هل الإبداع الثقافي بحاجة إلى إجازة وتفرّغ من العمل إن كان المبدع موظفا في جهة عامة أو خاصة؟ قد يكون هذا الطرح جديدا نوعا ما لكنه مطبَّق في كثير من الدول التي تعنى بإثراء إنتاجها الثقافي والمعرفي والإنساني وتشجيع وتحفيز الكتّاب والمبدعين والمثقفين من مواطنيها على زيادة إنتاجاتهم العلمية والأدبية والثقافية والفكرية والمعرفية.
في كثير من الدول خصوصا الغربية منها، لا يقتصر الأمر على مجرد التفرغ من العمل للإنتاج الأدبي والثقافي وحسب وإنما يشمل ذلك صرف الأجر الشهري للمتفرغ طوال فترة تفرغه وبعض المكافآت التشجيعية للكاتب وطباعة كتبه وتوزيعها دون مقابل مع بعض الحوافز الأخرى التي تسهّل عمل الكاتب والمثقف. قرأت أن بعض القوم ممن لا ينتمون إلى ثقافتنا وعاداتنا العربية يبالغون في السخاء على مبدعيهم بمنحهم إجازة مدى الحياة مدفوعة التكاليف للتفرغ للكتابة والإبداع مع بعض الامتيازات الجانبية التي تشعِر الكاتب والمبدع ببعض الطمأنينة والسلام لا سيما تلك المتعلقة بالجوانب الاقتصادية والمالية.
الكثير من التجارب الناجحة في منطقتنا العربية قامت بتبنّي هذا المشروع ففي الجوار لدينا بعض التجارب الجيدة في موضوع منح التفرغ للإنتاج الفني والأدبي برعاية حكومية تصل إلى عام قد تكون قابلة للتمديد محددة ببعض الشروط والقوانين التي تضمن للجهة المفرغة الحصول على إنتاج أدبي وثقافي ومعرفي أصيل يخدم الأهداف والتوجهات الثقافية والتراثية والفكرية والمعرفية للدولة ويسهم في التعريف بالثقافة والآداب والفنون، ولعل تجربة دولة الكويت ممثلة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب والذي خصص خدمة «دعم المطبوعات الإبداعية وإجازة التفرغ للإنتاج الفني أو الأدبي» في مجالات الشعر والرواية والقصة والمسرحية للمبدعين ممن تتوافر في أعمالهم الجدية والأصالة والمستوى الرفيع وحددها ببعض الشروط والأحكام التي تضمن الحصول على إنتاج إبداعي يعود على القراء والدولة بالمنفعة الثقافية والفكرية، وحذت الأردن أيضا هذا الحذو بإعلانها «مشروع التفرغ الإبداعي في الأردن» بإشراف ورعاية من وزارة الثقافة الأردنية ضمن خططها الثقافية لتشجيع الإبداع الثقافي والأدبي بين الكتّاب والأدباء على أن تقوم الوزارة بتغطية الرواتب الشهرية للمتفرغين مع بعض الميزات مثل المكافآت المالية والحوافز والنشر والمشاركة في المعارض وغيرها من الحوافز. وهنالك أيضا النموذج المصري المتمثل في منح المجلس الأعلى للثقافة للتفرغ في مجالات الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية وغيرها من النماذج الناجحة عربيا ودوليا.
موضوع التفرغ من العمل ليس بجديد علينا وقد أثبت جدواه العلمية والعملية في مجالات متعددة منها التفرغ العلمي للأكاديميين ممن يحق لهم إجازة لعام كامل مدفوعة الأجر ينقطعون فيها إلى الكتابة والتأليف الأكاديمي العلمي بعيدا عن مقاعد الدراسة والتدريس وأيضا هنالك التفرغ من العمل لممارسة الأعمال التجارية الخاصة والتي تشجع عليها الدولة وتحض الشباب من رواد مؤسسات الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة إلى التفرغ لإدارة مؤسساتهم الخاصة.
