يعتبر المناخ هو أحد أهم العوامل التي تؤثر على حياة البشر والكائنات الحية الأخرى على كوكب الأرض، ومع ذلك، فإن المناخ يواجه تغيرات خطيرة نتيجة للأنشطة البشرية، مثل احتراق الوقود الأحفوري والتصنيع والزراعة والتحرير.

ولمواجهة هذه التحديات، يجب على دول العالم التعاون واتخاذ إجراءات فعالة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة والتكيف مع التغيرات المناخية، ومع ذلك، فإن هذه المسألة تثير صراعات سياسية واقتصادية بين الدول، خصوصًا بين أكبر مصدرين لانبعاثات غازات الدفيئة في العالم: الولايات المتحدة والصين.

حيث يمثل هذان البلدان نحو 40% من انبعاثات غازات الدفيئة في العالم، ولديهما مصالح متضاربة في قضية المناخ، فالولايات المتحدة تسعى إلى حماية قيادتها العالمية وأمنها القومي وقوتها الصناعية، بينما تسعى الصين إلى تحقيق نمو اقتصادي سريع وتخفيف الفقر وزيادة نفوذها الإقليمي والدولي.

لذلك أجرى موقع صدى البلد هذا الحوار الخاص مع القنصل الصيني بمصر، يانج يي، لمعرفة دور الصين بشأن أزمة المناخ التي تواجهها العالم، وما المقترحات التي تقدمها بكين للحد من تلك الأزمة، وكيف ترد بكين عن الاتهامات الأمريكية بأن الصين أكبر ملوث للأرض.

ما الدور الذي تلعبه الصين للتعامل مع قضايا التغيرات المناخية، ودعم الدول التي تعاني من هذه الأضرار، ومن وجهة نظر الصين؟

لدى الصين هدف واضح "الكربونان" وهو بلوغ ذروة انبعاثات الكربون قبل عام 2030 وتحقيق حياد الكربون قبل عام 2060، هذا الالتزام لا يتماشى مع الظروف الوطنية للصين فحسب، بل يتماشى أيضا مع أهداف المناخ العالمية.

ومن حيث تقييد استخدام الفحم، أدخلت الصين سلسلة من السياسات والتدابير لتسريع تحويل الطاقة والتنمية الخضراء، أما الحد من إزالة الغابات، تعد الصين أيضا واحدة من أكبر دول التشجير في العالم، حيث أنشأت الصين أكبر نظام للغابات المزروعة في العالم، وزاد معدل تغطية الغابات من 8.6 ٪ في عام 1949 إلى 23.04 ٪ في عام 2020.

وفيما يتعلق بخفض انبعاثات الميثان، تعتبر الصين دولة مسؤولة تفي بنشاط التزاماتها وتعهداتها الدولية.

كما تعد الصين أيضا مساهما مهما ورائدا في حوكمة المناخ العالمي، فقد قدمت أكثر من 100 مليار دولار أمريكي في شكل مساعدات مناخية إلى البلدان النامية وعززت بنشاط التعاون الأخضر في إطار مبادرة "الحزام والطريق".

مازن إسلام محرر صدي البلد مع القنصل الصيني بالإسكندرية

هل أوفت أمريكا بوعودها بشأن المساهمة في حل مشكلات المناخ؟

يجب على الدول المتقدمة، وخاصة الولايات المتحدة، ألا تتهرب من مسؤوليتها أو تراوحها بشكل متكرر، تنتهك التزامات "اتفاقية باريس"، وحتى تنسحب من المجموعة وتلعب بمكيالين، وعدم الحديث حتى الآن عن أي أهداف وخطط عمل محددة لخفض الانبعاثات، وليس لديهم أي إخلاص أو مسؤولية في توفير الأموال للدول الفقيرة.

إن قضية تغير المناخ تحد مشترك تواجهه البشرية جمعاء، وجميع دول العالم مجتمع ذي مصير مشترك، سيتطلب حل مشكلة تغير المناخ في نهاية المطاف تضافر جهود جميع البلدان.

وفي سبتمبر عام 2020، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينج في جلسة المناقشات العامة للدورة الـ 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن الصين تسعى جاهدة إلى بلوغ ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل عام 2030 وتحقيق تحييد الكربون قبل عام 2060.

