غابات الأمازون تدفع ثمن الصراع التجاري بين الصين وأميركا
تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT
باتت زراعة فول الصويا، وسط تشابك جيوسياسي يمتد عبر 3 قارات، تهدد بالتهام أكبر السافانا الاستوائية في العالم، خصوصا مع شهية الصين الهائلة لهذا المنتج الزراعي الذي تحتاج إلى ملايين الأطنان منه سنويا، خاصة لزيت الطهي وأعلاف الماشية.
وتشير صحيفة نيويورك تايمز إلى أن هذا الطلب ألحق ضررا فادحا خلال السنوات الأخيرة بالغابات والأراضي العشبية في البرازيل، أكبر مورد للصين.
وفي وقت سابق من هذا العام، فرضت الحكومة في بكين تعريفة جمركية ضخمة على فول الصويا الأميركي انتقاما من التعريفات الجمركية الكبيرة على السلع الصينية، وكانت الولايات المتحدة ثاني أكبر مورد للصين.
ولم يبع المزارعون الأميركيون ولو كيلوغراما واحدا إلى الصين من حصاد هذا الخريف، بينما تأخرت الآمال في حزمة إغاثة من البيت الأبيض بسبب إغلاق الحكومة.
كما أن الأرجنتين، التي التقى رئيسها خافيير ميلي الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا، باعت "جبلا" من فول الصويا إلى الصين هذا العام، بعد توقف صادرات المزارعين الأميركيين إلى الصين.
وحسب الصحيفة، لا توجد دولة ستكسب بقدر البرازيل، أكبر مصدر لفول الصويا في العالم. وليس من المستغرب أن يدفع لوبي المزارع القوي لتفكيك أحد أهم التدابير على مستوى الصناعة، المعروفة باسم وقف الصويا، والمصممة للحد من إزالة الغابات في المناطق الأحيائية الأكثر شهرة في البرازيل، وهي الأمازون.
وتشير الصحيفة إلى أن ذلك سيكون محرجا بالنسبة للرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي سيستضيف جولة مفاوضات المناخ الدولية في نوفمبر/تشرين الثاني، في مدينة بيليم في غابات الأمازون المطيرة. وكانت إدارته قد تعهدت بالسيطرة على إزالة الغابات.
إعلانوتقول كريستيان مازيتي، وهي ناشطة في الغابات في منظمة السلام الأخضر في البرازيل، في مقابلة مع نيويورك تايمز: "تواجه الحكومة وضعا صعبا للغاية.. هناك هجوم على واحدة من أهم الآليات الهادفة إلى (صفر إزالة الغابات)".
ويعد فول الصويا أكبر صادرات زراعية في البرازيل، وقد ارتفع إنتاجه بشكل مطرد على مدى العقود العديدة الماضية، لكنه تسارع خلال السنوات العشر الماضية. ومع تدهور العلاقات بين بكين وواشنطن، ذهبت الصين للبحث عن فول الصويا خارج الغرب الأوسط الأميركي.
وبحلول عام 2017، في بداية ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى، تجاوزت البرازيل الولايات المتحدة باعتبارها أكبر منتج لفول الصويا في العالم.
ومع تراجع العلاقات بين بكين وواشنطن إلى مستوى منخفض جديد، سيفقد المزارعون الأميركيون أكبر عميل عالمي لهم. والعام الماضي، كانت الأسعار نحو 10 دولارات للبوشل (نحو 27 كيلوغراما) بانخفاض من 13 دولارا تقريبا.
ويقول لوكاس كوستا بيبر، نائب رئيس الرابطة البرازيلية لمنتجي فول الصويا، "لقد حققنا نموا قويا في السنوات الأخيرة، بدءا من تلك الحرب التجارية الأولى بين الولايات المتحدة والصين، والآن -وعلى المدى الطويل- إذا استمر هذا الوضع، فستزداد فرص البرازيل".
وتغطي مزارع الصويا 40 مليون هكتار، أي نحو 14% من الأراضي الزراعية في البلاد، وفقا لمؤسسة "ماب بيوماس" (MapBiomas)، معظمها في منطقة سيرادو، وهي منطقة شاسعة من السافانا الاستوائية وممرات الغابات التي تعد أقل شهرة عالمية من الأمازون، ولكنها لا تزال نظاما بيئيا حاسما للبرازيل.
وفي سيرادو، تقع منابع أكبر أحواض الأنهار في البلاد. ورغم انخفاض إزالة الغابات في العام الماضي نسبيا، فإن ما يقرب من نصف النباتات المحلية في سيرادو اختفت، مما أفسح المجال لرعي الماشية ومزارع الصويا.
وقالت لوسيانا غاتي، الباحثة في مجال تغير المناخ في المعهد الوطني لأبحاث الفضاء في البرازيل، إن "سيرادو تختفي.. سيكون الضغط لإنتاج فول الصويا للتصدير إلى الصين أكبر".
وعام 2023 وحده، تم حصاد الصويا من أكثر من 460 ألف هكتار من الأراضي (460 كيلومتر مربع) التي أزيلت الغابات مؤخرا في سيرادو، وفقا لمؤسسة "فورست تريس"، وهي مجموعة غير ربحية تتعقب إزالة الغابات في سلاسل التوريد الزراعية.