تولي الدولة والحكومة اهتماما كبيرا لدعم الثقافة والإبداع والإنتاجات الأدبية والمعرفية وقد خصصت جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب لدعم المجالات الثقافية والفنية والأدبية باعتبارها سبيلا لتعزيز التقدم الحضاري والإنساني والاحتفاء بالمبدعين والكتّاب والأدباء من سلطنة عمان والوطن العربي وتشجيعهم على الكتابة والإبداع، بالإضافة إلى احتضان المنتدى الأدبي والجمعية العمانية للكتّاب والأدباء للعديد من المشاريع الأدبية والثقافية للاحتفاء بها.
لاستكمال المشروع الثقافي العماني في التأليف والتدوين في مجالات الثقافة والإبداع والعلوم الإنسانية الأخرى ربما يكون الوقت قد حان لدراسة سن قانون أو إقرار مشروع لدراسة التفرغ الإبداعي الثقافي والأدبي والمعرفي للعمانيين ممن تنطبق عليهم شروط الإبداع الثقافي وقاموا بنشر بعض الإصدارات أو حازوا على جوائز إبداعية محلية أو إقليمية أو عربية ويمكن وضع بعض الشروط والضوابط لتنظيم هذا المشروع.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی مجالات من العمل
إقرأ أيضاً:
اللجنة الشبابية بنادي صحم تعلن نتائج مسابقة الإبداع الثقافي لعام 2025
أعلنت اللجنة الشبابية بنادي صحم نتائج ختام مسابقة الأندية للإبداع الثقافي لعام 2024-2025م التي نظّمتها وزارة الثقافة والرياضة والشباب كمرحلة أولى على مستوى الأندية، بحضور الشيخ علي بن عوض الرعود رئيس نادي صلالة. وتوج كل من سعيد البدواوي بالمركز الأول في مسابقة الشعر الفصيح، وسنان الشيدي بالمركز الأول في مسابقة الشعر الشعبي، وسالم المرزوقي بالمركز الأول في مسابقة الإنشاد. كما توجت روان الزدجالية بالمركز الأول في مسابقة المناظرات، وأقدس العجمية بالمركز الأول في مسابقة التصوير الضوئي، وتوج عمار الحوسني بالمركز الأول في مسابقة الفنون التشكيلية (الخط العربي)، وعبدالله المنصوري بالمركز الأول في مسابقة العزف المنفرد، وفيصل البادي بالمركز الأول في مسابقة التعليق الرياضي وفيما يتعلق بالإعلام الرياضي توجت بالمركز الأول شبكة صحم الإعلامية.
واشتمل حفل الختام على إقامة العديد من الفعاليات التي مثلت مسار المسابقة متمثلة في فقرة الإنشاد وفقرة موسيقية وقصيدة شعرية، كما تم تكريم الفائزين بالمراكز الأولى، وتكريم لجان التحكيم والجهات الداعمة للمسابقة، وأعضاء اللجنة الشبابية.
من جانبها أوضحت الدكتورة أنيسة الكيومية رئيسة اللجنة الشبابية بنادي صحم بأن مسابقة الإبداع الثقافي لها قيمة مضافة كبيرة لرعاية الموهوبين من مختلف الأعمار لتطوير الإبداع الشبابي، وتعزيز الحراك الثقافي في أوساط الأندية، مبينة أن التصفيات تضمنت منافسة في مجالات متعددة منها المناظرات والتعليق الرياضي والابتكار وريادة الأعمال، وتهدف إلى صقل مهارات الشباب وتعزيز إبداعاتهم في هذه المرحلة العمرية وتقوية دور الأندية كونها تحتضن هذه المواهب والفئات المبدعة بالإضافة إلى تمكين الشباب العُماني لتمثيل سلطنة عُمان عربيا وخليجيا. وأضافت: شارك النادي في جميع مجالات المسابقة، وعددها 11 وكان التجاوب جيدا من قبل الفئات المستهدفة. ونأمل في السنوات القادمة مشاركة أعداد أكبر في إطار حرص نادي صحم على دعم الأنشطة الثقافية وتنمية المهارات الإبداعية لدى الشباب.