بين الأسطورة والشائعات .. سر غياب الرياضيات عن جوائز نوبل كل عام؟
تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT
مع وصول شهر أكتوبر من كل عام، ينتظر العالم بفارغ الصبر الإعلان عن الفائزين بجوائز نوبل في مجموعة من المجالات منها الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والسلام، إلى جانب جائزة الاقتصاد التي أدرجت لاحقاً.
مع ذلك، تبقى الرياضيات، هذا المجال العلمي المحوري، خارج دائرة هذا التكريم العالمي منذ تأسيس الجائزة قبل أكثر من مئة عام.
تتداول العديد من التكهنات والروايات حول عدم وجود جائزة نوبل للرياضيات، ومن بينها الأسطورة التي تقول إن ألفريد نوبل استبعد الرياضيات بسبب علاقة عاطفية فاشلة.
لكن الباحثين ينفون هذه الشائعات ويؤكدون أن الأسباب الحقيقية تتعلق بشخصية نوبل وتوجهه العلمي.
جدير بالذكر أن ألفريد نوبل (1833 – 1896) كان عالماً ومخترعاً سويدياً اشتهر بابتكاره مادة الديناميت. كرس حياته للبحث العلمي التطبيقي الذي يخدم البشرية في المجالات الصناعية والهندسية.
في وصيته التي أسست الجوائز، عبر نوبل عن رغبته في تكريم من "يقدمون أعظم منفعة للإنسانية"، محدداً المجالات التي تشمل الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والسلام، دون ذكر الرياضيات.
الرياضيات: علم نظري أم عملي؟يعتبر المؤرخون أن نوبل كان ينظر إلى الرياضيات كعلم نظري لا يحقق فوائد مباشرة لحياة الناس. كان اهتمامه يتركز على الاكتشافات التي تؤدي إلى تطبيقات ملموسة، مثل الاختراعات الهندسية والتقنيات التي تسهم في تغيير العالم المادي.
ومع ذلك، فإن غياب الرياضيات عن الجوائز لا يعني أنها بعيدة عن روح نوبل أو تأثيرها العلمي، بل إن معظم الاكتشافات الفائزة تعتمد على أسس رياضية متينة، من معادلات الفيزياء إلى النماذج الرياضية في الاقتصاد والطب.
رغم غياب جائزة نوبل، لم يتم إهمال علماء الرياضيات تماماً في المجتمع العلمي السويدي. فقد كان لديهم مكانة رفيعة بفضل نفوذ عالم الرياضيات ميتاغ-ليفلر ودعم الملك أوسكار الثاني، الذي كان يمنح جوائز تقديرية للباحثين في هذا المجال.
الجوائز البديلة للرياضياتمع مرور الوقت، ظهرت جوائز بديلة للرياضيات نالت مكانة عالمية، أبرزها ميدالية فيلدز التي تُمنح كل أربع سنوات وجائزة أبيل التي أطلقتها النرويج عام 2001، لتكريم الإنجازات البارزة في هذا العلم.
بينما يبقى اسم نوبل مرتبطًا بالعلوم التي غيرت وجه العالم المادي، يتمتع علماء الرياضيات بفخر خاص؛ إذ إن كل تلك الاكتشافات المذهلة تقف على أساس صلب من الأرقام والمعادلات. صحيح أن هذا الأساس لم يُكرم بالميدالية الذهبية، لكنه منح البشرية ما هو أعظم وأكثر أهمية: الفهم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جائزة نوبل جوائز نوبل جوائز الرياضيات جائزة نوبل جوائز نوبل
إقرأ أيضاً:
يوم خسر الأسطورة كرويف المجد الأوروبي لطقوس نسيها
تلعب الطقوس والخرافات دورا هاما في عالم الرياضات الاحترافية، إذ غالبًا ما تعزز ثقة الرياضيين بأنفسهم وتركيزهم وشعورهم بالسيطرة. ومع ذلك، يبقى الخط الفاصل بين الطقوس المفيدة والتبعية خطًا رفيعًا.
بعض الأسماء الكبيرة في كرة القدم تؤمن بالخرافات قبل خوض المباريات، مثل الجناح الطائر يوهان كرويف أسطورة أياكس الهولندي السابق الذي كانت لديه طقوس قبل انطلاق كل مباراة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2يويفا يخطط لتغيير جذري في مجال حقوق بث المبارياتlist 2 of 2داني أولمو.. لاعب زجاجي جديد في برشلونةend of listكرويف، الذي كان يُنظر إليه باعتباره العقل المفكّر لأياكس، لم يكن فقط عبقريًا في الملعب، بل كان أيضًا رجل طقوس غريبة. قبل كل مباراة، اعتاد على فعل أمرين لا يتغيران: ضربة خفيفة على بطن الحارس "جيرت بالس" وإلقاء علكته في نصف ملعب الخصم.
بعض زملائه كانوا يسخرون من هذه العادات، لكنهم لاحظوا أنه لا يتخلى عنها أبدًا، حتى في مباريات الدوري العادية. كان كرويف يقول بصوت خافت: "الكرة لعبة عقلية.. وأنا بحاجة إلى التوازن النفسي قبل أن أبدأ".
نهائي مدريد: ليلة بلا طقوسفي مايو/أيار 1969على ملعب "سانتياغو برنابيو" في مدريد، نزل لاعبو فريق أياكس إلى أرض الملعب بثقة الكبار، لمواجهة ميلان الإيطالي لكنهم خرجوا منه محطّمين، بعد خسارة ثقيلة ومؤلمة في نهائي كأس أوروبا للأندية 4-1.
