أعاد ظهور تمثال لجندي يحتضن امرأة في شارع النيل بمدينة أم درمان إشعال الجدل في السودان، بعدما بدت صور النصب وكأنها تعيد تجسيد لقطة زيارة البرهان لمعسكر نازحي الفاشر في مدينة الدبة—الزيارة التي شكّلت حينها حدثاً واسع التداول في منصات الإعلام والمجتمع.

الخرطوم: التغيير

غير أنّ توقيت تشييد التمثال جاء في لحظة يصفها كثير من السودانيين بأنها “الأكثر ألماً” منذ اندلاع الحرب.

فقد رأى عدد واسع من المعلقين في منصات التواصل أن إقامة تمثال تذكاري في وقت لا تزال فيه المعارك مشتعلة، وملايين المواطنين مشرّدين، وقطاع كبير من السكان يكافح للبقاء، يعكس انفصالاً عن الواقع واستهانة بما يمرّ به الشارع.

وقال منتقدون إن الأموال التي صُرفت على المشروع كان أولى أن تُوجّه نحو دعم أسر فقدت أبناءها في القتال، أو مساعدة نازحين يفتقرون للغذاء والمأوى. فيما اعتبر آخرون أن الاحتفاء في هذا الظرف “رسالة خاطئة” تزيد من الاحتقان الشعبي.

ورغم الانتقادات الواسعة عبر منصات الإنترنت، فإن نصب التمثال تم عملياً دون اعتراضات ميدانية كبيرة، وهو ما جعل كثيرين يقارنون تلقائياً بتجربة سابقة مشابهة لكنها لم تكتمل.

تمثال الشهيد عبد العظيم

قبل سنوات، حاول فنانون تشكيليون ولجان مقاومة في أم درمان تخليد ذكرى الشهيد عبد العظيم أبو بكر بوضع تمثال له في شارع الأربعين؛ الشاب الذي استشهد في موكب 24 يناير، وخلّد في ذاكرة السودانيين عبارته الشهيرة: “لقد تعبنا يا صديقي، ولكن لا أحد يستطيع الاستلقاء أثناء المعركة.”

تمثال الشهيد عبدالعظيم

وعلى عكس ما حدث مع التمثال الحالي، خاضت لجان الأحياء نقاشات مطوّلة، وجرى التواصل مع سكان المنطقة كافة، وتفنيد اعتراضات الرافضين، قبل التوصل إلى توافق مجتمعي واسع على وضع التمثال في موقع استشهاده وتم تحديد موعد للتدشين.

لكن المشروع اصطدم فجراً بحدث مفاجئ؛ إذ أقدمت جماعة دينية على تحطيم القاعدة المخصصة لحمل التمثال.

وجاء ذلك بعد تحريض—وفق بيان اللجان—من أحد الدعاة الذي استغل الخطاب الديني لإثارة الفتنة داخل الحي. واندلعت على إثر ذلك مشادات عنيفة بين الرافضين وأهالي المنطقة، انتهت بمنع التمثال من الصعود إلى مكانه.

وأصدرت وقتذاك لجان الأربعين والفيل والموردة بياناً أدانت فيه الحادثة، محذّرة من خطورة استخدام الدين كسلاح سياسي، وداعية إلى الحفاظ على الوحدة والحوار بدلاً من الشقاق.

مفارقة ومقاربة

أعاد تمثال الجندي الحالي إلى السطح سؤالاً ظل يتردد منذ سنوات: لماذا يسمح لرموز بعينها بالاحتفاء في الفضاء العام، بينما تُجهض محاولات تخليد رموز الثورة في مهدها؟

ويرى ناشطون أن المقارنة بين الحالتين ليست في التمثال ذاته، بل في البيئة السياسية والاجتماعية التي سمحت بمرور أحدهما ومنعت الآخر.

فالتمثال الذي أُقيم حالياً—رغم حساسية التوقيت—لم يواجه اعتراضاً تنظيمياً فعالاً على الأرض، في حين أن تمثال الشهيد عبد العظيم، الذي جاء ثمرة توافق محلي، لم يُكتب له البقاء.

ويشير ناشطون إلى أن هذا التناقض يعكس الاستقطاب العميق الذي يعيشه السودان، حيث يحدد الانتماء السياسي الموقف من الرموز العامة أكثر مما تحدده الفكرة أو القيمة التي تمثلها تلك الرموز.

تمثال الجندي غضب وسخرية

لم تتأخر مواقع التواصل في التعبير عن غضبها تجاه التمثال الحالي، وجاءت غالبية التعليقات على فيسبوك مليئة بالاستياء والسخرية، بعضها لاذع إلى حد كبير.

كتب أحد المعلقين: ودايرين الحرب تنتهي؟ انتظروها ساي… البلد دي فوضى. زمن التمثال الناس مشردة وجعانة.”

وذهب آخرون إلى التأكيد أن الأموال التي صُرفت على النصب كان يمكن أن تنقذ أسرة فقدت أبناءها في الحرب أو أن تُقدَّم لمحتاجين شردتهم المعارك.

ووصلت حدة السخط لدى البعض في وسائل التواصل إلى دعوات علنية لمحاسبة من كان سبباً في ما وصلت إليه البلاد، معتبرين أن التمثال “استفزاز” لشعب يعيش جراحه المفتوحة.

الوسومالشهيد عبد العظيم شارع الشهيد عبد العظيم

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الشهيد عبد العظيم

إقرأ أيضاً:

ترامب: أشكر "صديقي" الرجل العظيم ولي العهد السعودي

وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشكر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، على قيادته الجريئة والتزامه العميق بالروابط بين البلدين الصديقين، ووصفه بالصديق والرجل العظيم.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1600588014572-0'); }); جاء ذلك خلال مشاركة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أعمال منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي المنعقد في مركز جون كينيدي بالعاصمة الأمريكية واشنطن.
أخبار متعلقة بالصور.. شاهد استعدادات مدينة واشنطن لاستقبال سمو ولي العهدولي العهد: سنوقع مع أمريكا اتفاقات بالدفاع والطاقة والذكاء الاصطناعيبناءً على توجيه خادم الحرمين.. ولي العهد يغادر إلى الولايات المتحدة في زيارة رسميةوألقى ولي العهد كلمة أعرب في بدايتها عن سعادته بتجدد اللقاء بالرئيس الأمريكي والحضور في واشنطن بعد 6 أشهر من انعقاد منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي في الرياض الذي وضع الأسس لشراكة تقوم على النمو والتنويع الاقتصادي والابتكار.
ونوه بتوقيع وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية بين البلدين، في خطوة تاريخية لترسيخ التعاون الاقتصادي.اتفاقيات لمشروعات استثمارية جديدةوأشار سمو ولي العهد خلال كلمته إلى ما نشهده اليوم من توقيع اتفاقيات لمشروعات استثمارية جديدة تتضمن قطاعات الدفاع والطاقة والذكاء الاصطناعي والمعادن النادرة والقطاع المالي، ما سيسهم في توطين وتوفير فرص وظيفية كثيرة في بلدينا، ودعم النمو الاقتصادي في البلدين
وأعرب عن تطلعه إلى تعزيز العلاقة التاريخية وتطوير مسار الاستثمار بين البلدين بما يواكب الطموحات المشتركة، داعيًا إلى اغتنام الفرص الجاذبة التي تتيحها الشراكة السعودية الأمريكية.
وفي ختام كلمته قدم سمو ولي العهد الشكر إلى الرئيس الأمريكي على اهتمامه بتعزيز الشراكة الاقتصادية، التي يثق في أنها ستشهد نموًا غير مسبوق خلال السنوات المقبلة.قيادة جريئة والتزام عميقكما ألقى الرئيس الأمريكي كلمة خلال المنتدى، قال فيها: أشكر صديقي هذا الرجل العظيم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز على قيادته الجريئة والتزامه العميق بالروابط بين بلدينا.
وأضاف: أمس حظينا بزيارة مذهلة في البيت الأبيض احتفالاً بالترابط الذي دام 80 عامًا بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية.
وتابع: لقد سمينا رسميًا المملكة أمس حليفًا رئيسيًا خارج الناتو، إنه شرف عظيم يحدث نادرًا، لذا أريد فقط أن أهنئك على ذلك، هذه علامة ثقة، لقد وقعنا اتفاقية دفاع استراتيجية تاريخية أمس أيضًا، وهي شراكة مشرفة جدًا.
وأردف ترامب: سنبيع المملكة العربية السعودية بعضًا من أعظم المعدات العسكرية التي جرى بناؤها على الإطلاق.
واختتم كلمته بالتأكيد على أن البلدين يعملان معًا لجعل التحالف أقوى وأكثر قوة مما كان عليه في أي وقت مضى.

مقالات مشابهة

  • تمثال الجندي العائد .. رمزية تتجاوز السياسة
  • شاهد بالصورة.. “وزيرة القراية” وحسناء الإعلام السوداني تبهر متابعيها بإطلالة أنيقة تعبر فيها عن حيرتها بسبب (العدس والسخينة)
  • أول رد من زوج البلوجر سلمى عبد العظيم بعد خلع الحجاب
  • تمثال جديد للأميرة ديانا في متحف الشمع بباريس يحيي ذكراها
  • الحكومة السعودية تتجه غرباً… قفزات داخل المشهد السوداني
  • البلوجر سلمي عبد العظيم تفاجئ جمهورها بخلع الحجاب
  • علامة فارقة.. اكتشاف 225 تمثالًا من الأوشابتي بمنطقة صان الحجر الأثرية
  • الكشف عن 225 تمثالًا من الأوشابتي الخاصة بالملك شوشنق الثالث بمنطقة صان الحجر الأثرية
  • ترامب: أشكر "صديقي" الرجل العظيم ولي العهد السعودي