صدر مؤخرا كتاب مثير للجدل بعنوان «الصين والسعى لبناء المستقبل»، للكاتب الأمريكى من أصل صينى «دان وانج». أعجبت بهذا الكتاب، ولذلك اقتبست بعض الأجزاء منه، وقمت بترجمتها كالتالي: 
هذا الكتاب لا يكتفى بالمقارنة السطحية بين الولايات المتحدة والصين، بل يغوص فى أعماق الفوارق الفكرية والمؤسسية التى تصوغ قرارات الدولتين فى القرن الحادى والعشرين.


خلاصة الفكرة التى يطرحها المؤلف تبدو صادمة وبسيطة فى آن الصين أمة يقودها المهندسون، والولايات المتحدة أمة يحكمها المحامون.
الصين.. الإدارة بعقلية المهندس: فى الصين، نجد أن الغالبية العظمى من صناع القرار تخرّجوا في كليات الهندسة أو العلوم التطبيقية. بكين تُدار بذهنية من يرى المشكلات كمعادلات رياضية، يمكن حلها عبر معادلات دقيقة، أو تصميم منظومة، أو بناء مشروع ضخم.
ولهذا لا عجب أن تتحرك الدولة كما تتحرك الآلة، وكل شىء محسوب بدقة، هذه العقلية ربما تفتقد أحيانا للمرونة الإنسانية أو الحوار المفتوح، لكنها تُنتج خططا طويلة الأمد تُنفذ دون تعطيل. ومن ثم نرى الصين تبنى مدنا جديدة فى سنوات، وتشيّد خطوط قطارات فائقة السرعة بآلاف الكيلومترات، وتحقق قفزات هائلة فى الصناعات الإلكترونية، والطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعى، بل وحتى فى غزو الفضاء.
الولايات المتحدة.. الإدارة بعقلية المحامي: الولايات المتحدة، مسرحها مختلف تماما. معظم الرؤساء وأعضاء الكونجرس والمحكمة العليا درسوا القانون أو مارسوا المحاماة. حتى من لم يتخرج في كليات القانون، مثل دونالد ترامب، أتقنوا «ألاعيب المحامين» من رفع القضايا، استغلال الثغرات القانونية، تحويل أى قضية إلى ساحة صراع لا نهاية لها. هكذا تتحول كل خطوة إلى معركة قضائية أو سياسية. مشروعات البنية التحتية تُناقَش سنوات قبل أن تُنفَّذ، ولو نُفّذت، تعترضها دعاوى قضائية من جماعات ضغط أو منظمات حقوقية أو مصالح اقتصادية متضررة. النتيجة، تأجيل متكرر، تضخم فى التكاليف، فقدان القدرة على الإنجاز السريع. بينما ينشغل الكونجرس فى جدالات حول قضايا الهوية وحقوق الأقليات والبيئة، تتآكل قدرة الولايات المتحدة على بناء مشروع وطنى جامع طويل الأمد.
المقارنة التقنية والعلمية: الكتاب يعرض أمثلة ملموسة من الصناعة والتكنولوجيا: 
فى الذكاء الاصطناعى.. الشركات الصينية مثل بايت دانس وهواوى وتينسنت أصبحت تقود أبحاثا وتطبيقات تتفوق أحيانا على نظيراتها الأمريكية. 
فى الاتصالات.. كانت الصين أول من أطلق شبكة 5G واسعة الانتشار، بينما غرق الغرب فى جدل حول الخصوصية والأمن.
فى الطاقة المتجددة.. تبنى الصين سنويا محطات شمسية ورياحية بقدرات تفوق مجمل ما تبنيه أوروبا وأمريكا معا. 
السلاح.. آخر قلاع أمريكا المتصدعة: يبقى السلاح المجال الوحيد الذى كانت الولايات المتحدة تتفوق فيه بلا منازع. لكن الكاتب يكشف كيف تدهورت هذه الصناعة خلال العقد الأخير. مشاريع تطوير المقاتلات مثل F-35 تحولت إلى رمز للتأخير والتكلفة الباهظة. سفن حربية تستغرق الولايات المتحدة عقدا كاملا لبنائها، بينما الصين تُطلق ما بين ٣٠ إلى ٥٠ سفينة مماثلة خلال الفترة نفسها.
مخازن الذخيرة الأمريكية.. بدت شبه فارغة خلال حرب أوكرانيا والدعم العسكرى لإسرائيل، حيث عجزت واشنطن عن تعويض الفاقد بسرعة.
الأدهى أن أمريكا باتت تستورد بعض المواد الأساسية وقطع الغيار من دول جنوب شرق آسيا، بل وحتى من الصين نفسها.
بين الدولار والسلاح: لم يتبقَ لأمريكا سوى ورقة الدولار، التى تُجبر العالم على قبولها كعملة دولية رغم أنها مجرد أوراق مطبوعة بلا قيمة حقيقية. لكن مع صعود الصين، وتنامى دور اليوان فى التجارة الدولية، قد لا يبقى للدولار حتى هذه الهيبة.
الدرس من التاريخ: الكتاب يختتم بدعوة للتأمل: القرن العشرين كان قرنا أمريكيا. القرن التاسع عشر بسطت فيه بريطانيا وفرنسا نفوذهما. القرن السادس عشر كان عثمانيا. وما قبلها تعاقبت الإمبراطوريات: المملوكية، المغولية، العباسية، الأموية، الرومانية، الفارسية.
وأخيرا، هكذا تسير سنن الله فى الأرض.. دورة حضارات لا تتوقف، وأيام تتداول بين الأمم. واليوم، يبدو أن المشهد يتشكل ليكون القرن الحادى والعشرون قرنا صينيا.

