لم تقتصر حملة التدمير الممنهج في قطاع غزة على المنشآت الخاصة فحسب، بل امتدت يد الاحتلال وآلته الوحشية إلى مشاريع عربية ودولية ضخمة، بينها مدن عربية كاملة ومشاريع بنى تحتية وخدمية ممولة دوليا، تكلفت مئات الملايين من الدولارات.

شرّد تدمير الأحياء والمدن الحديثة والبنى التحتية الأساسية، أعدادا هائلة من السكان، وحرمهم من الحق في السكن والإيواء، خلال حرب الإبادة الجماعية، بل ودفع بهم في أتون أزمة نزوح داخلي طاحنة، غابت فيها أدنى مقومات الحياة الآدمية.



مشاريع عربية ضخمة
دمرت قوات الاحتلال أربع مشاريع عربية سكنية ضخمة على الأقل، كانت تؤوي عشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية، وهي مدينة الشيخ زايد بين بيت لاهيا وجباليا شمال القطاع، والمدينة المصرية شمال غرب مدينة غزة، ومدينة حمد، شمال مدينة خانيونس، والحي السعودي في رفح، إلى جانب مجمعات وأحياء أخرى كبيرة أنشئت بمساهمات عربية ودولية، منها الحي الياباني في رفح، ومجمعات أبراج الندى والعودة، شمال القطاع.


لم تقتصر حملة التدمير على الأحياء السكنية والبنى التحيتة، بل امتدت إلى منشآت تعليمية ممولة من مؤسسات وجهات عربية، ودولية، بينها الجامعة الإسلامية في غزة، وجامعة الأزهر، وجامعة القدس المفتوحة فرع الشمال، وكليات جامعية أخرى على امتداد شمال ووسط وجنوب القطاع.



مشاريع أوروبية
شملت الأضرار الواسعة شملت مشاريع لتحلية المياه، ومستشفيات ومدارس ومراكز صحية ووحدات سكنية أُقيمت بتمويل أوروبي، من بينها محطة التحلية شمالي قطاع غزة التي موّلها الاتحاد الأوروبي عبر منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، ومحطة أخرى في دير البلح ضمن برنامج الاتحاد الأوروبي للمياه في الأراضي الفلسطينية، إلى جانب العشرات من المدارس التابعة لـ"الأونروا". 


أدى تدمير هذه المشاريع وتعطيل محطات التحلية وشبكات المياه والصرف الصحي إلى حرمان مئات آلاف السكان من حقهم في الحصول على الماء الآمن. كما حرم تدمير المدارس الممولة دوليا عشرات آلاف الأطفال من التعليم، ودفع بآلاف الأسر إلى النزوح القسري داخل القطاع.

وأظهرت تقارير أممية أنّ الغالبية الساحقة من المدارس في قطاع غزة تضرّرت أو خرجت عن الخدمة، بما في ذلك مدارس "أونروا" التي يتلقى تعليمها تمويلًا كبيرًا من الاتحاد الأوروبي، وكانت ضمن المنشآت المتضرّرة على نطاق واسع. كما خرجت عند الخدمة محطات رئيسية لتحلية المياه، من المنشأة الوحيدة الموولة أوروبيا في مناطق شمال غرب مدينة غزة والتي دمرت بالكامل.



مستشفيات ممولة دوليا
لم تقتصر حملة التدمير على الأحياء والبنى التحتية فقط، بل شملت قطاعات الخدمات الصحية من مستشفيات وعيادات طبية ومراكز تقدم العلاج الطبي، وتكفلت ببنائها دول، بينها المستشفى الإندونيسي الذي دمر بالكامل شمال قطاع غزة، ومستشفى الصداقة التركي الفلسطينية جنوب غزة، والذي يقع الآن ضمن محور "نتساريم"، ومستشفى حمد التخصصي، شمال غرب غزة، والمستشفى الأوروبي، جنوب شرق خانيونس، إلى جانب عدد كبير من المراكز الطبية والعيادات التابعة لـ"الأونروا" وبعض الجمعيات والمنظمات الدولية.



غياب المحاسبة
وأدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بأشدّ العبارات، التدمير المنهجي الذي تمارسه "إسرائيل" ضد المشاريع والبُنى التحتية والوحدات السكنية التي شُيِّدت بتمويل كلي أو جزئي من المفوضية الأوروبية ودول الاتحاد الأوروبي، خلال جريمة الإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل منذ عامين على قطاع غزة.

وشدّد على أنّ هذه الاعتداءات المركّبة تُفضي إلى معاناة إنسانية واسعة النطاق، وتشكل استهدافًا مباشرًا للبنية المدنية المحمية بموجب اتفاقيات جنيف ومبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وأشار إلى أنّ تردّد الاتحاد الأوروبي في اتخاذ إجراءات جادّة لوقف جريمة الإبادة الجماعية التي شنّتها "إسرائيل" على مدى عامين في قطاع غزة، والاكتفاء بالمواقف الخطابية، شجّع الحكومة الإسرائيلية على تصعيد ممارساتها التي تقوّض أي أساس للسلام والعدالة، في وقت تظل فيه أوروبا الشريك التجاري الأول لـ"إسرائيل"، وتستمر كبرى دول الاتحاد في توريد الأسلحة لها، فضلًا عن كونها السوق الرئيسية لصادرات السلاح الإسرائيلية.


