نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، مقالا، للصحافي إيشان ثارور، قال فيه إنّ: "على القارئ ألا ينخدع بالدبابات التي تجوب شوارع بكين وموسكو، أو حتى واشنطن هذا العام".

وأوضح ثارور، في المقال الذي ترجمته "عربي21" أنّه: "لا يزال الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الثانية يبتهجون بانتصارهم بعد ثمانية عقود، إذ يوم الأربعاء، سيحضر بعض قادة العالم إلى ميدان تيانانمين لعرض من هذا القبيل؛ لكن الإجماع الذي كان سائدا حول حقبة ما بعد الحرب قد تلاشى منذ زمن طويل".



ماذا يُقصد بحقبة ما بعد الحرب؟
وأبرز: "عادة ما يكون مرادفا للنظام الدولي الذي نشأ من رماد الحرب، والقيم والمبادئ التي ارتكز عليها إنشاء الأمم المتحدة، وهيكل الأمن العالمي الذي شُكّل خلال سنوات من التنافس الأمريكي السوفيتي المتوتر، ونظام جيوسياسي وتجارة عالمية رسّخته لعقود السياسة الخارجية الأمريكية وقوتها العسكرية".

وأشار إلى أنّ: "العديد من الأمريكيين يقبل أن تفوق بلادهم على الساحة العالمية هدف جدير بالوصول إليه والحفاظ عليه. ورحبت العديد من الدول في أماكن أخرى، من أوروبا إلى شمال شرق آسيا، بالاحتماء تحت المظلة الأمنية الأمريكية والاستفادة من "السلام الأمريكي" الذي ساهم في إطلاق العنان لطفرة العولمة".

واسترسل: "لطالما كان هذا الوضع القائم متوترا وله منتقدوه. وطوال معظم القرن الحالي، كان أيضا غير مستقر، متأثّرا بإخفاقات الولايات المتحدة وتجاوزاتها خلال حربها على الإرهاب، بالإضافة إلى صدمة الأزمة المالية العالمية"؛ مردفا: "لأكثر من عقد من الزمان، كتب المتخصصون نعيا لحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية".

ومضى بالقول: "ثم جاء الرئيس دونالد ترامب، الذي ساهم في تسريع هذا التوجه، فنزعته القومية المتطرفة، وهجماته الحمائية على التجارة العالمية، وتنمره على حلفائه، وازدرائه للمؤسسات الدولية متعددة الأطراف كالأمم المتحدة، كلها تُمثل قطيعة مع الإدارات الديمقراطية والجمهورية السابقة".

"ترامب وحلفاؤه مقتنعون بأن قواعد النظام الدولي -التي صاغتها واشنطن لمصلحة أجيال من الأمريكيين- لا تصب في مصلحة الولايات المتحدة" وفقا للتقرير نفسه، مستطردا: "بدلا من ذلك، استفادت الصين وقوى ناشئة أخرى، من وجهة نظرهم، من الممارسات غير العادلة وانغماس الولايات المتحدة".

ونقلا عن وزير الخارجية، ماركو روبيو، بعد توليه منصبه بفترة وجيزة، أبرز التقرير: "النظام العالمي لما بعد الحرب ليس باليا فحسب، بل إنه الآن سلاح يُستخدم ضدنا. في الوقت نفسه تقريبا، قال دبلوماسي من إحدى دول الجنوب العالمي الكبرى: على الرغم من كل احتجاجات الولايات المتحدة بشأن تصرف روسيا والصين، فإن أمريكا ترامب هي التي كانت في الواقع عازمة على زعزعة مسار القارب".

ووفقا للتقرير: "قد استغل المسؤولون في بكين هذه الرواية، بينما يروّج المعلقون والأكاديميون القوميون الصينيون لنسخة من تاريخ الحرب العالمية الثانية تقلّل من دور الولايات المتحدة في مساعدة المجهود الحربي الصيني، كما أوضح مراسلو واشنطن بوست، يوم الثلاثاء".

وكتب الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في مقال نُشر في وسائل الإعلام الرسمية الروسية، قبل احتفالات موسكو في أيار/ مايو بالذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفيتي على النازيين: "يجب أن ندافع بحزم عن النظام العالمي لما بعد الحرب. مع تزايد اضطراب الوضع الدولي، يتعين علينا حماية سلطة الأمم المتحدة، والدفاع عن النظام الدولي المتمركز حول الأمم المتحدة.. والمضي قدما بشكل مستمر في التعددية القطبية والعولمة الاقتصادية الشاملة".

وأكد التقرير: "كرّر شي هذه الرسالة هذا الأسبوع، حيث سافر نحو 20 من قادة العالم، بمن فيهم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، إلى الصين لحضور قمة أمنية كبرى. ودعا إلى: موقف واضح ضد الهيمنة وسياسات القوة؛ وإلى فضيلة "التعددية الحقيقية". وصرح شي قائلا: "لقد وصلت الحوكمة العالمية إلى مفترق طرق جديد".

