عربي21:
2025-10-08@03:16:22 GMT

سفن إغاثة غزة.. لماذا حضر الغرب وغاب العرب؟!

تاريخ النشر: 4th, September 2025 GMT

تنطلق سفن غربية لكسر الحصار المضروب على غزة، يتقدم هذه السفن على متنها رموز مهمة من العالم الغربي، من فنانين، وسياسيين، وناشطين مدنيين، ورؤساء بلديات كبرى في أوروبا، كلهم خرجوا لهدف واحد: كسر الحصار على غزة، وإنهاء هذه المعاناة التي لامست قلب كل مخلص للقيم والمبادئ الإنسانية، مشهد يمثل قمة التحدي في فعل سلمي مدني ضد أضخم آلة حرب عسكرية يشهدها القرن العشرين والحادي والعشرين، في ظل دعم أمريكي غير مسبوق، وغير منته، هذه السفن التي تمخر عباب البحر، لتكسر كل حاجز وضع أمام أهل غزة، لينهي حياتهم في صمت مطبق من العالم، جعل الناس تتساءل: لماذا حضر الغرب، وغاب العرب عن مثل هذا المشهد؟!

الإجابة المنصفة تشير لأصل الداء، وهو: الاستبداد، وغياب المؤسسات المجتمعية والمدنية القوية، والاستبداد هنا لا يقف الكلام عنده على بلادنا، بلاد العرب، بل وبلاد الغرب، فلولا دعم الغرب للأنظمة التي تحولت لشرطي الأمريكان والصهاينة في المنطقة، ما كان له أن يعيش، ولا أن يطول أمده، فلو ترك هذا الاستبداد والشعوب العربية، لقامت وانتفضت عليه، وهو ما جرب في أكثر من حراك، شهده العالم كله، في ربيع عربي عظيم، سرعان ما عملت هذه القوى لإنهائه، وإعادة الكابوس العربي لسابق عهده، وبشكل أبشع.



يحاول البعض منا في بلادنا، أن يهون من الصعاب التي تواجه الغربيين في مواقفهم السياسية والإنسانية، وهو أمر لا يصح، فإن هؤلاء القوم لديهم الاستعداد الكامل لدفع الضريبة، وهو ما رأينا في جامعات أمريكية هددت طلبة بالعقوبة إزاء مواقفهم في التضامن مع غزة، ولم يزد ذلك الطلبة إلا ثبات ورسوخا على مواقفهم، ورأيناه في شباب عرب في شركات أمريكية كبرى.لقد كان من أهم الأسباب لبروز هذه الحشود في السفن الغربية، أن لدى هذه البلدان مؤسسات تستطيع أن تحاكم السلطة التي تمنعها من القيام بواجبها نحو أهل غزة، وهو ما دفع بتسعة وزراء في هولندا للاستقالة، احتجاجا على موقف السلطة من الكيان، وهو ما دفع وزراء آخرين في دول أخرى لاتخاذ مواقف، ودفع برؤساء دول لاتخاذ مواقف داعمة لغزة، فالاستبداد يجد راحته والأجواء المهيئة لبقائه، في ظل غياب المؤسسات القوية المحاسبة له، وفي ظل غياب ناخب يقظ يحاسبه أولا بأول، ويهدد بأول صندوق انتخابات لإزاحته، وعقابه عقابا سياسيا ينهي مسيرته واستبداده، وهو ما يغيب عن بلداننا، ولننظر إلى بلادنا متى كانت فيها آخر انتخابات ديمقراطية، أو نسبة من الشفافية السياسية، سنعرف أين نحن من هذه القوى المجتمعية؟!

الأمر الآخر المهم، هو مساحة العمل التي قامت به القوى المجتمعية في بلدانها، من غرس القيم والمبادئ التي تعزز من قيمة الإنسان، وحقه في الحياة، وحماية هذه المؤسسات لكل من يدعو لهذه القيم، فلا يمكن أن يعاقب فنان لموقف سياسي، فنرى ممثلة حاصلة على الأوسكار في سفن فك حصار غزة، وهو ما يعزز فرصها الفنية، ولا يقف حجر عثرة أمام عطائها الفني، فهي في موقفها تعبر عن إيمانها بفنها، وبدور هذا الفن في المجتمع المحلي والدولي.

