسواق العالمية لتحقيق توازنات اقتصادية وربما سياسية، في ظل التنافس الدولي المتصاعد على الموارد.

وأشار إلى أن الصراعات المقبلة في أفريقيا ستكون مرتبطة بشكل متزايد بالموارد الإستراتيجية، وعلى رأسها الذهب والمعادن النادرة، في سياق التحولات العالمية المرتبطة بالتكنولوجيا والعملات الرقمية، إلى جانب قطاعات الزراعة والصناعات المرتبطة بها.

وحذر من أن الاستثمار الأجنبي، رغم قفزته بنسبة 75% ليصل إلى 162 مليار دولار في 2024، قد يتحول إلى عامل تعميق للتبعية إذا لم يضبط بإطار قانوني ومؤسسي عادل، مشددا على أن أفريقيا تحتاج إلى استثمارات حقيقية ومنتجة، لا إلى استثمارات مرتبطة بحسابات نفوذ.

وختم زكريا بالتأكيد على أن استقلال القرار السياسي، وبناء السياسات الوطنية، وتعزيز العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، تشكل شروطا أساسية لتحقيق تنمية مستقلة ومستدامة، وضمان استفادة المجتمعات المحلية والأجيال القادمة من الفرص الاستثمارية.

مقالات مشابهة

  • مدير وحدة «إكمو» بقصر العيني: أقل من 20 وحدة حول العالم.. لدينا الوحيدة في إفريقيا
  • « تعديل السلوك بالسيكودراما ومواكبة التكنولوجيا ».. ضمن فعاليات مؤتمر قادة الخدمة الاجتماعية بالأزهر في الغردقة
  • سباق القواعد والنفوذ في أفريقيا.. من يملك القرار في القارة؟
  • غوتيريش: الوضع الإنساني في غزة كارثي بعد تدمير أكثر من 80% من المباني
  • إضاءة شجرة الميلاد في قصر بعبدا (فيديو)
  • زاخاروفا: الدول الغربية لم تدعم القانون الدولي
  • السفير المصري: لبنان على طريق الانفراج
  • الصايغ من بعبدا: عون يخطط لنقل لبنان من الحرب إلى السلام الأهلي
  • جلالةُ السُّلطان المُعظّم القائدُ الأعلى يُقيم حفلَ عشاءٍ بقصر العلم العامر
  • لجنة حماية الصحفيين: حرب غزة كانت الأكثر دموية للصحفيين