أمين الفتوى: لا حرمة في صناعة التماثيل أو عرضها إذا انتفت نية مضاهاة خلق الله
تاريخ النشر: 10th, September 2025 GMT
أكد الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الحكم الشرعي لصناعة التماثيل أو عرضها في المتاحف والميادين العامة يتوقف على نية الصانع والغرض من العمل ذاته، مشيرًا إلى وجود ضابطين أساسيين في هذا الباب.
. يسري جبر: لها 3 أحكام في الإسلام
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء، خلال تصريح، أن الضابط الأول هو نية الصانع، فإذا قصد بها مضاهاة خلق الله أو التفاخر بالقدرة على تقليد هيئة الإنسان ومحاكاة خلق الله – كما يفعل بعض النحاتين بنية التحدي – فإن هذا الفعل يعد محرمًا شرعًا، لما فيه من تعدٍّ على اختصاص الخالق سبحانه.
وتابع أن الضابط الثاني، فيتعلق بالغرض من صناعة التمثال، فإن كان القصد منه أن يُعبد أو يُقدَّس، أو أن يُعامل كرمز تعبّدي، فإن ذلك يدخل في دائرة الحرام أيضًا، مؤكدًا أن النية في كلا الحالين هي المعيار الأساسي للحكم.
وفي سياق متصل، بيّن أنه إذا انتفت نية مضاهاة خلق الله أو التقديس، وكان الهدف هو إبراز مهارة فنية أو تخليد شخصية عامة، أو الحفاظ على تراث ثقافي وحضاري، فلا مانع شرعي من صناعة التماثيل أو عرضها، سواء في المتاحف أو في الفضاء العام.
وأشار إلى أن هذا الموقف ليس مستحدثًا، بل له جذور في التاريخ الإسلامي، حيث لم يُنقل أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، حين دخلوا مصر في عهد الفتح، قد هدموا المعابد الفرعونية أو مسّوا التماثيل الموجودة فيها بسوء، رغم قرب عهدهم بالرسول ومعرفتهم بخطورة عبادة الأصنام، ما يؤكد وعيهم بأن تلك التماثيل لا تُعبد، وأنها تمثل جزءًا من حضارة إنسانية يجب الحفاظ عليها.
واستشهد بما كشفت عنه الحملة الفرنسية لاحقًا، حين تم فك رموز حجر رشيد، واكتُشف أن النقوش والتماثيل والجداريات في المعابد المصرية القديمة تمثل توثيقًا للحياة اليومية، والحكم، والزراعة، والصناعات، والمعتقدات، بل والحروب، وهي بذلك سجل تاريخي بالغ الأهمية، لا شبهة فيه طالما خلت النية من المحظورات الشرعية.
وأكد على أن الإسلام لا يقف ضد الفن أو التوثيق الحضاري، وإنما يُحرِّم ما يتعارض مع العقيدة من نيات أو ممارسات، داعيًا إلى التفرقة بين التعبير الفني وبين المحظورات الشرعية، والوعي بالقيم الحضارية التي تشكل ذاكرة الأمة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء التماثيل المتاحف المتحف المصري الكبير التفاخر خلق الله خلق الله
إقرأ أيضاً:
ما حكم لبس السلاسل الفضة للرجال؟.. أمين الإفتاء يُجيب
كشف الدكتور علي فخر، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، عن حكم لبس السلاسل الفضة للرجال؟، وهل يعد ذلك من قبيل التشبه بالنساء؟.
وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء: "السلاسل والقلائد من المعروف أنها زينة خاصة بالنساء، وعلى هذا الأساس فإن لبس الرجال لسلاسل أو قلائد تشبه زينة النساء يعد من باب التشبه الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم."
أمين الإفتاء: من الأفضل للرجال الامتناع عن لبس القلائد في الأعناقوأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء "فمن الأفضل للرجال الامتناع عن لبس القلائد في الأعناق، ولكن إذا أراد الرجل أن يتزين بشيء مباح، فيمكنه لبس الخاتم، وهذا لا مانع فيه شرعًا".
وأشار أمين الفتوى في دار الإفتاء إلى أن التشبه بزينة النساء، حتى لو لم يكن مقصودًا، فإنه يُعد مخالفة للتعاليم الشرعية التي تحث على التميز بين الرجال والنساء في الملبس والزينة.
حكم التحلي بالذهب والفضة للرجالوكانت دار الإفتاء قالت إن من المتفق عليه شرعًا؛ أنَّه يَحْرُمُ على الرجال التَّحَلِّي بالذهب، فالتَّحلِّي به من زينة النساء؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «حُرِّمَ لِبَاسُ الحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي وَأُحِلَّ لِإِنَاثِهِمْ» رواه أحمد في "المسند"، والترمذي في "السنن"-واللفظ له-، وصححه، والنسائي في "المجتبى".
