تجار الموت يواصلون إغراق أسواق تعز ببضائع وأدوية على وشك الانتهاء
تاريخ النشر: 4th, September 2025 GMT
بينما يكافح المواطن البسيط في تعز لتأمين قوت يومه ودواء أطفاله، تتواصل حلقات الاستهداف الممنهج لصحة الناس عبر إغراق الأسواق ببضائع وسلع استهلاكية وأدوية قريبة الانتهاء، تُباع بخصومات مغرية لا يدرك المستهلك ثمنها الحقيقي إلا حين تتضاعف معاناته داخل أروقة المستشفيات.
مصادر محلية وتجارية متطابقة تؤكد أن عشرات الشحنات تصل تباعاً إلى المحافظة، محمّلة بمواد غذائية وأدوية ودواجن، بعضها لا يتبقى على انتهاء صلاحيتها سوى شهر أو أقل.
ورغم جهود أجهزة الرقابة في السوق المحلية، فإنها تبدو عاجزة عن كبح هذه الظاهرة ما لم يتم استصدار قرار تنظيمي واضح يضع حداً للفوضى. مراقبون يرون أن الرقابة وحدها غير كافية طالما استمرت عمليات إدخال البضائع النافقة بغرض البيع لا الإتلاف، في وقتٍ يتربص فيه سماسرة السوق بآلام الناس وفقرهم.
ناشطون حقوقيون وأطباء شددوا على أن حماية الصحة العامة لا يمكن أن تظل مرهونة بردود أفعال متأخرة، بل تتطلب سياسات وقائية ثابتة. ومن بين المقترحات الملحّة: إصدار تعميم رسمي يلزم المستوردين والمصنعين والوكلاء وتجار الجملة بعدم السماح بدخول أي سلعة استهلاكية أو غذائية أو دواء أو دجاج تجاوز نصف فترة صلاحيتها، باعتباره خطراً صحياً واقتصادياً على حد سواء.
وأكدوا إن إنقاذ حياة الناس في تعز لا يجب أن يكون محل مساومة أو موضع تلاعب بأرقام الصلاحية. فالخصومات الكبيرة قد تُغري جيوب الفقراء، لكنها تُثقل قلوبهم بأوجاع لا تنتهي.
ويشير ياسر فرحان، أحد العاملين في الجانب التثقيفي الصحي في تعز، إلى أن ظاهرة بيع الأدوية القريبة من انتهاء الصلاحية ليست مجرد إخلال تجاري، بل تمثل تهديدًا مباشرًا لصحة المواطنين. ويقول فرحان: "قبل عامين، قدمنا مقترحًا للهيئة العليا للأدوية لمنع شركات الأدوية من بيع منتجاتها التي تقل فترة صلاحيتها عن ٦ أشهر، لكن الرد كان أن القانون لا يمنع ذلك."
ويضيف: "أصحاب الصيدليات يعانون كثيرًا من هذا الأمر. عندما يقترب الدواء من الانتهاء، تقوم الشركات بزيارة الطبيب وتقديم نسبة تصل إلى 100% مقابل صرف المنتج. نحن تحت ضغط الطبيب وثقة المريض، مضطرون لتوفيره، بينما لا يمكننا إرجاعه، فيظل على الرف حتى ينتهي."
يمكن استنتاج أن ضعف الإطار القانوني وغياب الرقابة الصارمة يترك المجال مفتوحًا أمام هذه الممارسات، ويضع المواطن في مواجهة مخاطر صحية غير مرئية، بينما تكسب الشركات أرباحًا كبيرة على حساب الأرواح.
من جانبه يؤكد المحامي عمر الحميري أن المشكلة تتجاوز مجرد التجارة بالسلع الفاسدة، لتصبح قضية صحية وقانونية على حد سواء.
