قالت شركة هواوي تكنولوجيز الصينية العملاقة، الاثنين، إنها افتتحت مركزا للبيانات السحابية في العاصمة السعودية الرياض، في محاولة لزيادة طرح خدماتها عبر الإنترنت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقال مسؤول من الشركة في مؤتمر صحفي إن مركز البيانات السحابية في الرياض، وهو المركز الثلاثين لهواوي على مستوى العالم، سيدعم الخدمات الحكومية للسعودية، وسيسمح باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي ووضع النماذج اللغوية باللغة العربية.
وقال ستيفن يي الرئيس الإقليمي للشركة "تدشين سحابة هواوي لا يقتصر علينا فقط، ولكنه جسر سيأتي بشركات صينية أخرى إلى السعودية".
وذكر أن هذه الخطوة ستسهم في تطوير الاقتصاد الرقمي للسعودية، مضيفا أن هواوي افتتحت مقرها الإقليمي في الرياض هذا العام.
وسبق أن قالت السعودية إنها لن توقع عقودا مع شركات أجنبية ليس لها مقرات إقليمية في المملكة بعد هذا العام.
ووفقا لشركة كاناليس للاستشارات البحثية، احتلت شركة هواوي المركز الخامس في سوق الخدمات السحابية العالمية في الربع الأول بحصة سوقية بلغت 2.4 بالمئة، رغم أنها كانت ثاني أكبر شركة في البر الرئيسي الصيني.
وقالت هواوي في فبراير إنها ستستثمر 400 مليون دولار في قطاع الحوسبة السحابية بالسعودية على مدى الخمس سنوات المقبلة.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
حليب الأطفال .. سلعة نجاة مفقودة وسط حرب الإبادة
الثورة / متابعات
في قطاع غزة، حيث الموت يتسلل من كل زاوية، لم تعد القنابل وحدها تقتل الأطفال. اليوم، يُولد الرضّع في أحضان مجاعة زاحفة، تفتك بأجسادهم قبل أن يعرفوا معنى الحياة، وتحولت عبوة حليب الأطفال إلى “سلعة نجاة” قد تُهدى أو تُهرب، لكنها نادرًا ما تُشترى.
في مستشفى ناصر بخان يونس، يئنّ قسم الأطفال تحت وطأة ما وصفه الأطباء بـ”أسوأ كارثة إنسانية يشهدها القطاع الصحي منذ عقود”.
رضّع على حافة الهلاك
الدكتور أحمد الفرا، رئيس القسم، يقول بصوت مخنوق: “ما لدينا من حليب صناعي قد يكفينا لأيام قليلة فقط. الأطفال يموتون أمام أعيننا، ولا نملك ما نقدمه سوى الحسرة”.
الأسوأ، بحسب الفرا، أن حليب الأطفال المخصص للمواليد الخدج قد نفد تمامًا، مما اضطر الأطباء لاستخدام الحليب العادي رغم عدم ملاءمته لحالات الولادة المبكرة.
يضيف: “نحن مجبرون على الاختيار بين السيئ والأسوأ. هذه ليست ممارسة طبية.. هذه مجازر سريرية بحق الأبرياء”.
مدير الإغاثة الطبية في غزة يقول: الاحتلال يتعمد عدم إدخال أي نوع من الحليب ومئات الأطفال يعانون من سوء التغذية، ولا مقومات غذائية تعوض الأطفال في القطاع عن غياب الحليب .
أمهات يتضورْن جوعًا
في مخيم النصيرات، تجلس هناء الطويل، أم لخمسة أطفال، على بطانية ممزقة، تمسك طفلها الصغير وقد خفّ وزنه حتى بات أقرب إلى شبح.
تقول بصوت متهدج: “لا أملك في صدري حليبًا. جسدي جائع… كيف أُرضع؟ أحتفظ بقطعة خبز بجانبي لعلها تخفف بكاءه ليلًا”.
