قبل الاتحاد الأوروبي الصياغة النهائية على مضض، بعدما حذّر من أن القمة قد تنتهي بدون التوصل إلى اتفاق إذا لم يتم تناول قضية الوقود الأحفوري.

توصلت نحو 200 دولة، السبت 22 تشرين الثاني/نوفمبر، إلى اتفاق في ختام مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "COP30" في مدينة بيليم البرازيلية، بعد مفاوضات شاقة امتدت حتى ساعات الليل الأخيرة، وانتهت إلى تسوية تقبل بها الدول رغم غياب أي ذكر مباشر للوقود الأحفوري في النص النهائي.

وكانت الحكومات قد سعت، مع اقتراب ختام الجلسة، إلى إظهار وحدة عالمية في مواجهة تداعيات تغيّر المناخ، حتى بعدما امتنعت الولايات المتحدة، أكبر مصدر تاريخي للانبعاثات، عن إرسال وفد رسمي إلى القمة.

الضغط الأوروبي على مسألة الوقود الأحفوري

مارس الاتحاد الأوروبي ضغوطاً مكثفة على مدى أسبوعين لدفع المجتمع الدولي نحو "خريطة طريق" واضحة للتخلص التدريجي من النفط والغاز والفحم، مؤكداً أنه قد يرفض الاتفاق بالكامل إذا لم تُعالج هذه القضية. كما وقعت أكثر من 30 دولة رسالة تحذّر البرازيل من أنها لن تقبل نصاً يخلو من خطة للتخلص من الوقود الأحفوري.

لكن التكتل الأوروبي وجد نفسه "معزولاً"، كما قال أحد أعضاء وفده، بعدما اصطدم بمعارضة مجموعات واسعة من الدول المنتجة والمصدّرة، وخصوصاً السعودية وروسيا والهند وعدد من الدول الناشئة.

وفي نهاية مفاوضات طويلة طوال ليلة الجمعة، قُبلت تسوية تقضي بإبقاء مسألة الوقود الأحفوري خارج النص الرسمي وإدراجها في وثيقة جانبية طرحتها البرازيل.

وقبل الاتحاد الأوروبي النص النهائي على مضض. وقال مفوض المناخ الأوروبي فوبكه هوكسترا للصحافيين: "لن نخفي حقيقة أننا كنا نفضل المزيد، المزيد من الطموح في كل شيء". وأضاف: "علينا أن ندعمه لأنه على الأقل يسير في الاتجاه الصحيح".

Related "مثير للسخط": مسودة كوب 30 تحذف ذكر الوقود الأحفوري رغم الدعوات لخارطة طريق للانتقاللوبيهات الوقود الأحفوري حاضرة بقوة في كوب 30 بالبرازيل وتفوق في العدد معظمَ الوفود المشاركةالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري يتصدر نقاشات كوب 30: هل يتحقق يوما؟ مضمون الاتفاق: تمويل وتكيّف ومراجعة للتجارة

يطلق اتفاق بيليم مبادرة طوعية لتسريع العمل المناخي لمساعدة الدول على الوفاء بالتزاماتها الحالية لخفض الانبعاثات، ويذكّر بالتوافق الذي تحقق في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي عام 2023، حين دعا العالم إلى التخلي عن الوقود الأحفوري.

ويتضمن الاتفاق دعوة للدول الغنية لبذل جهود من أجل مضاعفة تمويل التكيّف "ثلاث مرات على الأقل" بحلول عام 2035، استجابة لمطالب الدول النامية التي شددت على حاجتها العاجلة للدعم في مواجهة ارتفاع مستوى سطح البحر وتفاقم موجات الحر والجفاف والفيضانات والعواصف.

كما يطلق الاتفاق عملية لمراجعة كيفية مواءمة التجارة الدولية مع العمل المناخي، وهي نقطة رفض الاتحاد الأوروبي إدراجها في البداية، لكنها ظهرت في الصيغة النهائية المعتمدة بعد ضغط من الصين ودول ناشئة أخرى.