وكتب الحميري في منشور له على فيسبوك: "تستمر أسواق تعز في استقبال سلع وأدوية قريبة من انتهاء الصلاحية، مقابل أرباح لتجار الموت وخصومات مغرية من أرواحنا. الرقابة على السوق المحلية لا تكفي، طالما استمر إدخال البضائع النافقة بغرض البيع لا الإتلاف، قبل شهر واحد من تاريخ انتهاء صلاحيتها، حتى تمر بالقرب من مستشفى السرطان ومشافي أخرى."
ويضيف التحليل القانوني للحميري أن الحل يجب أن يكون نظاميًا وقانونيًا: "لنقف بجانب السلطة المحلية في إصدار قرار تنظيمي يحدد شروط استيراد ونقل السلع بالجملة إلى أسواق المحافظة وحماية الصحة العامة بصورة دائمة، بالتعميم على المستوردين والمصنعين والوكلاء وتجار الجملة، مع منع دخول البضائع التي تجاوزت نصف فترة صلاحيتها بالقانون."
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
حكم حرق الأسعار في البضائع من أجل الحصول على سيولة مالية.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم حرق البضاعة من أجل الحصول على المال؟ مثل شراء سلعة بالتقسيط وبيعها في نفس الوقت للحصول على سيولة مالية؟ حيث ظهر في هذه الأيام ما يسمّونه بـ"حرق البضائع" وهي طريقة بيع يلجأ إليها البعض للحصول على سيولة مالية، وصورته: أن يشتري من التاجر سلعة معينة بالتقسيط، ثم يبيعها لذات التاجر بسعر حالٍّ معجل، لكنه أقل؛ رغبة في توفير سيولة نقدية لقضاء بعض الحوائج الحياتية أو التجارية، فهل هذا جائز؟
وهل هذه المعاملة هي العِينَة التي ورد النهي عنها في السنة المشرفة؟
وهل يختلف الأمر لو كان المشتري للسلعة ثانيًا ليس هو بائعها الأول؟
وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن ما يلجأ إليه بعض الناس من شراء سلعة معينة بالتقسيط، ثم يبيعها للتاجر ذاته بسعر حالٍّ معجل أقل، هو أمر جائز من حيث الأصل على المستوى الفردي من الطرفين، ما دام لم يترتب على ذلك محاذير ومفاسد أشد؛ كالغبن الفاحش، أو الإغراق في الديون المعجوز عن سدادها بما يحقق المفسدة للمحتاج أو الفقير ويزيد من أزماته، أو يحصل استعمال ذلك للتحيّل على أكل أموال الدائنين أو مماطلتهم بإجراءات التقاضي الطويلة.
وبينت أن هذه المعاملة هي التي تسمى (بيع العينة)، ولم يرد نصٌّ أو إجماع يمنع منها، وهي داخلة في مسمى البيع؛ لأنها عبارة عن شراء السلعة دينًا ثم بيعها حالًا، وهو وإن كان الغالب فيه هو الخسارة عن الثمن الآجل، إلا أن هذه الخسارة معوضة بما حصل له فيها من تيسير أمره وقضاء حاجته.
تابعت: وأما بيع هذه السلعة المعينة لغير مَن اشتراها منه أولًا بثمن حالٍّ أقل، فهي أولى بالجواز من الصورة الأولى؛ لأنه إن جاز البيع للبائع نفسه فإنه يجوز بيعها لغير البائع من باب أولى.
واكدت بناء على ذلك أن ما يلجأ إليه البعض هذه الأيام من شرائه سلعة معينة بالتقسيط، ثم يبيعها للتاجر ذاته أو لغيره بسعر حالٍّ مُعجَّل أقل، هو أمر جائز من حيث الأصل على المستوى الفردي من الطرفين، ما دام لم يؤد ذلك إلى محاذير ومفاسد أشد؛ كالغبن الفاحش، أو الإغراق في الديون المعجوز عن سدادها بما يحقق المفسدة للمحتاج أو الفقير ويزيد من ورطاته، أو يحصل استعمال ذلك للتحيّل على أكل أموال الدائنين أو مماطلتهم بإجراءات التقاضي الطويلة.