طفلها، كما تقول، تأخر في المشي والكلام. إنها ترى علامات الهزال وقصور النمو تترسخ في جسده، تمامًا كما يترسخ الخوف في قلبها.
أرقام مفجعة وحصار يسرق الطفولة
وفقًا لوزارة الصحة في غزة، توفي حتى الآن 66 طفلًا نتيجة الجوع المباشر، بينما يدخل يوميًا أكثر من 112 طفلًا المستشفيات للعلاج من سوء التغذية، بحسب منظمة الصحة العالمية.
الدكتور ثائر أحمد، عضو وفد طبي يسعى لإدخال المساعدات عبر منظمة “آفاز”، يحذّر: “هذه ليست أزمة طعام.. إنها حملة تجويع ممنهجة، الأطفال هم أول ضحاياها”.
ويؤكد: “لا يمكن للعالم أن يبقى صامتًا بينما يُستخدم التجويع كسلاح حرب ضد الرُضّع. التاريخ لن يغفر”.
تهريب الحليب.. مهمة مستحيلة
تروي الدكتورة ديانا نزال، جراحة العيون الفلسطينية-الألمانية، كيف صادر جنود الاحتلال 10 عبوات حليب أطفال من حقيبة طبيب أمريكي تطوع للمساعدة في غزة.
ما الذي يخيفهم من حليب الأطفال؟ أي تهديد يمثله الرضيع؟ تتساءل نزال، مضيفة: إنها لحظة عبث مطلق: أن تُعامل عبوة حليب كقنبلة، بينما يُترك الأطفال يواجهون المجاعة دون شفقة أو إنسانية.
سوق سوداء في زمن المجاعة
في السوق الموازية، قفز سعر عبوة الحليب إلى ما يقارب 50 دولارًا، أي عشرة أضعاف ثمنها الطبيعي، ما جعلها حلمًا بعيد المنال للأمهات الغزيات.
نورهان بركات، نازحة في خان يونس، تقول: “لم أعد قادرة على الرضاعة الطبيعية بسبب الجوع. أبكي بصمت كلما سمعت ابنتي تبكي”.
أم غزية تعاني من سوء التغذية تضطر إلى إطعام طفليها الرضيعين عدسا مسلوقا، في ظل غياب تام لجميع أنواع الحليب، الذي إما فقد من رفوف غزة، أو أصبح بسعر لا تقوى على شرائه.
العالم يشاهد.. ولا يتدخل
منظمة العفو الدولية وصفت الحصار بأنه “تكتيك إبادة جماعية”، مؤكدة أن الاحتلال يستخدم التجويع سلاحًا ضد المدنيين. ومع ذلك، لا تزال المساعدات قاصرة عن تلبية الحد الأدنى، إذ لا يُسمح بدخول أكثر من 50 شاحنة يوميًا، بينما يحتاج القطاع إلى 500 شاحنة يوميًا على الأقل.
وغالبًا ما تُنهب هذه الشاحنات أو تُصادر في طريقها بسبب الفوضى وانعدام الأمن، مما يحوّل الرحمة إلى ضياع.
الطبيب البريطاني جيمس سميث الذي عمل في غزة: «لماذا يشكل حليب الأطفال مثل هذا التهديد لطموحات إسرائيل في غزة؟ الإجابة.. وأدرك أن ذلك يزعج صحفيين ووسائل إعلام، ما نشهده هنا إبادة جماعية.. حرمان الناس ومنهم الأطفال حديثو الولادة من كل شيء يحتاجونه للبقاء.. إنها سياسة تجويع متعمدة!»
تحذير أخير “جيل بأكمله يُمحى”
الدكتور الفرا يختصر المأساة بجملة تختصر كل المعاناة: “هذا الجيل مُستهدف. حتى لو عاد الحليب، لن يعود النمو، حتى لو انتهت الحرب، لن تنتهي آثارها، سنخسر جيلًا كاملًا ما لم يتدخل العالم الآن، وليس غدًا”.