مشاكل عائلية داخل بيت اليسار: سقوط الدولة السودانية مدخل الي الهمجية ام الي يوتوبيا الحريات؟
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
كثير من اليساريين يكرهون الدولة ويعتبرونها أداة للقمع الطبقي ومصادرة الحريات. هذا التصور للدولة راسخ في الأدبيات الماركسية والاناركية. وهذا الرأي مشروع، ولكن فقط إذا تم النظر إليه في السياق الصحيح ووفقًا للمرحلة التاريخية المحددة لتطور المجتمع.
يحتفل بعض أهل النوايا الحسنة دائمًا بتراجع سلطة الحكومة لأنهم يكرهون الدولة.
لكن السياق هو كل شيء، فإن اضمحلال الدولة والحكومة الذي دعا إليه الأناركيون ويسار الماركسيين هو مرحلة تاريخية متقدمة تصلها المجتمعات بعد نضج وسائل الإنتاج والمجتمع والمؤسسات إلى مرحلة متقدمة جدًا، أعلى مما حققته هذا اليوم البلدان الرأسمالية المتطورة.
وبهذا المعنى، فإن الحد من دور الحكومة أو حتى التفكير في إلغائها هو موقف تقدمي في أماكن مثل الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والسويد وسويسرا أو بلدان مماثلة حيث توجد نقابات ومجتمع مدني ولجان احياء ومؤسسات أخرى يمكن أن تخطط وتدير مصالح وتناقضات المجتمع بأفضل مما تفعل الحكومة.
المعادلة تختلف جذريا في جنوب الكرة الأرضية – في البلدان الفقيرة والمتخلفة، حيث المشكلة هي عكس ذلك تماما. هذه الدول تعاني من ضعف ومحدودية حكوماتها، وهذا ما يسمى في العلوم السياسية باسم متلازمة الدولة الرخوة.
تمثلت مشكلتنا في السودان في العقود السابقة في محدودية وجود الحكومة وضعفها ورخاوتها عجزها عن انفاذ القانون وليس فقط في وجودها الباطش. فنفس الدولة الظالمة التي تتغول علي الحريات وتعتدي علي المواطن هي نفسها التي تحميه من القتل والسرقة والاغتصاب علي نطاق واسع القادم من خارج صفوفها في مناطق نفوذها علي الأقل.
لذلك لا ينبغي لأحد أن يحتفل بالتلاشي المستمر لسلطة الدولة السودانية وضعف جيشها لأننا لسنا مجتمعًا رأسماليًا متقدمًا، فنحن دويلة متخلفة علي شفا ريح صرصر وضعف الحكومة ينتج عنه الكثير من الألم المجتمعي بلا مكاسب مقابلة على الإطلاق في مجال الحريات.
تكمن صعوبة العلوم الاجتماعية في عدم وجود إجابة ثابتة وواحدة لكل سؤال. الإجابات دايما تعتمد على السياق فالدعوة لتقييد وجود الدولة قد تكون تقدمية مفيدة للحريات في سياق دولة بلغت شأوا بعيدا في التقدم المدني والاقتصادي والتكنولوجي ولكنها قد تكون كارثية تماما في سياق دولة السودان أو الصومال علي سبيل المثال.
علي من يري إيجابية في سقوط الدولة السودانية علي يد الجنجويد وسدنتهم في الداخل والخارج ان يصحو ويشتم القهوة المحترقة اذ ان سقوط الدولة لن ينقلنا الي فضاء حريات متسع، بل سيسلمنا الي عسف الميلشيات وتنمر دول الجوار والاستعمار والعصابات والبلطجية.
بمعني اخر, فان سقوط الدولة السودانية لن ينقلنا الي فردوس ما بعد الرأسمالية كمرحلة متقدمة من مراحل تطور الإنسانية، ولكنه سيزج بنا في جحيم ما قبل الرأسمالية. وبدلاً من أن اليتوبيا المضمرة في تصورات يسار ذاهل عن السياق سيعود مجتمع ما بعد سقوط الدولة إلى همجية بدائية عديمة الحياء يحكمها السيف الماجور للخارج والعصابات الداخل مهما حسن اسمها.
باختصار فان سقوط الدولة السودانية وجيشها (مهما كانت عيوبهما المعروفة) لن يقوم مقامها فردوس لجان المقاومة النبيلة بل ستستلم البلد ميليشيات الجنجويد والعصابات.
ورد في الحكمة ان علي الانسان ان يحترز بخصوص ما يتمني لان هناك خطر ان تتحقق امانيه فيدخل في حيص بيص وهو الشدة والاختلاط.