واعتبر المرصد الأورومتوسطي أنّ هذا القصور الأوروبي في استخدام أدوات الضغط يوجّه رسالة خطيرة مفادُها أنّ تدمير الأصول المموّلة أوروبيًا وترويع المدنيين يمكن أن يمرّ من دون أيّ كلفة سياسية أو قانونية، وهو ما يُضعف مصداقية الاتحاد الأوروبي ويقوّض ادعاءاته بحماية النظام الدولي القائم على القانون.

مطالب بإلزام "إسرائيل" بالتعويض
وشدد المرصد الأورومتوسطي على ضرورة إلزام "إسرائيل" بدفع تعويضات مالية شاملة عن كل مشروع ممول أوروبيًا جرى تدميره أو إلحاق الضرر به، بما يشمل تكاليف الاستبدال والتشغيل المؤقت، وفتح تحقيق أوروبي رسمي ونشر تقرير علني مفصل عن الخسائر في الأصول الممولة أوروبيًا في غزة وتحديد المسؤوليات، إضافة إلى ملاحقة المسؤولين المدنيين والعسكريين المتورطين في إصدار الأوامر أو تنفيذها أمام جهات الاختصاص، ودعم مسارات القضاء الدولي ذات الصلة.

وبيّن أنّ التعويض في هذا السياق لا يقتصر على كونه تقديرًا ماليًا للخسائر، بل يُمثّل اعترافًا بالمسؤولية عن أفعال غير مشروعة دوليًا، وخطوة أساسية لاستعادة قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى الخدمات الأساسية التي شُلّت بفعل القصف والتجريف والاستهداف المتكرّر.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية غزة الاحتلال الفلسطينية فلسطين غزة الاحتلال المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاتحاد الأوروبی مشاریع عربیة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

أعلن عن مشاريع واتفاقيات ضخمة.. تركي آل الشيخ من افتتاح JOY Forum: السعودية تقود بعالم الترفيه

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)–- انطلق "منتدى الترفيه JOY Forum" في العاصمة السعودية، الخميس، ضمن فعاليات النسخة الـ 6، من "موسم الرياض"، وكشف تركي آل الشيخ، في كلمة له بمناسبة افتتاح المنتدى، أنه سيشهد توقيع اتفاقيات للعام المقبل 2026، تقدر قيمتها بـ 4 مليارات ريال سعودي (مليار و66 مليون دولار أمريكي تقريبًا).

وقال آل الشيخ إنّ السعودية: "لم تضع اسمها على الخريطة العالمية فقط، بل أصبحت تقود في عالم الترفيه، والذي لم يعد من كماليات الحياة، كما كان في السابق، بل أصبح عنصرًا رئيسيا في حياة الإنسان، ورفع جودة الحياة فيها".

و أكد رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية" "حرص الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء السعودي، على رفع جودة الحياة، للمواطنين والمقيمين في المملكة".

وأعلن عن مشاريع وشراكات ضخمة، ومنها مجموعة من الأفلام، سترى النور خلال العامين المقبلين، بما في ذلك عدد من الأفلام التي تم الإعلان عنها العام الماضي، بالشراكة مع صندوق"Big Time".

ومن مشاريع الأفلام التي أعلن عنها آل الشيخ، فيلم "سيف الله المسلول.. خالد بن الوليد" الناطق بالإنكليزية، من بطولة نجوم عالميين، تحت إدارة المخرج أليك ساخاروف، والذي سيبدأ تصويره قريبًا في السعودية، تمهيدًا لعرضه في 2027.

وفيلم وصفه آل الشيخ بالـ "مهم جدًا"؛ "عن قصة بطولة حقيقية للجيش السعودي في مواجهة تنظيم "القاعدة، من تأليف كاتب حائز على الأوسكار، ومخرج عالمي، سيكون جاهزًا للعرض أواخر 2026، أو أوائل العام 2027".

مقالات مشابهة

  • دعوات أوروبية لمحاسبة إسرائيل على تدمير مشاريع ممولة من أموال دافعي الضرائب
  • “الأورومتوسطي” يطالب بفتح تحقيق حول الأصول الأوروبية التي دمرها الكيان الصهيوني في غزة
  • "الأورومتوسطي": الاتحاد الأوروبي مطالب بمحاسبة "إسرائيل" على تدمير مشاريعه بغزة
  • بعد وقف إطلاق النار.. تجميد العقوبات ضد إسرائيل في الاتحاد الأوروبي
  • الذكاء الاصطناعي يستهلك كميات هائلة من المياه… مخاوف بيئية تتصاعد بسبب مشاريع أوروبية ضخمة
  • أعلن عن مشاريع واتفاقيات ضخمة.. تركي آل الشيخ من افتتاح JOY Forum: السعودية تقود بعالم الترفيه
  • همام مجاهد: 3 شروط لازمة لفتح معبر رفح أهمها انسحاب الاحتلال ووصول بعثة الاتحاد الأوروبي
  • عقب قمة السلام.. 3 شروط لازمة لفتح معبر رفح أهمها انسحاب الاحتلال ووصول بعثة الاتحاد الأوروبي
  • حسام زكي : مؤتمر شرم الشيخ للسلام أنهى عمليا حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على غزة