بينما الحال مختلف تماما في بلداننا، فقد تم مصادرة الحرية السياسية، وكذلك الفنية، فالمجال الفني مصادر سواء في مصر أو بلدان العرب، ولو قارنا حال هذه الفنانة الأوروبية، بحال ممثل مصري هو محمد سلام، كيف يتم معاقبته لأنه رفض المشاركة في مهرجان الرياض، وقد كانت الحرب على غزة في بدايتها، ولم تصل لهذا الحال المرعب من العدوان والإبادة.

حراك الغربيين في سفن كسر الحصار، هو إقامة حجة على كل متخاذل، سواء التابعين للأنظمة، من أبواق إعلامية، ومنظرين سياسيين جهلة، وبغض النظر عن الأثر المتوقع، والنتيجة المرجوة، فيكفيهم شرف المحاولة المتكرر، والمدعوم بإصرار الوصول لإسماع الجميع، رسالة فك الحصار عن أهل غزة، وإنقاذ هذا المجتمع المظلوم من الموت بالتجويعوالحال لم يتغير، فبينما نرى فنانين غربيين يتوشحون بالحزن الشديد على أهل غزة، نرى مهرجانات العرب تنطلق، ومطربي وفناني العرب في كبرى العواصم العربية يقيمون الحفلات، وتتحرك النقابة المعنية، لصعود واحدة من الجمهور، فتثور لأنها صعدت على المسرح تقبله، وذلك من باب ذر الرماد في العين، وكأن الفضيلة ستقف عند هذا المشهد، وليس عند إقامة حفلات، وعلى بعد كيلو مترات تجري أكبر مذبحة إنسانية في تاريخ البشرية، على مرأة ومسمع ومباركة من العالم الغربي، وجل العالم العربي.
الفارق بيننا وبينهم، أن القوى المجتمعية، قدمت الاهتمام بالإنسان، بغض النظر عن ديانته، وعن جنسه، ولونه، وعرقه، وحولوا ذلك لثقافة، ثقافة نصرة المظلوم، دون النظر لديانته، ولذا رأينا هذا التعدد في الشخصيات وتوجهاتهم، وهو ما يحاربه بكل ما يملك النظام المستبد في بلادنا، ويحرص على نجاجه في ذلك المستبد الأكبر، الاستعمار العسكري السابق، والذي تحول لاستعمار بدون دبابات وجنود، فحول جل حكام بلادنا إلى مستعمرين أكثر شراسة منه، يؤدون وظيفته، ويسعون لهدفه.

يحاول البعض منا في بلادنا، أن يهون من الصعاب التي تواجه الغربيين في مواقفهم السياسية والإنسانية، وهو أمر لا يصح، فإن هؤلاء القوم لديهم الاستعداد الكامل لدفع الضريبة، وهو ما رأينا في جامعات أمريكية هددت طلبة بالعقوبة إزاء مواقفهم في التضامن مع غزة، ولم يزد ذلك الطلبة إلا ثبات ورسوخا على مواقفهم، ورأيناه في شباب عرب في شركات أمريكية كبرى.

والأمر ليس بمستغرب، فبعد ما رأيناه من الضريبة الغالية والمرتفعة التي يدفعها أهل غزة، لا يستغرب الإنسان ما يضحي به أوروبيون، وعرب يقيمون في أوروبا وأمريكا، بينما هناك بعض العرب حين تحدثه عن مقاطعة بضائع وشركات تدعم الكيان، يتحجج بلقمة العيش، وكأن لن ينعم بالرخاء في حياته إلا على حساب حياة الآخرين من إخوانه المظلومين.

