7 شتنبر، 2025

بغداد/المسلة: ارتفعت معدلات التلوث المائي في العراق إلى مستويات تنذر بكارثة إنسانية وبيئية غير مسبوقة، إذ تشير تقارير وزارة البيئة العراقية إلى أنّ أكثر من 70% من مصادر المياه السطحية في البلاد لم تعد صالحة للاستخدام البشري أو الزراعي، فيما توثق منظمة الصحة العالمية أنّ العراق يسجل سنوياً أكثر من 100 ألف حالة تسمم معوي ناتجة عن مياه ملوثة.

وصرّح الخبير القانوني علي التميمي بأن العراق يواجه واحدة من أعقد أزماته الاستراتيجية، مؤكداً أن تلوث المياه لم يعد شأناً بيئياً فحسب بل تحول إلى “جريمة ضد الإنسانية” وإبادة جماعية تطال الإنسان والحيوان والنبات.

الدستور والقانون أمام أزمة المياه

وأوضح التميمي أن الدستور العراقي في مواده 33 و114 أقرّ بوضوح حق المواطن في بيئة سليمة، وألزم الدولة بحماية المياه وضمان الاستفادة منها، مضيفاً أن قانون العقوبات العراقي في مواده 497 و499 نصّ على فرض عقوبات رادعة بحق من يتعمد تلويث المياه، إلى جانب تشريعات خاصة مثل قانون البيئة وقانون الصحة العامة.

وأكد أن ما يشهده العراق اليوم من تلوث واسع لمياهه مردّه إلى تداخل عوامل عدة؛ من بينها ما خلّفته الحروب المتعاقبة منذ عام 1991 من مخلفات اليورانيوم المنضب والقذائف العنقودية، مروراً بحرائق آبار النفط التي حولت الأنهار إلى مجارٍ ملوثة بالمواد المسرطنة، وصولاً إلى إلقاء شبكات الصرف الصحي مباشرة في الأنهر دون معالجة.

السدود التركية وأزمة التدفق

وبيّن التميمي أن أبرز أسباب الأزمة الحالية يعود إلى سياسة السدود التركية، حيث أدى مشروع “غاب” وسدود الكاب والجزيرة واليزو إلى خنق منابع دجلة والفرات وتقليص منسوب المياه المتدفقة نحو العراق، الأمر الذي سرّع من تراكم الملوثات في مياه المصب. ورأى أن هذا السلوك يدخل في إطار الضغوط السياسية الممنهجة، لاسيما وأن المياه أصبحت ورقة مساومة إقليمية بيد أنقرة.

غياب الاستراتيجية والاتفاقيات الدولية

وأشار إلى أن غياب رؤية وطنية واضحة للمياه وتقصير المؤسسات الحكومية في تفعيل القوانين والانضمام الجاد إلى الاتفاقيات الدولية زاد الطين بلة، مذكّراً باتفاقية لندن 1969 الخاصة بمنع التلوث البحري، واتفاقية بروكسل، ومجلس أوروبا 1992، واتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بمخلفات السفن النفطية، وكلها صكوك تؤكد على إلزامية حماية المياه.

خيارات العراق القانونية والدبلوماسية

وكشف التميمي أن أمام العراق جملة من الخيارات، منها مطالبة الولايات المتحدة بتفعيل الاتفاقية الاستراتيجية لعام 2008 ولا سيما المادتين 27 و28 اللتين تلزمان واشنطن بدعم العراق اقتصادياً. كما أشار إلى إمكانية اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي وفق المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، والاستناد إلى القرار 2170 لعام 2014 الذي وضع تنظيم داعش تحت الفصل السابع، لطلب المساعدة الاقتصادية بوصف العراق متضرراً مباشراً من الإرهاب.

وأكد أن قطع المياه وتلويثها يرقى إلى مستوى جريمة إبادة جماعية وفق اتفاقية 1948 الخاصة بمنع الإبادة، ما يمنح العراق حق مقاضاة تركيا أمام المحكمة الجنائية الدولية استناداً إلى المواد 2 و9 و45 من نظام المحكمة.

واختتم بالقول إن الأزمة المائية الحالية تمثل “فتكاً صامتاً” بالشعوب، وإن لم يجر التحرك العاجل داخلياً وخارجياً، فإن العراق سيواجه كارثة وجودية قد تعصف بمستقبل أجياله.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

اصدار أول فيزا إلكترونية خارج العراق

10 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة: أعلنت وزارة الخارجية، الأربعاء، افتتاح منظومةَ إصدارِ الفيزا الإلكترونيّة في مقرّ السفارة العراقية بالعاصمة التركية أنقرة.

وذكر بيان لوزارة الخارجية ورد لـ المسلة، أن سفير جمهورية العراق لدى الجمهورية التركية، ماجد اللجماوي، افتتح منظومةَ إصدارِ الفيزا الإلكترونيّة في مقرّ السفارة بالعاصمة أنقرة، وبحضور مدير عام مديرية الأحوال المدنية والجوازات والإقامة، الفريق الحقوقي نشأت إبراهيم الخفاجي.

وأضاف البيان، أن هذه الخطوة تأتي في إطار جهود وزارتي الخارجية والداخلية لتطوير الخدمات القنصلية وتعزيز التحوّل الرقمي، بما يسهّل إجراءات منح التأشيرات ويقلّل الوقت والجهد على المراجعين من المواطنين الأتراك الراغبين بزيارة العراق.

وأشار إلى أن هذا المشروع يعد جزءاً من مساعي وزارة الداخلية للارتقاء بالخدمات الحكومية ومواكبة التطوّر التكنولوجي العالمي، بما يخدم المواطنين الأجانب والزائرين على حدّ سواء.

وأكد السفير ماجد اللجماوي، أن إطلاق هذه المنظومة يأتي بهدف تقديم خدمات أكثر سلاسة ومرونة، والاستفادة من التحوّل الرقمي لتسهيل مهمة المراجعين وتعزيز جودة العمل القنصلي.

من جانبه، أوضح الفريق الحقوقي، نشأت إبراهيم الخفاجي، أنّ المنظومة تمثّل خطوة مهمة في تحديث قطاع إصدار التأشيرات.

وأوضح، أن الاعتماد على الأنظمة الإلكترونية الحديثة يسهم في رفع كفاءة العمل وتقليل الوقت المستغرق، ويعزّز ثقة المواطنين والزوار بالخدمات المقدَّمة.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • مبعوث ترامب: العراق يقف مجدداً أمام لحظة حاسمة
  • حماس تستهجن تقرير "العفو الدولية" الذي يزعم ارتكاب جرائم يوم 7 أكتوبر
  • العراق الخامس عربياً و45 عالمياً في مؤشر القوة والنفوذ
  • "العفو الدولية": رفع ألمانيا قيود تصدير السلاح لـ"إسرائيل" متهور
  • امريكا: نجدد التزامنا بالشراكة مع العراق
  • اصدار أول فيزا إلكترونية خارج العراق
  • مناقشات مستمرة.. السفير الأمريكي بأنقرة: «إس-400» لم يعد عائقًا أمام مقاتلات «إف-35» التركية
  • التعزيزات الأميركية في الكاريبي ضد فنزويلا تحت مرآة غزو العراق
  • طقس العراق.. الموجة الأعنف للامطار الخميس والجمعة
  • العراق يعطل الدوام الرسمي الأربعاء