دبلوماسي أمريكي سابق: السيسي يقود مصر للإفلاس.. ومستقبل البلاد قاتم
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق، لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، إن آفاق الإصلاح في الوقت العربي، لا تبعث على التفاؤل، لأن قادة المنطقة، يتبعون النهج الصيني للتنمية، والقائم على الحد من الحريات السياسية، مع توفير فرص اقتصادية ونمو.
وقال شينكر في حوار مع مركز ريكونسنس للبحوث والدراسات، إن هذا النموذج قيد يكون الكثيرون مستعدون لقبوله لبعض الوقت، لكن من المحتمل أن صبر الناس لن يدوم إلى الأبد.
واستعرض الدبلوماسي الأمريكي السابق، جانبا الأزمات في المنطقة، وتحدث عن الوضع في مصر، وقال إن رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، يقود بلاده إلى الإفلاس.
وأوضح شينكر، أن الاقتصاد المصري ينهار في عهده بكافة المقاييس، وارتفعت الديون بصورة كبيرة، وزاد الناس فقرا، وانتشر الغلاء، وفقدت العملة قيمتها وزادت نسبة العاطلين عن العمل.
ولفت إلى أن هذا بسبب سياسة السيسي التي بدأها قبل عشر سنوات، مع انفاق غير مستدام وديون باهظة لشراء السلاح وتوسع كبير في دور الجيش أدى لخنق القطاع الخاص وتثبيط المستثمرين.
وأشار إلى أن السيسي يخصص الأن ما يصل من نصف ميزانية الدولة، لخدمة الدين، وتخدم مدفوعات الفائدة هذا العجز، الذي تضاعف أكثر من 3 أضعاف منذ توليه السلطة عام 2014، فضلا عن فرار المصريين بأعداد كبيرة خارج البلاد، وموت الكثير منهم بصورة مأساوية في البحر الأبيض المتوسط، وهم يحاولون الوصول إلى أوروبا.
وقال إنه مع تدهور الاقتصاد، كذلك تدهورت حقوق الإنسان في البلاد، وفي غياب تحول جذري، فإن مستقبل مصر يبدو قاتما.
وعلى صعيد الشرق الأوسط قال إن المنطقة لم تكن ضمن محور اهتمام رئاسة بايدن؛ فقد احتلت الحرب في أوكرانيا والتصدي للصين والتعامل مع جميع الانقلابات في إفريقيا والعديد من القضايا الأخرى الأولوية في أجندة أعمال البيت الأبيض.
وفي الآونة الأخيرة؛ بذلت واشنطن جهودا حثيثة للتوسط في اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل، ولكن خلال السنتين الأولين، بدا أن الإدارة كانت أقل انخراطا في المنطقة، باستثناء تواصلها الدبلوماسي مع طهران، ولم يزر سوى مسؤول واحد رفيع المستوى في وزارة الخارجية العراق، خلال فترة تشكيل الحكومة التي استمرت عشرة أشهر في السنة الماضية.
وتدهورت علاقات الولايات المتحدة مع الرياض بشكل كبير منذ تولت إدارة بايدن الرئاسة، وقد تعمدت الإدارة انتهاج هذه السياسة بالطبع؛ لكنها لم تكن فعالة، علاوة على ذلك؛ لم تكن الإدارة ترتبط بعلاقات جيدة مع إسرائيل، ولكن نظرا للتطورات الجارية في إسرائيل، كان ذلك أمرا لا مفر منه، من ناحية أخرى؛ يشعر الأردن بالأريحية أكثر مع هذه الإدارة التي تتسم بطابع تقليدي أكثر وتخريبي أقل.
وشدد على أن السعوديين، فهموا بشكل صحيح، أن واشنطن كانت تسعى إلى التقارب مع طهران، وفي الوقت نفسه؛ ربما كانت المملكة قلقة بشأن مصداقية الضمانات الأمنية الأمريكية، لذا من وجهة نظر الرياض، كان الوقت مناسبا للتوصل إلى اتفاق.