وفي سبتمبر 2021، أعلن شي في الدورة ال76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه لن يتم تشييد مشاريع جديدة للطاقة الفحمية في خارج البلاد، وفي هذه المرحلة الحرجة من التعافي العالمي من الوباء والتحول المنخفض الكربون، أعطى الإعلان الهام للرئيس شي جين بينج دفعة جديدة قوية للعمل العالمي في مجال المناخ مجددا، وقدم نموذجا هاما للتحول الأخضر المنخفض الكربون على الصعيد العالمي.

بعد تصريحات أمريكا بأن الصين أكبر ملوث للبيئة هل تحاول واشنطن الوقيعة بين الصين وحلفائها في الشرق الأوسط وافريقيا؟

لطالما شاركت الصين بمسؤولية في العمل المتعلق بتغير المناخ على الصعيد العالمي، وأسهمت إسهاما كبيرا في تيسير التوصل إلى “اتفاق باريس للمناخ”، وعملت بشكل عملي مع جميع الأطراف المعنية في مجال تغير المناخ من أجل بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.

وفي العام الماضي، أصدرت الصين والاتحاد الأوروبي،  والصين والولايات المتحدة بيانًا مشتركًا بشأن معالجة تغير المناخ بشكل مشترك، كما تعمل الصين بنشاط على تعزيز التنسيق والتعاون بين دول البريكس، ومجموعة“BASIC” والدول النامية ذات المواقف المماثلة، وتدعيم المطالب المعقولة للدول النامية، وتقديم المساعدة الممكنة لتمكين البلدان النامية لمعالجة تغير المناخ من خلال “التعاون الجنوب- الجنوب”.

منذ عام 2011، خصصت الصين إجمالي 1.2 مليار يوان للتعاون الجنوب- الجنوب في مجال تغير المناخ، ووقعت 41 وثيقة تعاون مع 36 دولة، ودربت حوالي 2000 مسؤول وفني في مجال تغير المناخ لما يقرب من 120 دولة نامية، كما تعمل الصين بنشاط مع الأطراف المعنية لبناء "حزام وطريق" أخضر، ودعت أكثر من 150 شريكًا من أكثر من 40 دولة للانضمام إلى التحالف الدولي "الحزام والطريق" من أجل التنمية الخضراء.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التغيرات المناخية الشرق الاوسط الدول النامية الولايات المتحدة والصين الوقود الاحفوري انبعاثات الكربون تغيرات المناخ خفض الكربون الصين أمريكا تغیر المناخ فی العالم فی مجال

إقرأ أيضاً:

قيود الصين الجديدة على المعادن النادرة تُشعل سباق الإمدادات العالمي

فرضت الصين مؤخراً قواعد جديدة تُلزم الشركات الأجنبية بالحصول على موافقة حكومية مسبقة قبل تصدير أي منتج يحتوي، حتى ولو بنسبة ضئيلة، على معادن نادرة مُستخرجة من أراضيها.

الكشف المبكر للأورام السرطانية بمنتجعات سفاجا رئيس جامعة المنصورة يستقبل المستشار الثقافي الكويتي خلال زيارته لمناقشة ماجستير بكلية التربية

وتُعد هذه الخطوة محاولة صينية غير مسبوقة لإحكام قبضتها على سلاسل التوريد العالمية للمعادن الحيوية، مستخدمة بذلك أدوات مشابهة لتلك التي تستغلها الولايات المتحدة في فرض نفوذها خارج حدودها.

 

نفوذ يتجاوز الحدود

تؤكد هذه القواعد الجديدة، التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي، أن الصين تمارس نفوذاً عابراً للحدود على سلاسل التوريد العالمية لمدخلات صناعية أساسية تمتد من الصناعات الدفاعية إلى السيارات الكهربائية.

 

وفي مذكرة بحثية، أشار المحللان آرثر كروبير ولايلا خواجة من شركة "غافيكال ريسيرش" إلى أن "الصين باتت تملك اليوم مزايا تكنولوجية حقيقية مقارنة بالولايات المتحدة، بعد عقود من العمل المستمر". وأضافا أن الإجراءات الصينية فاجأت واشنطن ودفعَتها للتعهد بالرد.

