الخرطوم- أثارت تعديلات جديدة على قانون مكافحة جرائم المعلوماتية أقرها مجلس الوزراء السوداني مخاوف في أوساط الصحفيين والمدونين وصناع المحتوى، حيث حملت عبارات فضفاضة يمكن استخدامها لتقييد حرية التعبير والنشر وتداول المعلومات وتعزز تكميم الأفواه، حسب مراقبين.

وجددت التعديلات على قانون مكافحة جرائم المعلوماتية الجدل في الأوساط الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي، بسبب التشديد في العقوبات، ومنها مغلّظة تصل إلى السجن 10 سنوات، مما أثار قلقا من استخدام القانون أداة لقمع حرية الصحافة والتعبير وتقييد تداول المعلومات.

وصادق مجلس الوزراء أخيرا على مشروع تعديل قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2025، بينما تنتظر التعديلات البرلمان المؤقت "مجلسي السيادة والوزراء" لإقرارها حتى تكون نافذة.

السودان يقر تعديلات قانون المعلوماتية وسط تحذيرات من تقييد الحريات

في اجتماع يوم الاثنين 13 أكتوبر 2025، أجاز مجلس الوزراء السوداني مشروع تعديل قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2025، الذي قدمه وزير العدل عبد الله درف.

يأتي هذا التعديل في سياق محاولات الحكومة الانتقالية لمواكبة…

— NSNA (@sudan_newsAgenc) October 16, 2025

أبرز التعديلات

وتهدف التعديلات وفقا لوزارة العدل إلى مواجهة التطورات المتزايدة في الجرائم الإلكترونية، بما في ذلك مكافحة نشر الشائعات والمعلومات المضللة، والاحتيال والابتزاز الإلكتروني، إلى جانب الحفاظ على حقوق الآخرين، ومواجهة خطر انتشار خطاب الكراهية والتحريض، في ظل الأوضاع الأمنية التي تعيشها البلاد.

وحملت التعديلات تعريفات جديدة للجريمة الإلكترونية، لتواكب التطورات التقنية الحديثة، كما تقول السلطات، وجاءت تشديد العقوبات وإلزام القضاء بالحكم بعقوبتي السجن والغرامة معا في حال الإدانة، مع رفع سقف العقوبات في بعض الجرائم إلى السجن 7 سنوات، وقد تصل في حالات أخرى إلى 10 سنوات.

إعلان

ومنحت التعديلات سلطات أوسع لجهات إنفاذ القانون، بأن سمحت بالتفتيش الإلكتروني، وضبط الأجهزة والمحتوى الرقمي، وأعطت النيابة سلطات تقديرية في ملاحقة الجرائم المعلوماتية حتى دون إذن قضائي عاجل.

مخاوف من تشديد العقوبات وتعريف الجريمة الإلكترونية بسبب التعديلات الجديدة (سونا)عبارات فضفاضة

وما يثير المخاوف، حسب الخبير القانوني سليمان عبد الرحيم، إدخال تعريفات موسعة للجرائم الإلكترونية، وعبارات فضفاضة متعلقة بهيبة الدولة وحماية الأمن القومي وتهديد السلم الاجتماعي، حيث يمكن استخدامها ذرائع لتجريم وملاحقة الصحفيين والناشطين والسياسيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي.

وثمة ضرورة -كما يقول الخبير القانوني للجزيرة نت- للتوازن بين متطلبات الأمن القومي وحماية المجتمع وخصوصيات الأفراد، وكفالة حرية التعبير والصحافة، لأن الحرية ليست مطلقة، وينبغي ألا تتعدى على حرية الآخرين أو تهدد الأمن القومي والسلم الاجتماعي.

وفي الشأن ذاته، يقول الأمين العام السابق لمجلس الصحافة والمطبوعات العبيد أحمد مروح، إنه "منذ بزوغ عهد تعدد الوسائط، لم يعد النشر حكرا على الصحفيين والإعلاميين، ولم تعد صناعة المحتوى الرقمي حكرا على المؤسسات الإعلامية، بل أصبح المواطنون من أصحاب الاهتمامات المختلفة، والباحثون عن الشهرة، وغيرهم من أصحاب النوايا سواء الحسنة أو السيئة، يشكلون حضورا بارزا".

ووفقا لحديث مروح للجزيرة نت، فإن قانون جرائم المعلوماتية موجه في الأساس للقطاعات الأخرى من غير الصحفيين، "وأن العاملين في الحقل الصحفي بما لديهم من خبرة مهنية ومواثيق أخلاقيات العمل، سيكونون الأقل تأثرا بالوقوع تحت طائلة قانون جرائم المعلوماتية".

هناك مخاوف من استغلال التعديلات لتكون ذريعة لتجريم النشر أو لإرهاب الصحفيين والمدونين (سونا)تنظيم النشر

ومع هذا، يقول مروح إن هناك حاجة إلى تنظيم النشر الصحفي الإلكتروني، وتعريف مؤسساته والعاملين فيه من الصحفيين، وتوفير الحماية لهم وتمكينهم من الحصول على المعلومات، حتى يؤدوا دورهم في تمكين الرأي العام من الاطلاع على المعلومات التي تؤثر على حياتهم وتداولها بالقدر الكافي من الحرية.

