حددت وزارة الأوقاف المصرية، موضوع خطبة الجمعة القادمة بعنوان: “إدمانُ الأطفالِ السوشيالَ ميديَا”.

وزارة الأوقاف المصرية تُطلق أضخم برنامج لاكتشاف المواهب في تلاوة القرآن الكريم وزارة الأوقاف تصدر العدد الأول للسنة «الثانية» من مجلة «وقاية»


الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، أحمدُه حمدَ الشاكرِ المعتبرِ، وأشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ الواحدُ القهارُ، العزيزُ الغفارُ، سبحـانه هدى العقولَ ببدائعِ حكمِهِ، ووَسِعَ الخلائقَ بجلائلِ نعمِهِ، أقامَ الكونَ بعظمةِ تجليهِ، وأنزلَ الهُدى على أنبيائِهِ ومرسلِيهِ، وأشهدُ أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، شرحَ صدرَه، ورفعَ قدرَه، وشرّفنا به، وجعلَنا أمّتَه، اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ عليه، وعلى آله وأصحابِه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعد،

فنعمُ الله تعالى لا تُحصى ولا تُعدُّ، ومننُ الله على عبادِه لا تقفُ عند حدٍّ، ووسائلُ التواصلِ الاجتماعيّ هِبةُ اللهِ في هذا الزمانِ، و جسرُ الاتصالِ ما بين البلدانِ والأوطانِ، فهي ساحةٌ واسعةٌ لنشرِ الخيرِ والهُدى، وبثِّ المعرفةِ التي تعمُّ بالفائدةِ على الورى، تفتحُ أبوابَ الرزقِ والتجارةِ لكل ساعٍ، وتزيدُ من فرصِ الحياةِ الطيبةِ لكل راجٍ، فبينَ يديكَ أداةٌ فعّالةٌ لنقلِ الخبراتِ، وتحقيقِ الإنجازاتِ، وتجاوزِ المسافاتِ، وتعلمِ المهاراتِ، مزيجٌ عجيبٌ مدهشٌ من تجلّي اللهِ تعالى على عبادِه باسمِه المنعِمِ، قال تعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾

أيها الأكارمُ، قد تتحولُ نعمةُ مواقعِ التواصلِ الاجتماعي إلى نقمةٍ بسوءِ استخدامِها، وكثرةِ العكوفِ عليها، فإدمانُ السوشيالِ ميديا له آثارُهُ المُدمرةُ التي تبدأُ بضياعِ الأوقاتِ الثمينةِ، مرورًا بتحويلِ المنصاتِ إلى مواطنَ للغيبةِ والنميمةِ الإلكترونيةِ، ونشرِ التعليقاتِ السلبيةِ، وصولًا إلى المجاهرةِ بالمعاصي ونشرِ الفواحشِ وتتبعِ العوراتِ، فيؤدي ذلك إلى تفكيكِ النسيجِ المجتمعي ونشرِ الإشاعاتِ، وإغراقِ الأفرادِ في علاقاتٍ وهميةٍ سطحيةٍ قائمةٍ على الإعجاباتِ، فيحدثُ للأسرةِ تفكيكًا لعلاقاتِها وجمودًا لحواراتِها، ويجدُ المرءُ نفسه غارقًا في عزلةٍ وانفصالٍ عن الواقعِ، وتتفاقم الكارثةُ بتصدرِ رؤوسٍ جُهّالٍ للفتوى والتخوضِ في أمورِ التخصصِ بغير علمٍ ولا إحاطةٍ بفقهِ المآلاتِ، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾.

