لم تعد أزمة النزوح إلى لبنان أزمة عابرة؛ بل باتت تشكل خطراً وجودياً على الكيان وتركيبته الهجينة أصلاً. وإذا كانت هذه المخاوف قد برزت حالياً، إلا أن جذوراً وامتدادات تاريخية متنوعة لعبت دوراً محورياً في إبرازها ورفع مستويات منسوب المخاطر، مع تشكيل عناصر التوتر المجتمعي وسط غياب تام للسلطة السياسية المعنية بمعالجة مثل تلك الأزمات.
وواقع الأمر أن النزوح، وبخاصة السوري إلى لبنان، ليس بجديد، إنما عاد إلى الواجهة خلال الأيام الماضية عبر كثافة متجددة وصفها بعض المتابعين والمهتمين ب«الاجتياح»، حيث رصدت خلال الشهرين الماضيين محاولات يومية وصلت أعدادها إلى حدود 8 آلاف فرد يومياً، وثمة من يضع هذا الموضوع في صيغة المؤامرة على الكيان اللبناني، باعتبار أن استمرار التدفق سيؤدي إلى تغييرات مرعبة لن يكون لبنان قادراً على استيعابها في ظل ظروفه الاقتصادية والاجتماعية والأمنية المأساوية.
إن أزمة النزوح تعدت مبدئياً مشكلة الأزمة الاقتصادية التي يعانيها لبنان لجهة عدم القدرة الاستيعابية أو في أفضل الظروف تقديم الحد الأدنى المطلوب وفقاً للمعايير الدولية، وباتت الأزمة حالياً تتمثل في نسب السوريين وغيرهم الذين باتوا يشكلون نصف تعداد السكان إن لم يكن أكثر، وسط غياب الضوابط القانونية اللازمة للتعداد، وانتشار المعابر غير الشرعية، وعدم قدرة القوى الأمنية والعسكرية على الضبط والاستيعاب، ناهيك عن تكرار عمليات المحاولة للأشخاص أنفسهم.
واللافت في الأمر هو الهرم العمري للنازحين، وهم من فئة الشباب، إضافة إلى العائلات، أي بمعنى آخر ستشكل هذه الفئات بطبيعتها عوامل تفجير إضافية للواقع اللبناني المختل أصلاً، لجهة الإنجاب والمنافسة على ما تبقى من ظروف عمل متواضعة، معطوفة على مخاطر أمنية تبعاً لما يمكن أن يكون بين النازحين من فئات مدربة عسكرياً وقابلة للانخراط في أعمال أمنية وعسكرية.
ووسط هذا الواقع الضاغط بمختلف أوجهه، ثمة غياب تام مما تبقى من السلطة السياسية لمواجهة هذا الواقع. والمفجع ما يحدث من تطيير نصاب اجتماعات مقررة للبحث في الموضوع على الصعيدين الحكومي والبرلماني، وكأن ثمة اتفاقاً ضمنياً بين القوى الفاعلة على تمييع الموضوع والهروب إلى الأمام في موضوع هو الأشد حساسية منذ نشأة الكيان اللبناني في عام 1920.
وفي موازاة الواقع الداخلي، ثمة وقائع دامغة تمارسها المؤسسات الدولية المعنية بالنازحين واللاجئين، تنطلق من العمل على دمج النازحين اجتماعياً في لبنان وربط تقديم المعونات والمساعدات بتسهيل عمليات الإدماج، وتهيئة الظروف المناسبة لتسهيل الدمج من خلال برامج التعليم والإيواء والصحة وغيرها. باختصار، تتلاقى الظروف الخارجية مع الداخلية لتكوين ظروف أكثر ملائمة للقضاء على التركيبة الاجتماعية التي رتبت على عجل عبر عمليات الضم والفرز للجماعات والفئات الاجتماعية والطائفية لتشكيل كيان هجين عرف باسم لبنان، ولم يتمكن قاطنوه من الانتقال من صفة السلطة والدولة إلى صفة الوطن.
