لجريدة عمان:
2025-10-18@19:07:45 GMT

ما العامل الحقيقي الذي حقق به ترامب صفقة غزة؟

تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT

ترجمة: أحمد شافعي

كثرت الإشادات بدبلوماسية الرئيس ترامب في وساطته لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتركز أغلبها على كيفية إقناعه بنيامين نتنياهو بقبول الاتفاق. فافترض كثيرون أن الرئيس ترامب هدد بسحب الولايات المتحدة لدعمها من إسرائيل أو أنه ضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بطريقة أخرى من أجل التسليم.

لكن نجاح الرئيس ترامب له تفسير آخر أكثر إقناعا. فبعيدا عن محض تهديد نتنياهو بعواقب الأمور، جاء تدخل الرئيس الأمريكي أساسا بإعطاء شريان حياة سياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي ذي الشعبية الضئيلة بشدة. فكان سر نجاح الرئيس ترامب مع نتنياهو يكمن في عرضه جزرات في السياسة الداخلية، لا عصيًا في السياسة الخارجية.

ثمة عوامل خارجية مهمة بطبيعة الحال هي التي وضعت الأساس للاتفاق. فقد انتهت إسرائيل وحماس كلتاهما أخيرا إلى أن استمرار الحرب طرح خاسر. فبالنسبة لحماس، كانت عمليات إسرائيل على مدار العام الماضي مهلكة؛ إذ تعثرت قدرة الحركة على المناورة وإعادة تزويد نفسها بالإمدادات، وانقطعت مصادر تمويلها، فضلا عن القضاء على كبار قادتها، وخارج غزة، ضعف أنصار حماس في محور المقاومة أيضا بسبب غارات إسرائيل على لبنان وسوريا واليمن وإيران نفسها، ووجدت حماس نفسها معزولة في المنطقة ورأت شعبيتها ماضية في التراجع داخل غزة.

وبالنسبة لإسرائيل، بلغت الحرب نقطة القشة التي تقصم ظهر البعير. فلم تعد مكاسبها من العمليات العسكرية تغلب انهيار مكانة إسرائيل الدولية، وتآكل الدعم الأمريكي من الحزبين بسبب وفيات المدنيين في غزة أو الضغط على الجيش الإسرائيلي المنهك بسبب الحرب. وجاءت مرحلة الحرب الجديدة التي أعلنها نتنياهو في الصيف ـ وسعت منها إسرائيل إلى السيطرة على أغلب قطاع غزة وإخلاء شمال غزة مرة أخرى من حماس ـ فألزمت القوات الإسرائيلية باستنزاف لا يمكن احتماله للذخيرة والقوة البشرية.

وكانت الضربة التي نفذتها إسرائيل في وضح النهار لقادة حماس السياسيين في الدوحة لتمثل فرجة هي الأخرى. فقد كان غضب العالم الإسلامي المتصاعد منذ عامين بسبب آلام غزة يفرض بالفعل ضغطا على القادة في أرجاء الشرق الأوسط. وكان الكثير يناصرون سرا تفكيك حماس لكنهم ما كانوا ليخاطروا بردة فعل محلية إذا ما ظهر أنهم يدعمون حملة إسرائيل العسكرية. ثم جاءت ضربة إسرائيل للدوحة فجلبت الحرب عليهم، مهددة بإلغاء العقود غير المكتوبة بين الحكم والمحكومين. وأصغى ترامب لقادة دول الخليج المستائين، فاستغلوا ذلك.

يمضي بنا هذا إلى دور الرئيس ترامب الذي لم ينصب إسهامه المهم على الضغط على نتنياهو بقدر ما غاص عميقا في مستنقعه السياسي. لم يتردد الرئيس بايدن قط في دعمه لحملة إسرائيل الرامية إلى تفكيك حماس بعد أهوال السابع من أكتوبر. لكن فريق الرئيس بايدن مارس أيضا ضغوطا ـ من قبيل منع ذخائر معينة والشجب العلني لبعض جرائم الحرب الإسرائيلية ـ ليدفع إسرائيل إلى حماية المدنيين وزيادة المساعدات الإنسانية. وعندما رجع الرئيس ترامب إلى السلطة، أنهى أي حالة من الوضوح مع نتنياهو بشأن غزة. فلم يعترض الرئيس ترامب حينما أوقفت إسرائيل جميع المساعدات الإنسانية لغزة في مارس. ولم يهدد بسحب الدعم الأمريكي، برغم مؤشرات تنذر بمجاعة في قطاع غزة وتكاثر التقارير عن وفيات المدنيين.