وعلي صعيد علاقات الصين مع الإمارات ولاسعودية، قال إن تنامي العلاقات يثير قلق واشنطن، والحديث عن التعامل مع شركات خاصة، غير واقعي، لأن كافة الشركات تخضع وتعمل للحزب الشيوعي الصيني، وأي منشأة تشغلها الصين في الخليج، يمكن أن تستخدم كقاعدة عسكرية صينية في دول مجلس التعاون.
ولفت إلى أن استخدام شبكات هواوي للجيل الخامس، يمكن أن يعقد التعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وواشنطن لا تطلب الاختيار بينها وبين الصين، لكن بعض مجالات التعاون ستكون محدود في حال وجود قرارات تجارية معينة مع الصين، وأبرز مثال الإمارات التي اختارت هواوي والقواعد العسكرية الصينية بدلا من طائرات أف 35 المشتركة.
وعلى صعيد العلاقة مع الاحتلال، قال شنيكر، إن هناك الكثير من النقاد لإسرائيل في الكونغرس، والانتقادات تتركز على قضايا الفلسطينيين وحقوق الإنسان والمستوطنات، لكن في السنوات الأخيرة، تركزت المخاوف على مبادرة الإصلاح القضائي المثيرة للجدل التي اتخذتها حكومة إسرائيل، والتي يقول الكثيرون إنها ستجعل إسرائيل مع مرور الوقت تنزاح عن مبادئ الديمقراطية.
وأضاف: "في السنوات الأخيرة تدهور دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، وقد انعكس ذلك على الكونغرس، فلم تعد إسرائيل قضية لكلا الحزبين كما كانت في السابق".
وفي الساحة اللبنانية، قال شنيكر، إنه يتوقع أن تحصل حرب، "آجلا أم عاجلا، بين حزب الله وإسرائيل".
وأضاف: "من المثير للقلق هو الموقف الاستفزازي والعدواني المتزايد الذي يتخذه حزب الله على طول الحدود مع إسرائيل، وقد تآكل الردع الإسرائيلي تجاه المليشيا المدعومة من قبل إيران في السنوات الأخيرة، عندما وسع حزب الله حدوده، خلال السنة الماضية؛ أطلقت الجماعات الفلسطينية صواريخ على إسرائيل من المناطق التي يسيطر عليها حزب الله في جنوب لبنان، وأطلق حزب الله طائرات دون طيار على إسرائيل صاروخا مضادا للدبابات عبر الحدود؛ وأقامت الميليشيا موقعًا عسكريًا من خيمتين على الأراضي الإسرائيلية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر السعودية إيران إيران مصر امريكا السعودية سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الله قال إن
إقرأ أيضاً:
الطنطاوي يتحدث لـعربي21 عن ظروف اعتقاله ومستقبل السلطة في مصر
في ظل المشهد السياسي المصري المتسم بالتعقيد والتوتر، برز اسم السياسي أحمد الطنطاوي كأحد أبرز رموز المعارضة التي سعت لإحداث تغيير حقيقي من داخل المجال السياسي.
وقد خاض الطنطاوي تجربة الترشح للانتخابات الرئاسية، لكنه واجه خلالها ضغوطًا شديدة وإجراءات أمنية قمعية، انتهت باعتقاله عقب انتهاء العملية الانتخابية.
وفي هذا الحوار الحصري مع موقع "عربي21"، يستعرض الطنطاوي تجربته في مواجهة السلطة، ويقدم رؤيته لمستقبل العمل المعارض في مصر، إلى جانب تقييمه لأداء النظام القائم، وموقفه من الملفات الحقوقية وعلى رأسها قضية المعتقلين السياسيين.
كما يتطرق الحوار إلى موقفه من القضية الفلسطينية، التي شكلت دائمًا إحدى أولوياته الوطنية والإنسانية، في محاولة لرسم ملامح الصراع القائم بين طموح التحول الديمقراطي والواقع القمعي الذي يرزح تحته المواطن المصري.
رجوع الأمل... أصبح على بُعد ساعات.