عيوب الدولة السودانية وجيشها لا يعني الترحيب بأي بديل حتى لو كان جنجويد في زواج عرفي مع كمبرادور. فمهما كرهنا الملاريا فان السرطان ليس بديلا مناسبا وتنبيهنا الي هذا الفرق الجوهري لا يجعلنا عازفين علي مزمار يطرب الناموس كما لا يجعلنا مغفل نافع في خدمة انثي الانوفيليس إلا في اعراف متعاطفة مع السرطان.
عموما نحن قلبا وقالبا مع فلول اليسار العريض غير المنظم وبما اننا قبيلة ضعيفة لا تري بالعين المجردة يقع علينا واجب التداول في طبيعة الحرب الراهنة والموقف منها بأريحية لا تفسد للحب قضية حتى لا ننحر بعضنا البعض فيفني هذا الجنس السياسي المهدد بالانقراض. ولا ننسي ان الخلاف داخل بيت اليسار العريض خلاف فكري امين مبني علي اختلاف تقدير بشري صادق ولا وجود فيه لعميل لخارج أو ميليشيا أو فلول ولا يوجد فيه كومبرادور ولا باحث عن مصالح وامجاد شخصية.
معتصم اقرع
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الحكومة تستعرض إنجازات تطوير التعليم الجامعي: 12 جامعة أهلية جديدة تبدأ الدراسة العام المقبل
استعرض مجلس الوزراء، من خلال فيديو نشره المركز الإعلامي عبر منصاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، أبرز إنجازات الدولة في تطوير التعليم الجامعي، مؤكدًا أن التوسع في إنشاء الجامعات الأهلية يأتي كجزء أساسي من استراتيجية الدولة لبناء تعليم جامعي عصري يواكب متطلبات سوق العمل.
برامج تعليمية متطورة بمعايير عالميةأكد الفيديو أن الدولة تبنت رؤية شاملة لتطوير منظومة التعليم الجامعي، عبر إنشاء الجامعات الأهلية وفق أحدث المعايير العالمية، وتقديم برامج تعليمية متطورة تركز على الجانب التكنولوجي والتدريب العملي التطبيقي، بما يتماشى مع المناهج المطبقة في كبرى الجامعات العالمية.
مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر ● نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة يتفقد مستشفى الضبعة المركزي بمحافظة مطروحوأشار إلى أن إنشاء هذه الجامعات جاء لتحقيق حلم الدولة في توفير تعليم جامعي حديث، حيث قال رئيس الوزراء في كلمته خلال حفل تخريج الدفعة الأولى من طلاب الجامعات الأهلية: "كان الحلم هو إنشاء الجامعات الأهلية، وكان التحدي الأكبر هو كيفية تحويل هذا الحلم إلى واقع ملموس".
دور القيادة السياسية في دعم التعليم الجامعيشدد رئيس الوزراء على أن الفضل في تحقيق هذا الحلم يُنسب إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي وفر الدعم الكامل لتأسيس الجامعات الأهلية بأعلى جودة وفي وقت قياسي، ما يعكس اهتمام الدولة بتطوير التعليم كركيزة أساسية لبناء الإنسان المصري.
برامج دراسية حديثة وشراكات دوليةأظهر الفيديو أن الجامعات الأهلية تقدم مجموعة متنوعة من التخصصات الحديثة، منها:
الذكاء الاصطناعي وعلوم الحاسوب
هندسة الطاقة المتجددة
هندسة الميكاترونيكس
هندسة الفضاء والطيران
الفنون الرقمية
كما أشار إلى أن هذه الجامعات تعتمد على شراكات استراتيجية مع كبرى الجامعات العالمية، للاستفادة من الخبرات الدولية، وتقديم تجربة تعليمية متكاملة تواكب التطورات التكنولوجية.
12 جامعة أهلية جديدة تبدأ الدراسة العام المقبلأكد الفيديو أن العام الدراسي المقبل سيشهد بدء الدراسة في 12 جامعة أهلية جديدة، لتصل إجمالي الجامعات الأهلية في مصر إلى 32 جامعة، وهذه الجامعات هي:
جامعة القاهرة الأهلية
جامعة كفر الشيخ الأهلية
جامعة سوهاج الأهلية
جامعة دمنهور الأهلية
جامعة السويس الأهلية
جامعة دمياط الأهلية
جامعة عين شمس الأهلية
جامعة الوادي الجديد الأهلية
جامعة الفيوم الأهلية
جامعة طنطا الأهلية
جامعة الأقصر الأهلية
جامعة مدينة السادات الأهلية
تجهيزات حديثة وبرامج تعليمية متميزةأوضح الفيديو أن الجامعات الأهلية مجهزة بأحدث المعامل وورش العمل، وتعتمد على تقنيات تكنولوجية متطورة، بما يعزز من جودة العملية التعليمية، ويسهم في استيعاب الزيادة المستمرة في أعداد الطلاب وتنمية مهاراتهم بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل.