لجريدة عمان:
2025-10-08@03:17:20 GMT

بناء المجتمعات الواعية

تاريخ النشر: 6th, October 2025 GMT

يمثل الملتقى الشبه إقليمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية تحت عنوان «تمكين العقول في عصر الذكاء الاصطناعي»، والذي تنظمه اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع منظمات اليونسكو والألكسو والإيسسكو وبعض النقابات الصحفية والمختصين على مدى ثلاثة أيام، لفتة فاصلة في مسار تنوير العقل المجتمعي في ظل التقنيات المتقدمة، والذكاء الاصطناعي خلال المرحلة المقبلة التي تمثل التحدي الأهم في معركة الوعي اليومي الذي يتقدم على كثير منها خلال وقتنا الراهن.

وأهمية هذا الملتقى تكمن في أنه يبحث عبر متحدثيه وأوراق العمل التي تطرح في جلساته مسارات تلامس الاحتياج اليومي في عصر الرقمنة وتحدد نقاط التحدي التي نحتاج أن يتوقف عندها الإعلام في رسالته التي تثقل بالصعوبات اليومية، وأهمية أن يكون هذا الإعلام نقيا في إيصال المعرفة للأفراد، أكان إعلامًا رسميًّا أو خاصًّا من خلال تدفق المعلومات من مصادرها.

الدراية المطلوبة تهدف إلى تقديم الحقائق الناصعة إلى المجتمع دون تضليل، مرتكزا على غرس ذلك في العقول الناشئة وتمكينها من التعاطي مع الأحداث من خلال مسارات التعليم والخطاب الديني وتأهيل الشباب في صناعة المحتوى الذي يعزز المعلومة الإعلامية الصحيحة والاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعزيز الوعي المعلوماتي الذي يخدم رسالة الإعلام وآثار تغييب وتضليل المعلومة في الرسالة الإعلامية وأهمية هذه التطبيقات في تطوير العملية التعليمية، إلى جانب المسار الأمني الذي يتكامل مع السابقة وضرورة الاندماج كشعوب واعية في الطفرة الرقمية وتنفيذ استراتيجيات تعزيز الدراية الإعلامية ومراجعتها بين الفينة والأخرى لقياس مدى تقدم الوعي العقلي لدى أفراد المجتمع وكيف يمكن تطوير هذا المشروع كاحتياج خلال الفترة القادمة، وأن يكون هناك دليل استرشادي لكل تلك الجهود توضع من خلاله قواعد العمل يحقق طريق التقدم.

اليوم أصبحت المجتمعات أمام تحديات أعمق من السابق والأمية تقاس بقلة الاندماج في الرقمنة والتعاطي مع المستجدات المتلاحقة مما يعزل الفرد منا الذي لا يندمج مع هذا التسارع وملاحقة الأحداث والتعاطي معها.

هذا الملتقى نحتاج له سنويا في ضبط تعاطينا مع التعليم والأمن والخطاب الديني وتعزيز استفادة الفرد من المعلومات الهائلة وذلك عبر الرسالة الإعلامية الصادقة التي تقوم بدور الوعي الإلزامي وليس الاختياري، وضرورة أن تكون لدينا خطة عمل وقياس مدى نجاحها من عام إلى آخر حتى نستكمل بناء هذه الرسالة عبر المنظومة الإعلامية وتوجيه العقول المجتمعة إلى الاستفادة من المعطيات اليومية.

فلم تعد المجتمعات منغلقة على نفسها بل منفتحة على مجتمعات متنوعة لنعيش معا في قرية صغيرة جدًا، نتبادل فيها الخبرات والمعلومات.

وتبقى التحديات التي تضلل المعلومة قائمة تتصدى للحقائق وتشتت هذه العقول التي نحاول من خلال الإعلام تصويبها إلى جادة الواقع.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

من يصنع صورة المجتمع؟!

يتغيَّر العالم من حولنا سريعًا، أكثر بكثير مما كان عليه الأمر قبل عقدين من الزمن. ويتغيَّر الوعي الاجتماعي الذي لم يعد نتاجا لتراكم التجارب اليومية كما كان في المجتمعات التقليدية، أو حتى قبل عقدين من الآن؛ إنه اليوم نتاج لهذا الكم الكبير من تدفق الصور والرموز والبيانات المكتوبة والمسموعة والمرئية التي تأتي عبر الفضاء الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي سواء كانت منتجة بشريا أو بتقنيات الذكاء الاصطناعي. هذا الأمر فرض على الناس العيش في فضاءين اثنين؛ مادي يتحرك فيه، وواقع رمزي يطوّقه ويعيش في أسره أينما التفت على شاشات المنصات الاجتماعية.. وغالبا ما يصدّق الثاني أكثر من الأول. هذا الأمر يخلق التباسا كبيرا تنتج عنه أزمة أكبر، وهي من يملك سرد الواقع، ومن يملك تعريفه؟ لأن من يملك ذلك يستطيع أن يملك المجتمع. 