 

رد فعل أوروبي غاضب

وزير الخارجية الدنماركي، لارس لوكه راسموسن، والذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، دعا إلى رد صارم من الاتحاد. كما اتهم مفوض الاقتصاد الأوروبي، فالديس دومبروفسكيس، بكين بـ"استغلال العلاقات التجارية لتحقيق مكاسب سياسية"، خلال كلمته في واشنطن أثناء اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

 

وقد دفعت هذه التطورات السريعة الشركات وصنّاع القرار للبحث عن بدائل استراتيجية وخطط طوارئ لمواجهة هذا التحول المفاجئ في تدفقات المواد الحيوية.

 

الولايات المتحدة تُحضّر للمواجهة

أعرب وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، عن رفض بلاده القاطع لهذه القيود، قائلاً: "لن نسمح باستمرار إجراءات المراقبة والتصدير التي تفرضها الصين"، مؤكداً أن هذه الخطوة تُشكّل تهديداً لسلاسل التوريد العالمية والقدرات الصناعية للدول الديمقراطية.

كما أشار إلى تنسيق مرتقب مع حلفاء من أوروبا والهند ودول آسيوية مثل اليابان وكوريا الجنوبية، في سياق مناقشات ستُعقد خلال اجتماع مجموعة السبع.

 

مخاوف من تسريع فك الارتباط

يخشى محللون أن تؤدي الإجراءات الصينية إلى تسريع الجهود الغربية لفك الارتباط عن سلاسل التوريد الصينية، على غرار ما حدث عندما فرضت الولايات المتحدة قيوداً على تصدير الرقائق المتقدمة، مما حفز الابتكار المحلي داخل الصين.

 

هذا التحول أدّى إلى انتعاش مفاجئ في أسهم شركات التعدين الأسترالية المتخصصة في المعادن الحيوية، حيث قفز سهم "ريزوليوشن مينيرالز" بنسبة 56% و"نوفا مينيرالز" بنسبة 16% خلال يوم واحد.

 

الهند تُعيد ترتيب أوراقها

في الهند، بدأ قطاع صناعة السيارات ومورّدو المكونات في تجربة بدائل للمغناطيسات التقليدية، مثل تلك المصنوعة من الفريت، رغم كفاءتها المحدودة. وتشير المصادر إلى أن الشركات الهندية تمتلك مخزوناً يكفي لتلبية الطلب حتى نهاية ديسمبر.

 

الصين تُمارس النفوذ بأسلوب جديد

تُعتبر هذه الإجراءات جزءاً من استراتيجية الرئيس الصيني شي جين بينغ في استخدام الهيمنة على الصناعات الحيوية كأداة ضغط، تماماً كما تستغل الولايات المتحدة الدولار في التأثير على النظام المالي العالمي.

 

وقال كريس كينيدي، المحلل الجيواقتصادي في "بلومبرغ إيكونوميكس": "الولايات المتحدة تمتلك نفوذاً غير مسبوق في الأسواق المالية، بينما تُوظّف الصين سيطرتها الصناعية لتشكيل موازين القوى العالمية".

 

قيود موسّعة على المعادن النادرة

قامت الصين مؤخراً بإدراج خمسة عناصر نادرة إضافية ضمن قائمة المعادن المقيدة بالتصدير، من بينها الهولميوم والإيتربيوم والثوليوم. ما يرفع عدد المعادن الخاضعة للقيود إلى 12 عنصراً، مما يزيد صعوبة إيجاد بدائل للمغناطيسات الدائمة التي تدخل هذه المعادن في صناعتها.

 

ووفقاً للإحصاءات، تُنتج الصين 70% من المعادن النادرة عالمياً، وتُهيمن على أكثر من 90% من سوق المغناطيسات الدائمة، مما يجعل إيجاد بدائل أمراً معقداً ويستغرق سنوات.

 

كما أن هذه القواعد لا تقتصر على المواد الخام، بل تشمل المنتجات المُصنّعة خارج الصين إذا كانت تحتوي على أقل من 0.1% من المعادن النادرة المستخرجة صينياً، وهو ما يُهدد بإرباك سلاسل التوريد العالمية على نطاق واسع.

