في أحد صباحات الخريف، كانت ممرات مدرسة "أنينغ إس. برال 27" المتوسطة بجزيرة ستاتن في نيويورك الأميركية تبدو مختلفة تماما عمّا كانت عليه قبل عام. لا شاشات مضيئة في أيدي التلاميذ، ولا رؤوس منحنية على الهواتف. يتبادل الطلاب الأحاديث ويضحكون، بينما تراقب المعلمة ميلاني سيبولفيدا المشهد بدهشة.

تقول "كنت أظن أنهم سيجنّون عندما نأخذ منهم هواتفهم، لكن ما حدث كان العكس تماما.

الأمور تسير بشكل رائع".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 210 طرق فعّالة للتعامل مع السلوكيات الصعبة لدى المراهقينlist 2 of 210 دروس حكيمة ستظل تتردد في ذهن طفلك لسنواتend of list

فقد بدأ العام الدراسي الجديد بسياسة جديدة صارمة: حظر الهواتف من الجرس إلى الجرس في مدارس نيويورك، وهي خطوة أثارت في البداية قلق بعض المعلمين والأهالي، لكنها سرعان ما تحوّلت إلى تجربة تربوية فريدة.

بداية هادئة لتغيير كبير

قبل الحظر، كانت سيبولفيدا ترى طلابها يسيرون في الممرات بأعين محدقة في شاشاتهم. بعضهم كان يستخدم استراحات الحمّام لتصوير مقاطع "تيك توك" خلسة، بعيدا عن أعين المعلمين.

أما اليوم، فمع بداية اليوم الدراسي، تُجمع الهواتف في صناديق خاصة وتُغلق حتى نهاية الدوام، حتى أثناء الغداء والاستراحة.

وتروي سيبولفيدا أن إحدى طالباتها، بعد أن فقدت هاتفها كمصدر ترفيه، أحضرت مجموعة "ليغو" صغيرة لشخصية "سبونج بوب"، وشاركتها مع أصدقائها. تقول المعلمة: "ضحكوا وتحدثوا طوال الاستراحة، ولم يتمكنوا حتى من إنهاء تركيبها. كانت المرة الأولى التي أراهم فيها يتفاعلون بهذا الشكل".

أثر فوري داخل الصفوف

بعد شهر على تطبيق القرار، بدأت تظهر ملامح النجاح. يقول الأهالي والمعلمون إنهم لاحظوا تراجعا كبيرا في المشتتات داخل الصفوف، وازدياد التركيز والتفاعل.

القانون، الذي دخل حيّز التنفيذ هذا الخريف في جميع المدارس الحكومية والخاصة في الولاية، جاء استجابة لتنامي القلق من تأثير الهواتف الذكية على الصحة النفسية والتحصيل الدراسي ومهارات التواصل الاجتماعي لدى الأطفال والمراهقين.

إعلان

بعض المدارس منحت استثناءات طبية أو تعليمية محدودة، في حين حاول آخرون التحايل بإخفاء الهواتف أو تشغيلها سرا، لكنّ الأغلبية التزمت. تقول مفوضة التعليم في المدينة ميليسا أفيليس-راموس إن "الطلاب يتعلمون الآن وسط قدر أقل من الإلهاء، ويقضون وقتهم في تواصل حقيقي مع أصدقائهم، من خلال حفلات الرقص في الاستراحة والمناقشات داخل الصف. ما نشهده هو تغيير ثقافي، ونتائجنا الأولية مشجعة للغاية".

تجربة الطلاب والأهالي

الطالب كريستيان، في الصف السابع بمدرسة في حي كوينز، يقول إن مدرسته كانت قد بدأت بالقيود تدريجيا، لكنها هذا العام أصبحت أكثر صرامة، حيث يُطلب من الطلاب وضع هواتفهم في حقائب تُغلق بشريط فيلكرو.

ويضيف بابتسامة، "لم تكن صعبة كثيرا. الفرق الوحيد أنني لا أستطيع استخدام الهاتف حتى أغادر المدرسة".

أما والدته ويتني توسان، فتقول إنها لاحظت تحسنا في سلوك ابنها، "لا أستطيع أن أتخيل أن أكون معلمة وأنافس الهاتف الذكي على انتباه الطلاب. الأطفال هناك ليتعلموا، لا ليرسلوا الرسائل".