وغريب المفارقات في الواقع اللبناني، أنه في عام 1936، أي بعد إنشاء لبنان بستة عشر عاماً، تخللها دوام مطالبة المسلمين في لبنان بالانضمام إلى سوريا وعدم قبولهم بالكيان الجديد، تمكنت قيادات الكتلة الوطنية السورية من إقناع اللبنانيين بفكرة القبول بالكيان اللبناني، والتخلي عن الانضمام إلى سوريا، في حين اليوم ثمة إجماع لبناني حول مخاطر النزوح على الكيان ووجوب العمل على حله، أي بمعنى انتشار وترسخ فكرة التمسك بالكيان اللبناني والمحافظة عليه.
من الواضح أن لبنان لم يعد أولوية في مفكرة الدول الإقليمية والدولية الفاعلة، ما سينعكس سلباً على واقعه الوجودي المأزوم، وهو ما سيشكل أيضاً معضلات إضافية مستقبلاً تتصل بكيانات المنطقة وعلاقاتها البينية إذا ظلت بنفس الصيغ السياسية والدستورية، وأيضاً علاقاتها مع دول إقليمية وغربية لها باع ليس بقليل في رسم وتنفيذ ما تريده من مصالح.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الکیان اللبنانی
إقرأ أيضاً:
افتتاح محكمة رومية لتخفيف الاكتظاظ في السجون
أبدت نقابة المحامين في بيروت تعاوناً مع وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى لتذليل العقبات أمام فتح أبواب محكمة رومية لتسريع المحاكمات وتخفيف الاكتظاظ في السجون الذي بلغت نسبته 330%.وكتبت" الاخبار": تتحدث مصادر متابعة عن «تسهيلات» قُدّمت خلال اجتماعات بين وزارتَي الداخلية والعدل ونقابة المحامين، لنيل موافقة الأخيرة على تسيير العمل في المحكمة، بعد معالجة الملاحظات التي أبدتها وتبديد «هواجسها» من هذه «النقلة».
ومن بين هذه «التسهيلات» ضمان وصول المحامين إلى المحكمة بطريقة سهلة ولائقة وإزالة كلّ العراقيل التي قد تعترضهم، كالخضوع للتفتيش ضمن الأصول واستخدام الهواتف في أماكن محددة وتأمين باصات لنقلهم من موقف مدخل السجن إلى قاعة المحكمة.
ومحكمة رومية التي انتهت ورشة تنظيفها وتجهزت بالتوازي مع حلّ الأمور العالقة لوجستياً، يفترض أن تكون خشبة خلاص عدد كبير من السجناء الذين ينتظرون محاكمتهم. فمع تنشيط عجلة القضاء نسبياً، تبقى أزمة وصول المساجين إلى المحاكم العقبة الأساس أمام تسريع المحاكمات. وترتبط أزمة سَوْق المساجين إلى المحاكم «بالنقص الحادّ في آليات النقل بعد خروج حوالى 70% منها عن الخدمة، ومحدودية ما تقدّمه الجمعيات لإصلاح الآليات المعطّلة بالدرجة الأولى، والنقص في عديد عناصر قوى الأمن المسؤولة عن نقل المساجين ثانية»، بحسب رئيس جمعية «نسروتو» الأب مروان غانم.
ومع افتتاح محكمة رومية، سيخفّ الضغط على محكمتي بعبدا وبيروت، وعلى القوى الأمنية التي ستحتاج إلى عدد أقلّ من العناصر والآليات لنقل المساجين مع قصر المسافة بين السجن ومحكمة رومية بالمقارنة مع المسافة بينه وبين محكمتي بعبدا وبيروت.
وقد عارض القضاة والمحامون افتتاح المحكمة طوال سنتين بسبب بُعد المسافة بينها وبين قصور العدل، وعناء الوصول إلى رومية لمتابعة ملف موكّل واحد بينما العدلية مليئة بالملفات القضائية.
علماً أنّ محكمة رومية التي عملت خلال جائحة كورونا لتعذّر نقل المساجين الإسلاميين إلى محكمتي بعبدا وبيروت، «من أهمّ المحاكم في لبنان، ومجهّزة بحواسيب وتلفزيونات متطوّرة»، بحسب غانم، مشيراً إلى أنه «في الظروف الطبيعية، يجب أن تكون المحاكم بعيدة عن السجون، لكننا مجبرون على هذا الخيار اليوم لتخفيف الاكتظاظ».