وأوضح التقرير: "أجبرت حروب ترامب التجارية وتحوله الدراماتيكي ضد الهند والبرازيل -عملاقان من عمالقة الجنوب العالمي- العديد من الحكومات في أماكن أخرى، بما في ذلك حكومات برازيليا ونيودلهي، على اعتبار واشنطن تهديدا وخصما محتملا، وعلى صياغة تفاهمات جديدة مع بكين".

ونقلا عن الباحث في معهد بروكينغز،  جوناثان زين، قالت صحيفة نيويورك تايمز: "يتجلى نجاح استراتيجية شي في السياسة الخارجية في موكب القادة الذين يسافرون إلى الصين. في الواقع، ربما يشعر شي اليوم بأنه محاصر من قِبل رؤساء الدول الزائرين أكثر من كونه محاصرا من قِبل الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها".

وقالت مجلة "الإيكونوميست" هذا الأسبوع: "إن ادعاء شي بقيادة تحالف عالمي من القوى المشككة في أمريكا ليس خياليا كما قد تظن. ففيما يتعلق بالتجارة، حيث تسعى جميع الدول إلى القدرة على التنبؤ، فإن ادعاء الصين بأنها ركيزة للاستقرار يبدو الآن صحيحا - على الأقل نسبيا".


وأبرزت الصحيفة نفسها، أنّ البلاد بالفعل تُعد أكبر شريك تجاري للسلع لمعظم زوار هذا الأسبوع، إلى جانب ما يزيد عن 100 دولة أخرى حول العالم. وبينما تواصل إدارة ترامب حملة متواصلة من الحرب الاقتصادية ضد شركائها التجاريين، تبدو خطايا الصين في النزعة التجارية ورأسمالية الدولة ضئيلة بالمقارنة".

وتابعت: "أدخل ترامب العالم في حقبة غامضة من الإكراه الاقتصادي والصراع، حقبة قد ترى فيها دول عديدة فائدة في الوقوف إلى جانب الصين. كتب الباحثان هنري فاريل وأبراهام نيومان في العدد الأخير من مجلة "فورين بوليسي": "بينما تشن الإدارة هجوما لاذعا على الصينيين، فإنها تُمزّق أنظمة الخبرة اللازمة للتعامل مع المفاضلات المعقدة التي تواجهها".

"كل إدارة مُجبرة على بناء الطائرة أثناء تحليقها، لكن هذه أول إدارة تسحب أجزاء عشوائية من المحرك على ارتفاع 30 ألف قدم" أبرز التقرير، مردفا: "هذا التحول مُزعج للكثيرين في مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية. قال السناتور ووزير الدفاع السابق تشاك هيغل (جمهوري-نبراسكا) لواشنطن بوست: كيف يمكنك التعامل مع عالم معقد وخطير؟ لا يمكنك التعامل معه بتفكيك ما نجح".

وأكد: "لا يمكنك تفكيك نظام عالمي لما بعد الحرب العالمية الثانية قائم على المؤسسات وسيادة القانون والمصالح المشتركة. هذا أمر خطير للغاية. إنه أكبر تهديد لمستقبل البشرية". وأضاف هيغل أن تراجع الولايات المتحدة سيكون "كارثة" على العالم.

وفي السياق نفسه، نقلت الصحيفة عن عالم السياسة البرازيلي، حسين كالوت، قوله: "إن نهج ترامب يُضعف القوة الناعمة للولايات المتحدة وشرعيتها العالمية، ويُمكّن منافسيها، بما في ذلك الصين، من خلال إضعاف الهياكل ذاتها التي كانت تدعم التفوق الأمريكي".


وختمت بالقول إنه: "في وقت سابق من هذا العام، في واحدة من آخر مقالاته المنشورة قبل وفاته، حذّر جوزيف ناي، الباحث الأمريكي صاحب فكرة "القوة الناعمة"، من عواقب نهج ترامب المُدمر". 

وكتب ناي: "إذا ظن ترامب أنه قادر على منافسة الصين بينما يُضعف الثقة بين حلفاء أمريكا، ويُؤكد الطموحات الإمبريالية، ويدمر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ويُسكت "صوت أمريكا"، ويُخالف القوانين في الداخل، وينسحب من وكالات الأمم المتحدة، فمن المرجح أن يفشل. إن إعادة ما دمره لن يكون مستحيلا، لكنه سيكون مكلفا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية ترامب الصين النظام العالمي الصين النظام العالمي ترامب سياسات ترامب المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرب العالمیة الثانیة الولایات المتحدة الأمم المتحدة ما بعد الحرب

إقرأ أيضاً:

نيجيريا .. خطف 227 طالباً ومعلماً على الأقل من مدرسة كاثوليكية


 
أفادت تقارير إعلامية بأنه تم خطف 227 طالباً ومعلماً على الأقل من مدرسة كاثوليكية بنيجيريا.

وفي وقت سابق ؛ ذكرت قناة "أرايز" التلفزيونية أن مسلحين اختطفوا 52 طالبا من مدرسة خاصة غرب نيجيريا.