افترض كثير من المحللين أن نتنياهو ـ المعرض للضغط من ائتلافه اليميني المتطرف ـ لن يقبل أي إنهاء للحرب دونما استسلام تام من حماس. فأي تسوية تستطيع بها حماس إعادة تأكيد وجودها قد تؤدي إلى انتخابات مبكرة في إسرائيل، وتكلف نتنياهو رئاسة الوزراء وتنزع عنه أسلحته في مواجهة محاكماته في قضايا الفساد.

ونقض الرئيس ترامب هذا السيناريو. فقد أغدق الرئيس الأمريكي الثناء على نظيره، موفرًا له الحماية السياسية الناجمة عن شعبية الرئيس ترامب الطاغية في إسرائيل. وفي المقابل، وافق نتنياهو على مقترح الرئيس ترامب بإطلاق سراح الرهائن والسماح لحماس بالنجاة في الوقت الراهن.

وفي يونيو، ظهرت بادرة مبكرة لهذا التدخل السافر في السياسة الداخلية الإسرائيلية، حينما نشر ترامب على موقع «تروث سوشيال» منشورًا عن اتهامات الفساد التي يواجهها نتنياهو واصفًا إياها بأنها «مطاردة ساحرات سياسية» وداعيًا إلى إلغاء هذه المحاكمات. وبعد أسابيع، في خطوة غير معهودة إلى حد كبير، حضر السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هوكابي إحدى جلسات محاكمة نتنياهو.

وبعد الفتح الذي تم الأسبوع الماضي، جلس مبعوث ترامب الخاص ستيف ويتكوف وصهره جاريد كوشنر عن يمين نتنياهو وشماله في اجتماع بمجلس الوزراء الإسرائيلي، منخرطين انخراطًا مباشرًا في جدال داخلي حول الموافقة على اتفاقية وقف إطلاق النار. ومضى ويتكوف وكوشنر إلى الثناء على نتنياهو في مسيرة بميدان الرهائن بتل أبيب، برغم صيحات الاستهجان من الجموع المشاركة. وأخيرا، وفي الواقعة الأشد غرابة، توقف الرئيس ترامب خلال خطبة الانتصار التي ألقاها أمام الكينيست الإسرائيلي وحث الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتزوج على العفو عن رئيس الوزراء في اتهامات الفساد الجاري محاكمته بسببها.

هذا هو العامل الحقيقي الذي استعمله ترامب في اتفاق غزة: الضغط بالإبهام الرئاسي على ميزان العملية الانتخابية والقانونية في إسرائيل.

وثمن المنجز الذي تحقق اليوم سوف يكون السبب في الاضطراب غدا. فمن أجل الحفاظ على دعم القادة العرب والمسلمين لاتفاق وقف إطلاق النار، سوف تحتاج إسرائيل إلى ضبط النفس حينما تواجه مقاومة حماس الحتمية لنزع السلاح. لقد تحدت حماس وقف إطلاق النار في غضون ثمان وأربعين ساعة فقط من إبرامه بإطلاق النار على مقربة من خط الانسحاب الإسرائيلي بما جعل الجيش الأمريكي يصدر تحذيرًا مقتضبًا.

سيكون الواقع الجهم متزايد القسوة على نتنياهو خلال موسم الحملة الانتخابية القادم إذ يستمر الهجوم عليه لقبوله الاتفاق الذي يبقى حماس في موضعها. وقد يستدرج الرئيس ترامب إلى موضع أعمق في السياسة الإسرائيلية في ظل سعيه إلى حماية نتنياهو من حصار اليمين في مجلسه الوزاري ويمنع انهيار وقف إطلاق النار الهش.

