قال مفتي الجمهورية  شوقي علام: إننا في دار الإفتاء المصرية ومنذ سنين طويلة نحذر من المفاهيم المغلوطة المتعلقة بالزيادة السكانية التي تدعو للتكاثر بلا مبرر، مشيرًا إلى أن الزيادة السكانية من التحديات الكبرى التي تواجه كثيرًا من المجتمعات والتي سيتم مناقشتها في مؤتمر الإفتاء العالمي أكتوبر المقبل؛ لكونها تَمس الأمن الفكري والأمن القومي وتتطلب علاجًا حاسمًا لتفادي الأزمات الاقتصادية المترتبة عليها، ولارتباطها ببعض الأفكار المغلوطة التي ترى أن تقنينها وحلها يتعارض مع المشيئة الإلهيِّة.

مضيفًا أن هناك اتساقًا بين جميع النصوص الشرعية التي تدعو لرخاء الإنسان وتحقيق استقراره، ولا تتعارض مع التوازن بين عدد السكان وتحقيق التنمية، حتى لا تؤدي كثرة السكان إلى الفقر، حيث إن تنظيم النسل بسبب الخوف من حصول المشقة والحرج بكثرة الأولاد والتكاليف ليس منهيًّا عنه شرعًا؛ لأنه من باب النظر في العواقب والأخذ بالأسباب.

وأكد مفتي الجمهورية  أن تنظيم النسل جائز شرعًا، وأن الْتِماس الزوجين لوسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة تناسب ظروفهما لا ينطبق على التحذير من قتل الأولاد خشية الإملاق؛ لأنهم لم يتكونوا بعد.

وأوضح شوقي علام  أن دار الإفتاء المصرية استقرت في فتواها على أن تنظيم النسل من الأمور المشروعة والجائزة شرعًا، كما أنه يجوز شرعًا للزوجين البحث عن الوسائل الطبية لتمكينهم من الإنجاب إذا كانت هناك أسباب تمنعهم منه من الأصل، وهذه المنظومة التي نسير عليها هي رؤية متكاملة وشاملة ومتسقة مع منظومة التشريعات المصرية، كما أن الإسلام يدعو للغنى وليس إلى الفقر، ويدعو للارتقاء بالمجتمع والأسرة.

ونبَّه على خطورة الاعتقاد بضرورة التكاثر من غير قوة، مشيرًا إلى أن ذلك داخل في الكثرة غير المطلوبة التي هي كغثاء السيل كما جاء في النصوص الشرعية؛ ولذا يجب فهمها في إطار متكامل وشامل.

وأضاف شوقي علام  قائلًا: "إن الوضع المعاصر تغيَّر؛ لأن الدولة أصبحت مسئولة عن توفير العديد من المهام والخدمات، ولو تُرك الأمر هكذا لأصبحت الدول في حرج شديد؛ ولذا فتنظيم النسل الآن لا يتعارض مع روح الشريعة التي تؤيد تغيُّر الفتوى بتغير الزمان والمكان تحقيقًا لمقاصد الشريعة".

وأشار المفتي إلى أن تنظيم النسل لا تأباه نصوص الشريعة وقواعدها قياسًا على «العزل» الذي كان معمولًا به في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ويجوز للزوجين أن يلتمسا وسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة مؤقتة إلى أن تتهيأ لهم الظروف المناسبة لاستقبال مولود جديد يتربى في ظروف ملائمة لإخراج الذرية الطيبة التي تقر بها عين الأبوين، ويتقدم بها المجتمع، وتفخر بها أمة الإسلام.

وتابع مفتي الجمهورية عن الإجهاض قائلا:  إن دار الإفتاء المصرية ترى أنه يَحرُمُ الإجهاضُ مطلقًا؛ بعد نفخ الروح في الجنين، إلَّا لضرورةٍ شرعية وطبية؛ بأن يقرر الطبيبُ المتخصص أن بقاء الجنين في بطن أمه فيه خطرٌ على حياتها، فحينئذٍ يجوز إسقاطه؛ مراعاةً لحياة الأم وصحتها المستقرة، وتغليبًا لها على حياة الجنين غير المستقرة.

وأشار إلى أن بعض العلماء قديمًا لم ينظروا للعزل -الذي يشبه تنظيم النسل الآن- من منظور الفقر أو الحاجة، بل نظروا إليه من منظور تجميلي ورفاهية أو مراعاة لصحة الإنسان، فنجد مثلًا الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين يذهب إلى أن العزل بسبب الخوف من حصول المشقة والحرج بكثرة الأولاد والتكاليف ليس منهيًّا عنه شرعًا؛ لأنه من باب النظر في العواقب والأخذ بالأسباب.