سادتي الكرامُ، كم من ساعةٍ انقضتْ أمام محتوى لا يُغني؟ وكم من فرصةٍ ذهبتْ أمام مقطعٍ له مشاهداتٌ تطغي؟ وكم من صلاةٍ أُجِّلتْ بسبب إشعاراتٍ تُلهي؟ فأعيدوا لمواقعِ التواصلِ دورَها، فليس الحلُّ في الرفضِ المطلقِ والاعتزالِ التامِّ بل في التوازنِ والاعتدالِ في الاستعمالِ، فاجعلوا لهذا العالمِ وقتًا معلومًا وغايةً مرسومةً، فلا نتتبع كلَّ خبرٍ أو صورةٍ أو معلومةٍ، ولا بدَّ أن نكونَ فاعلين لا متفاعلين، ننتقي المفيدَ وننشرَ الخيرَ الرقميَّ، ونحذرُ الشرورَ والفتنَ والمغرياتِ الإلكترونيةِ، فلا تحولوا النعمةَ إلى نقمةٍ، ولا الأداةَ إلى آفةٍ، وكونوا من الذين يقتصدونَ في كل أمورِهم ويحسنونَ تدبيرَ وقتِهم ومواردِهم، وحافظوا على عقولِكم سليمةً صافيةً، وعلى قلوبِكم نقيةً زكيةً، ولا تسلموها لتياراتٍ عابرةٍ وموجاتٍ متلاطمةٍ، قال الجنابُ المعظمُ: «نِعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ: الصحةُ والفراغُ».

*******

الخطبة الثانية
 

الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا رسولِ اللهِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أن سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُهُ.

عبادَ اللهِ، احذروا انغماسَ الأطفالِ في مواقعِ السوشيالِ ميديا، فلقد فقدَ أطفالُنا الشعورَ بالدفءِ والأمانِ الأسريِّ، أرأيتمْ صورةَ هذا الطفلِ الصغيرِ الذي تعرضَ للتنمرِ والتحرشِ الإلكتروني؟ ألمْ تسمعوا إلى المشاكلِ الصحيةِ والنفسيةِ نتيجةَ الجلوسِ أمام الشاشاتِ مما يؤثرُ على تحصيلِهم الدراسي؟ ألمْ يتأثرْ أطفالُنا بتطبيقاتِ الألعابِ الإلكترونيةِ العنيفةِ فظهرتْ حالاتٌ من العنفِ المدرسي؟ وبسببِ هذا الإدمانِ المفرطِ يعاني أطفالُنا من انعدامِ الثقةِ بالنفسِ، وتدني احترامِ الذاتِ، والشعورِ بالبؤسِ، وانعدامِ الرضا، وعدمِ القناعةِ، وضياعِ الهويةِ الثقافيةِ والدينيةِ، والتقليدِ الأعمى، والمقارناتِ الوهميةِ، والتعرضِ لمحتوياتٍ غيرِ أخلاقيةٍ منافيةٍ للتعاليمِ الدينيةِ، فلا بدَّ من تقنينِ أوقاتِ الجلوسِ أمام الشاشاتِ، وقوموا بتفعيلِ برامجِ المراقبةِ الأسريةِ والأبويةِ، وكونوا قدوةً لأبنائِكم، وافتحوا لغةَ الحوارِ مع أطفالِكم، واستجيبوا لهذا النداءِ الإلهيِّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾.

أيها الآباءُ والأمهاتُ، إن التكنولوجيا نعمةٌ من نعمِ اللهِ إن أُحسنَ استخدامُها ووسيلةٌ للتعلمِ والتواصلِ ونشرِ الخيرِ إذا وُضعتْ لها الضوابطُ السليمةُ، فأمانةُ الأبناءِ عظيمةٌ، ومسؤوليةُ الحفاظِ على عقولِهم وصحتِهم العقليةِ جسيمةٌ، فلتكنْ لكم وقفةٌ جادةٌ مع أبنائِكم، وفلذاتِ أكبادِكم، كونوا لهم قدوةً حسنةً بضبطِ استخدامِكم مواقعَ التواصلِ، وراقبوا محتواهُم بعينِ الحكمةِ والمحبةِ، وعلموهمْ الفرقَ بين العالمِ الافتراضيِّ والواقعيِّ، وبينَ الصالحِ والطالحِ، وبينَ ما يفني الوقتَ وما يبنيهِ، فهم زهرةُ حياتِكم وثمرةُ جهودِكم، فاحرصوا عليهم حرصَكم على أنفسِكم، وخصصوا لهم وقتًا نوعيًّا بعيدًا عن الشاشاتِ، يمارسونَ فيه النشاطاتِ البدنيةَ والألعابَ الجماعيةَ والتفاعلَ الأسريَّ الواقعيَّ، واستجيبوا لهذا البيانِ النبويِّ الشريفِ: «كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيتِه».