بعد شهور طويلة من الصبر والثبات والإيمان،
بنزف ليكم خبر طال انتظاره: كلها ساعات وتنتهي إجراءات الإفراج، وإن شاء الله أحمد الطنطاوي راجع بيته النهارده.#أحمد_الطنطاوي#رجوع_الأمل#الحرية_لمصر pic.twitter.com/12BgeIHdYE — Ahmed Altantawy - أحمد الطنطاوي (@a_altantawyeg) May 28, 2025
كيف تقيم ظروف الإفراج عنك، ولماذا ترى أنها لم تكن طبيعية؟
الإفراج عني لم يكن طبيعيًا لا في توقيته ولا في طريقته، رغم أنني كنت مصرا منذ اللحظة الأولى على أن أُعامل كأي سجين، دون استثناءات أو تمييز، وأن تُطبق علي الإجراءات المعتادة التي تسري على الجميع. لكن ما حدث معي كان فرض حصار داخل الحصار، أو ما يمكن تسميته "سجنا داخل السجن".
الخروج تأخر بلا مبرر، وجاء بإجراءات استثنائية ومن مكان غير معتاد، وكل ذلك بهدف واضح "منع أي فرصة لأن يكون هناك أحد من أهلي أو أصدقائي أو زملائي لحظة الإفراج"، وكأن السلطة أرادت أن تمر اللحظة في عزلة تامة، دون شهود أو دعم رمزي.
وهذا النهج يعكس رغبتهم في طمس حقيقة أن السجن لا يُغير أصحاب القضايا، ولا يُنسي الناس من دفعوا أثمانًا باهظة من أجل مبادئهم. وأنا لست استثناءً، بل أُكمل مسيرة طويلة سبقني فيها كثيرون ممن ضحوا أكثر، وأحبوا هذا الوطن بصدق.
هل أثرت تجربة السجن على شعورك الداخلي وعلى علاقتك برفاقك في النضال السياسي؟
أحد الأمور التي أستطيع اعتبارها من مميزات هذه التجربة القاسية، هو أنني شعرت بدرجة أعلى من السلام الداخلي دون أن أقصد٬ منحتني السلطة فرصة أن أكون مثل غيري، بل مثل من هم أفضل مني٬ أولئك الذين بدأنا معهم الطريق واتفقنا على أن نتقاسم الألم بكبرياء، ونتشارك الأمل بشجاعة.
خرجت من السجن بينما ما زال 150 من أعضاء حملتي الانتخابية، وزملائي، وأساتذتي، قابعين خلف القضبان، من بينهم المهندس يحيى حسين عبد الهادي الذي كان معي في نفس السجن، ولا يزال محتجزًا في مستشفى السجن.
كنت أشعر بالعجز تجاههم، لأننا لم ننجح بعد في رفع الظلم عنهم، وهم لم يرتكبوا جريمة سوى التمسك برأي ومبدأ. وحين تتعرض لما تعرضوا له، تشعر بشيء من الرضا الداخلي؛ لا لأن السجن تجربة مرغوبة، بل لأنه حين يُكتب عليك أن تمر بها، تتقبلها بإيمان ورضا.
وتدرك أن المبدأ الذي نسعى لتحقيقه يستحق هذا الثمن، حتى يأذن الله بزوال الظلم وتحقيق المستقبل الذي نؤمن بأننا نستحقه، وقادرون عليه، وقد دفعنا ثمنه عن قناعة.
السياسي #أحمد_الطنطاوي: سأواصل البحث عن مخارج وطرق تقود إلى الأمل والمستقبل #مزيد pic.twitter.com/LcLYJMOo4y — مزيد - Mazid (@MazidNews) June 2, 2025
كيف تواجه شكوك المواطنين في جدوى العمل السياسي٬ خاصة في ظل تجارب خذلتهم في الماضي؟
في إحدى جولات الانتخابات البرلمانية عام 2020، قابلني سائق توكتوك وقال لي إنه يعتقد بنسبة 75% أن كل ما نقوم به تمثيلية، لكنه لا يزال يحتفظ بـ25% من التصديق.
أجبته بأنك لن تصدقني إلا إذا أسقطوني أو سجنوني، وربما حينها ستقول إنهم يفعلون ذلك ليمنحوني مصداقية. والحقيقة أن الناس معذورة في شكوكها بعد ما رأوه من خيبات أمل متكررة خلال السنوات الماضية. لكن في النهاية لا أحد يوقع شيكًا على بياض لأي شخص يحمل فكرة.
