محمد عبدالسميع

يتأكد الحضور الإماراتي عالمياً، وهذه المرة في جانبي التعليم والأدب والثقافة والتراث، وهما عناصر مهمّة ومؤشرات قويّة على رسوخ فكر الدولة وتاريخها العريق وأصالتها، التي تبني عليها لمستقبل ريادي ومشرق. وجاء انتخاب دولة الإمارات العربية المتحدة نائباً لرئيس المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، في دورته الثالثة والأربعين، الذي عقد في مدينة سمرقند بمشاركه 194 دولة، بحضور إماراتي رسمي، ليؤكد الحفاوة والاهتمام العالمي بدولة الإمارات.



أخبار ذات صلة الرئيس التنفيذي لشركة «انفيكتوس للاستثمار» لـ «الاتحاد»: استثمارات أبوظبي بقطاع الأغذية والزراعة تعزز الاكتفاء الذاتي «التراث البحري» يُختتم على كورنيش أبوظبي.. اليوم

وزاد من هذا الحضور إعلان منظمة اليونسكو في هذا المؤتمر الاحتفاء بالشاعر الإماراتي الراحل أحمد بن سليم الفلاسي بمناسبة مرور 50 عاماً على رحيله، وكذلك جامعة الإمارات العربية المتحدة بعد 50 عاماً على تأسيسها، حيث سيكونان ضمن قائمة الاحتفاءات الخاصة ببرنامجها للذكرى السنوية 2026 - 2027، الذي يكرّم الشخصيات والأحداث ذات التأثير البارز في مجالات الثقافة والتعليم والعلوم والسلام حول العالم.
هذا الاحتفاء يؤكّد أيضاً أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة، تحمل رسالة ثقافية وإنسانية عالمية. كما يصبّ ذلك في اهتمام الإمارات بالركائز التعليمية والثقافية لليونسكو والعالم، باعتبار اليونسكو منظمة عالمية وذات حضور كبير، مما يؤكد دور الإمارات في التعاون الدولي، وأهمية خصائصها الثقافية المرنة وفكرها الإنساني، في أكثر من مجال، ومنها مجال الثقافة والتعليم والتراث الثقافي، خصوصاً شراكة دولة الإمارات مع اليونسكو، في مبادرة إحياء روح الموصل، كنموذج يحتذى في التعاون لمرحلة ما بعدها النزاعات.
أمّا الشاعر الإماراتي أحمد بن سليم، صاحب الإبداعات الشعرية الفصيحة والشعبيّة، فتشكّل سيرة حياته وإبداعاته نموذجاً وطنياً وإنسانياً رائعاً، باعتباره شاعراً ريادياً.

المنجز التعليمي
كما أنّ الحفاوة بجامعة الإمارات العربية تؤكّد دور الجامعة، التي كانت باكورة للتعليم في الإمارات، باعتبارها أول مؤسسة للتعليم العالي في الدولة، ومن خلالها تأكد دور الدولة التعليمي في الدراسات العليا، وما يشتمل عليه التعليم من ثقافة وفكر والتزام بالنواحي الإنسانية والمواثيق الدولية في التعليم، كما أن هذا الاحتفاء المزدوج يمثل تقديراً لدورهما البارز في ترسيخ القيم الثقافية والتعليمية، التي تتماشى مع مبادئ المنظمة الدولية. 
وقد أحسنت «اليونسكو» في اختيار الجانب التعليمي الثقافي والجانب الأدبي الثقافي، ليكونا نموذجين بارزين في أعمال المنظمة في مؤتمر عالمي كبير، علاوةً على أنّ اختيار الإمارات نائباً للرئيس في المؤتمر، يؤكد جهود الدولة في بثّ روح الإنجاز والعطاء والتنوع الثقافي والتميّز الأكاديمي في المجال التعليمي.
وحين نعود إلى البدايات ونعتز بظروفها كأساس للبناء عليها والانطلاق منها لعالم الريادة والنجاح، سواء بالنسبة لجامعة الإمارات العربية المتحدة أو حضور الشاعر أحمد بن سليم الفلاسي، فإنّ الاحتفال متواصل فيما يخص الإمارات ومنجزاتها الثقافية والتعليمية، ونشير في هذا المجال إلى احتفاء منظمة اليونسكو عام 2025 بالذكرى المئوية لميلاد الشاعر الإماراتي سلطان بن علي العويس، تقديراً لعطائه الشعري وإسهاماته الثقافية الثرية.

التراث الشعري
ومن يقرأ للشاعر الإماراتي أحمد بن سلطان بن سليم الفلاسي، سينتابه الحنين والإحساس الكبير بروعة الحضور، كون هذا الشاعر يجمع بين الشعر والأدب والتاريخ، وكيف كان أولئك الروّاد يكتبون القصيدة النبطية والفصيحة، في ظلّ ظروفهم الصعبة وسعيهم الدؤوب والجاد للتعليم وتلقي العلم، خصوصاً وأنه ولد في فترة زمنية بعيدة، إذ تقول الروايات إنه ولد عام 1899م وبعضهم يقول عام 1905م أو عام 1906م، والثلاث روايات تؤكد أنّ هذا الشاعر له حضوره في زمن ريادي ظروفه ليست كظروف اليوم، التي نمتح فيها من كلّ هذه المؤسسات الأدبية والشعرية، ونستفيد خلالها من الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، لكنه درس في المدرسة الأحمدية، على يد علماء وأدباء كبار، مثل محمد عباس البغدادي، والشيخ عبدالله موسى، ومبارك الغفلي، وتعلّم اللغة والشعر والحساب، بل وبرع في الشعر الذي كتبه في مجلات عربية، كما كانت لديه رغبة بالسفر والعلم.
ويتميّز الشاعر أحمد بن سليم بكمية كبيرة من الصدق الشعري والعاطفي، كما أنّ له ذوقاً في القصيدة وامتاز شعره بالرصانة وحسن السبك والألفاظ الجيدة والمعاني السامية، بل لقد كان شعره معجماً لغوياً رائعاً للهجة الإماراتية في ذلك الوقت، إضافةً إلى وهج الشعر الذي اكتسبه هذا الشاعر، ويظل يضيء كلما عدنا إلى جيل الرواد في دولة الإمارات العربية المتحدة وكتابتهم الشعر مبكراً.
والحقيقة أنّ الشاعر الإماراتي دائمًا منفتح على محيطه الإنساني، كما في سَفَر الشاعر أحمد بن سليم إلى الهند واشتغاله هناك في العمل الإذاعي، وتعرّفه إلى محيطه التعليمي وما إلى ذلك، وحين توفّي سنة 1976م ترك إرثاً شعرياً كبيراً. فالشاعر أحمد بن سليم الفلاسي شخصية مؤثرة لمن يريد أن يعود إلى تراث الآباء والأجداد، وينظر كيف استطاعوا أن يتدفقوا بالشعر والأدب، وكيف كانوا متصالحين مع أنفسهم وينتقلون إلى محيطهم الإنساني بحكم السفر، كما تُقرأ مرحلة الشعر الإماراتي من خلالهم، إذ إنّ له قصائد رائعة في استحضار المشهد المكاني والطقوس البدوية ومشهد السحب والأرض والدوح، وما إلى ذلك، بلهجة أصيلة عبّرت عن الحنين والشوق إلى المكان، كما كانت نداءات هذا الشاعر الغزلية وموسيقى قصائده الرائعة تقدم لنا جزالة ألفاظه ووصفه السماء والأرض والطير بقلب دافئ متدفق بالحب والقصائد.

مصدر مهم
كعادة شعراء الإمارات الرواد الذين يزيدهم الشعر الفصيح والنبطي قيمة رومانسية عالية، عبّر الشاعر أحمد بن سليم عن البعد والهجران أجمل تعبير، وما دمنا نتحدث عن الجانب التراثي لليونسكو، فإنّ اللهجة نُقلت إلينا بالشعر أيضاً، كمصدر مهم لحفظ هذه اللهجة، حيث أدرج الكثير من المفردات الإماراتية في القائمة التراثية العالمية لليونسكو، فعرفنا عن طريق الشعر البيئة، ووقفنا على معرفة ثقافية تراثية استمدت من قصائد الشعراء الذين كانوا يقولون قصائدهم تلقائيّاً لتعبّر عن مواضيع الحياة آنذاك، كما في تجربة الشاعر أحمد بن سليم وشعر الوصف والشكوى والوقوف على الأطلال والغزل، والحبّ الموشى بالغزل، والقلق والأمل.

معايير أكاديمية
وبالنسبة لجامعة الإمارات العربية المتحدة يتمّ الاحتفاء بها باعتبارها أول جامعة أو مؤسسة أكاديمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد تأسست على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عام 1976، وخرّجت الكثير من الكفاءات الوطنية ودعمت اقتصاد المعرفة ومسيرة التنمية المستدامة في الدولة، كما كانت لديها خطط وبرامج ومعايير أكاديمية التزمت بها، وتعيدنا إلى ذلك الزمن ورؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية بأن تكون هناك جامعة، حيث يجتمع العلم والثقافة كمؤثِّرَين في الجانب النفسي للإنسان وتأكيد حضوره، إضافةً إلى ما تسهم به الجامعة من مشاريع بحثية ومبادرات مجتمعية واقتصاد وشراكات محلية ودولية مع المؤسسات الأكاديمية والبحثية، تدعم ذلك المساحة الكبيرة لهذه الجامعة، وتجهيزاتها المتكاملة بالمستلزمات وتخصصاتها النوعية والمهمة في الإدارة والاقتصاد والعلوم الإنسانية والاجتماعية وتقنية المعلومات والهندسة وأيضاً العلوم والزراعة والطب البيطري والطب والعلوم الصحية والدراسات العليا.
كما أنّ لدى جامعة الإمارات العربية المتحدة مؤشرات مهمة، إذ تمّ تصنيفها بمراكز عالية في التصنيف التعليمي العالمي ومؤشراته، وصنفت بالمركز الأول حسب التصنيف العربي للجامعات على مستوى الدولة، كما أنّ فيها مراكز بحثية بحدود 13 مركزاً بحثيّاً، إضافةً إلى منحها براءات اختراع في الهندسة والعلوم والطب والعلوم الصحية وتقنية المعلومات، ولها معاييرها في مواكبة العالم.
كما أنها مهتمة بالتراث الإماراتي والحلول المبتكرة والتميز الأكاديمي، وهو ما يؤكد حضور دولة الإمارات العربية المتواصل في المحافل والمؤسسات العلمية والثقافية العربية والعالمية على الدوام.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: التراث التعليم أحمد بن سليم اليونسكو الثقافة الإمارات جامعة الإمارات جامعة الإمارات العربیة المتحدة دولة الإمارات العربیة المتحدة الشاعر الإماراتی هذا الشاعر ا الشاعر کما أن

إقرأ أيضاً:

16 عنصراً سعودياً في قائمة اليونسكو.. و"الأحساء" توثق تاريخ الري

كشفت ورقة عمل متخصصة عن نجاح المملكة في تسجيل ستة عشر عنصراً ثقافياً ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو، في خطوة تعكس ثراء المخزون الحضاري للمملكة وعمقها التاريخي.
وتضمنت القائمة الوطنية الخالصة عناصر بارزة شكلت جزءاً من الهوية السعودية، شملت العرضة النجدية، ورقصة المزمار، وفن القط العسيري، والبن الخولاني السعودي، إضافة إلى الورد الطائفي الذي يعد أيقونة ثقافية وزراعية مميزة.
أخبار متعلقة 30 متطوعاً وماراثون رياضي.. القطيف ترسم البهجة في يوم الطفلإنذار أصفر.. ضباب وتدن في الرؤية على أجزاء من الشرقيةوامتدت الإنجازات لتشمل أحد عشر عنصراً مشتركاً مع دول أخرى، تصدرها المجلس، والقهوة العربية التي اعتمدت رسمياً عام 2022م باسم «القهوة السعودية»، إلى جانب الصقارة، ونخيل التمر، وحياكة السدو، وحداء الإبل.
كما ضمت القائمة المشتركة فنون الخط العربي، وطبق الهريس التقليدي، ومهارات النقش على المعادن، والحناء، وآلة السمسمية الموسيقية، لترسم هذه العناصر لوحة متكاملة للهوية التراثية المشتركة للمنطقة.
وجاء استعراض هذه المنجزات خلال ورقة عمل طُرحت ضمن فعاليات البرنامج التطوعي «الأحساء تستاهل»، الذي تنظمه هيئة التراث في قصر إبراهيم التاريخي، لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في صون الموروث.
وأكدت الورقة التزام المملكة بالاتفاقية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي التي اعتمدتها اليونسكو عام 2003م، حيث صادقت السعودية عليها في عام 2008م تعزيزاً لمبادئ التقارب الإنساني والتبادل الثقافي والاحترام المتبادل.
وعرّفت الورقة هذا النوع من التراث بأنه مجمل الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات التي تتوارثها الجماعات وتعدها جزءاً أصيلاً من هويتها، بما يشمل الآلات والقطع والمصنوعات المرتبطة بها.
ويشكل قطاع التراث الثقافي غير المادي ركيزة أساسية ضمن الاهتمامات الاستراتيجية لهيئة التراث، حيث تعمل على تطويره جنباً إلى جنب مع قطاعات الآثار، والتراث العمراني، والحرف اليدوية.
وعلى صعيد العمل الميداني، نفذ متطوعو مبادرة «الأحساء تستاهل» جولات توثيقية شملت عدداً من مزارع الواحة، بهدف رصد التاريخ الشفهي للممارسات الزراعية وتدوين المعارف التقليدية المرتبطة بنظم الري مباشرة من المزارعين.
وتستمر فعاليات المبادرة حتى نهاية نوفمبر الجاري بتعاون استراتيجي بين هيئة التراث واليونسكو، وبمشاركة واسعة تضم المؤسسة العامة للري، وأمانة الأحساء، وجامعة الملك فيصل، لتوحيد الجهود المؤسسية في خدمة التراث الوطني.

مقالات مشابهة

  • تعلن نيابة ومحكمة سنحان أن على أولياء دم المجني عليه كامل أحمد عباد الحضور إلى المحكمة
  • صحفيات بلا قيود: وفاة معتقل الرأي الإماراتي "علي الخاجة" داخل محبسه جريمة "قتل بطيء" تستوجب المساءلة الدولية
  • أخبار التوك شو| أبو العينين: لن نتنازل عن حقنا في مياه النيل.. وأحمد موسى: عايزين برلمان سليم إحنا مش بنخترع العجلة
  • عايزين برلمان سليم.. أحمد موسى: إحنا مش بنخترع العجلة إحنا بنتكلم عن انتخابات
  • 16 عنصراً سعودياً في قائمة اليونسكو.. و"الأحساء" توثق تاريخ الري
  • تعلن محكمة باجل أن على المدعى عليه طارق أحمد الجوبعي الحضور إلى المحكمة
  • ما هو اسم النشيد الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة؟
  • أحمد كامل يطرح ميني ألبوم جديد بتوقيع الشاعر مصطفى ناصر
  • بسبب الحروب والمناخ .. الأمم المتحدة: الجوع في الدول العربية يبلغ أعلى مستوى