تعمّق هذه الأزمة حالة الاغتراب التي تعيشها بعض المجتمعات، بين واقعها الحقيقي وبين ما تحاول أن تعيشه عبر إسقاط الواقع الذي تشاهده في وسائل التواصل، وهو واقع أقرب إلى الوهم، ويتصف بالهشاشة لأنه لم يبنَ وفق التجارب الحياتية اليومية ولا على تراكم طبيعي أو تفاعل حياتي. 

المشكلة أن الغالبية العظمى تسير في هذا الاتجاه، ولا يكاد يوجد موقف نقدي يقف في وجه هذا التيار، ولا تجد الدعوات التي تصدر من هنا وهناك سواء عبر الخطب السياسية أو المنابر الدينية والثقافية ما يعينها من خطاب نقدي اجتماعي يفرزه المجتمع ليعيد صناعة وعيه الاجتماعي بناء على منظومة قيمه وتفاعلاته الطبيعية ونقاشاته العقلية بعيدا عن العاطفة التي غالبا من تكون سطحية وتفتقر إلى العمق الناتج عن التجارب والمنطق. 

وفي وسط هذا المشهد غالبا ما تغيب المسافة بين الرأي والمعلومة/ الخبر، وبين الموقف والمعرفة، وهنا بالتحديد يتسع المجال لما يمكن تسميته بـ«الوعي العاطفي» الذي يسهل توجيهه وتضخيمه. 

هذا النمط من الحياة آخذ في الاتساع في العالم أجمع وإن كان في بعض المجتمعات يلقى بعض النقد والتحليل والدفع به ثقافيا نحو مساحات آمنة، فيما يغيب هذا، تقريبا، عن المجتمعات العربية رغم رصيدها القيمي والمعرفي. 

إن أكثر ما يثير القلق من هذا النمط الحياتي، الذي يصنع وفق الحياة الافتراضية، هو هشاشة هذا الواقع والوعي الذي يصنعه. فالصورة الافتراضية للمجتمع تُبنى في لحظة، ويمكن أن تهتز أو تُمحى في لحظة أخرى. ومن يتابع ما يحدث على منصات التواصل الاجتماعي بدقة يكتشف أن الكثير من القضايا التي تشغل تلك المنصات لأيام طويلة تنتهي دون أن تترك أثرا في الواقع، في الوقت نفسه تمر تحولات اقتصادية وثقافية كبرى في هذه المجتمعات دون أن تلقى انتباها مكافئا لأنها لا تصلح لأن تكون «ترند». هذا الأمر يصنع وعيا متقطع الذاكرة، وسريع الانفعال، وأيضا، هشّ الصلة بالفعل الاجتماعي الحقيقي. 

رغم ذلك فإن التعويل على قوة المجتمعات ما زال كبيرا؛ فالكثير منها، كما هو الحال مع المجتمع العماني، تحتفظ بقدر كبير من الاتزان والقدرة على استيعاب التغيير. وتدرك هذه المجتمعات أن الواقع أكثر تعقيدا وثراء من أن يختزل في نقاشات تنقصها المسؤولية والجدية وتسيطر عليها الانفعالية والعاطفية على وسائل التواصل الاجتماعي. 

والوعي الاجتماعي الحقيقي لم يكن في يوم من الأيام نتاج ضجيج المنصات كما تثبت التجارب. إنه ثمرة الحوار والعقل وتراكم المعرفة. بهذا المعنى فإن دور وسائل الإعلام في الوقت الحالي يتجاوز فكرة نقل الأحداث إلى بناء وعي نقدي قادر على تمييز الحقيقة من الانفعال، والجوهر من الاستعراض. ومن دون هذا الوعي، يبقى المجتمع عرضة لصورة يصنعها آخرون عنه، لا تعكسه بقدر ما تشوّه ملامحه وتسطّحه وربما تتلاعب به. 

مقالات مشابهة

  • محافظ الشرقية يشيد بجهود وحدة السكان في تعزيز الوعي المجتمعي
  • المعونة الوطنية: وقف المعونة عن الأسر التي تمتلك أكثر من عقار
  • علي الخصاونة يطلق حملة “بلادي بتستاهل” لنشر الوعي والسلوك الحضاري
  • تزامنا مع انتخابات النواب.. ضوابط صارمة على التغطية الإعلامية في مصر
  • خبراء دوليون يبحثون في مسقط التحديات الرقمية والممارسات الناجحة ضمن "ملتقى الدراية الإعلامية"
  • وزير الثقافة يستقبل مفتي الجمهورية لبحث تعزيز التعاون المشترك في نشر الوعي والفكر المستنير
  • أستاذ علم اجتماع: حرب أكتوبر نقطة تحول كبرى بإعادة بناء المجتمع المصري
  • لتعزيز الإصلاحات الإعلامية.. مرقص يلتقي وفودًا إعلامية
  • من يصنع صورة المجتمع؟!