لماذا الأمن نقطة ضعف الرئيس تينوبو في انتخابات نيجيريا 2027؟
تاريخ النشر: 25th, November 2025 GMT
مع بقاء 16 شهرًا على الانتخابات العامة المقبلة في نيجيريا، أنجز الرئيس بولا أحمد تينوبو جانبًا كبيرًا من الترتيبات السياسية؛ إذ شتّت خصومه واستمال بعضهم، وشجع الانشقاقات، وأحكم قبضته على حزب المؤتمر التقدمي الحاكم.
وعلى الورق تبدو فرص إعادة انتخابه في 2027 قوية، لكن على الأرض تبدو أقل ضمانًا بكثير، وفق ما أورد موقع أفريكا ريبورت.
الأمن، الذي استخدمه تينوبو سابقًا سلاحا ضد أسلافه، عاد ليشكّل نقطة ضعفه المركزية. فبحسب التقرير، فإن الهجمات الجهادية وعمليات الخطف الجماعي في الشمال الغربي والوسط الشمالي زعزعت ثقة الجمهور وجذبت انتقادات خارجية حادة، في حين تراجعت السياسة إلى الخلفية في وقت تكافح الرئاسة لاحتواء أزمة أمنية تضرب جوهر سلطة الرئيس.
في 22 نوفمبر/تشرين الثاني، أقرّ تينوبو علنًا أن أزمة الأمن "أكثر ما يقلقه"، وهو اعتراف نادر من رئيس بنى صورته السياسية على الكفاءة الصارمة.
واعتبر أفريكا ريبورت أن هذا التصريح يعكس حجم الضغوط التي يواجهها الرئيس بعد أسبوع صادم شهد خطف أكثر من 300 تلميذ وهجمات دامية على الكنائس والقرى.
كما أشار تقرير الموقع إلى أن الحكومة الفدرالية أغلقت عشرات المدارس خشية هجمات وشيكة، وأرجأت مهرجان الفنون والثقافة الوطني، بينما اعتمدت بعض المجتمعات على لجان الدفاع الأهلي لصدّ الهجمات، في مشهد يبرز هشاشة الدولة أمام تمدد الجماعات المسلحة.
ويضيف موقع أفريكا ريبورت أن الأزمة الأمنية تزامنت مع ضغوط متزايدة من الولايات المتحدة، حيث وصف الرئيس دونالد ترامب ما يجري بأنه "إبادة جماعية للمسيحيين"، ما يفتح الباب لعقوبات أو تدخل أحادي، وهو ما يفاقم التحديات أمام تينوبو.
إعلانورغم أن الرئيس أعاد تشكيل قيادات الأجهزة الأمنية ودعم إنشاء شرطة محلية على مستوى الولايات، إلا أن الإصلاحات لا تزال سطحية، إذ لا تزال مناطق واسعة غير آمنة، في حين تفتقر الإستراتيجية لمواجهة قطاع الطرق إلى الاتساق حسب ما يقول التقرير.
سياسيون وناشطون أعادوا التذكير بتصريحات قديمة لتينوبو طالب فيها باستقالة الرئيس جوناثان بسبب الفشل الأمني، معتبرين أنه يجب أن يُحاسب اليوم بنفس المعيار.
ووفق أفريكا ريبورت، فإن هذا الجدل يعكس اتساع دائرة الانتقادات التي وصلت إلى رجال الدين والشخصيات العامة.
في المقابل، يحمّل أنصار تينوبو جزءًا من المسؤولية لتهديدات ترامب بالتدخل العسكري، ويرون أن خصومًا داخليين وخارجيين يضغطون على الحكومة برعاية الإرهاب.
لكن وفق تقرير أفريكا ريبورت لا توجد أدلة علنية تثبت أن موجة الخطف والهجمات الحالية منسّقة سياسيًا، في حين تشير الأبحاث المستقلة إلى صورة أكثر تعقيدًا: خلايا جهادية متداخلة، عصابات إجرامية، تواطؤ محلي، وقطاع أمني منهك بالفساد.
ويحذر التقرير من أن تصوير الأزمة كحرب دينية يفاقم المخاطر، إذ تُظهر البيانات أن معظم ضحايا العنف الجهادي في الشمال الشرقي مسلمون، بينما تستهدف هجمات قطاع الطرق من يرفضون دفع الإتاوات بغض النظر عن ديانتهم.
وفي الختام، يرى تقرير أفريكا ريبورت أن كل مجزرة أو عملية خطف جديدة تقوّض وعد تينوبو بـ"الأمل المتجدد"، وتغذي المطالب بإعادة هيكلة النظام الأمني برمته.