واقتراح فتح محكمة رومية لتسريع المحاكمات واحد من حلول كثيرة طُرحت لمعالجة الاكتظاظ، من بينها وفقاً لرئيس جمعية «عدل ورحمة» الأب نجيب بعقليني، «البحث عن عقوبة بديلة من السجن مثل العمل الخارجي في تنظيف الشاطئ أو جمع النفايات، واعتماد مبدأ السجن من بعد عبر السوار الإلكتروني، لكن هذا الاقتراح سقط بسبب انقطاع التيار الكهربائي والإنترنت وبالتالي صعوبة تتبع السجناء، إضافة إلى اقتراحات تتعلق بالعفو العام وتقصير السنة السجنية من تسعة أشهر إلى ستة، وخفض العقوبات».
لكنها كلها لم تلقَ صدى لدى المعنيين، باستثناء اقتراح فتح محكمة رومية الذي لاقى إجماعاً، وإن كان حجم الاكتظاظ في السجون يتطلّب حلولاً جذرية وأكثر شمولية مثل إصلاح النظام القضائي ومكننته بشكل يسهّل سير العمل القضائي، ويعالج هذه الأزمة فعلياً. وكانت تجددت أعمال الشغب في سجن رومية المركزي، بالتزامن مع جلسة البرلمان اللبناني، للمطالبة بإقرار قانون للعفو العام وتخفيض السنة السجنيّة إلى 6 أشهر بدلاً من تسعة أشهر.
ولم تؤثر أعمال الشغب على مجلس النواب الذي قرر إحالة مشروع القانون إلى اللجان النيابية لـ«مزيد من الدرس وإدخال بعض التعديلات عليه».وبدا لافتاً أن السجناء أوقفوا تحركهم فور تبلّغهم بتأجيل البتّ بالقانون.
وكشف مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن «أعمال الشغب في سجن رومية اقتصرت على المبنى (ب) الذي يضم الموقوفين الإسلاميين، وأسفرت عن خلع بعض الأبواب الداخلية». ولفت إلى أن «المباني الأخرى لم تشهد أي تحرّك، لكنّ ذلك لا ينفي إمكانية تجدد الاحتجاجات لدى كلّ السجناء الذين تتلاقى مصلحتهم في قانون العفو»، مؤكداً أنه «لم يحصل أي احتكاك ما بين المحتجين والقوى الأمنية المسؤولة عن حماية السجن، ولم تقع إصابات».
مواضيع ذات صلة محكمة سجن روميه ليست حلّا مثالياً.. والاعتراضات مستمرة Lebanon 24 محكمة سجن روميه ليست حلّا مثالياً.. والاعتراضات مستمرة 16/05/2025 05:30:37 16/05/2025 05:30:37 Lebanon 24 Lebanon 24 بريطانيا.. مساع حكومية لحلّ أزمة اكتظاظ السجون Lebanon 24 بريطانيا.. مساع حكومية لحلّ أزمة اكتظاظ السجون 16/05/2025 05:30:37 16/05/2025 05:30:37 Lebanon 24 Lebanon 24 القضاء يبدأ التنسيق لنقل المحاكم إلى سجن رومية Lebanon 24 القضاء يبدأ التنسيق لنقل المحاكم إلى سجن رومية 16/05/2025 05:30:37 16/05/2025 05:30:37 Lebanon 24 Lebanon 24 الاكتظاظ في السجون.. أزمة تهدد أمن البلاد ونقابة المحامين تتحرك Lebanon 24 الاكتظاظ في السجون.. أزمة تهدد أمن البلاد ونقابة المحامين تتحرك 16/05/2025 05:30:37 16/05/2025 05:30:37 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً عون الى روما وسلام الى قمة بغداد.. البند الـ 70 يفجر الجلسة التشريعية Lebanon 24 عون الى روما وسلام الى قمة بغداد.. البند الـ 70 يفجر الجلسة التشريعية 22:20 | 2025-05-15 15/05/2025 10:20:30 Lebanon 24 Lebanon 24 عقوبات جديدة على "الحزب" تواكب جولة ترامب.. استعداد لبناني للتواصل مع سوريا ورسالة سعودية مرتقبة Lebanon 24 عقوبات جديدة على "الحزب" تواكب جولة ترامب.. استعداد لبناني للتواصل مع سوريا ورسالة سعودية مرتقبة 22:08 | 2025-05-15 15/05/2025 10:08:00 Lebanon 24 Lebanon 24 منازلتان فاصلتان في بيروت وزحلة وطرابلس تعزز المخاوف في العاصمة Lebanon 