واختتم المفتي حواره: بأنه لا مانع من اتِّخاذ الدولة ما تراه من وسائل وتدابير لتنظيم عملية النسل وترغيب الناس فيه؛ فإنه ليس منعًا من الإنجاب مطلقًا، فالمحظور هو المنع المطلق، وهذا ليس منه، وإنما هو طلبُ الدولة الحياةَ الكريمة لشعوبها، وحرصٌ منها على الموازنة بين المواردِ وعدد السكان الذين ينتفعون بهذه الموارد، وهؤلاء يُطالِبون الحكومات بتقديم الخدمات اللازمة لهم في أمور المعيشة المختلفة، والتي تؤثر عليها بالضرورة الزيادةُ في عدد السكان.

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية دار الإفتاء المصرية الأزمات الاقتصادية النصوص الشرعية عدد السكان الأفكار المغلوطة زيادة السكانية المعاصر الطبية تتعارض كثرة جمهورية الزيادة السكانية ا المفاهيم المغلوطة مفتی الجمهوریة تنظیم النسل إلى أن

إقرأ أيضاً:

مصر وهولندا تبحثان تعزيز التعاون في ملف الهجرة وتنفيذ إعلان النوايا المشترك

عقد السفير نبيل حبشي، نائب وزير الخارجية للهجرة وشئون المصريين بالخارج، اجتماعًا اليوم مع بيتر شورمان، المبعوث الخاص لشئون الهجرة بوزارة الخارجية الهولندية، لبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي في قضايا الهجرة، وذلك في إطار متابعة تنفيذ إعلان النوايا الموقع بين البلدين عام 2021.

استعرض السفير حبشي خلال اللقاء الجهود الوطنية الشاملة التي تبذلها الدولة المصرية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، مؤكدًا أن رؤية مصر تقوم على نهج متكامل يشمل الأبعاد الأمنية والتنموية للهجرة، ويعالج جذورها من خلال دعم المجتمعات المحلية وتوفير البدائل الآمنة.

وناقش الجانبان آليات الدعم الاقتصادي المقدم من الجانب الهولندي لمساندة جهود مصر في التصدي لأسباب الهجرة غير الشرعية، وأهمية تطوير برامج تنموية تُسهم في توفير فرص للعمل وتعزز من الاستقرار الاجتماعي في المجتمعات الأكثر عرضة للهجرة، ومنها الخطوات ذات الصلة بمقترح إطلاق المركز المصري الهولندي للتدريب.

وتناول الاجتماع أيضًا تعزيز قدرات الدولة المصرية في استضافة اللاجئين والمهاجرين، بما يتماشى مع مبدأ تقاسم الأعباء والمسئوليات لضمان صمود المجتمعات المضيفة.

في ختام اللقاء، أكد الجانبان على التزامهما المشترك بـمواصلة التنسيق والعمل الثنائي لمواجهة تحديات الهجرة بشكل شامل يربط بين الأبعاد التنموية والإنسانية، ويُسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويدعم الأمن والاستقرار الإقليمي.

اقرأ أيضاًعبد العاطي: وزارة الخارجية تمثل خط الدفاع الأول عن مصالح مصر على الساحة الدولية

وزارة الخارجية تنعي السفير الدكتور حازم فهمي مساعد وزير الخارجية السابق

وزارة الخارجية تنعى أيمن ثروت سفير مصر بكرواتيا

مقالات مشابهة

  • مختص يوضح هل أزمة منتصف العمر حقيقة أم خرافة.. فيديو
  • شعار الجمهورية العربية السورية يزين سماء دمشق من خلال عرض لطائرات الدرون في ساحة الأمويين بدمشق
  • جدول مواعيد مفتي الجمهورية في دمشق
  • مفتي الجمهورية ينعى الفقيه القانوني الدكتور علي الغتيت
  • هل تنظيم الأسرة يتعارض مع دعوة الشرع للتكاثر؟.. أمين الفتوى يجيب
  • الشربيني: سكن مناسب لكل مواطن.. والزيادة السكانية تحد مستمر
  • «لدينا مشكلة كبيرة».. الشربيني يحذر من معدل الزيادة السكانية
  • مصر وهولندا تبحثان تعزيز التعاون في ملف الهجرة وتنفيذ إعلان النوايا المشترك
  • تعداد السكان في السودان ما بعد الحرب: الأهمية الاستراتيجية، التحديات، وآفاق المعالجة
  • مفتي الجمهورية: الأزهر هبة إلهية ومنارة حضارية تجسد رسالة الإسلام الوسطية