تجلس الفلسطينية ليلى درويش دامعة العين، متيقظة الذهن، أمام شاشة وضعتها وزارة الصحة الفلسطينية في مجمع ناصر الطبي في خانيونس، علّها تعثر على ملامح لرفات ابنها بين صور يجري عرضها في على شاشة وضعت خصيصا للتعرف على جثامين عشرات الشهداء سلّمت دون أسماء أو بيانات.

تتابع درويش الشاشة الصغيرة، وتتفحص صور جثامين الشهداء بعناية على أمل أن تهتدي إلى صورة نجلها الذي فقدته بداية الحرب، لكن الأمل تبدد مع إنتهاء جولة العرض دون أن تجد  لنجلها أثرا بين نحو 120 جثمانا استلمتها وزارة الصحة على مدار ثلاث أيام متواصلة من قبل الاحتلال.



تقول درويش في حديث لمراسل "عربي21" إنها جاءت إلى مستشفى ناصر في خانيونس، الخميس، قادمة من غزة، حين علمت بوصول جثامين لشهداء كان الاحتلال يحتجزهم منذ بداية الحرب، مؤكدة أن أقصى ما تريده، التعرف على جثمان ابنها وإكرامه بالدفن في قبر يحتضن جثمانه المحروم من لحظة الوداع الأخيرة.


تضيف الأم المكلومة: "رحيل ابني ثائر يمثل لي حزنا أعيشه كل يوم وكل لحظة، وما يزيد ألمي، أنني لا أعرف أين جثمانه، فمنذ أن بلغني خبر استشهاده في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 (..) بحثت عنه في كل مكان، وتواصلت مع المستشفيات ومنظمة الصليب الأحمر، لكنني لم أجد له أثرا (..) وحين سمعت بوصول جثامين شهداء إلى مجمع ناصر جئت مسرعة علّي أجد رفاته وأحتضنها وأواريها الثرى، لكنني لم أتعرف عليه بين الجثث التي عرضت".

View this post on Instagram A post shared by تامر قشطة (@tamerhqeshta)
تتابع دويش واصفة ابنها: "ثائر أبيضاني وطويل وشعره أسود، من السهل التعرف عليه، لكن كل الجثث التي رأيتها تغيرت ملامحها بسبب ظروف الاحتجاز المهينة للشهداء، وظروف قتلهم (..) الأطباء هنا يقولون إن العديد منهم أُعدموا رميا بالرصاص على يد قوات الاحتلال، لقد تغيرت ملامحهم تماما".

لم يكن هذا حال ليلى دوريش وحدها، بل حال آلاف العائلات التي حرمت من استلام جثامين أبنائها الشهداء، سواء خلال حرب الإبادة الجماعية على غزة، أو على مدار عقود من الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، فقد عمدت قوات الاحتلال إلى احتجاز جثامين الشهداء، بل ودفنتهم في مقابر خاصة سمتها "مقابر الأرقام"، في إجراء عقابي لذويهم.


كيف تجري إجراءات استلام الجثث والتعرف عليها؟
وفي ظل غياب الفحوص الطبية المتطورة، مثل فحص "dna" بفعل انهيار المنظومة الصحية في غزة، تلجأ وزارة الصحة إلى أساليب بدائية، منها التعرف من خلال المقتنيات المصاحبة للجثامين، أو من خلال تعرف الأهالي على الملامح، خصوصا مع تعمد الاحتلال احتجازها دون أسماء أو بيانات تحدد هوية أصحابها.

وفي ظل صعوبات تحديد الهوية، عمدت وزارة الصحة إلى إطلاق موقع خاص تنشر فيه صورا للجثامين، مع مقتنيات مصاحبة، أو أدلة قد تساعد في التعرف على أصحابها، وجهزت الوزارة قاعة خاصة في مستشفى ناصر بخانيونس وضعت فيها شاشة تعرض عليها صورا للجثامين بحضور عائلات فقدت أبنائها، في محاولة لتحديد الهويات والتأكد من البيانات.

وقالت مصادر خاصة لـ"عربي21" إن أعدادا قليلة للغاية من الجثامين جرى التعرف عليها، وتسليمها تمهيدا لدفنها بطريقة لائقة، مؤكدة أن التعرف على الرفات تنطوي على صعوبات كبيرة، بفعل تشوههها وتعرضها لظروف احتجاز غير لائقة.


آثار تعذيب وإعدام ميداني
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي استكمال استلام (120) جثماناً من جثامين الشهداء الفلسطينيين الذين احتجزهم الاحتلال خلال حرب الإبادة الجماعية، وذلك على ثلاث دفعات متتالية: (45 جثماناً الثلاثاء، و45 جثماناً الأربعاء، و30 جثماناً الخميس)، من بينهم عشرات الجثامين مجهولة الهوية لم يتم التعرف عليها حتى الآن.