24 منازلتان فاصلتان في بيروت وزحلة وطرابلس تعزز المخاوف في العاصمة 22:23 | 2025-05-15 15/05/2025 10:23:06 Lebanon 24 Lebanon 24 في بلدة عكارية... ملثمان يطلقان النار على شاب Lebanon 24 في بلدة عكارية... ملثمان يطلقان النار على شاب 16:45 | 2025-05-15 15/05/2025 04:45:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أورتاغوس تتكلم عن الصيف في لبنان.. شاهدوا ما قالته Lebanon 24 أورتاغوس تتكلم عن الصيف في لبنان.. شاهدوا ما قالته 16:37 | 2025-05-15 15/05/2025 04:37:01 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة باميلا الكيك تحتفل بعيد ميلادها.. وهذا هو عمرها (صور) Lebanon 24 باميلا الكيك تحتفل بعيد ميلادها.. وهذا هو عمرها (صور) 03:48 | 2025-05-15 15/05/2025 03:48:43 Lebanon 24 Lebanon 24 ممثل تعرّض لأزمة قلبيّة مفاجئة... نُقِلَ إلى المستشفى فوراً Lebanon 24 ممثل تعرّض لأزمة قلبيّة مفاجئة... نُقِلَ إلى المستشفى فوراً 10:08 | 2025-05-15 15/05/2025 10:08:32 Lebanon 24 Lebanon 24 تغيّر كثيراً.. أحمد العوضي يُفاجىء الجمهور بـ "نيولوك"! (صورة) Lebanon 24 تغيّر كثيراً.. أحمد العوضي يُفاجىء الجمهور بـ "نيولوك"! (صورة) 02:19 | 2025-05-15 15/05/2025 02:19:54 Lebanon 24 Lebanon 24 وفاة بطل رياضيّ في حادث سير مروّع Lebanon 24 وفاة بطل رياضيّ في حادث سير مروّع 05:18 | 2025-05-15 15/05/2025 05:18:09 Lebanon 24 Lebanon 24 في المطار... صورة رومانسيّة تجمع سارة أبي كنعان مع زوجها الممثل وسام فارس Lebanon 24 في المطار... صورة رومانسيّة تجمع سارة أبي كنعان مع زوجها الممثل وسام فارس 08:23 | 2025-05-15 15/05/2025 08:23:59 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 22:20 | 2025-05-15 عون الى روما وسلام الى قمة بغداد.. البند الـ 70 يفجر الجلسة التشريعية 22:08 | 2025-05-15 عقوبات جديدة على "الحزب" تواكب جولة ترامب.. استعداد لبناني للتواصل مع سوريا ورسالة سعودية مرتقبة 22:23 | 2025-05-15 منازلتان فاصلتان في بيروت وزحلة وطرابلس تعزز المخاوف في العاصمة 16:45 | 2025-05-15 في بلدة عكارية... ملثمان يطلقان النار على شاب 16:37 | 2025-05-15 أورتاغوس تتكلم عن الصيف في لبنان.. شاهدوا ما قالته 16:00 | 2025-05-15 نديم الجمّيل: ثمة من يراهن على ترك الامور تسير في الاتجاه الخطإ فيديو مأساة تحل بفنان شهير.. ابنته مصابة بالسرطان في المرحلة الرابعة (فيديو) Lebanon 24 مأساة تحل بفنان شهير.. ابنته مصابة بالسرطان في المرحلة الرابعة (فيديو) 04:04 | 2025-05-13 16/05/2025 05:30:37 Lebanon 24 Lebanon 24 "كان هيخلع كتفي".. بطلة "فهد البطل" تكشف حقيقة زواجها من أحمد العوضي (فيديو) Lebanon 24 "كان هيخلع كتفي".. بطلة "فهد البطل" تكشف حقيقة زواجها من أحمد العوضي (فيديو) 04:01 | 2025-05-12 16/05/2025 05:30:37 Lebanon 24 Lebanon 24 جمال سليمان يكشف ما طلبه منه العلويون.. وهكذا علّق على قرار شطب سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين (فيديو) Lebanon 24 جمال سليمان يكشف ما طلبه منه العلويون.. وهكذا علّق على قرار شطب سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين (فيديو) 01:07 | 2025-05-10 16/05/2025 05:30:37 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24