انضباط غير مسبوق في الثانويات

في مدرسة إدوارد آر. مورو الثانوية في حي بروكلين، التي تضم نحو 3500 طالب، جرى تطبيق النظام باستخدام أكياس تحجب الإشارة وتُغلق بالفيلكرو. كما وفّرت المدرسة أجهزة ترجمة للطلاب متعددي اللغات الذين كانوا يعتمدون على هواتفهم لهذه المهمة.

تقول المعلمة تيرين ريفز "الفرق أن الطلاب يدركون الآن أن الأمر ليس مجرد سياسة مدرسية، بل قانون رسمي صادر عن الولاية".

خلال الشهر الأول، ضبطت ريفز أحد الطلاب يستخدم هاتفه بزعم أنه يدير مشروعا تجاريا عبر الإنترنت. لكنها لم تعاقبه، إذ يشترط القانون تكرار المخالفة لاتخاذ إجراءات تأديبية.

تضيف ضاحكة "أحيانا يكفي أن أنظر إليهم فقط. يعرفون أن عليهم إخفاء الهاتف فورا. إنهم مراهقون، سيحاولون اختبارنا دائما".

أولياء الأمور يلاحظون الفرق

الأم ماريا هانتزوبولوس، التي لديها طفلان في مدرستين ثانويتين في كوينز، تقول إنها فوجئت بمدى سهولة تطبيق القرار، "كنت أعتقد أن الأمر سيتحول إلى معركة يومية مع أولادي، لكنهم تقبلوا القواعد أسرع مما توقعت".

بعد تجربة التعليم عن بُعد خلال جائحة كورونا، تعتبر ماريا أن الحظر أشبه بـ"علاج من الإدمان الرقمي".

بصفتها رئيسة لجمعية أولياء الأمور والمعلمين في مدرسة ابنتها، قررت إدخال ألعاب مثل "أونو" (UNO) إلى المقصف لتشجيع التفاعل الاجتماعي.

أما ابنها، وهو طالب في الصف الأول الثانوي، فقد عاد إلى المنزل ذات يوم وقد كتب أرقام 10 من أصدقائه الجدد على ذراعه لأنه لم يتمكن من إضافتهم إلى هاتفه في تلك اللحظة. تقول مبتسمة، "كان ذلك لطيفا بشكل غريب. بدا كأنه يعيش تجربة من التسعينيات".

"عودة إلى التعليم الحقيقي"

في مدرسة أخرى في مانهاتن، جرى تطبيق الحظر تدريجيا منذ الصف السادس، بحيث أصبح الطلاب معتادين على وضع هواتفهم في أكياس مقفلة حتى نهاية اليوم.

يقول جيريمي كوبلاند، مدرس التاريخ في الصف الـ12، "لأول مرة منذ سنوات، أشعر بأنني أُدرّس بحق. لم أعد أنافس هاتفا على اهتمام الطلاب. المعلم هنا ليُدرّس، لا ليكون حارسا على الشاشات".

حياة مدرسية نابضة من جديد

في غياب الهواتف، تغيّر شكل الحياة اليومية في المدارس. عاد الطلاب إلى ممارسة ألعاب جماعية وتبادل القصص والتقاط الصور بكاميرات رقمية قديمة.

إعلان

يقول كوبلاند "من المدهش أن ترى كيف يملؤون فراغ الهواتف بطرق خلاقة. هناك نادٍ جديد لتهجئة الكلمات، واهتمام متزايد بالأنشطة الطلابية".

ويضيف بابتسامة "صحيح أن الضجيج في الاستراحة أصبح أعلى، لكن هذا الضجيج موسيقى بالنسبة لي. أفضل سماع عشرات الأصوات المتحدثة على أن أرى عشرات الرؤوس منحنية على شاشات صامتة".

"إعادة ضبط ثقافية"

بعد أسابيع قليلة من تطبيق الحظر، يبدو أن المدارس في نيويورك تشهد إعادة اكتشاف للحياة الجماعية والتفاعل الإنساني.