نشطاء يتظاهرون حاملين لافتة مكتوب عليها "1.5 درجة مئوية تحت التهديد: حان وقت العمل!" في قمة الأمم المتحدة للمناخ COP30، الجمعة 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، في بيليم، البرازيل. (AP Ph Andre Penner/Copyright 2025 The AP. All rights reserved. تباينات دولية ومواقف متقاطعة

اعتبر رئيس الوفد الصيني لي غاو أن المؤتمر سيُسجَّل "نجاحاً في وضع صعب للغاية"، مشيراً إلى أن النتيجة تعكس رغبة المجتمع الدولي في "إظهار التضامن وبذل جهود مشتركة" للتصدي لأزمة المناخ.

وفي المقابل، اتهمت وزيرة التحول البيئي الفرنسية مونيك باربو السعودية وروسيا والهند و"العديد" من الدول الناشئة الأخرى، برفض إدراج التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري. وقالت إن النص النهائي "عادي" لكنه "ليس فيه شيء سيئ بشكل غير مقبول".

وشهد الأسبوع الأخير في بيليم توتراً ميدانياً، مع اقتحام متظاهرين من السكان الأصليين موقع المؤتمر وسدّ مدخله، قبل أن يندلع حريق داخل المجمع الخميس، ما دفع السلطات إلى إخلاء أقسام منه.

مخاطر الفشل وسياق سياسي حساس

كان غياب الاتفاق سيشكل ضربة كبيرة للرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي وضع ثقل بلاده خلف ما وصفه بـ"مؤتمر الحقيقة". وبعد إعلان المسودة، قال لولا إن العالم واجه خياراً بين "الاستمرار أو الاستسلام" في عام تجاوزت فيه درجات الحرارة السقف البالغ 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، مضيفاً: "وقد اخترنا الخيار الأول".

وكان قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمقاطعة القمة اختباراً إضافياً لمدى قدرة المجتمع الدولي على مواصلة العمل المشترك. واعتبر وزير الدولة الألماني للبيئة يوشين فلاسبارث أن النقاشات جرت ضمن "خلفية جيوسياسية" معقدة، مضيفاً: "في النهاية ليس لدينا أي مسار آخر".

اتفاق على استضافة القمة المقبلة

وفي موازاة ذلك، أشاد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالاتفاق الذي تم التوصل إليه مع أستراليا لتقاسم المسؤولية في مؤتمر "كوب 31". وستستضيف أنقرة القمة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، بينما تشرف كانبيرا على المفاوضات الرسمية.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل الصحة إيران فرنسا الذكاء الاصطناعي ثلوج إسرائيل الصحة إيران فرنسا الذكاء الاصطناعي ثلوج البرازيل مصادر الطاقة الأحفورية أزمة المناخ إسرائيل الصحة إيران فرنسا الذكاء الاصطناعي ثلوج جنوب أفريقيا الشتاء تكنولوجيا شرطة دونالد ترامب غزة من الوقود الأحفوری الاتحاد الأوروبی

إقرأ أيضاً:

التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري يتصدر نقاشات كوب 30: هل يتحقق يوما؟

يعد وضع جدول زمني واضح للانتقال بعيدا عن الوقود الأحفوري البند الأكثر تعقيدا ضمن جدول أعمال مؤتمر المناخ الدولي كوب 30.

التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري يتحول بسرعة إلى نقطة اشتعال في كوب30، مع اقتراب المفاوضات المحتدمة من ساعتها الأخيرة.

على الرغم من تزايد الاستثمارات في قطاع الطاقة النظيفة، يحذر خبراء من أن التقدم نحو مستقبل خالٍ من الوقود الأحفوري لا يسير "بالسرعة الكافية"، فيما لا تزال الانبعاثات العالمية في ارتفاع.

لكن وضع خارطة طريق تُدير هذا التحول على نحو عادل، ويأخذ في الحسبان الوصول إلى الطاقة والاعتماد الاقتصادي، يثبت أنه تحدٍ. فهل سيتمكن كوب30 أخيراً من إرساء خارطة طريق؟

إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري: الجدول الزمني

في كوب28 بدبي، اتفقت قرابة 200 دولة على التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة "بشكل عادل ومنظم ومنصف" من أجل بلوغ صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050، من دون إلزامها باتخاذ أي إجراء محدد.

كان هذا أول نص في قمم المناخ يشير إلى تحول عالمي بعيداً عن استخدام الوقود الأحفوري، لكن التقدم تعثر في كوب29 بأذربيجان عندما عجزت الأطراف عن الاتفاق على إدراج إشارات واضحة إلى كيفية تنفيذ ذلك.

