بلاغ القسام حول رفح يوقظ ذكرى ضابط ياباني قاتل 30 عاما بعد انتهاء الحرب
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
أعاد البلاغ العسكري لكتائب القسام، حول الحدث الذي جرى في مدينة رفح أمس، والذي زعم الاحتلال قيام المقاومة بتنفيذه، واستهداف آلية هندسية قتل على إثره ضابط وجندي من لواء ناحال، التذكير بقصة شهيرة وقعت في عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وقالت القسام، في بلاغ أمس الأحد، إنها "علم لها بأية أحداث، أو اشتباكات، تجري في منطقة رفح، حيث أن هذه مناطق حمراء تقع تحت سيطرة الاحتلال، والاتصال مقطوع بما تبقى من مجموعات لنا هناك منذ عودة الحرب في مارس من العام الجاري، ولا معلومات لدينا إن كانوا قد استشهدوا أم لا زالوا على قيد الحياة منذ ذلك التاريخ".
ونفت القسام، علاقتها بالأحداث، في تلك المناطق و"لا يمكننا التواصل مع أي من مجاهدينا هناك إن كان لا يزال أحد منهم على قيد الحياة".
ويعيد بلاغ القسام إلى الأذهان قصة ضابط الياباني هيرو أونودا، والذي بقي يقاتل في ساحة المعركة لنحو 30 عاما، رغم انتهاء الحرب العالمية الثانية، في غابات تقع حاليا ضمن حدود الفلبين، بسبب عدم وصول الأوامر من قائده، بوقف القتال.
فما هي قصة أونودا ورفاقه؟
في كانون أول/ديسمبر 1944، أرسلت القيادة العسكرية للجيش الياباني، الملازم أول هيرو أونودا، مع 3 جنود آخرين هم الجندي يويتشي أكاتسو والعريف شويتشي شيمادا والجندي من الدرجة الأولى كينشيشي كوزوكا، في مهمة لتدمير مهبط طائرات ورصيف ميناء جزيرة لوبانغ في الفلبين، لمنع قوات الحلفاء، من منع الهبوط أو رسو سفنها على الجزيرة، وكانت الأوامر الصارمة من القائدين المباشرين الرائدين يوشيمي تانيغوتشي وتاكاهاشي، بعدم الاستسلام أو الانتحار مهما كانت الظروف.
وعند وصول أونودا ومقاتليه، إلى الجزيرة، منعه الضباط الأعلى رتبة من تنفيذ مهمته، وهو ما ساعد لاحقا، في استيلاء الجيش الأمريكي والقوات الفلبينية على الجزيرة، بعد الهبوط الجوي عام 1945.
وبسبب رفض الضباط مساعدة أونودا، قرر الانفصال عنهم والتوجه إلى الغابات الكثيفة للجزيرة، وخوض حرب عصابات لإلحاق الخسائر بالقوات الأمريكية والمتعاونين معها.
وخلال حرب العصابات التي شرعت فيها مجموعة أونودا، تنقلوا بين الغابات، وكان طعامهم الموز وجوز الهند، فضلا عن الاستيلاء على أرز وماشية من القرى المحيطة، وأفلتوا مرارا من القوات الأمريكية والفلبينية، بعد غارات مفاجئة، ولم يخل الأمر من مهاجمة قرويين لاعتقادهم أنهم قوات فلبينية متخفية تخوض معهم حرب عصابات.
وعقب الإعلان عن انتهاء الحرب، قامت القوات الأمريكية بإلقاء مناشير عبر الجو على الجزيرة، تعلن فيه استسلام اليابان، من أجل إلقاء من تبقى من الجنود اليابانيين سلاحهم، لكن أونودا، الذي قرأ بالفعل تلك المناشير، وحاول ومجموعته التحقق منها، لم يصدقها، واعتقد أنها جزء من الحرب النفسية للجيش الأمريكي.
وبسبب طول المدة التي مكثت فيها مجموعة أونودا والإرهاق الشديد، انفصل الجندي أكاتسو عنها، وفي آذار/مارس 1950، سلم نفسه للقوات الفلبينية، واعتبره رفاقه خائنا، واتخذوا إجراءات احتياطية خوفا من أن يشي بهم.