وإذا لم ينجح في إقناع النيجيريين، خصوصًا في الشمال، بأن اتجاهات الأمن والمعيشة اليومية تتحسن، فقد تتحول انتخابات 2027 إلى استفتاء على فشله في وقف القتل، لا على مهاراته السياسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات أفریکا ریبورت
إقرأ أيضاً:
الخطف الجماعي للتلاميذ بنيجيريا يكشف عن معاناة تينوبو الأمنية
طالبت عائلات قرية بابيري منذ مدة طويلة بتوفير قوات أمنية لحماية أبنائهم في المدرسة الواقعة شمال نيجيريا، حيث اختطف مسلحون أكثر من 300 تلميذ الأسبوع الماضي في واحدة من أسوأ عمليات الخطف الجماعي في البلاد. لكن الأهالي يقولون إن أحدا لم يستجب.
داودا غوانجا، والد أحد التلاميذ المختطفين، أوضح أن الشرطة والجيش وقوات الدفاع المدني لم تستجب لمطالبهم، فاضطر القرويون إلى الاعتماد على متطوعين غير مسلحين لحراسة المدرسة، لكنهم فرّوا عندما اقتحم عشرات المسلحين على دراجات نارية المكان.
الهجوم على مدرسة سانت ماري الكاثوليكية كشف عن هشاشة جهود الرئيس بولا تينوبو في مجال الأمن، خاصة بعد تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب باتخاذ إجراءات عسكرية بسبب ما وصفه بسوء معاملة المسيحيين.
بعد عامين ونصف العام من تولّيه السلطة، ورغم إشادة وكالات التصنيف بالإصلاحات الاقتصادية، فإن الهجمات شبه اليومية ما زالت خارج السيطرة، رغم وعوده بتجنيد مزيد من الجنود والشرطة وتحسين رواتبهم وتجهيزهم.
العصابات المسلحة تخطف الأطفال بشكل متكرر مقابل فدية في مناطق نائية مثل بابيري التي تبعد 6 كيلومترات فقط عن أقرب مركز شرطة صغير و4 ساعات عن أقرب مدينة.
وفي شمال شرقي البلاد، ورغم تراجع هجمات الجماعات الجهادية على المدنيين مؤخرا، فإن المسلحين يستخدمون الطائرات المسيّرة والأسلحة الثقيلة لمهاجمة قواعد الجيش.
الهجوم في ولاية النيجر، حيث اختُطف أيضا 12 معلما، يُعد من أسوأ عمليات الخطف الجماعي المسجلة في نيجيريا، متجاوزا حادثة شيبوك عام 2014 حين اختطفت جماعة "بوكو حرام" 276 طالبة.
تينوبو ألغى رحلات خارجية وأمر بإعادة نشر قوات الأمن لملاحقة الخاطفين، كما وجّه الشرطة إلى سحب عشرات الآلاف من عناصرها المكلّفين بحماية الشخصيات المهمة وتحويلهم إلى مهام حماية عامة.
إعلانوأعلن الرئيس عن خطط لتجنيد 30 ألف شرطي إضافي. لكن إغلاق نحو 50 مدرسة في الشمال خوفا من هجمات جديدة يعكس محدودية قدرة الحكومة على وقف موجة الخطف سريعا.
وتشير مراكز بحثية مثل "أغورا بوليسي" إلى أن أكثر من ربع قوة الشرطة -أي نحو 100 ألف عنصر- مخصصون لحماية السياسيين وكبار الشخصيات، وهو ما يضعف قدرة الجهاز على حماية المواطنين. كما أن ضعف الرواتب والإرهاق المستمر بين الجنود والشرطة يزيد من الأزمة.
وفي ولاية كيبي، أثار هجوم آخر أسئلة عن انسحاب الجنود قبل ساعة من خطف 25 طالبة من مدرسة داخلية رغم وجود معلومات استخباراتية عن هجوم محتمل.
كذلك قُتل جنرال في الجيش على يد جماعة "ولاية غرب أفريقيا التابعة لتنظيم الدولة" بعد أن كُشف موقعه خلال اتصال هاتفي مع قاعدته.
هذه الحوادث المتكررة، بحسب محللين أمنيين، تكشف عن إخفاقات استخباراتية خطيرة وتؤكد أن القوات النيجيرية تواجه خصما أكثر مرونة وأقدر على استغلال تضاريس البلاد المعقدة.