لو رأيت شخصًا يدافع عن حقوقك بصدق، فأيده اليوم حتى يتمكن من مواصلة الدفاع، وإذا انحرف غدًا، قف ضده. هذا ما يعطيك المصداقية الحقيقية. والدعم ليس التزامًا أبديًا، والأفكار نفسها قابلة للتغيير. قد لا يتغير من يحمل الفكرة، بل قد تكون أنت من يغير موقفه حين يؤمن بفكرة جديدة. المهم أن تظل بوصلتك هي المبدأ لا الأشخاص.
الطنطاوي: كلفة التعبير عن الرأي باتت باهظة للغاية
كيف ترى توازن العلاقة بين السلطة والشعب في ضوء التجاوزات الأمنية، وانسحاب المواطنين من المجال العام؟
المعادلة بين السلطة والشعب لها جانبان، وكل جانب فيه اتجاهات متباينة. من جهة السلطة، التزامها بالدستور والقانون يجب ألا يكون محل اجتهاد أو تفضيل؛ فالسلطة ليست صاحبة فضل، بل موظفون لدى الشعب يؤدون دورًا لفترة زمنية محددة وفق قواعد واضحة لا يجوز أن تُطبق بانتقائية أو على أساس شخصي.
داخل هذا المعسكر، هناك من يؤمن بالعقل السياسي، وآخرون لا يعرفون إلا منطق القبضة الأمنية. لكن الواقع يشير بوضوح إلى ضمور العقل السياسي وتضخم غير صحي للعضلات الأمنية.
أما على جانب الناس، فالممارسات الأمنية القمعية دفعت الغالبية إلى الانسحاب من الحياة العامة، لا جبنًا أو خيانة، بل لأن كلفة التعبير عن الرأي باتت باهظة٬ من فقدان الحرية والاستقرار الأسري إلى تهديد المستقبل المهني.
وقدرة الناس على تحمل هذه الكلفة تختلف من شخص لآخر، بل ومن لحظة لأخرى لدى الشخص نفسه، لذلك لا يصح أن نقسو على من أرهقته الظروف. ورغم كل ذلك، ستظل هناك أقلية وهذه طبيعة الأشياء٬ تصر على استكمال النضال. وكلما اشتدت المعاناة زاد التمسك بالفكرة.
وأنت يا أحمد، تمثل هذه الفئة؛ شاب مصري دفع عشر سنوات من حياته لأنه صاحب موقف.
السلطة حين تختار القمع، فهي تراهن على كسر الشخص، أو تخويف غيره، أو التخلص منه مؤقتًا لأنه يمثل عقبة في طريقها. لكنها في المقابل، تدفع ثمنًا باهظًا من شرعيتها الأخلاقية والسياسية، ومن نظرة الناس والعالم لها.
كيف تقيم موقف السلطة من الحراك الشعبي، وما هي رسالتك بشأن استمرار نهج القمع؟
لا توجد سلطة تستطيع أن تدعي أنها غير مهتمة بما يجري من حولها، لكنها قد تختار أن تتظاهر بعدم الاكتراث. والدليل أنه مع مرور الوقت، نلاحظ تعزيزًا مستمرًا لآلة السيطرة والقمع؛ ولو أن الأمر لا يعنيهم فعلًا، فلماذا تتصاعد أدوات التحكم بهذا الشكل؟
رسالتي هنا، ونصيحتي الصادقة، وإن كانت موجهة لسلطة قد لا تهمني شخصيًا، إلا أن ما يهمني فعلًا هو مصير هذا البلد؛ استمرار هذا النهج القائم على الضغط المتواصل على الناس، قد ينجح فعلًا في دفع الأغلبية العظمى للانسحاب من المشهد العام، وإيثار السلامة على المواجهة.
لكن الخطورة تكمن في القلة التي قد تلجأ إلى أساليب أخرى لا تتحملها الدولة، ولا نرغب نحن كمجتمع في المخاطرة بها، خصوصًا عندما يكون أمامنا طريق سلمي وآمن لتحقيق التغيير المنشود وبناء دولة تحترم القانون وتقوم على مؤسسات حقيقية.