حراك الغربيين في سفن كسر الحصار، هو إقامة حجة على كل متخاذل، سواء التابعين للأنظمة، من أبواق إعلامية، ومنظرين سياسيين جهلة، وبغض النظر عن الأثر المتوقع، والنتيجة المرجوة، فيكفيهم شرف المحاولة المتكرر، والمدعوم بإصرار الوصول لإسماع الجميع، رسالة فك الحصار عن أهل غزة، وإنقاذ هذا المجتمع المظلوم من الموت بالتجويع، بعد أن تم إبادته بكل أسلحة ممكنة، وهو ما يجعلنا نستبشر بهذا الحراك، الذي لا يحمل بشرا على متن سفنه، بل يحمل قلوبا تنبض بالحياة الحرة، تسعى لتمنح ما بقي من أهل غزة، ببعض ما يملك من أسباب الحياة.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الحصار غزة فلسطين غزة حصار رأي اسطول الصمود قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة مقالات اقتصاد سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الغربیین فی أهل غزة وهو ما

إقرأ أيضاً:

صاحب مبادرة لسنا أرقاما: الغرب يرى الفلسطيني إرهابيا ومشروعنا يكسر هذه الصورة

واستعرض الناعوق مسيرته في حلقة جديدة من برنامج المقابلة، مبينا أن الفقد الشخصي الذي تعرض له كان حافزا لتحويل الألم إلى مشروع يواجه الرواية الإسرائيلية.

وأوضح أن استشهاد شقيقه أيمن عام 2014 خلال عدوان الاحتلال على غزة جعله يدرك قسوة أن يُختزل الموت في أرقام لا تحكي قصة أصحابها.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كيف تحول الإسرائيليون إلى منبوذين في أوروبا؟list 2 of 4حرب الروايات.. هل خسرت إسرائيل رهانها ضد الصحفي الفلسطيني؟list 3 of 4فلسطين ذاكرة المقاومات.. محمد بنيس يقدم شهادة ثقافية إبداعيةlist 4 of 4كيف يُعيد ناشطو العالم تعريف التضامن مع غزة؟end of list

ولد الناعوق في مدينة دير البلح عام 1994، وهو العام الذي شهد دخول السلطة الفلسطينية إلى القطاع بعد اتفاق أوسلو، حيث ساد الأمل بإنهاء المأساة الفلسطينية.

غير أن طفولته المبكرة تزامنت مع الانتفاضة الثانية عام 2000، فارتبط وعيه منذ السادسة بأصوات القصف والدبابات والشهداء.

ويقول إنه لم يدرك معنى الطفولة الطبيعية إلا عندما غادر غزة إلى بريطانيا ولاحظ الفرق الكبير بين حياة الأطفال هناك وبين أطفال فلسطين الذين تُصادر طفولتهم مبكرا بفعل الاحتلال والحصار.

ويضيف أن السياسة في قطاع غزة ليست ترفا فكريا، بل واقعا يفرض نفسه على تفاصيل الحياة اليومية منذ سنوات الطفولة الأولى.

انتقل الناعوق إلى بريطانيا عام 2019 بعد حصوله على منحة لدراسة الماجستير في الإعلام الدولي بجامعة ليدز.

فَقْدٌ أثمر مشروعا

ويعتبر أن مغادرته أنقذت حياته، إذ لم يتمكن من العودة مجددا إلى قطاع غزة، بينما استشهد خلال الحرب الأخيرة أكثر من 20 فردا من أسرته دفعة واحدة في قصف استهدف منزل العائلة.

غير أن التحول الأبرز في حياته حدث خلال عدوان 2014، عندما فقد شقيقه أيمن الذي كان صديقه الأقرب، فقد دفعه هذا الفقد العميق إلى كتابة مقال عنه باللغة الإنجليزية بطلب من الصحفية الأميركية بام بيلي، وكانت تلك المرة الأولى التي يخاطب فيها الجمهور الغربي مباشرة بقصة إنسانية من غزة.

شكل المقال بداية وعي جديد لديه، إذ لمس تعاطفا مفاجئا من قراء غربيين مع قصة شقيقه، وهو ما دفعه إلى إدراك أن ثمة جمهورا في الغرب يريد أن يسمع الرواية الفلسطينية إذا قدمت له بلغة إنسانية صادقة.

إعلان

ومن هنا وُلد مشروع "لسنا أرقاما" عام 2015 بالتعاون مع المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، والذي بدأ بتدريب مجموعة من الشبان والشابات على كتابة قصصهم بالإنجليزية بمرافقة صحفيين غربيين.

