جواهر السنانية.. موقف لا يرضى المساس بالقوالب الأصيلة وهويتها
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
جواهر السنانية مثال حي لفنانة تحمل التراث والفنون الشعبية في صوتها وكلماتها وبيتها. هي ابنة مدينة صور أرض البحّارة والشعراء، وكمن يصون جوهرة، تواصل جواهر السنانية اليوم دورها في الحفاظ على الفنون الشعبية العُمانية، وليوم مثل هذا كان لقاء جواهر السنانية أمرًا ضروريًا، فالـ"جوهرة" -الاسم الذي أطلقه عليها أهل صور لتعدد مواهبها- شاعرة وملحنة وفنانة، وتحمل على عاتقها مهمة الحفاظ على القوالب الأصلية للفنون الشعبية وتطويرها دون المساس بهويتها.
تنتمي جواهر المولودة في صور إلى عائلة فنية، فأجدادها شعراء وفنانون شعبيون، أما والدها يعقوب السناني فهو شاعر معروف في الفنون الشعبية، وإلى جانب والدتها التي تكتب الشعر أيضًا، توارث أبناء العائلة الفن والشعر والموسيقى.
قبل 27 عامًا، كتبت جواهر نصًا لحنته وغنته شقيقاتها الصغيرات ففزن على مستوى المحافظة، فيما فازت هي بجائزة أفضل لحن في مسابقة للمنتدى الأدبي. لم تنسَ جواهر ميولها التي اتجهت إلى الرسم والخط، لكن حبها للفنون الشعبية المختلفة كان له رأي آخر، فكتبت في فن البرعة، وفنون الشرقية، وفن الميدان، والبن عبادي، والمغيّا وغيرها.
وشاركت في مشاريع مهمة، منها اختيارها ضمن كتاب "شاعرات عُمان: ترانيم عُمانية"، الذي أعدته الدكتورة سعيدة خاطر، بالإضافة إلى مشاركات تلفزيونية وبرامج إذاعية. ولجواهر تعاونات لافتة، فقد غنّى كلماتها وألحانها فنانون من داخل عُمان وخارجها، من بينهم الفنان اليمني توفيق نهيان، والفنان بسام يوسف، والفنانة ليلى نصيب، كما تبنّت الإعلامية شريفة فكرة إصدار ألبوم صوتي يضم الأعمال الشعبية التي قدّمتها، وتبناه التلفزيون أيضًا.
المنزل الأستوديو
كان مدهشًا أن منزل العائلة التي خرجت منه جواهر وأشقاؤها أشبه باستوديو فني متكامل، شيّدوه بأنفسهم، تقول عنه: "لدينا في البيت أستوديو نسجّل فيه الأغاني الخاصة بالأعراس والمناسبات، أكتب النصوص، وأمي أو أختي غصون تغني، وأنا أتدخل في الفنون الثقيلة. إخوتي يعزفون الأورج، وغصون مغنية ضمن الكورال الأساسي للفنانة أحلام. أخي علي معلم تربية رياضية، لكنه أيضًا ملحن وموزع موسيقي، وأخي أحمد يدرس الموسيقى في جامعة السلطان قابوس".
وتعود جواهر بذاكرتها إلى الطفولة فتقول: "كنت أحب الرد على قصائد والدي منذ صغري. كنتُ أرتجل الردود وأركّب الكلمات، وكان الشعراء الكبار يعرفون أنني أكتب، رغم أن والدي لم يكن يدرك ذلك في البداية، لأنه كان يرفض أن أكتب في الحب، بينما كان هذا المجال الذي أبدعتُ فيه سرًا. أول مرة عرف فيها والدي بموهبتي كانت في خطوبة إحدى أخواتي، حين غنيتُ وسجّلنا في الأستوديو المنزلي أغنية خاصة. تفاجأ حين علم بوجود الأستوديو وصرخ: "متى أنشأتم هذا؟!"، لكنه بعد فترة بدأ يدعمني، خاصة بعد أن رأى إصرارنا".