قبل انطلاق المواجهة أمام الروسونيري، وقف كرويف على خط المنتصف، يحدّق في مدرجات البرنابيو التي تعجّ بالجماهير. الوقت كان ضيقًا، والمباراة توشك على البدء. وبسبب التوتر والتنظيم الأمني الغريب، دخل اللاعبون إلى أرض الملعب بسرعة.
نسي كرويف ممارسة طقسه، فلم يرمِ العلكة في نصف ملعب الفريق الإيطالي، ولم يقم أيضا بضرب الحارس جيرت بالس على بطنه. الأخير لاحظ ذلك لاحقًا، لم يتجرأ على قول شيء.
خلال المباراة بدأ الفريق الإيطالي بقيادة مجموعة من اللاعبين الدوليين مثل جيوفاني تراباتوني وجياني ريفيرا وكورت هامرين، يفرض سيطرته ونجح بييرينو براتي في تسجيل ثلاثية قاتلة، وأضاف زميله أنجليو سورماني هدفًا رابعًا، بينما جاء الهدف الوحيد لأياكس متأخرًا، وكان شرفيًا لا أكثر.
إعلان بعد الهزيمة تبدأ الأسطورةبعد خسارة المباراة قال كرويف: "كنا متوترين. خائفين ربما. لم نكن مستعدين لهذا المستوى من اللعب".
لكن الصحافة الهولندية كانت تبحث عن تفسير مختلف. وفي عمود صغير بصحيفة "دي تلغراف" كتب صحفي رياضي مخضرم: "إن كرويف لم يؤدِّ طقوسه. هل خسرنا بسبب العلكة؟".
ومنذ تلك اللحظة، تحولت القصة إلى أسطورة، تروى في أروقة أياكس، وفي المقاهي، وحتى في كتب الأطفال.
كرويف، الذي كان رافضا للخرافات، اعترف لاحقًا، في مقابلة نادرة عام 1997: "أنا لا أؤمن بالحظ. لكنك حين تتعوّد على شيء، ويمنحك شعورًا بالثقة.. فإنك حين تتركه، تشعر أن شيئًا ناقصًا. ربما كانت مجرد علكة. وربما كانت أكثر من ذلك".
بعد سنوات عبّر كرويف من جديد عن رأيه بشأن الخرافات "إن الأهم هو ألا يؤمن اللاعبون بها.. يجب التأكد من عدم تأثيرها. إذا كنت تعتقد أنه يتصرف بغرابة".
يُظهر إنكار كرويف الحرج الذي يُحيط بالخرافات، أما الطقوس الباقية فقد اختفت في الغالب.
في مسيرته، فاز كرويف بثلاثة ألقاب متتالية في دوري أبطال أوروبا بعد تلك الليلة، لكن نهائي 1969 بقي في ذاكرته. وربما، في مكان ما في عقله، بقيت العلكة حبيسة بين الندم والتأمل.
بصق العلكة لم تكن حركة عشوائية أو قلة أدب تجاه المنافس، بل كانت حركة مدروسة من كرويف تحمل رسائل عميقة:
السيطرة على الأعصاب والثقة المطلقة: في أكثر لحظات المباراة توتراً، أراد كرويف كلاعب أو مدرب إرسال رسالة للجميع (خصومه، جمهوره، لاعبيه) أنه هادئ تمامًا، وواثق من الفوز. لقد كان يتصرف كما لو أن النتيجة كانت أمرًا مفروغًا منه وأن المباراة تحت سيطرته. هذه الثقة كانت معدية لزملائه وللاعبيه ومحبطة للخصم. التركيز على اللعبة وليس على التوتر: رمي العلكة كان رمزياً لـ"التخلص من أي شيء تافه" والتركيز الكلي على ما يحدث على أرض الملعب. لقد أنهى فعل المضغ (الذي يمكن أن يكون دليلاً على التوتر) وانتقل إلى مرحلة التوجيه الفعلي. البرودة الهولندية النموذجية: جسد كرويف صورة الشخص غير المبالي الذي لا تنفلت أعصابه أبدًا. كان هذا جزءًا من شخصيته العامة وأسلوبه في التعامل مع الضغوط. رسالة إلى لاعبيه: بشكل غير مباشر، كان يقول لفريقه الشاب: "اهدؤوا، أنا لست قلقًا، فلا داعي لأن تكونوا أنتم قلقين. نحن مسيطرون على الوضع".أصبحت صورة كرويف وهو يلفظ علكته واقفًا على خط التماس على الأرجح أكثر الصور شهرة، وتحولت إلى أيقونة ترمز إلى العبقرية، الغرور، والثقة التي لا تهتز.
توفي اللاعب الأسطوري في مارس/آذار 2016 بسبب سرطان مزمن. لكنه لا يزال يُنظر إليه كواحد من الشخصيات ذات التأثير الكبير سواء لاعبا أم مدربا.
لقد أحدثت فترة وجوده في برشلونة، لاعبًا ومدربًا، تحولًا جذريًا في النادي والمدينة، وعلى الرغم من أن كرويف لعب بقميص رقم 9 في برشلونة، إلا أنه معروف عالميًا باستخدامه الشهير للرقم 14.
إعلانكمدرب، نجح في بناء فريق برشلونة الذهبي، ليقود الفريق إلى 4 ألقاب متتالية في الليغا وكأس أوروبا 1992، مبتكرا فلسفة تعتمد على الاستحواذ والضغط والهجوم المتنوع.
لعب كرويف دوراً رئيسياً في ابتكار وتطوير كرة القدم الشاملة وهو أسلوب لطالما عُرف به منتخب هولندا وفريق برشلونة الإسباني.
كلاعب، توج كرويف مع أياكس بـ3 ألقاب أوروبية و8 بطولات للدوري، وفاز بالدوري الإسباني مع برشلونة.