وبعد عامين ألقيت مناشير على الغابات، تحمل رسائل من عائلات الجنود المتبقين، تحثهم على الاستسلام، وتضمنت صورا عائلة، لكنهم اعتقدوا مجددا أنها جزء من الحرب النفسية، لخداعهم، وفي تلك الفترة أصيب شيمادا في ساقه، أثناء تبادل إطلاق النار مع صيادين محليين، لكن أونودا أشرف على علاجه حتى شفي.
ولم يكد يمضي عامان آخران حتى قتل شيمادا، في تبادل إطلاق نار مع الجيش الفلبيني، خلال تدريب بالجزيرة، أما الجندي كوزوكا، فقتل عام 1972 في تبادل إطلاق نار خلال إحراقهما محاصيل الأرز، لإرسال رسالة إلى القوات اليابانية التي اعتقدا أنها لا تزال في المنطقة، من أجل لفت انتباهها بأنهما لا يزالان يقاتلان.
ومنذ تلك اللحظة بات أونودا وحيدا، يتنقل بين غابات الجزيرة بحذر أكبر، حتى التقى عام 1974 بمغامر وباحث ياباني، كان يسافر العالم، للبحث عنه، واستغرقه الأمر للعثور عليه عدة أيام في الجزيرة من أجل تحديد مكان موقع لتحصنه.
وكان الباحث يدعى نوريو سوزوكي، وخلال اللقاء، أبلغ الأخير الضابط الياباني، أن الأمر انتهى منذ عقود، ولم تعد الحرب قائمة، لكن أونودا رفض الاستسلام، ولا يمكنه ترك ساحة المعركة التي يعتقد أنها موجود، إلا بقرار من قائده الرائد يوشيمي تانيغوتشي، قائد سرب الاستخبارات الخاصة في جيش المنطقة الرابع عشر، وهو آخر قائد أصدر له أوامر قبل بدء مهمته.
انتهاء المهمة
وكان لقاء سوزوكي بأونودا، بداية لإنهاء مهمة، فحين عاد إلى اليابان، عرض صوره مع الضابط في غابات لوبانغ، وهنا بحثت الحكومة عن قائده تانيغوتشي، ونقلته جوا إلى لوبانغ، ليصدر له الأمر العسكري المباشر بوقف القتال، وكان الأمر ينص على: "طبقا للقيادة الإمبراطورية، أوقف جيش المنطقة الرابع عشر جميع أنشطته القتالية، ووفقا لأمر القيادة العسكرية رقم أ-2003، يتم إعفاء السرب الخاص في مقر رئاسة الأركان من جميع المهام العسكرية، وعلى الوحدات والأفراد التابعين لقيادة السرب الخاص وقف الأنشطة والعمليات العسكرية فورا، ووضع أنفسهم تحت قيادة أقرب ضابط أعلى. وفي حال عدم العثور على أي ضابط، عليهم التواصل مع القوات الأمريكية أو الفلبينية واتباع توجيهاتها".
وصدر قرار بإعفاء أونودا، من الخدمة العسكرية، عام 1974، واستسلم رسميا للقوات الفلبينية، في قاعدة رادار لوبانغ، وأقيم حفل رسمي، حضره الرئيس الفلبيني، فرديناند ماركوس، في قصر الحكم بمانيلا، ومنح الضابط الياباني عفوا رئاسيا كاملا عن كافة الأعمال التي ارتكبها خلال ملاحقته، وسلم أونودا سيفه وبندقية و500 طلقة ذخيرة، وقنابل يدوية، وخنجرا كانت والدته أهدته إياه، للانتحار إذا ألقي القبض عليه.
وكان أونودا صمد في الغابة مقاتلا، لمدة 28 عاما، و6 أشهر و8 أيام، بمجموع 10416 يوما، بعد استسلام اليابان عام 1945.