وتحكي عن ردّ فعله: "في البداية غضب وضحك في الوقت نفسه، لم يتوقع أن لدينا استوديو متكاملًا بسماعات وإنتاج. كنا نخفي الأمر عنه، لكن عندما سمع الأغاني، وجد أننا نتقن الإيقاعات الشعبية الثقيلة التي يحبها، مثل الميدان وبن عبادي وفن التشحشح. كان يعلّق دائمًا على ضرورة تثبيت الإيقاع الحي، ولذلك استخدمنا الإيقاعات الحية في التسجيلات، لا الإيقاعات الموسيقية الجاهزة".
وعن تأثير العائلة تقول: "لولا أنني نشأت في عائلة فنية، لما وصلت إلى ما أنا عليه. كنا نصنع لحظاتنا الفنية في البيت مع أمي وأبي، نغني ونوزع ونؤلف معًا. بدافع دعمهم وتشجيعهم نزلتُ إلى الساحة الفنية".
تستعرض جواهر بعض أعمالها، مثل قصيدتها التي غُنيت في يوم المرأة العُمانية، وعملها في برنامج إذاعي بعنوان «خراري في سوريا» قدّمته باللهجة العُمانية القديمة، وغنّاه أخوها من كلماتها وألحانها، وكان يُبث على الواتساب ويتفاعل معه أكثر من 200 مشارك. كما عرضت توزيعًا موسيقيًا لأحد أعمالها، تم تسجيله وتوزيعه بالكامل في استوديو العائلة.
وتقول عن تجربتها الفنية العائلية، وفي إشارة لصوت أمها الجميل: "التواصل بيننا بالفن طبيعي جدًا. إذا كتبتُ قصيدة، يستطيع أحد إخوتي أن يرد عليها بلحن أو أداء. كنا نستخدم الإنستجرام للتفاعل مع الجمهور، ونظّمنا مسابقات من مالنا الخاص لتشجيع الشباب على المشاركة".
بين الأصل وتطويره
جواهر السنانية شخص دقيق جدًا، لا يكاد يفوتها خطأ ما أو هنة ما في أداء أو عرض، وترفض خلط الفنون أو تغييرها بلا ضوابط، فكيف بفنون بدأت تفقد هويتها أو تدخلها إيقاعات دخيلة؟! تقول السنانية المتمسكة بشدة بالقوالب الأصلية للفنون الشعبية: "كنت أركز دائمًا في الأعمال التي أنشرها على الحفاظ على الإيقاع الأساسي، مثل الكاسر والرحماني، لأن بعض الفنون بدأت تفقد هويتها مع دخول إيقاعات دخيلة. أي فرقة تقدم الفن بقالب أصيل، تجدني معهم. أما الفنون الممسوخة فلا أميل للمشاركة فيها".
وأضافت: "بعض الفرق تستخدم كلمات لا تمت إلى الفن الأصلي بصلة، أو تدخل إيقاعات دخيلة فتفقد الفنون روحها. يجب أن نطوّر الفنون دون أن نبدّل هويتها، فالقالب الأصلي هو روح الفن"، ووضّحت بقولها: "لا يمكننا أن نقدّم فن الميدان مثلًا بإيقاعات دخيلة وكلمات لا تنتمي إليه. يجب أن نحتفظ بالقالب الأصلي. للأسف بعض الفرق بدأت تقدم أعمالًا فيها عشوائية وتغيير غير مبرر للكلمات والإيقاعات، ما يفقد الفنون العُمانية أصالتها. الفن ليس لباسًا فقط، بل هو رسالة وهوية. لذلك أحرص دائمًا على تقديمه بصورته الصافية، الأصيلة".
وتابعت قائلة: "نحن لا نحتاج إلى فنون مستوردة، لدينا تراث غني مثل فن المغيّا، والبن عبادي، والداندان. أحاول أن أرسّخ فكرة أن الفنون الشعبية الأساسية يجب أن يكون لها معاهد خاصة وتدخل في المناهج التعليمية. أشارك في الملتقيات، وأحافظ على الأداء والإيقاعات التقليدية، وفي الوقت نفسه أطورها من الداخل دون أن تفقد هويتها".