وقال المكتب في بيان له: إن الفحوصات الرسمية والوقائع الميدانية تظهر أن الاحتلال ارتكب جرائم قتل وإعدام ميداني وتعذيب ممنهج بحق عدد كبير من الشهداء الكرام الذين تمت استعادة جثامينهم، حيث تم توثيق ما يلي:

آثار شنق وحبال واضحة على أعناق عدد من الجثامين

إطلاق نار مباشر من مسافة قريبة جداً، ما يؤكد عمليات إعدام ميداني متعمد

أيدٍ وأقدام مربوطة بمرابط بلاستيكية، في مشهد يوثق عمليات تقييد قبل القتل

عيون معصوبة وملامح تشير إلى تعرض الضحايا للاعتقال قبل إعدامهم

جثامين سُحقت تحت جنازير الدبابات “الإسرائيلية”، في انتهاك فاضح لكل القوانين الدولية

آثار تعذيب جسدي شديد على العديد من الجثامين، بما في ذلك كسور وحروق وجروح غائرة


وشدد على أن هذه الجرائم تمثل انتهاكاً صارخاً لاتفاقيات جنيف الرابعة والقانون الدولي الإنساني، وتؤكد أن الاحتلال استخدم سياساته الإجرامية في القتل خارج نطاق القانون والتصفية الجسدية للمعتقلين والمدنيين الفلسطينيين

ودعا إلى تشكيل لجنة دولية مستقلة عاجلة للتحقيق في هذه الجرائم البشعة التي ارتكبها الاحتلال، ومحاسبة قادته على جرائم الحرب التي ارتكبوها ضد أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الفلسطينية جثامين الشهداء غزة التعرف فلسطين غزة جثامين الشهداء اثار تعذيب التعرف المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وزارة الصحة التعرف على

إقرأ أيضاً:

لجان المقاومة تِهنئ حماس بذكرى انطلاقتها الـ38

غزة - صفا هنأت لجان المقاومة في فلسطين وذراعها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين، حركة المقاومة الإسلامية "حماس"وذراعها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام" وأعضاء المكتب السياسي، وعموم قادة الحركة وكوادرها ومجاهديها بذكرى انطلاقتها الثامنة والثلاثين. وقالت لجان المقاومة في بيان وصل وكالة "صفا"، يوم الأحد: إن انطلاقة حماس شكّلت إضافة نوعية للحركة الوطنية الفلسطينية، وإسهامًا كبيرًا في تعزيز نهج وفكر المقاومة.  وأضافت "في هذه الذكرى المباركة نستذكر بكلّ فخر واعتزاز مسيرة قادتها الشهداء الأبطال، المؤسّس الشيخ أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، وإبراهيم المقادمة وإسماعيل أبو شنب، وإسماعيل هنية والقادة الشهداء أبو إبراهيم السنوار وصالح العاروري وأحمد الجعبري ومحمد الضيف ومروان عيسى، وقافلة الشهداء والجرحى والأسرى من كافة أبناء شعبنا الفلسطيني". وأكدت أن حركة حماس أثبتت عبر تاريخها الطويل في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي انها عصية على الإنكسار، وأنها جزء مهم وثابت وراسخ ومتجذر من الحركة الوطنية الفلسطينية. وأشارت إلى أن حماس كانت وما زالت تمثل رأس الحربة في مواجهة مخططات الاحتلال وأطماعه ومؤامراته التوسعية. وعبرت عن خالص اعتزازها بالصورة المشرقة التي جمعت كتائب القسَّام والوية الناصر صلاح الدين وكلّ أذرع المقاومة في مواجهة الاحتلال في "انتفاضة الأقصى"، ومعركة "طوفان الأقصى"، والتي رسخت مبدأ المواجهة والتصدي للعدو المجرم في قطاع غزة. وأكدت لجان المقاومة على وحدة الموقف والتنسيق المشترك بيها وبين حركة حماس وكافة فصائل المقاومة. وشددت على أن هذه الوحدة ستظل ثابتة وراسخة ومستمرّة حتّى تطهير أرضنا ومقدساتنا من دنس الاحتلال. 

مقالات مشابهة

  • لجان المقاومة تِهنئ حماس بذكرى انطلاقتها الـ38
  • 7 شهداء في عدوان إسرائيل على قطاع غزة اليوم
  • ارتفاع عدد شهداء الإبادة الإسرائيلية في غزة إلى 70 ألفا و654
  • حماس: انهيارات المنازل وسقوط الشهداء في غزة امتداد لحرب الإبادة
  • الأدلة الجنائية في غزة:انتشال جثامين الشهداء من المقابر المؤقتة وتوثيقها
  • جهود في غزة لانتشال وتوثيق جثامين الشهداء وتمكين الأهالي من التعرف على ذويهم
  • 4 شهداء و 10 إصابات خلال 24 ساعة والحصيلة 70 ألفاً و 373 شهيدا
  • ارتفاع عدد شهداء الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة إلى 70 ألفا و373 شهيدا
  • صحة غزة: 4 شهداء و10 مصابين جراء غارات الاحتلال خلال 24 ساعة
  • وزارة الصحة بغزة: 4 شهداء و10 مصابين جراء غارات الاحتلال خلال 24 ساعة