فيعني لو مش بنشارك اخبار ماما لحظة بلحظة زي قبل كدة ده عشان احنا بس مستهلكين
هحاول اكتب حاجة تفصيلية اكتر اخر اليوم
بس بشكل عام كل حاجة زي ما هي
ماعندناش اخبار اكيدة او جديدة عن علاء
ماما في المستشفى تحت الملاحظة ٢٤ ساعةhttps://t.co/oYf78Om2V3#saveLaila #FreeAlaa — Mona Seif (@Monasosh) June 3, 2025
الطنطاوي: ليلى سويف تقاوم بصمود من أجل ابنها
كيف تنظر إلى أوضاع المعتقلين السياسيين في مصر، وما تقييمك لخطاب السلطة حول السجون؟
أولًا، لا يمكن أن يأتي الحديث عن المعتقلين دون توجيه التحية والإعجاب الصادق لجسارة الدكتورة ليلى سويف، ليس فقط في موقفها اليوم، بل في صمودها الطويل في مواجهة محنة سجن ابنها. ومن هذا المنبر أُوجه تحية لكل أصحاب الرأي والفكر الذين ما زالوا في السجون.
أما ما تقوله السلطة عن "عدم وجود سجناء سياسيين"، فهو يتناقض تمامًا مع الواقع؛ في الداخل يُطلق على المعتقلين أرقام وتصنيفات مثل "سياسي" و"جنائي"، رغم إنكار وجودهم كـ"سياسيين" رسميًا.
هم يسمّون السجن مركز تأهيل، والزنزانة غرفة، لكن الجوهر لا يتغير بهذه المسميات. وإذا كانت هناك نية صادقة للإصلاح، فلتكن البداية بتحويل هذه السجون فعلًا إلى مراكز تأهيل حقيقية، يُقاس نجاحها بالنتائج لا بالبروفات المعدة سلفًا، أو الحفلات المصورة بعناية، حيث يُنتقى فيها الأبطال والكومبارس بعناية لخدمة مشهد مزيف.
وكل من يدعو للمشاركة أو المقاطعة لديه وجاهة في منطقه، والواجب علينا أن نرتقي بنقاشاتنا السياسية ونتقبل الاختلاف كجزء أصيل من العمل السياسي، لا كاستثناء. ومن يرى أن لا جدوى من انتخابات تفتقد النزاهة وتكافؤ الفرص رأيه محترم، ومن يرى أن المشاركة فرض واجب لفرض الشروط وتحقيق التغيير التدريجي رأيه كذلك يستحق التقدير.
أنا من المدرسة التي ترى أن الأصل هو المشاركة، ما لم يتم منعي. وهذا حدث فعلًا في انتخابات 2020، ورغم العقبات غير المتخيلة التي خضناها٬ فقد نجحنا في صناديق الاقتراع، ورغم ذلك مُنعت من دخول البرلمان.
ومع ذلك، اعتبرت أن مجرد تصديق الناس أنهم أغلبية، وأنهم يستحقوا فرصة، فهذا في حد ذاته مكسب.
وفي الانتخابات الرئاسية الأخيرة، رغم علمي بعدم توافر الشروط، أصريت على الترشح حتى منعتني السلطة.
وأرى أن ما نحتاج تطوره فعلًا هو أداء المعارضة نفسها٬ فليس من المعقول أن في كل مرة نكرر نفس الأسئلة ونفس الحيرة ونرجع نرتبك وننقسم في اللحظة الأخيرة. النضال الحقيقي يتطلب موقف واضح، وليس تردد دائم.
والذي يشارك لابد أن يكون بديلا حقيقيا، وليس تابعا للسلطة على قوائمها، لأنه ليس هناك شيء اسمه معارضة تدخل البرلمان بأسماء اختارتها السلطة ونسب قررتها سلفًا. ونحن لازلنا في مرحلة النضال وليس "اللعبة السياسية"، ولذلك مطلوب منا أن نكون جادين، واضحين، وواقفين بندية، ولا نمثل دور المعارضة المسموح بها.