وواصلت بقولها: "أول شيء يجب أن نفعله هو إدخال الإيقاعات الأساسية إلى أي تطوير، مثل الرحماني والكاسر والبرعة. يجب أن نحافظ على روح الفن الأصلية، حتى مع التطوير. لا مانع من تطوير الأداء أو الشكل، لكن الهوية لا بد أن تبقى ثابتة. شاركتُ في ملتقى الصحرية، وكنتُ واضحة في موقفي: لا أحب أن تُقدّم الفنون الشعبية بأشكال تجارية سطحية. أحب اللون الكبير الثقيل، الأصيل".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الفنون الشعبیة الع مانیة یجب أن
إقرأ أيضاً:
“الجبهة الشعبية”: دماء القادة اليمنيين التي امتزجت بدماء شهداء غزة، لم ولن تذهب هدراً
الثورة نت /..
تقدّمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين،”إلى الشعب اليمني، وإلى حركة أنصار الله، وإلى القيادة اليمنية، وإلى القوات المسلحة اليمنية الباسلة، وإلى أسرة الشهيد القائد بخالص العزاء وصادق المواساة في استشهاد القائد العسكري البارز اللواء الركن محمد عبد الكريم الغماري، رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة اليمنية”.
وقالت، في بيان، تلقته، اليوم الخميس، : ارتقى اللواء الغماري في ميدان العزّة والبطولة، ومعه كوكبة من رفاقه الأبطال، وفي مقدمتهم نجله البطل حسين (13 عاماً)، إثر جريمة اغتيال صهيونية جبانة، بعد حياة حافلة قضاها في ميدان الواجب المقدّس وهو يؤدي دوره في حماية وطنه وإسناد غزة، مضيفاً إلى سجل الشهداء صفحة جديدة من المجد والإباء.
وأضافت: قدّم الشهيد القائد الغماري روحه الطاهرة فداءً للقضية المركزية للأمّة، قضية فلسطين، مجسّداً بدمه أن الانتماء للمقاومة والانتصار لعذابات الشعب الفلسطيني نهج ثابت وعقيدة ومسار حياة للشعب اليمني الشقيق وقواته المسلحة.
وأردفت أن “الشهيد الغماري أثبت بالفعل والعمل والتضحيات أن دعم غزة واجبٌ قومي وإنساني، وأن الموقف من فلسطين وإسناد غزة هو معيار العروبة والأصالة والكرامة”.
وأكدَّت الجبهة الشعبية “أن دماء القادة اليمنيين، التي امتزجت بدماء شهداء غزة، لم ولن تذهب هدراً، وإن استشهاد القادة الأوفياء، رغم فداحة الخسارة، لن يوقف مسيرة المقاومة بل سيزيدها صلابةً وإصراراً”.
وإذ عبّرت الجبهة “عن تضامنها العميق مع الشعب اليمني المقاوم، الذي يقدّم تضحياته الجليلة دفاعاً عن كرامة الأمة والقيم التي توحّد أحرار العالم”؛ قالت” إننا على يقين أن درب الشهداء سيظل مضيئاً، وأن جذوة المقاومة ستبقى مشتعلة ما دام في الأمة قلب ينبض بالحرية والكرامة”.
وأضافت: كل قطرة دم تُراق على طريق القدس وفلسطين تُنبت جيلاً جديداً من المقاومين والقادة، أكثر إصراراً وثباتاً، يحملون راية الكفاح من صنعاء إلى غزة، ومن بيروت إلى القدس”.
وبيّنت “أن النهج النضالي الذي سار عليه الشهداء الأبطال مسارٌ تتوارثه الأجيال وتحمله الشعوب الحرة جيلاً بعد جيل، وسيظل مستمراً حتى يتحقق الهدف الأسمى وهو تحرير كامل التراب الفلسطيني، واستعادة الحقوق الوطنية، ودحر كل أشكال الهيمنة والاحتلال”.