محافظ المنوفية الأسبق

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: محافظ المنوفية الأسبق الولايات المتحدة الصين الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

نيوزويك: 3 مؤشرات على حرب وشيكة بين الولايات المتحدة وفنزويلا

قالت مجلة نيوزويك إن نشر إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سفنا حربية قبالة السواحل الفنزويلية، وتشديد الضغوط السياسية والاقتصادية على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، تعد مؤشرات على اقتراب مواجهة عسكرية محتملة بين الولايات المتحدة وفنزويلا.

وأشارت المجلة إلى أن هذه التحركات تندرج ضمن توجه أوسع لإعادة فرض النفوذ الأميركي في نصف الكرة الغربي، مع تأكيد واشنطن التزامها بإحياء وتطبيق مبدأ جيمس مونرو الذي يعتبر المنطقة مجال نفوذ أميركي تقليدي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"إسرائيل مسؤولة".. هآرتس: المياه أغرقت خيام غزة والأوضاع تنذر بالخطرlist 2 of 2توماس فريدمان يقدم قراءته التحليلية لإستراتيجية ترامب للأمن القوميend of list

وقالت المجلة إن هناك 3 مؤشرات تدل على أن حربا وشيكة قد تندلع بين الولايات المتحدة وفنزويلا في أي لحظة، وأولها انتقال الولايات المتحدة من فرض العقوبات إلى مصادرة ناقلات نفط فنزويلية، مما أثار توترا حادا في قطاع الشحن البحري، وصفه نيكولاس مادورو بأنه أعمال قرصنة دولية.

قوات فنزويلية أثناء تدريبات في العاصمة كاراكاس (الأناضول)

وفي مؤشر ثان، كثفت واشنطن عملياتها العسكرية في البحر الكاريبي بحجة مكافحة تهريب المخدرات، وهي عمليات أسفرت عن سقوط عشرات القتلى وأثارت انتقادات حقوقية، في حين أكدت الإدارة الأميركية أنها تستهدف نظاما يتهمه المسؤولون بإغراق الولايات المتحدة بالمخدرات، كما أوردت المجلة.

وفي الوقت نفسه سجلت زيادة ملحوظة في حركة الطائرات والانتشار الجوي والبحري الأميركي قرب فنزويلا، حسب المجلة. وشمل ذلك مقاتلات متقدمة وقاذفات إستراتيجية وحاملات طائرات، إضافة إلى تدريبات تحاكي ضربات على أهداف داخل الأراضي الفنزويلية، في انتشار يعد من الأكبر في المنطقة منذ سنوات.

ويرى مراقبون أن هذا الحشد يعكس انتهاء صبر واشنطن على مادورو واقترابها من خيارات أكثر حدّة، وكتب رئيس مجلس العلاقات الخارجية مايكل فورمان في تحليل الأسبوع الماضي "يبدو أن تسامح الرئيس مع مادورو يتضاءل بشكل متزايد".

إعلان

في المقابل، شددت القيادة الفنزويلية على استعدادها للدفاع عن سيادة البلاد ومواردها، وأعلنت تعزيز صفوف الجيش، في ما يبدو مؤشرا ثالثا على اقتراب الحرب، حسب المجلة.

وأكدت فنزويلا أن الهدف الحقيقي للتحركات الأميركية هو إسقاط الحكومة والسيطرة على النفط الفنزويلي، في تبادل للتهديدات والتصعيد العسكري والسياسي، مما يزيد المخاوف من انزلاق الأزمة إلى مواجهة مفتوحة قد تكون لها تداعيات واسعة على أمن أميركا اللاتينية واستقرارها.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة ضاعفت تقريبا مشترياتها من الحنطة السوداء من روسيا في شهر سبتمبر
  • لقاء عبدالله بن زايد ووزير خارجية الصين.. شراكة بين البلدين
  • نيوزويك: 3 مؤشرات على حرب وشيكة بين الولايات المتحدة وفنزويلا
  • قوة متعددة الجنسيات في قطاع غزة.. الولايات المتحدة تكشف التفاصيل
  • رويترز: الولايات المتحدة تسعى لنشر قوات دولية في غزة مطلع العام المقبل
  • الناتو يحذر من حرب مع موسكو
  • أعمال منافية للآداب.. حبس شخص يدير نادى صحى بدون ترخيص في الشروق
  • كوسوفو تعلن بدء استقبال المرحلين من الولايات المتحدة
  • فورين بوليسي: 3 دروس تعلمتها الصين من الولايات المتحدة
  • إسرائيل تبلغ الولايات المتحدة بأنها ستتحرك بنفسها لنزع سلاح حزب الله في لبنان