على رصيف مجلس حكومة بلدنا «كفر الجميز»، وقفت العرافة «نتاشة الهتاشة» تُنادى وتُصيح: «أبين زين أبين وأوشوش الودع».
وبينما كانت الخالة «نتاشة» مُنهمكة فى الصياح، حضر فى التو واللحظة، كبير عظماء مجلس حكومة بلدنا «فصيح خُف الريح» وهبط من سيارته الفارهة، واتجه نحوها بخطوات متسارعة، حيث جلس على الرصيف أمامها فى وضع القرفصاء، يطالع حظه اليوم مع وشوشة الودع!
> فصيح: شوفيلى يا خالة بختى، وقوليلى ع المستخبى!
ـ نتاشة: قُدامك سكة سفر، وطريق اقتصادى مُتضخم، مليان أرقام وحُفر!
> فصيح: قوليلى يا خالة إيه الطريق الدائرى اللى الودع مخبيه؟!
ـ نتاشة: على يمينك هتلاقى بنزينه.
> فصيح (بنبرة مرتعشة): حزينة على إيه يا خالة؟!
- نتاشة: حزينة على حالها واللى جرى لها، بعد رفع سعر الغاز والبنزين والسولار، اللى ولع كل الأسعار!
> فصيح: ده مكنش بإيدى يا خالة، أجى ع الغلابة!
ـ نتاشة: الودع قُدامى بيحذرك من دعوات الناس الغلابة، اللى آخرتها ندم وكآبة!
> فصيح: خلاااااص، متكمليش قراية الودع يا خالة!
ـ نتاشة (مُتعجبة): حصل إيه يا سعادة البيه؟!
> فصيح: علشان إتشائمت النهاردة، لما روحت أزور مقام ستنا «أم العواجز» لقيت صندوق النذور فاضى من الفلوس، ومليان احتجاجات وغضب من كل النفوس!
ـ نتاشة (محذرةً): يعنى يا كبيرنا، مش عارف كويس إن «الصندوق» مش هيدى فلوس، من غير ما تتذل نفوس؟!
> فصيح (بنبرة حزينة): سامحينى يا خالة، مكنش قُدامى غير أضحى بالناس الغلابة!
ـ نتاشة (بغضب): الناس الغلابة اللى فى «كفر الجميز»، هما عندك الحيطة المايلة؟!
> فصيح (بابتسامة خجل): معلهش يا خالة، الصندوق كان اشتغالة!
ـ نتاشة: سيبك من كلام الودع، وخليك فى الكلام الزين الجدع!
> فصيح: كلامكِ سامعه كويس يا خالة، وأنا قُدامك أهوه بوشوش الودع!
ـ نتاشة: ملكش فى القلب حبايب.. غير اتنين.. واحد منهم قُرّيب جائر.. والتانى بعيد حائر!
> فصيح: وإيه كمان بـ «يحذرنى» الودع؟!
ـ نتاشة: عن قريب، فى إتنين هيغدروا بيك.. واحد منهم عينه دايمًا على كُرسيكِ!
> فصيح: وإيه كمان يا خالة، بيحذرنى الودع؟!
- نتاشة: خُد بالك من اليوم، غدر الزمان ملهوش أمان!
> فصيح (بشغف): وإيه كمان يا خالة؟!
- نتاشة: رحيلك قرَّيب.. بعد نقطة أو نقطتين.. يا ريتك تستعد للرحيل فى ظرف يومين!
> فصيح (بعصبية): فزى قُومى يا خالة، ولمِى كل الودع، علشان جالى فى التو واللحظة شؤم الخبر، ورحيلى من كرسى حكومة بلدنا «كفر الجميز»، حصل وحصل!