ما تقييمك لتجربة مشاركة بعض أطياف المعارضة في الحياة السياسية ضمن شروط السلطة؟
أظن أن التجربة أثبتت بوضوح أن الذين دخلوا بهذا الشكل دفعوا ثمن دخولهم امتنانًا للسلطة، وليس مكسبًا سياسيًا حقيقيًا. التجربة أثبتت أن هذا طريق مشروط، لا يضمن للمعارضة دور، ولا يضمن للناس تمثيل حقيقي.
ولذلك واجب على المعارضة أن تتعلم من الذي مضى وتستعد جيدا٬ وتوحد صفوفها وتدخل المشهد وهي ترى نفسها كبديل للسلطة، وليس كتابع لها أو كجزء من ديكورها السياسي.
الطنطاوي: لو منعوا التوكيلات سنعمل كحزب تحت التأسيس
واجهت صعوبات كبيرة في جمع التوكيلات سواء للترشح للرئاسة أو لتأسيس حزب سياسي.. كيف تصف هذه التجربة؟
الذي حدث في توكيلات الرئاسة تتكرر بالحرف في توكيلات تأسيس الحزب، والسلطة تتعامل بنفس أدوات المنع والتضييق.
أيام الرئاسة، الذين تصدروا مشهد التوكيلات تعرضوا للحبس والقمع، وهذا ما يحدث الآن.
موظفو الشهر العقاري نفسهم كانوا يتندرون أنهم أطلقوا على الكتاب الدوري الذي جمّد توكيلات الأحزاب اسم "الكتاب الدوري لأحمد الطنطاوي"، وخصصوا مكتب أو اثنين في كل محافظة، وأي حد يحاول يعمل توكيل يتم التعامل معه بنفس منطق "روّح يا ابني"، رغم إن في ناس أصرت وعملت التوكيلات، ومنهم زملاء وأصدقاء يدفعون الآن ضريبة الحرية.
المفارقة أن هناك أحزاب تعمل تحت التأسيس منذ سنين، لكن التعامل معنا كان مختلف لأننا بنقول كلام واضح ونعمل في النور. ورغم التضييق، أنا دائما أقول لهم: لو أعطيتونا ساعتين فقط بدون تدخلات سنكمل الخمس آلاف توكيل. ومع ذلك اتهمونا زورًا بتزوير التوكيلات، وهذا رغم إن الحكم القضائي نفسه وصفها بالمخالفة الانتخابية٬ لأننا لم نأخذ إذن الهيئة الوطنية، وليس لأنها مزورة.
وعندما أصر الناس خارج مصر على عمل التوكيلات٬ وظهر أن الأغلبية الكاسحة كانت لصالحي. هنا السلطة ضاقت ذرعا وبدأت السفارات تغلق أبوابها أو تحد من عدد التوكيلات.
نفس القلق يحدث الآن في تأسيس الحزب، لكن نقول لهم: نحن لن نرهق الناس، ومجرد ما نستوفي الشروط "5 آلاف توكيل من 10 محافظات" سنقدم ولو منعتونا سنكمل كحزب تحت التأسيس، وهذا ليس بجديد على تاريخ مصر السياسي.
وفي النهاية، إذا اختارت السلطة أن تكمل على نفس النهج٬ فهي تختار أن تبقى خارج لحظة الشرف التي يمنحها التاريخ للأنظمة عندما تفتح المجال العام. لكن هذه البلد أكبر منهم، وأحلام الناس عمرها أطول من عمر أي سلطة.
كيف تنظر إلى مستقبل السلطة القائمة في مصر، في ضوء التجربة التي عشتها خلال السنوات الماضية؟
أنا سأتكلم بما تستحقه السلطة فعلًا، فهي لا تستحق ختامًا يليق بعصرنا ولا بتضحيات الشعب المصري ولا بمكانة الدولة المصرية، بعد كل ما فعلته في السنوات الماضية.
لكن رغم كل شيء، نحن من نعمل من أجل البلد٬ لابد أن نعلو فوق مشاعرنا الشخصية ونفكر بمنطق المصلحة العامة. أتمنى يكون هناك صوت عاقل داخل السلطة، يأخذها ولو خطوات بسيطة في اتجاه مفهوم "الحكم الرشيد".