وبموجب ميثاق الصناعة هذا، الذي ينطبق فقط على منطقة الأمازون، وافق تجار السلع الأساسية الرئيسيون في العالم بشكل مشترك على عدم شراء أو تمويل فول الصويا الذي يتم إنتاجه على الأراضي التي أزيلت منها الغابات بعد عام 2008.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات تغي ر المناخ غابات الأمازون إزالة الغابات فی البرازیل فول الصویا الغابات فی فی العالم إلى الصین
إقرأ أيضاً:
التوسع في زراعة الكاكاو يدمر الغابات الاستوائية في ليبيريا
كشف تحقيق جديد أن إنتاج الكاكاو يؤدي إلى إزالة الغابات بشكل غير قانوني في ليبيريا، إذ يُزيل المزارعون الغابات الاستوائية لزراعة أشجار جديدة، مما يُسبب أضرارا بيئية جسيمة.
ويوضح التحقيق، الذي أجرته جمعية مبادرات التنمية المجتمعية والحفاظ على الغابات، وهي منظمة غير ربحية في ساحل العاج، النطاق الواسع لإزالة الغابات في ليبيريا. ويحث الاتحاد الأوروبي باعتباره أكبر مستورد للكاكاو في العالم، على اتخاذ الإجراءات اللازمة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4من مزارع أفريقيا إلى مصانع أوروبا.. رحلة الكاكاو المهرّبlist 2 of 4لماذا يهدد ارتفاع أسعار الكاكاو اقتصاد كوت ديفوار؟list 3 of 4تقلبات المناخ تضرب إنتاج الكاكاو غرب أفريقياlist 4 of 4الجفاف يضرب صناعة الكاكاو في كوت ديفوارend of listويعد كوت ديفوار (ساحل العاج) أكبر مُصدّر لحبوب الكاكاو في العالم، لكنّ عقودا من الاعتماد على هذه الصناعة أضرّت بالبيئة. فقد أضعفت إزالة الغابات على نطاق واسع والأسمدة الكيميائية التربة، مما دفع المنتجين إلى البحث عن مناطق أخرى، مثل ليبيريا التي لا تصنف ضمن أكبر 10 دول منتجة للكاكاو.
وتعد إزالة الغابات محظورة بموجب القانون الليبيري، لكن ذلك لم يمنع المنتجين من محاولة إنشاء مزارع كاكاو جديدة هناك. ويُظهر التقرير أيضًا أنه منذ عام 2020، بلغت مساحة الغابات الطبيعية في ليبيريا 8.78 ملايين هكتار، أي ما يعادل 92% من مساحة أراضيها.
وفي عام 2024، فقدت ليبيريا 162 ألف هكتار من الغابات الطبيعية، وهو ما يعادل نحو 104 ملايين طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ويقول باكاري تراوري، المدير التنفيذي للمنظمة في بيان صحفي: "إن حجم إزالة الغابات هائل. في المناطق التي زرناها، تنازلت جميع العائلات عن قطع أراضي غابات تتراوح مساحتها بين 50 و300 هكتار، مقارنةً بـ 8 أو 10 هكتارات في تقريرنا السابق العام الماضي".
ولم يقتصر التقرير على بيان الضرر البيئي فحسب، بل سلّط المحققون الضوء على تنامي ظاهرة الاتجار بالبشر والاستغلال وعمالة الأطفال، حيث يُستعان بالعديد من الشباب للعمل في إنتاج الكاكاو وتسوية الأراضي.
إعلانوفي عام 2023، أصدر الاتحاد الأوروبي لائحة جديدة لمكافحة إزالة الغابات للحد منها. وتحظر اللائحة التسويق الأوروبي للمنتجات التي تُسهم في إزالة الغابات، وهي: البن، والكاكاو، والمطاط، وزيت النخيل، وفول الصويا، ولحوم الأبقار، والأخشاب.
وإذا طُبِّق هذا القانون بفعالية، فمن شأنه أن يُسهم في الحد من إزالة الغابات المرتبطة بالكاكاو في المنطقة، إذ لن يُصدَّر الكاكاو المُنتَج بإزالة الغابات. ومع ذلك، أُجِّلت هذه العملية من جديد حتى ديسمبر/كانون الأول 2026، وهو ما وصفه مُعِدّو التقرير بأنه "مُقلق للغاية".
ويقول تراوري إنه "على الرغم من أن أوروبا يمكن أن تلعب دورا رئيسياً في إنقاذ هذه الغابات ومساعدة هذه المجتمعات بفضل لوائحها المتعلقة بإزالة الغابات، إلا أنها تفشل في القيام بذلك بسبب مماطلتها المستمرة.
ويرى تراوري أنه في حين أن أوروبا تتردد وتستمر في تأجيل تنفيذ قانونها، فلن تبقى أي غابات في ليبيريا وسيكون الأوان قد فات".
وكانت التغيرات المناخية في غرب أفريقيا قد تركت أثرها على حصاد الكاكاو في موسم 2025-2026 الذي تراجع بنسبة 10%، وذلك بعد موسمين متتاليين مسجلا أرقاما دون المستوى المطلوب.
وتعد كوت ديفوار وغانا ونيجيريا والكاميرون من أكبر 4 دول منتجة للكاكاو في العالم، إذ تسهم مجتمعة بأكثر من ثلثي الإنتاج العالمي، لكنها تواجه تحديات معقدة تشمل أساسا التقلبات المناخية التي أدت إلى تدني المنتوج.
ورغم تأثيرات المناخ، تشهد سوق الكاكاو العالمية نموا متسارعا، إذ يُتوقع أن ترتفع قيمته من 16.6 مليار دولار عام 2025 إلى نحو 26.2 مليار دولار بحلول عام 2035، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 4.7%، وفقا لمنصة "فيوتشر ماركت إنسايت".