وقد أثار ذلك غضب الناشطين البيئيين الذين يقولون إن الدول المعتمدة على الوقود الأحفوري كانت "تتراجع" عن المناقشات السابقة.

وهذا يجعل إرساء خارطة طريق لـالطاقة النظيفة واحداً من أكثر بنود أجندة كوب30 إثارة للجدل، والوقت ينفد بسرعة للتوصل إلى اتفاق نهائي في بيليم.

هل ينجح كوب30 في إقرار خارطة طريق للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري؟

أمس (19 نوفمبر)، أعاد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا وضع خارطة طريق لـالتحول بعيداً عن الوقود الأحفوري في قلب محادثات المناخ.

وقال: "نحتاج إلى أن نظهر للمجتمع أننا نريد ذلك من دون فرض أي شيء على أحد، ومن دون تحديد مهل زمنية، لكي يقرر كل بلد ما يمكنه فعله ضمن وقته وإمكاناته".

ومضى سيلفا ليؤكد أن العالم بحاجة إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة، مضيفاً: "نحتاج إلى البدء في التفكير في كيفية العيش من دون وقود أحفوري".

Related السر في التصدي لأزمة المناخ قد يكون تحت أقدامنا: لماذا؟قادة المناخ يناقشون "تجاوز" حدود الأمان إلى منطقة الخطر الحراري: ماذا يعني؟

وعلى الرغم من أن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري لم يكن مطروحاً أصلاً على جدول الأعمال الرسمي لـكوب30، فقد تصاعد الزخم السياسي حول المسألة مع تقدم أعمال القمة.

في 18 نوفمبر، عقد وزراء من أكثر من 20 دولة مؤتمراً صحافياً، قادته الدنمارك، لدعوة مشتركة كي يتضمن الاتفاق النهائي للقمة التزاماً بوضع خارطة طريق للتحول بعيداً عن الوقود الأحفوري.

حتى الآن، تمتد هذه الكتلة إلى أكثر من 80 دولة، تشمل دولاً صناعية مثل المملكة المتحدة وألمانيا وهولندا، ودولاً نامية مثل كولومبيا وكينيا ودول الجزر الهادئة المعرضة للخطر.

أين تقف أوروبا؟

يشمل الداعمون الحاليون لخارطة الطريق الكثير من الدول الأوروبية مثل بلجيكا وكرواتيا وجمهورية التشيك والدنمارك وإستونيا وفرنسا وألمانيا واليونان وهولندا والبرتغال وإسبانيا والسويد.

في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء، حضّ مفوض المناخ في الاتحاد الأوروبي فوبكه هوكسترا الأطراف على تعزيز الطموح، قائلاً إننا "نقترب بشكل خطير من نقاط تحول مدمرة".

وقال عن خارطة الطريق المقترحة: "نحن نؤيدها بقوة"، مضيفاً: "سواء سنسميها خارطة طريق أم سنستخدم صياغة مختلفة فهذا أمر ثانوي".

وعلى الرغم من أنها لم تؤيد خارطة الطريق رسمياً بعد، فقد قدم الاتحاد الأوروبي مقترحاً يدعو إلى إطلاق خارطة طريق أوسع للطاقة في كوب30، تشمل التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري.

ويطلب المقترح من رئاستي كوب الحالية والمقبلة أن تطورا "بشكل مستمر" خارطة الطريق، وأن تقدما تقريراً سنوياً تلخيصياً.

كما "يشجع جميع الأطراف على تسريع تنفيذ الجهود العالمية" المنبثقة عن نتائج كوب28، بما يتوافق مع اتفاق باريس.

وقد عبّرت المملكة المتحدة أيضاً بصوت عالٍ عن دعمها لخارطة طريق للتحول بعيداً عن الوقود الأحفوري. ففي بيليم يوم الثلاثاء، رأى إد ميليباند، وزير الدولة البريطاني للطاقة وتغير المناخ، أن القضية لا يمكن "كنسها تحت السجادة".

وأضاف: "لدينا فرصة لجعل كوب30 اللحظة التي نمضي فيها قدماً بما اتفقنا عليه في كوب28".

"إن الإجراءات التي نتخذها في المملكة المتحدة بعدم إصدار تراخيص جديدة winters للنفط والغاز تتعلق بالمناخ وأمن الطاقة والتكاليف. والخيار الأكثر أمناً بالنسبة إلينا هو الطاقة المتجددة الرخيصة والنظيفة".