أما الناشط الحقوقي وصانع المحتوى كمال السماني، فقال للجزيرة نت إنه تابع بقلق التعديلات على قانون جرائم المعلوماتية، خاصة تلك التي تتضمن تشديد العقوبات وتوصية تعريف الجريمة الإلكترونية.

ويرى أن "تعديل القانون حتى يواكب التطور التقني والجرائم المستحدثة ويحمي المجتمع والأمن القومي أمر طبيعي، لكن يجب مراعاة الحقوق الدستورية في التعبير والنشر، وعدم استخدام نصوص قابلة للتفسير والتأويل لملاحقة معارضي الحكومة والناشطين لإسكاتهم".

"وكثيرا ما تستخدم العبارات والنصوص الفضفاضة في القوانين في مواجهة الخصوم، لإرهابهم وتقييد الحريات بدلاً من حماية المجتمع والدولة"، وفقا للناشط الذي دعا إلى التفريق بين ما يهدد أمن الدولة والمجتمع، وبين النقد والتعبير المشروع في الفضاء الرقمي.

ويقر الناشط الحقوقي بتفشي جرائم إلكترونية كالابتزاز والاحتيال وانتهاك الحريات الشخصية وتهديد الأمن القومي، "مما يتطلب تشريعات قوية، لكن ينبغي ألا تستغل ذريعة لتجريم النشر وكبت الرأي، أو استخدامها سياسيا لإرهاب الصحفيين والمدونين وصناع المحتوى".

التعديلات تنتظر البرلمان المؤقت لإقرارها حتى تكون نافذة (سونا)تعديلات سابقة

في أكتوبر/تشرين الأول 2018، خلال حكومة الرئيس السابق عمر البشير، جرت محاولة لتعديل قانون مكافحة جرائم المعلوماتية، لكن البرلمان أرجأ التصويت عليها، وظل الإرجاء مستمرا حتى سقوط نظام البشير في أبريل/نيسان 2019.

إعلان

وتلا ذلك تعديلان على القانون في 2020 و2022، حيث تشابه التعديلات الأخيرة تلك التي أرجأها البرلمان قبل 7 سنوات، بما فيها عقوبتا السجن والغرامة معا.

بينما نصت تعديلات 2020 في ظل حكومة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، على عقوبة تطال ناشري المعلومات المغلوطة على المنصات الاجتماعية والمواقع الإلكترونية بالسجن لفترة تتراوح بين 10 و20 عاما، وتشديد العقوبات لحماية حقوق المستخدم والحفاظ على الخصوصية ومنع الشائعات والنشر الضار.

ولم تحدد تعديلات 2022 عدد سنوات السجن، رغم إقرارها بالسجن كعقوبة وجوبية، كما أقرت التعديلات إلزامية الغرامة وتركت تقديرها للمحكمة، ونصت كذلك على تغليظ العقوبة وجعل عقوبة السجن وجوبية، وعدم جواز التنازل إذا كان المجني عليه من أجهزة الدولة أو من الشخصيات العامة التي تشغل مناصب فيها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات قانون جرائم المعلوماتیة الأمن القومی

إقرأ أيضاً:

مشروع قانون لتشديد عقوبة نشر الشائعات بمصر.. ونقابة الصحفيين تحذّر

أثار اتجاه الحكومة المصرية لتشديد عقوبات "جرائم الأخبار الكاذبة"، جدلًا في مصر، وسط مطالبات بضرورة إتاحة حرية تداول المعلومات قبل تشديد الغرامات في القانون، وسط مخاوف من تحول مشروع القانون إلى ذريعة لملاحقة الصحفيين.

وطالب رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي بـ"إعداد تعديلات جديدة على قانون العقوبات، لمواجهة الشائعات"، ووجّه خلال اجتماع للحكومة المصرية، بـ"أن تكون تعديلات القانون بما يحقق مستوى كافيًا من الردع ويكفل الحد من انتشار الجرائم"، حسب إفادة لمجلس الوزراء المصري.

زيادة الغرامات لضمان الردع
ورغم إقرار الحكومة بأن الإطار التشريعي الحاكم لمواجهة الشائعات والأخبار الكاذبة يعد كافيًا في الوقت الحالي لتحقيق الردع الفعال، إلا أنها بررت مناقشة مقترح زيادة الغرامات المقررة بسبب عدم كفاية ما هو مفروض حاليًا لضمان ردع الشائعات ونشر الأخبار الكاذبة.