وتنقل أونودا بين اليابان والبرازيل، وكان يجري دورات على التعايش والبقاء على قيد الحياة في أصعب الظروف للعسكريين، بسبب خبرته الطويلة، ومنح وسام استحقاق برازيلي، فضلا عن المواطنة الفخرية بالبرازيل.
وفي عام 2014، توفي أونودا، بسبب بفعل التهاب رئوي أدى لقصور في قلبه، في العاصمة اليابانية طوكيو.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية القسام الاحتلال الحرب الاحتلال القسام حرب اونودا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات الأمریکیة انتهاء الحرب
إقرأ أيضاً:
محلل سياسي إسرائيلي: نتنياهو ترك العصابات التي موّلها في غزة تواجه مصيرها
#سواليف
قال المحلل السياسي الإسرائيلي بن كسبيت إن رواية بنيامين #نتنياهو عن طفولته مع “أوري صفنيا” تصلح لفهم سلوكه اليوم: طفلٌ يتعرّض للتنمّر لا يواجه بيده، بل يستدعي الأخ الأكبر “يوني” ليحلّ المشكلة، ثم يروي لاحقًا “أنا ويوني أنهينا القصة”.
في القياس على #حرب-غزة، يقول كسبيت، لم ينجح نتنياهو في إنهائها بقراره، وكان يعلم أن الحرب استُنفدت منذ زمن وأن كل يوم إضافي يكلّف دمًا ومالًا ومكانة دولية، لكنه خشي من انهيار ائتلافه تحت ضغط بن غفير وسموتريتش وقاعدته اليمينية. من قطع العقدة الغزّية ليس “رئيس #حكومة_الاحتلال” بل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ وهكذا تحوّل شعار نتنياهو من “أنا ويوني” إلى “أنا وترامب حققنا الانتصار الكامل” فيما الحقيقة على الأرض أبعد ما تكون عن “نصرٍ حاسم”.
يكتب كسبيت أنّ حماس تسيطر ميدانيًا على مناطق يسكنها نحو 85% من أهالي القطاع، وأن آلاف المقاتلين انتشروا في المحافظات، ينفّذون إعدامات علنية ويستخدمون آليات هندسية ثقيلة، فيما سيطرت الحركة على عشرات المركبات وكميات كبيرة من السلاح والذخيرة التي موّلتها “إسرائيل” للعصابات كي تتحدى #حماس.
مقالات ذات صلة الأمن: موقوف بقضية شروع بالقتل مضرب عن الطعام ويرفض العلاج 2025/10/18بدل “اليوم التالي” الذي طالبت به المؤسسة الأمنية والصحافة مرارًا — أي بناء بديلٍ إداري وأمني — فضّل نتنياهو إنكار ذكر “السلطة” حتى تلميحًا، وحلمت أوساطه بمشاهد خيالية من نوع “مشروع ريفييرا” وعودة مستوطنات “غوش قطيف” وحكم عسكري دائم. النتيجة — كما يسخر كسبيت — “كلام فارغ”: سلّحوا #العصابات على حساب دافع الضرائب ثم تركوها تُسحَق، تمامًا كخُطط سابقة فاشلة مثل “جيش لبنان الجنوبي” و”روابط القرى”.
ويضيف أن ممرّ فيلادلفيا ومعبر رفح سيخضعان عمليًا لقوات تابعة ومقرّبة من الرئيس محمود عباس؛ وأن “حكومة تكنوقراط” لإدارة غزة يجري تركيبها برعاية حسين الشيخ. فوق ذلك، وافق نتنياهو — بخلاف عقودٍ من الرفض الإسرائيلي لـ”تدويل الأمن” — على مسارٍ يُدخل رعاة حماس الإقليميين إلى إدارة المشهد: دور تركي مباشر، وتمويل قطري، ومظلّة دولية. أنصار نتنياهو يروّجون لفكرة أنه “إذا نكثت حماس بنود الاتفاق نعود للحرب فورًا”، لكن كسبيت يذكّر بأن هذا بالضبط ما كانت المعارضة المدنية تطالب به منذ عام: أولًا إنقاذ الأسرى/المختطفين، ثم العودة للضغط إذا خالفت حماس، بدل مطاردة وهم “الانتصار المطلق”.