البيت الأبيض: دونالد ترامب يتابع الأوضاع في نيجيريا عن كثبقرار تشادي عاجل ضد نيجيريا بعد تصريحات ترامب بمهاجمة الإرهابيينترامب: القوات الأمريكية تنتشر على الأرض في نيجيريا وسنوجه ضربات جويةإنذار أمريكي إلى نيجيريا: تحركوا فورًا أو سنقوم بالتدخل .. لهذا السببترامب يحذر نيجيريا: إن استمر قتل المسيحيين سنوقف فورا كل المساعدات وربما نتدخل عسكريابعد فشل الانقلاب على رئيس نيجيريا .. إقالة كبار قادة الجيش

وكان  الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في وقت لاحق ؛ أعلن أنه وجه وزارة الحرب بالاستعداد لأي «عمل محتمل» في نيجيريا، ملوحا بإمكانية استخدام القوة العسكرية ضد جماعات إسلامية مسلحة يتهمها بارتكاب «فظائع» بحق المسيحيين.

وقال ترامب: إذا استمرت حكومة نيجيريا في السماح بقتل المسيحيين فإن أمريكا ستوقف فورًا كل المساعدات والمعونات إليها». 

وأضاف: ربما نتوجه إلى نيجيريا بقوة للقضاء على الإرهابيين الإسلاميين الذين يرتكبون هذه الفظائع المروعة».

وأكد الرئيس الأمريكي أنه أبلغ وزارة الحرب بالاستعداد، مشيرًا إلى أن «إذا هاجمنا فسنهاجم بسرعة وشراسة كما يهاجم الإرهابيون مسيحيينا»، موجها تحذيرا للحكومة النيجيرية بضرورة التحرك بسرعة.

وجاءت تصريحات ترامب بعد طلبه سابقًا من المشرعين في الولايات المتحدة فتح تحقيق في عمليات القتل الجماعي التي يتعرض لها المسيحيون في نيجيريا وتقديم تقرير له حول ذلك.

نداء نشطاء ودعوات للتصنيف

في 15 أكتوبر 2025، كتب عدد من نشطاء حقوق الإنسان وزعماء دينيين في الولايات المتحدة رسالة إلى الرئيس ترامب طالبوا فيها الإدارة بتصنيف نيجيريا «دولة مثيرة للقلق بشكل خاص» بسبب ما وصفوه باضطهاد المسيحيين.

ووقع على النداء كل من نينا شيا (مديرة مركز معهد هدسون للحرية الدينية)، وعضو الكونجرس السابق فرانك وولف وجيم دالي (الرئيس التنفيذي لمنظمة «التركيز على الأسرة»)، وتوني بيركنز (رئيس مجلس أبحاث الأسرة).

وقال واضعو النداء إن نيجيريا شهدت في السنوات الأخيرة «نموا هائلا في الهجمات العنيفة على المسيحيين في الأرياف في منطقة الحزام الأوسط، في حين لم تحرك الحكومة في أبوجا ساكنا لحمايتهم».

وأضافت الوثيقة أن السلطات «لا تتسامح فقط مع العنف الجماعي ضد المسيحيين، بل وتنتهك أيضاً الحريات الدينية بنفسها من خلال فرض قوانين التجديف التي تنطوي على عقوبة الإعدام وأحكام قاسية بالسجن».

وأشار النداء إلى أن أكثر من 7,000 مسيحي قتلوا في نيجيريا خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2025، ودعا إلى استخدام «الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية» من قبل الولايات المتحدة لحماية المسيحيين واستعادة حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية.

طباعة شارك نيجيريا إختطاف مسيحيين ترامب مدرسة كاثوليكية وزارة الحرب الأمريكية

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تستعد لإطلاق عمليات عسكرية جديدة ضد فنزويلا
  • حذر من عودة نفوذ الإخوان.. أنور قرقاش يدعو لمحاسبة طرفي الحرب الأهلية في السودان
  • ‏"رويترز" عن مسؤول أوكراني: أوكرانيا ستبدأ مشاورات مع الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين بشأن إنهاء الحرب
  • السعودية استفادت أكثر من الولايات المتحدة خلال زيارة بن سلمان
  • نيجيريا .. خطف 227 طالباً ومعلماً على الأقل من مدرسة كاثوليكية
  • الولايات المتحدة والإمارات تبحثان وقف إطلاق نار إنساني في السودان
  • جنوب أفريقيا: الولايات المتحدة تعيد النظر في مقاطعة قمة العشرين
  • الاحتلال يتوقع من الولايات المتحدة الحفاظ على تفوقه العسكري بالشرق الأوسط
  • في اللحظة الأخيرة.. الولايات المتحدة تتراجع عن مقاطعة قمة العشرين بجنوب إفريقيا
  • سمية الغنوشي: تسريبات إبستين تكشف تفكك نفوذ اللوبي الإسرائيلي وتفضح الفساد داخل واشنطن