وعلى إثر ذلك، سارع خالد البلشي نقيب الصحافيين، لانتقاد بيان مجلس الوزراء، مبدياً عدة ملاحظات على ما ورد فيه من معلومات، وكتب منشورًا على صفحته في "فيسبوك"، قائلًا: "بدا لي من البيان أن المجلس اختار الطريق العكسي لمواجهة الشائعات، وهو البداية بتغليظ الغرامات، رغم أن الدستور المصري رسم لنا مسارًا واضحًا لذلك، عبر إقرار قوانين مكملة للنصوص الدستورية الخاصة بحرية تداول المعلومات، ومنع العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر، ووقتها يمكننا مناقشة زيادة الغرامات، ومدى الاحتياج له، بشرط ألا تصبح هذه الزيادة طريقًا للحبس، من خلال المبالغة في تغليظها بدعوى الردع أو تؤدي إلى إغلاق الصحف، فتصبح أداةً لنشر الشائعات بدلًا من وقفها، بعد أن نفقد سلاحنا الأول لمواجهة الشائعات".



وأكد أن بداية الطريق لمواجهة الشائعات هي إتاحة المعلومات عبر قانون يمكن الصحافيين والمواطنين من الوصول الحر إلى المعلومات، وإلزام المصادر الرسمية بتقديمها عند طلبها، وهو ما سيغلق الباب أمام انتشار الشائعات.

مخاوف من فرض قيود على الصحافيين
وتابع البلشي: "قدم الدستور المصري صياغة متكاملة لمواجهة الشائعات عبر النص على ضرورة إتاحة المعلومات وتنظيم تداولها بحرية، بما يتيح لناقلي المعلومات بل ويلزمهم بتصحيح أي معلومة غير دقيقة، وإلا تعرضوا للعقوبة، وكذلك عبر رفع القيود على العمل الصحافي، وتحرير الصحافي من المخاوف بمنع العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر".
 
أين الإشكالية؟ النقد أم المعلومة؟
رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، حاول أن يخفف من وطأة المخاوف، وبين أن نوايا حكومته وراء إجراءات تشديد عقوبات "نشر الأخبار الكاذبة"، قائلًا، إن: "الحكومة ترحب بحرية الرأي وأن الإشكالية ليست في النقد ذاته، بل في المعلومات غير الدقيقة التي يجري تداولها دون سند، والتي يمكن أن تُلحق أضرارًا مباشرة بالاقتصاد القومي".



وكان آخر من أحيل إلى المحاكمة في قضايا التعبير عن الرأي، رسام الكاريكاتير أشرف عمر، الذي اعتقل فجر يوم 22 تموز/يوليو الماضي، على خلفية عدد من رسومات الكاريكاتير التي تضمنت نقدًا للأوضاع العامة، كذلك أصدرت محكمة مصرية، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حكما بالسجن 5 سنوات ضد المفكر والخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق، بعد محاكمة قالت منظمات حقوقية إنها شابها العديد من المخالفات الإجرائية والقانونية، وذلك على خلفية اتهامات تزعم نشره أخبارًا كاذبة، بسبب آرائه وتحليلاته التي تسلط الضوء على السياسات والأوضاع الاقتصادية.

مشروع قانون مُكرر يوسع من نطاق عقوبة
وسبق في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، أن أثار إحالة رئيس مجلس النواب علي عبد العال مشروع قانون مكافحة الشائعات إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، عددا من التساؤلات حول أهمية هذا القانون في ظل وجود نصوص أخرى في المنظومة التشريعية المصرية التي تجرم ترويج الشائعات.

وينص مشروع القانون حينها على عقوبات سالبة للحرية تصل إلى السجن ثلاث سنوات والغرامة مئة ألف جنيه لكل شخص يثبت أنه وراء صنع أو ترويج أو نشر شائعة كاذبة، ويرجح أن يطال هذا القانون كل من ساهم في نشر "الشائعة" حتى لو كان بـعمل "شير" أو "ريتويت" على حساب من حسابات التواصل الاجتماعي.

مقالات مشابهة

  • فيديوهات مفبركة لفنانين.. المهن التمثيلية: مشروع قانون لتشديد العقوبات على جرائم الذكاء الاصطناعي
  • مشروع قانون لتشديد عقوبة نشر الشائعات بمصر.. ونقابة الصحفيين تحذّر
  • المملكة المتحدة تفرض عقوبات على قيادات من "الدعم السريع" بالسودان
  • بريطانيا تضيف 4 أسماء جديدة لقائمة العقوبات المرتبطة بالسودان
  • السجن المؤبد أو المشدد عقوبة حيازة أدوات تستخدم في صنع المفرقعات بالقانون
  • عاجل | إحالة مسئول أمن بمترو الأنفاق للجنايات هتك عرض طالبتين.. خاص
  • هاري ستايلز يخوض معركة قانونية بملايين الدولارات لوقف استغلال اسمه تجاريًا
  • حبسها بغرفة الخزين.. إحالة المتهم بتعذيب زوجته صعقا بالكهرباء للجنايات
  • محمد شبانة يكشف أبرز تعديلات قانون نقابة المهن الرياضية
  • الداخلية تضبط عصابة استغلال الأطفال في التسول بالقاهرة