وأوضحت دار الإفتاء، في فتوى سابقة على موقعها الإلكتروني، أن الحديث دليلٌ على إباحة الذهب للنساء دون الرجال، وعلى ذلك وقع الإجماع؛ قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (14/ 65، ط. دار إحياء التراث العربي): [أجمع المسلمون على إباحة خاتم الذهب للنساء وأجمعوا على تحريمه على الرجال].. هذا في الذهب؛ أَمَّا الفضة فتحلي الرَّجُل بها تختّمًا أو تحلية لسيفه، أو مصحفه جائز باتفاق الفقهاء، والأصل في ذلك ما ورد في "الصحيحين" عن ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم اتخذ خاتمًا من وَرِق -أي فضة- نقشه "محمد رسول الله".
ونقلت دار الإفتاء قول الإمام -ابن رشد الجد- القرطبي في "المقدمات الممهدات" (3/ 430، ط. دار الغرب): [وأما التختم بالفضة فإنه جائز مباح للرجال والنساء، لا كراهة فيه عند عامة العلماء من السلف والخلف].. وقال الإمام شمس الدين ابن قدامة في "الشرح الكبير على المقنع" (7/ 35، ط. دار الكتاب العربي): [يُباح للرجال خاتم الفضة؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم اتخذ خاتمًا من ورق. متفق عليه. ويباح حلية السيف من القبيعة وتحليتها؛ لأن أنسًا رضي الله عنه قال: كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فضة].
وأفادت دار الإفتاء: وعلى هذا التفصيل، فلبس الرَّجُل للسلسلة الذهبية في رقبته داخلٌ في نطاق التحريم السابق ذكره، فهو مِن قبيل التَّحَلِّي الذي يختص بالنساء، لا يشاركهن في ذلك الرَّجُال.
مذهب جماعة من الفقهاء في لبس الرجل سلسلة من الفضةبينما ذهب جماعةٌ من الفقهاء إلى جواز لبس الطَّوْق للرجل من فضة، وهو ما ذهب إليه المتولي والغزالي من الشافعية، حيث قالا بجواز لبس الرجال للأساور والسلاسل من فضة قياسًا على الخاتم، حيث إنَّه لا فَرْق بين الأصابع وسائر الأعضاء، بشرط ألَّا يكون فيه معنى التَّشبُّه بالنساء، لأنَّ تحريم الفضة لم يثبت إلَّا في الأواني، أو ما كان فيه معنى التَّشبُّه بالنساء.
وهو أيضًا ما ذهب إليه الإمام أحمد في رواية، وهو مذهب الظاهرية، واختاره بعض المتأخرين؛ كالشوكاني، وابنِ تيميَّة، وابنِ القَيِّم. ينظر: "المغني" لابن قدامة (4/ 229، ط. دار عالم الكتب)، و"مجموع الفتاوى" لابن تيمية (25/ 65، ط. مجمع الملك فهد)، و"زاد المعاد في هدي خير العباد" لابن القيم (4/ 320، ط. مؤسسة الرسالة)، و"المُحلَّى بالآثار" لابن حزم (9/ 246، ط. دار الكتب العلمية)، و"السيل الجرار" للشوكاني (ص: 734، ط. دار ابن حزم).
ويتضح مِن التعليلات السابقة في نصوص الفقهاء: أنَّ حرمة لبس الطَّوْق للرجال مبناه على كونه غير معتاد اللبس –كما عَبَّر به الإمام شمس الدين ابن قدامة من الحنابلة-، وكونه يتضمن التَّشبُّه بالنساء –كما عَبَّر به الإمام النووي من الشافعية-، ومعنى هذا: بناء الحكم فيه على العرف والعادة، لا سيما وأنَّ أمر اللباس والزينة من أمور العادات، وفي ذلك يقول العلامة الشبراملِّسي في "حاشيته على نهاية المحتاج" (2/ 374، ط. دار الفكر): [وما أفاده -أي الإسنوي- من أنَّ العبرة في لباس وزيِّ كلٍّ من النوعين حتى يحرم التشبه به فيه بعُرف كل ناحية: حسنٌ. اهـ].
وتماشيًا مع ذلك؛ ومع تَغَيُّر الأعراف والعادات، فالذي تقتضيه القواعد هو القول بجواز لبس السلسلة الفضة للرجال، لا سيما وأنَّ السلسلة الرجالية المصنوعة من الفضة في زماننا يتم ارتداؤها لأغراض طبية متعددة غير الزينة، كما في حالات مريض آلزهايمر مثلًا؛ فإنه يحتاج إلى ارتداء سلسلة تتضمن معلومات عنه، وكذلك مَن كانت لديه ومضات سلبية تخرج مِن جسده، فيمكنه ارتداء سلسلة من فضة؛ لمعادلة طاقة الجسم بحسب توجيه الأطباء في ذلك.
ومعنى هذا أنَّه لو اعتاد الناس في بلدٍ أو ناحيةٍ على اختصاص النساء بلبس سلاسل الفضة دون الرجال؛ فيعود الحكم الأول حينئذٍ، وهو حُرمة لبس الرجال للسلاسل الفضة تماشيًا مع العرف والعادة؛ ضرورة أنَّ "الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا".