بوتين: علاقات الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي بين روسيا والصين تتطور بوتيرة متصاعدة
تاريخ النشر: 25th, November 2025 GMT
الثورة نت/وكالات أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الثلاثاء، أن علاقات الشراكة الشاملة والتفاعل الاستراتيجي بين روسيا والصين تتطور بشكل تصاعدي. وقال بوتين في برقية الترحيب للمشاركين والمنظمين وضيوف منتدى أعمال الطاقة الروسي الصيني السابع، التي نشرت على موقع الكرملين الإلكتروني: “أحييكم بحرارة بمناسبة افتتاح منتدى أعمال الطاقة الروسي الصيني السابع.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
التوازن الاستراتيجي: موقع الصين في ضوء المعادلة الأمريكية-السعودية المستجدة
شهد المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط تحولا مفصليا في أواخر عام 2025. ففي أعقاب الاجتماعات رفيعة المستوى الأخيرة بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والقيادة الأمريكية في واشنطن، أعادت الولايات المتحدة التأكيد على التزاماتها الأمنية تجاه المملكة. وفي حين يميل المحللون الغربيون غالبا إلى تأطير هذا التحالف المتجدد كخطوة تهدف إلى احتواء بكين، فإن القراءة المتأنية والعميقة للأحداث تكشف واقعا مغايرا؛ إذ لا تشير تطورات العلاقات الأمريكية-السعودية إلى خروج الصين من المشهد، بل تسلط الضوء على بيئة دولية معقدة ومتعددة الأقطاب، يظل فيها النفوذ الصيني بنيويا، اقتصاديا، وراسخا بعمق.
أسطورة "المعادلة الصفرية" في الجغرافيا السياسية
تسود سردية نمطية مفادها أنه لكي تكسب واشنطن، يجب أن تخسر بكين، بيد أن الديناميكيات الحالية في الرياض تدحض هذا المنظور "الصفري". لقد انتهجت المملكة العربية السعودية سياسة "السعودية أولا"، وهي استراتيجية ترتكز على تنويع الشراكات بدلا من الانحياز لمحور دون آخر.
بالنسبة للصين، يحمل هذا التوجه ميزة واضحة؛ فالسعودية لم تعد دولة تدور في فلك التوجيهات الغربية حصرا، بل باتت قوة وسطى تتمتع باستقلالية القرار. إن قرار الرياض بتحديث علاقاتها الدفاعية مع الولايات المتحدة هو خطوة براغماتية لتأمين حدودها. ومن المفارقات أن هذا الاستقرار الأمني يصب في مصلحة بكين، فبصفتها المشتري الأكبر للنفط السعودي، تحتاج الصين إلى استقرار الخليج العربي لضمان التدفق الحر للطاقة. وإذا كان الجيش الأمريكي يوفر المظلة الأمنية التي تحمي ممرات الشحن هذه، فإن بكين بذلك تضمن مصالحها في مجال الطاقة دون أن تتكبد الأعباء المالية والعسكرية الباهظة لشرطة المنطقة.
المحرك الاقتصادي الذي لا غنى عنه
بينما تقدم واشنطن الضمانات الأمنية والعتاد العسكري المتطور مثل مقاتلات "إف-35"، فإنها لا تستطيع بسهولة استنساخ الدور الذي تلعبه الصين في التحول الاقتصادي للمملكة. تتطلب "رؤية السعودية 2030" تنمية هائلة في البنية التحتية، والتصنيع الصناعي، والقدرات الإنشائية؛ وهنا تظل الصين الشريك الذي لا يمكن الاستغناء عنه.
واعتبارا من تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، تواصل الشركات المملوكة للدولة في الصين هيمنتها على قطاعات البناء في "المشاريع العملاقة" السعودية مثل "نيوم". وتشير البيانات الحديثة إلى أن أكثر من 750 شركة صينية تعمل حاليا داخل المملكة، وفي الوقت الذي تركز فيه الولايات المتحدة على الدفاع وقطاعات تكنولوجية محددة مثل رقائق الذكاء الاصطناعي، تقوم الشركات الصينية ببناء العمود الفقري المادي للاقتصاد السعودي الجديد، بدءا من السكك الحديدية فائقة السرعة وصولا إلى مزارع الطاقة الشمسية.
علاوة على ذلك، تعكس أحجام التبادل التجاري حقيقة جلية: الصين لا تزال الشريك التجاري الأول للسعودية. ويخلق هذا التكامل الاقتصادي تكافلا بنيويا؛ حيث تصدر السعودية الطاقة لتغذية الصناعة الصينية، وتصدر الصين الآلات والسلع الاستهلاكية التي تستهلكها المملكة. هذا الاندماج المنهجي يخلق مرونة لا يمكن للاتفاقيات الدبلوماسية مع أطراف ثالثة تفكيكها بسهولة.
التكنولوجيا والسيادة الوطنية
شكلت التكنولوجيا، وتحديدا الذكاء الاصطناعي والمعادن النادرة، محورا رئيسا في المحادثات الأمريكية-السعودية الأخيرة، وقد سعت الولايات المتحدة إلى الحد من نشر البنية التحتية الرقمية الصينية لصالح البدائل الأمريكية. ومع أن هذا يمثل تحديا، إلا أنه يحفز الصين على التكيف.
لقد توجهت الصين نحو القطاعات التي تكون فيها القيود الأمريكية أقل صرامة، مثل تكنولوجيا الطاقة المتجددة، والمركبات الكهربائية، والبنية التحتية المدنية. وعلى سبيل المثال، شهدت الاتفاقيات المبرمة في عام 2025 توسعا لمصنعي السيارات الكهربائية الصينيين في إنشاء مرافق إنتاج محلية داخل السعودية.
إضافة إلى ذلك، فإن إصرار السعودية على مبدأ "السيادة التقنية" يعني حذرها من الاعتماد الكلي على مورد واحد. وقد أوصلت الرياض رسالة صريحة لبكين مفادها أن صفقاتها الأمنية مع واشنطن لا تحول دون التعاون التجاري مع الصين، وهو ما بدا واضحا حين طمأن المسؤولون السعوديون نظراءهم الصينيين قبيل قمة واشنطن بأن العلاقات التجارية ستظل قوية ومتينة.
واقع أسواق الطاقة
لا يزال النقاش حول "البترويوان" -تسعير النفط بالعملة الصينية- ورقة استراتيجية طويلة الأمد لبكين. ورغم أن الاتفاق الأمني الأمريكي يعزز مكانة الدولار على المدى القصير، فإن التحول الهيكلي في الطلب العالمي على النفط يميل لصالح الصين.
تعد الولايات المتحدة مصدرا صافيا للطاقة ومنافسا للمملكة العربية السعودية في أسواق النفط العالمية. في المقابل، تعتبر الصين زبونا استراتيجيا طويل الأمد ومضمونا. وتفرض حقيقة السوق الأساسية هذه على الرياض ضرورة إيلاء الأولوية لعلاقتها مع بكين لتأمين عوائدها المستقبلية. وتواصل الدولتان استكشاف اتفاقيات تبادل العملات والتسويات المالية عبر الحدود التي تقلل من عوائق التجارة، مما يضمن استمرار تعميق الترابط المالي بغض النظر عن المعاهدات الدفاعية.
إن إعادة تموضع العلاقات الأمريكية-السعودية في عام 2025 لا تمثل هزيمة للدبلوماسية الصينية، بل هي تكريس للنظام العالمي متعدد الأقطاب الذي دعت إليه الصين. وإن حقيقة اضطرار واشنطن الآن لتقديم ضمانات أمنية ملزمة ونقل للتكنولوجيا المتقدمة للحفاظ على نفوذها، هي بحد ذاتها دليل على الضغط التنافسي الذي تفرضه بكين بمجرد صعودها.
بالنسبة للصين، يمثل الوضع توازنا مستقرا؛ تتحمل الولايات المتحدة تكلفة الأمن الإقليمي، بينما تجني الصين ثمار التكامل الاقتصادي والوصول إلى الطاقة. وبعيدا عن كونها قد أُقصيت، تظل الصين ركيزة أساسية لمستقبل الشرق الأوسط، وتعمل في مسار موازٍ للنفوذ لا يمكن للقوة العسكرية الأمريكية إزاحته.