شَوْكَشَة الأسبوع
من أغانى أوبريت اليوم: الليلة الكبيرة يا عمى، والأسعار طالعة كتيرة، دا الغلابة ماليين الشوارع يابا والبنادر، فتح عينك تاخد دولار، فينك فينك تاخد ريال، ههههههاه سعيدة يا بو حصانة برلمانية جديدة، أوعد يا رب أوعد!!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمد زكى
إقرأ أيضاً:
أتعرفون وائل؟
صراحة نيوز- المهندس مدحت الخطيب
قد تبدو القصة التي رواها الملك عبدالله الثاني أمام رفقاء السلاح مجرد لحظة طريفة، لطيفة، مرّت بخفّة على مسامع الحضور. لكنها في الحقيقة لحظة تحمل ما هو أبعد من الضحك والتذكّر. فهي تستحضر روح الجيش التي تُبقي التفاصيل الصغيرة حيّة، وتُعيد الإنسان إلى جذوره الأولى حيث تُبنى الثقة، وتُصنع الرجولة، وتُحفظ الذاكرة.
الملك تحدّث ببساطة القائد الذي يعرف رجاله واحداً واحداً. استذكر مشهداً من أيام التدريب؛ لحظة تردّد جندي واحد، في قفزة واحدة، رغم أنه قفز مئات المرات قبلها وبعدها. ومع ذلك بقي اللقب ملازماً له. ضحك الجميع، وردّدوا الاسم، لا لأن وائل ضعيف، بل لأنه صار رمزاً لروح الدعابة التي تحفظ الودّ بين القائد وجنوده.
هذه البساطة هي التي لامست الناس. لأنهم رأوا ملكاً يتحدّث من ذاكرة الخندق لا من منصة رسمية، من إنسان لا من بروتوكول.
لكن حين يخرج المواطن من إطار المزحة، تتزاحم في ذهنه الأسئلة الثقيلة التي راكمتها السنوات:
كم من «وائل» آخر بيننا لكن ليس ذاك الذي يخاف القفز من الجو، بل الذي يقفز فوق الناس والحق والقانون؟
كم من شخص قفز على حقّ غيره، فحصل على منصب لا يستحقه؟
كم من مسؤول قفز على مقدرات الوطن وعاث فيها فساداً، دون أن يرمش له جفن؟
كم من صاحب قرار قفز على التشريعات والأنظمة، وجعل استثناءه قاعدة، ومصلحته قانوناً؟
كم من أشخاص مارسوا القفز كعادة لا كهفوة عابرة في يوم عابر؟
قصة وائل تُضحك أما قصص «وائل الكبير» في الحياة العامة فتُبكي وتوجع.
الملك استذكرها بروح المحبة والرفقة.
ونحن نستذكر ألف «وائل» من باب السؤال الوطني المشروع:
إلى متى يبقى من يسير على الدور متأخراً، ومن يقفز فوقه متقدماً؟
الوطن لا يُحمى بالصدفة، ولا يُدار بالقفز الحر.
الوطن يُبنى بتسلسل، بالعدل، بالكفاءة، بالاحترام الحقيقي لمبدأ الدور. لأن القفز فوق الدور هو أول أبواب الفساد، وهو الشرارة التي تُطفئ ثقة الناس بدولتهم.
الجيش، رغم كل شيء، بقي المؤسسة الوحيدة التي لم يعرف أبناؤها إلا القفز في ميادين training لا في حقوق الناس؛ قفزوا دفاعاً عن البلاد لا فوق رقاب العباد.
ولهذا بقي احترامهم ثابتاً، وهيبتهم ثابتة، وذكرهم طيباً.
حمى الله الجيش رمزاً للانضباط لا الفوضى.
وحمى الله الملك الذي يُعيد عبر قصة صغيرة معنى كبيراً: أن التواضع أقوى من السلطة، وأن الإنسان أكبر من اللقب.
وحمى الله هذا الوطن من كل من يرى في القفز مهارة، وفي تجاوز الدور وتحقيق العدالة بطولة
وسخّر لنا من يقفز بنا إلى الأمام لا فوقنا، ولا على حسابنا، ولا على حساب مستقبل البلاد.
م مدحت الخطيب
الدستور
[email protected]