يفنّد كسبيت ادعاء نتنياهو أنه “وحده” أصرّ على إعادة الأسرى وأن الجميع قالوا له إن ذلك مستحيل؛ فهدف إعادة الأسرى لم يكن ضمن “أهداف الحرب” التي صاغها نتنياهو يوم 7 أكتوبر، بل أُضيف يوم 16 أكتوبر بإصرار غادي آيزنكوت. أمّا سجِلّ إفشال صفقات جزئية فطويل، وغالبًا ما تباهى بن غفير، وأحيانًا سموتريتش، بأنهما مَن أوقفها. ومع ذلك أخبر نتنياهو الناجي من الأسر أفينطان أور مؤخرًا أنه كان “يرفض التقطيع إلى شرائح” ويريد صفقة واحدة شاملة — بينما سلوكه لعامين كان العكس. وعندما وافقت حماس أخيرًا على “جزئية”، انقلب نتنياهو ليطالب بـ”شاملة”، ثم قصف وفد قيادة حماس الذي ناقش المقترح في الدوحة، وهو ما دفع ترامب — بحسب كسبيت — لفقدان الصبر.
ويمتد نقد كسبيت إلى ما يسميه “الطائفة البيبيّة” داخل اليمين: عامان من شعارات “لا وقف إطلاق إلا بعد استسلام آخر مقاتل”، “لا قوّة دولية”، “نزع سلاح كامل” — ثم انقلابٌ كامل الخطاب بين ليلة وضحاها لتسويق “اتفاق تاريخي”. في المقابل يواصل نتنياهو، كما يرى الكاتب، حملة شيطنة ضد قيادات الأمن والجيش والسلطة القضائية، ويسعى لالتفافٍ على محاكمته حتى حدّ إدخال رئيسٍ أجنبي في نقاش “عفوٍ” محتمل، وهو سلوك يصفه كسبيت بأنه “حرب استنزاف ضد دولة إسرائيل نفسها” لتأمين خروجه القضائي والسياسي.
يرى كسبيت أن “الفضل” في عودة 20 أسيرًا أحياء لا يعود لنتنياهو ولا لائتلافه، بل لعائلات الأسرى والحراك الشعبي الواسع الذي حرّك البيت الأبيض ودوائر ترامب — رجال أعمالٍ نافذين ومستشارين سابقين — لفرض مسارٍ ينهي الحرب ويعيد الأسرى. هذه اللحظة الإنسانية المؤثرة لا تُلغي الحقائق: 42 أسيرًا قُتلوا أو ماتوا في الأسر، والدولة — بقيادة نتنياهو — قصّرت وأخفقت وتركت عائلات بألمٍ مفتوح. لذلك، كما يخلص، لا يملك نتنياهو حق المطالبة بـ”الشكر”، وهو الذي بنى سنواتٍ من “إدارة الأزمة” على تغذية حماس بالمال القطري وسياسات “الاحتواء”.
أخيرًا، يحذّر كسبيت من أن “ترامبيكو” — النسخة الترامبية لإعادة رسم خرائط الإقليم — يُدخل تركيا كلاعبٍ عسكري من الشمال إلى سوريا ومن الجنوب إلى غزة، ويمنح قطر مفاتيح التمويل، ويعيد “السلطة” إلى الواجهة، فيما تُوقَّع اتفاقات كبرى في شرم من دون حضور “إسرائيل” الفعلي كلاعبٍ مقرِّر. قد تكون الحرب انتهت كما أعلن ترامب، وقد تعود إذا تصادمت الأوهام الجديدة مع الواقع.
لكن المؤكد عند كسبيت أن من أعاد الأسرى هو الجمهور الإسرائيلي، وأن الطريق ما تزال طويلة لاستعادة الجثامين وإغلاق الجراح، وأن ما جرى يكشف مرةً أخرى: كلما تعرّى الفرق بين العرض الدعائي والواقع، يميل نتنياهو إلى إشعال النار للهروب من الحساب — وهذه المرة، يؤكد الكاتب، يجب أن تنتهي اللعبة.