حفظَ اللهُ أولادَنا وبناتِنا من كل مكروهٍ وسوءٍ.

 


 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأوقاف وزارة الأوقاف وزارة الأوقاف المصرية خطبة الجمعة خطبة الجمعة القادمة الاطفال

إقرأ أيضاً:

في عصر السوشيال ميديا.. مصطفى الفقي: كتابة التاريخ بحاجة إلى توثيق

أكد الدكتور مصطفى الفقي، المفكر السياسي، أن كتابة التاريخ أصبحت مهمة جدًا في عصر السوشيال ميديا، لأنه لابد من توثيق مما يحدث بدلًا من أن تزيفها التكنولوجيا أو السوشيال ميديا، مشيرًا إلى أن درجة المصداقية على وسائل التواصل غير مؤكدة أحيانًا ويتم نفيها أو الاعتذار عنها لاحقًا.

مصطفى الفقي: المتحف المصري الكبير سيكون ملتقى للعالممصطفى الفقي: المتحف الكبير شهادة حق في ضمير الأمة المصرية في مرحلة دقيقة من تاريخهامصطفى الفقي: مصر لن تتدخل عسكريًا في السودان إلا لحماية أمنها القومي | فيديويعيشون حربًا أهلية.. مصطفى الفقي: الصراع بين الجيش السوداني والدعم السريع أعنف من أي وقت

وأضاف مصطفى الفقي، خلال لقائه مع الإعلامي شريف عامر، ببرنامج "يحدث في مصر"، المٌذاع عبر شاشة "إم بي سي مصر"، أن تكرار الحديث عن موضوع معين على السوشيال ميديا يرسخه في ذهن الناس حتى وإن كان غير صحيح، ولابد أن نهتم ونعي ذلك بشكل كبير، موضحًا أن التكنولوجيا أصبحت سيدة العالم ولكنها ليست أم الحضارة.

وأوضح مصطفى الفقي، أن كتابة التاريخ ما زالت بحاجة إلى توثيق، موضحًا أن ثورة 23 يوليو لم توثق بشكل كافٍ حتى الآن، وأن هناك روايات مدسوسة وغير صحيحة تحتاج إلى تصحيح دقيق.

طباعة شارك مصطفى الفقي مصر شريف عامر الفقي اخبار التوك شو

مقالات مشابهة

  • هاني أبو ريدة: السوشيال ميديا أكبر بوابة للتعصب الرياضي
  • في عصر السوشيال ميديا.. مصطفى الفقي: كتابة التاريخ بحاجة إلى توثيق
  • أوقاف المنوفية تنظّم ندوة حول "إدمان الأطفال وسائل التواصل الاجتماعي"
  • الأوقاف تنظّم صالون «محبة الوطن» بالحديقة الثقافية للأطفال بالقاهرة حول مخاطر إدمان السوشيال ميديا
  • الأوقاف تنظّم صالون محبة الوطن حول مخاطر إدمان السوشيال ميديا
  • أوقاف المنوفية تنظّم ندوة حول إدمان الأطفال وسائل التواصل الاجتماعي
  • فيديو يثير الجدل في صعيد مصر.. أطفال يرقصون على سيارة سايبرتراك
  • «إدمان الأطفال وسائل التواصل الاجتماعي».. نص خطبة الجمعة المقبلة
  • موضوع خطبة الجمعة القادمة.. «إدمان الأطفال وسائل التواصل الاجتماعي»