وتحول المشروع لاحقا إلى منصة شارك فيها أكثر من 400 كاتب نشروا مئات القصص والمقالات والقصائد التي وصلت إلى جمهور عالمي واسع، ونجحت في إعادة الاعتبار للضحايا الفلسطينيين كبشر لهم حياة وأحلام.

ويؤكد الناعوق أن المبادرة لا تركز فقط على قصص الشهداء، بل تروي أيضا حكايات الأمل والصمود والتعليم والإبداع في غزة، بما يبرز وجها آخر يتجاوز المأساة ويكسر الرواية الإسرائيلية التي تحصر الفلسطيني في صورة الضحية أو "الإرهابي".

انحياز غير عفوي

وفي حديثه عن تجربته مع الإعلام الغربي، أوضح أنه واجه مواقف مهينة خلال مقابلاته، حيث كان يُسأل مرارا: "هل تؤيد 7 أكتوبر؟"، وهي صيغة تهدف لوضع الفلسطيني دائما في خانة الاتهام، واعتبر أن هذه المقاربة جزء من انحياز مؤسسي يجعل الإعلام الغربي شريكا في الجريمة.

ويرى أن هذا الانحياز ليس عفويا، بل نتيجة خوف المؤسسات الإعلامية من نفوذ اللوبي الصهيوني الذي يضغط لمنع أي تغطية تنتقد إسرائيل، فضلا عن إرث ثقافي غربي يرسخ صورة العربي كمتخلف وإرهابي مقابل الإسرائيلي الذي يُرى امتدادا للغرب.

وأضاف أن محاولات إصلاح الإعلام الغربي من الداخل تبدو مهمة شبه مستحيلة، ولذلك فإن البديل هو تأسيس منصات إعلامية مستقلة قادرة على صياغة الرواية الفلسطينية ونقلها بموضوعية وجرأة، مستشهدا بانتشار الإعلام الرقمي البديل الذي قدم تغطيات أكثر إنصافا خلال السنوات الأخيرة.

كما شدد على أن الحرية هي جوهر ما ينشده الفلسطينيون، سواء تحقق ذلك من خلال حل الدولتين أو الدولة الواحدة أو أي صيغة سياسية أخرى، مشيرا إلى أن المطلوب هو وحدة وطنية فلسطينية تصوغ برنامجا موحدا لمطالبة العالم بحقوق مشروعة لا يمكن اختزالها أو تجاهلها.

ورغم الفقد الشخصي الكبير الذي عايشه بفقد أسرته، يرى الناعوق أن هذه الخسارة جعلته أكثر إصرارا على أن يظل صوتا لأهله ولشعبه، مؤكدا أن رسالته عبر "لسنا أرقاما" هي أن الفلسطينيين بشر لهم وجوه وقصص، لا مجرد أعداد في نشرات الأخبار.

Published On 5/10/20255/10/2025|آخر تحديث: 23:16 (توقيت مكة)آخر تحديث: 23:16 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

مقالات مشابهة

  • اليابان ترسل قوات للمساعدة في إغاثة المتضررين من زلزال الفلبين
  • سبعةٌ من أسباب النجاح.. في الذكرى الـ52 من نصر أكتوبر
  • فلاديمير بوتين.. ربع قرن في الحكم بين استعادة المكانة ومواجهة الغرب
  • روسيا تحث الغرب على وقف نهج المواجهة وتحمل مسؤوليتها لإعادة إعمار أفغانستان
  • كيف أصبح الجنوب العالمي مكبا لنفايات الغرب البلاستيكية؟
  • الرئيس التايواني: سيطرة الصين على بلادنا تهدد المصالح الأمريكية
  • الغرب لا يواجه الإرادات
  • إيران:العقوبات الدولية على بلادنا لاقيمة لها بوجود الخزينة العراقية
  • بعد 52 عاما.. لماذا يظل نصر أكتوبر أعظم معركة في تاريخ العرب الحديث؟
  • صاحب مبادرة لسنا أرقاما: الغرب يرى الفلسطيني إرهابيا ومشروعنا يكسر هذه الصورة