كل هذا يجعل السلام مضطربا. فالرئيس ترامب يربط الولايات المتحدة بزعيم ضئيل الشعبية قاوم حتى الآن أي محاسبة له على دوره في كارثة السابع من أكتوبر وعواقبها. ويبدو أن نجاة نتنياهو السياسية الآن تعتمد على الرئيس ترامب شخصيا برغم الشكوك المتزايدة من اليمين واليسار الأمريكيين في دعم الولايات المتحدة لإسرائيل. وفي الوقت الذي يمضي فيه كلا البلدين إلى انتخابات تشريعية تشهد الكثير من المنافسة والاستقطاب والضراوة في العام القادم، فقد يجد الرئيس ترامب عما قريب أن اللعب في سياسات غيره أمر محفوف بالخطر.

دانا سترول مديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ونائبة مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابقة لشؤون الشرق الأوسط.

الترجمة عن نيويورك تايمز

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وقف إطلاق النار الرئیس ترامب فی السیاسة

إقرأ أيضاً:

الرئيس الأمريكي يزور اليابان نهاية الشهر الحالي

صراحة نيوز-يزور الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليابان في نهاية تشرين الأول الحالي، قبل أن يشارك في كوريا الجنوبية في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك)، بحسب ما أعلنت واشنطن الأربعاء.

وقال وزير المالية الأميركي سكوت بيسنت خلال فعالية في واشنطن بثّتها شبكة “سي إن بي سي” التلفزيونية إنّ “الرئيس سيقوم بزيارة لليابان، وبعد ذلك سيتوجه إلى كوريا الجنوبية لحضور قمّة آبيك، حيث سيلتقي القادةُ”.

وتُعقد قمّة آبيك يومي 31 تشرين الأول والأول من تشرين الثاني، لكنّ التاريخ المحدّد لزيارة ترامب إلى اليابان غير معروف.

وستكون هذه أول رحلة لترامب إلى المنطقة منذ عودته إلى السلطة في كانون الثاني.

وتأتي زيارة ترامب لليابان في وقت يجتاز فيه الأرخبيل فترة من عدم اليقين السياسي في ظل سعي قادة المعارضة الرئيسيين للاتفاق على مرشح واحد لمنصب رئيس الوزراء للإطاحة بالحزب الحاكم.

كما سيشارك ترامب في قمّة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي ستُعقد في ماليزيا من 26 تشرين الأول ولغاية 28 تشرين الأول لحضور حفل توقيع اتفاقية سلام بين تايلاند وكمبوديا.

وتأتي زيارة ترامب إلى المنطقة وسط توترات تجارية بين الصين والولايات المتحدة، لا سيما بشأن الرسوم الجمركية.

ومن المقرّر أن يلتقي ترامب نظيره الصيني شي جينبينغ خلال قمّة آبيك.

وهدّد ترامب الجمعة بإلغاء هذا اللقاء، لكنّ وزير ماليته أعرب الأربعاء عن ثقته بأنّ اللقاء سيتمّ.

مقالات مشابهة

  • نائب الرئيس الأمريكي يزور إسرائيل لبحث المرحلة الثانية من خطة ترامب
  • إدارة ترامب تناقش عقد لقاء بين الرئيس الأمريكي وزعيم كوريا الشمالية
  • في أول زيارة له.. نائب الرئيس الأمريكي يزور إسرائيل الأسبوع المقبل
  • نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس يعتزم زيارة إسرائيل
  • المبعوث الأمريكي: الهجوم على قطر دفع ترامب للتصرف بقوة مع إسرائيل
  • التعرف على هوية جثة الرهينة العاشر الذي عاد إلى إسرائيل من غزة
  • خبير نفسي يكشف الجاني الحقيقي في واقعة الطفل الذي مزّق زميله بمنشار كهربائي
  • هرتسوج يلتقي مع الأسرى الإسرائيليين: أنتم العامل الذي وحد الشعب
  • الرئيس الأمريكي يزور اليابان نهاية الشهر الحالي