 

مبررات أمنية من بكين

برّرت وزارة التجارة الصينية هذه القيود باعتبارات الأمن القومي، مشيرة إلى استخدام المعادن النادرة متوسطة وثقيلة الوزن في التطبيقات العسكرية.

 

وأكدت الوزارة أن القيود لا تمثل حظراً شاملاً، بل تهدف لتنظيم الاستخدام، وستتم الموافقة على الطلبات التي تفي بالمعايير التنظيمية.

 

وأوضح وانغ زيانغ، الباحث بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، أن الصين تسعى إلى التحول من مجرد مزوّد إلى "قوة مهيمنة على سوق المعادن النادرة"، مؤكداً أن الهدف النهائي هو الحد من الاستخدام العسكري لهذه العناصر.

 

التحرك في سياق نزاع أوسع

تزامنت هذه الخطوة مع تصعيد واشنطن من قيودها على شركات صينية في قطاع أشباه الموصلات، وهو ما تعتبره بكين انتهاكاً لاتفاقيات جرى التوصل إليها مؤخراً في مدريد.

 

وقد تستخدم الصين هذه الإجراءات كورقة تفاوضية قبيل القمة المتوقعة بين الرئيس شي جين بينغ والرئيس الأميركي دونالد ترمب في وقت لاحق من الشهر الجاري.

 

ويعتقد محللون مثل كروبير وخواجة أن هذه القيود قد تُخفف جزئياً ضمن اتفاق تبادلي، إذا ما قررت واشنطن تقديم تنازلات بخصوص قيود تصدير الرقائق.

 

قرار استراتيجي بعيد المدى

يرى أوليفر ميلتون، المدير الحالي لقسم الشؤون الصينية في مجموعة "روديوم"، أن "من غير الواقعي الاعتقاد بأن الصين ستتراجع تماماً عن هذه القيود"، واصفاً القرار بأنه "تحرك استراتيجي لضمان نفوذ دائم على الولايات المتحدة وحلفائها".

 

وأوضح أن بكين قادرة على تعطيل أعمال كبرى الشركات الأميركية مثل "أبل" و"تسلا"، ما يمنحها تأثيراً مباشراً على الأسواق.

 

الصين تُحكم قبضتها على السوق

بعيداً عن أهداف الردع أو التفاوض، تعكس هذه الإجراءات رؤية طويلة المدى لتعزيز الهيمنة الصناعية. فمن خلال السيطرة على معدات التصنيع وتقنيات المعالجة، تسعى بكين لفرض شراكات على منافسيها، وإبقائهم في موقع تابع.

 

ومن المقرر أن تدخل هذه القواعد حيّز التنفيذ في الأول من ديسمبر المقبل، مع تطبيق شرط الحد الأدنى البالغ 0.1% من المعادن النادرة في المنتجات، ما قد يؤدي إلى تعطيلات واسعة وتأخير في إصدار التصاريح التصديرية.

 

مقالات مشابهة

  • تغير المناخ يحول غابات أستراليا من مخزون للكربون إلى مصدر لانبعاثاته
  • نيويورك تايمز: حرب ترامب التجارية مع الصين تغير المشهد الاقتصادي بالعالم
  • السفير الصيني لـ"الرؤية": إجماع عالمي على مبدأ "الصين الواحدة".. وتربطنا بسلطنة عُمان صداقة راسخة
  • السفير الصيني لـ"الرؤية": هناك إجماع عالمي على مبدأ "الصين الواحدة"
  • قيود الصين الجديدة على المعادن النادرة تُشعل سباق الإمدادات العالمي
  • تغير المناخ وبصمته الخفية على ظاهرة الهجرة في العالم
  • وزير الإسكان يستعرض آخر تطورات مشروع تعزيز التكيف مع تغير المناخ
  • نهج مصري جديد.. دبلوماسية التأثير تغير موازين الخطاب الدولي تجاه فلسطين
  • انكماش حاد بالتجارة.. الصين تفرض رسوماً جديدة على واردات أمريكا
  • تراجع صادرات الصين إلى أمريكا بنسبة 27% في سبتمبر