ودعمت خارطة الطريق أيضاً دول عديدة في أميركا الجنوبية مثل تشيلي وكولومبيا وبيرو والبرازيل، إلى جانب دول في أوقيانوسيا ومنطقة الكاريبي.

ما الدول المرجح أن تعارض؟

مع أنه من المتوقع أن ينضم مزيد من المؤيدين إلى الدعوة لوضع خارطة طريق، فمن الواضح أن ليس كل الدول ستكون على الخط ذاته. إذ تُعقد الصفقات بالتوافق في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، ما يجعل موافقة نحو 200 طرف أمراً حيوياً.

الولايات المتحدة، أكبر مساهم تاريخي في انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، تغيب بشكل لافت عن كوب30، في حين أن كندا، التي تواصل الموافقة على توسيع الوقود الأحفوري، لم تُبدِ دعماً بعد.

ويخيم فراغ كبير في الدعم على الشرق الأوسط، حيث يُخشى أن تعارض دول غنية بالوقود الأحفوري مثل السعودية. وهناك نقص في الدعم حالياً الآتي من آسيا، فيما تركّز اليابان على استبدال توليد الكهرباء من الوقود الأحفوري ببدائل منخفضة الكربون باستخدام الهيدروجين والأمونيا.

ويقول محلل الطاقة بول مارتن: "يمكنكم بكل بساطة خلط الدولارات بالفحم وحرقها، وتسميتها وقوداً حيوياً".

"ضرورة للصحة العامة"

الدعوة إلى إنهاء الوقود الأحفوري لا تأتي من البيئيين وحدهم، وقد وصفها أطباء وممرضون وطلاب في مجالات الصحة والطب يمثلون ملايين العاملين حول العالم بأنها "ضرورة للصحة العامة".

وفي مؤتمر صحافي في كوب30، جادل خبراء بأن التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري هو أسرع تدخل في مجال الصحة العامة متاح لإنقاذ الأرواح من طيف واسع من الأمراض المرتبطة بالتلوث.

سلّط قادة القطاع الصحي الضوء على تقرير جديد بعنوان "Cradle To Grave" صادر عن "التحالف العالمي للمناخ والصحة" خلص إلى أن النساء الحوامل المعرضات لتلوث ناشئ عن الوقود الأحفوري أكثر عرضة للولادة المبكرة وانخفاض وزن المواليد والتشوهات الخلقية، في حين يكون الأطفال أكثر عرضة للإصابة بأمراض مثل الربو والالتهابات التنفسية.

ويحذّر الدكتور جو فيبود، الرئيس السابق في "الرابطة الكندية لأطباء البيئة" (CAPE): "كل سنة من التأخير تعني مزيداً من نوبات الربو، ومزيداً من حالات الطوارئ القلبية الوعائية، ومزيداً من السرطانات والوفيات المبكرة، وكلها قابلة للوقاية".

"إن التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري ليس مجرد سياسة مناخية جيدة، بل سياسة صحية تنقذ الأرواح. وكل تأخير يعني مزيداً من الأمراض التي يمكن منعها ومزيداً من الوفيات التي يمكن تجنبها".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • انتهاء قمة المناخ دون اتفاقية ملزمة بالتخلص من الوقود الأحفوري
  • كوب 30 تتبنى اتفاقا مناخيا لا ينص على التخلص من الوقود الأحفوري
  • تعثر مفاوضات المناخ وسط ضغوط أوروبية بشأن الوقود الأحفوري
  • نتائج قمة المناخ معلّقة بعد رفض الاتحاد الأوروبي مسودة الاتفاق
  • تعثر مفاوضات قمة المناخ COP30 بعد رفض الاتحاد الأوروبي لمسودة الاتفاق
  • تمديد مؤتمر المناخ بعد انتقادات شديدة لمشروع اتفاق طرحته البرازيل
  • مثير للسخط: مسودة كوب 30 تحذف ذكر الوقود الأحفوري رغم الدعوات لخارطة طريق للانتقال
  • التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري يتصدر نقاشات كوب 30: هل يتحقق يوما؟
  • أكثر من 80 دولة تدعم خريطة طريق للتخلص من الوقود الأحفوري