ورغم كل ما بيني وبين السلطة، وكل ما أثبتته الأيام من صحة رؤيتي في طريقة إدارتهم، مازلت لا أتمنى لهم الفشل. لأن الفشل الحقيقي يدفع ثمنه الناس وليس هم. والناس لا تأكل من الدعاية، ولا تتعالج منها، ولا تدفع إيجارها بها. والذي رأيته بعد خروجي، رغم إن غيابي لم يكن طويلا، إلا أن الوضع أصبح أسوأ والناس تعيش هذا يوميًا.
الطنطاوي: الحبس الاحتياطي يستخدم كأداة لكتم الأصوات
ما رؤيتكم لقضية المعتقلين السياسيين وأوضاع أسرهم في مصر؟
أولًا، لا يجب أن نتعامل مع المعتقلين وأسرهم بمنطق التفضيل الشخصي أو التقييم العاطفي، فالدولة ليست فردًا من العامة يقول "فلان عاجبني وفلان لا"، الدولة يحكمها الدستور، وهي ملزمة بتطبيقه على الجميع دون تمييز، سواء من يؤيدونها أو يعارضونها، من يتفقون معها أو يختلفون.
إذا كنا نريد أن نُريح ضمير هذا الوطن، وإذا كانت السلطة تريد بركة حقيقية في ما تفعله، فعليها أن تتقي دعوة المظلوم. والمظالم كثيرة، ولا يُرجى معها توفيق من الله دون أخذ بالأسباب. لا أحد فوق القانون، ولا يجب أن يُستخدم الحبس الاحتياطي كأداة لكتم الأصوات.
نسمع دائمًا أن السلطة مستقرة وأمورها "تمام"، طيب، إذا كانت السلطة فعلاً مستقرة كما تُعلن، فما الذي يخيفها من إطلاق سراح من لم يرتكبوا جريمة حقيقية؟ ما الذي يجعل إنسانًا يُسجن ثلاث سنوات ونصف احتياطيًا دون محاكمة، ثم يُفرج عنه فجأة دون أي تبرير قانوني؟
هؤلاء ليسوا أرقامًا، بل أبناء لهذا الشعب، وهذه المظالم جرح غائر في ضمير الوطن، وقد آن الأوان لعلاجه. ولا ينبغي أن تظل حرية الرأي تُعامَل كتهديد، خاصة في نهاية عمر أي سلطة تحترم نفسها وتحترم شعبها.
ما موقفكم من القضية الفلسطينية في ظل الأحداث الجارية؟
أول ما يجب قوله هو أننا نعتذر لفلسطين، وندرك تمامًا أن من حق الفلسطينيين ألّا يقبلوا هذا الاعتذار، لكنه محاولة صادقة للتخفيف من ألم الضمير الذي يثقلنا جميعًا بسبب ما عجزنا عن فعله تجاههم.
الشعب الفلسطيني اليوم يمنح لكلمة "عربي" معناه الأسمى. لقد أثبت في كل المحطات أنه عنوان للبطولة والصمود، وهو في هذه الأيام يكتب واحدة من أنبل صفحات التاريخ الإنساني.
أما من اتهموا الفلسطينيين زورًا بأنهم "باعوا أرضهم"، فالواقع يفضح هذه الأكاذيب. ومن لم يرَ صمود الفلسطينيين في نكبة 1948 أو نكسة 1967، أمامه الآن فرصة لا تعوّض ليرى شعبًا يصمد في وجه آلة عسكرية مدمّرة، بإمكانيات شديدة التواضع، وبدون دعم حقيقي.
الشعب الفلسطيني في غزة، وبدرجة أقل في الضفة، يعيش ظروفًا أقسى من تلك التي عاشتها ستالينغراد – التي صمدت ستة أشهر بدعم من الاتحاد السوفييتي – لكن الفلسطينيين يصمدون وحدهم، ويدفعون ضريبة الدم والجوع، بينما كثيرون إما يشاركون في العدوان، أو يقفون يتفرجون بصمت.
التاريخ حاضر، ويسجّل والشعب الفلسطيني، بمقاومته وصبره، لا يدافع فقط عن أرضه، بل عن كرامة أمة بأكملها.