فبدل أن تكون الشاشات بوابة التواصل، عاد التواصل إلى مكانه الطبيعي: العيون والضحكات والمحادثات الحقيقية.

وكما تقول المعلمة سيبولفيدا، "ربما لا يدركون ذلك الآن، لكنهم يعيشون تجربة نادرة، أن يتحدثوا إلى بعضهم البعض من جديد، بلا وسيط".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

رئيس شعبة المحمول يكشف سبب غلق آلاف الأجهزة المعفاة المباعة

علق المهندس وليد رمضان نائب رئيس شعبة المحمول والاتصالات بغرفة القاهرة التجارية، إن عدد كبير من الهواتف -50 ألف هاتف- تم إيقافها عن الخدمة؛ بسبب شرائها من أشخاص أجانب “دخلوا البلاد بها مُعفاة من الضريبة، ثم باعوها للمصريين”.

عضو غرفة الجيزة التجارية: خسائر فادحة لتجار المحمول بسبب تطبيق تليفوني اجتماع عاجل لحماية تجار المحمول.. ومطالب بتدخل فوري لإنقاذ التجار من خسائر تطبيق "تليفوني"


وأضاف نائب رئيس شعبة المحمول والاتصالات بغرفة القاهرة التجارية خلال مداخلة هاتفية ببرنامج حضرة المواطن، عبر قناة الحدث اليوم، أن التطبيق أظهر أن الهواتف المشار إليها "لا ضريبة عليها"، رافضا منع أي شخص من بيع ممتلكاته حتى إذا كانت هواتف، قائلًا: "التلاجة اللي عندي استخدام شخصي.. هل مش من حقي أبيعها؟".

 القرار لا يجب تطبيقه بأثر رجعي

وذكر أن القرار لا يجب تطبيقه بأثر رجعي، مؤكدًا حق الجميع في بيع ممتلكاتهم، في ظل غياب أي واقعة تحايل واحدة في هذه العمليات.

وتابع أن عدد الهواتف التي باعها الأجانب لم تتجاوز الـ50 ألف جهاز، في ظل تجاوز أعداد السائحين الـ15 مليون سائح سنويًا، وعدم تسجيل واقعة تحايل واحدة.

ونوه أنه في حالة رغبة الدولة في بإعادة فرض هذه الضرائب، في حالة انتقال الملكية من الأجانب للمصريين، كان عليها عدم إزالة الضريبة من تطبيق "تليفوني" والاكتفاء بمدة السماح البالغة 90 يومًا.

وشدد على ضرورة إعادة تشغيل جميع هذه الأجهزة، حفاظًا على سمعة الحكومة خصوصًا مع التزام المواطنين بالاستعلام عن الهواتف عبر تطبيق "تليفوني" قبل الشراء، معلقًا "لازم صورة الدولة مينفعش حد يهزها".

وذكر أن أحد التجار اشترى 17 ألف هاتف محمول واستخلصهم ضريبيًا، قبل إقرار ضريبة الهواتف المحمولة تم وقفهم رغم التزامه بقوانين الدولة.

مقالات مشابهة

  • هل هاتفك ضمن القائمة؟.. تعرف على هواتف سامسونج التي حصلت على أندرويد 16
  • ارتفاع متوقع في أسعار هواتف سامسونج Galaxy... تعرف على الأسباب والتأثيرات المستقبلية
  • "تعليم الفيوم" يُكرم طلاب الصف الأول الثانوي العام بمدرسة دكتور لطفى سليمان
  • دليل شامل لتنظيف الهواتف الذكية
  • رئيس شعبة المحمول يكشف سبب غلق آلاف الأجهزة المعفاة المباعة
  • هواتف ستتوقف أبل عن دعمها عام 2026.. هل جهازك من ضمنها؟
  • استخدامات الأجهزة الذكية.. جامعة قناة السويس تنظم برنامجا تدريبيا لطلاب المدارس
  • تقرير: نتائج التحقيقات الأمريكية باستشهاد شيرين أبو عاقلة كانت لإرضاء "إسرائيل"
  • تقرير: نتائج التحقيق الأمريكية باستشهاد شرين أبو عاقلة كانت لإرضاء "إسرائيل"