هزاع أبو الريش (أبوظبي)
تبرز المؤسسات الوطنية التي تصون الذاكرة وتحفظ المعرفة بوصفها ركائز الاستدامة المعرفية. وفي طليعة هذه المؤسسات في دولة الإمارات، يأتي الأرشيف والمكتبة الوطنية، كمنارة للذاكرة التاريخية، وشريك محوري في بناء مستقبل مؤسسي قائم على الدقة، والمعلومة الموثوقة، والتقنيات المتقدمة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي.


بمنهجية علمية، ورؤية تشاركية، يعزّز الأرشيف والمكتبة الوطنية دوره الحيوي في دعم منظومة المعرفة الوطنية، من خلال تنظيم الوثائق، واعتماد الأرشفة المؤسسية الحديثة، واستثمار التقنيات الذكية. كل ذلك وفق أطر قانونية وتشريعية واضحة، تنسجم مع القانون الاتحادي للأرشيف واللائحة التنفيذية الملحقة به.

أخبار ذات صلة وفد من «الهلال الأحمر» يزور المرضى في مدينة الشيخ طحنون بن محمد الطبية الرئيس التنفيذي للمجموعة لـ«الاتحاد»: 27 مليار درهم استثمارات «طاقة» لدعم النمو بنهاية 2024

يؤكد الدكتور حمد عبدالله المطيري، مدير إدارة الأرشيفات في الأرشيف والمكتبة الوطنية، في حديثه لـ«الاتحاد»، أهمية الاستمرار في حفظ التاريخ الوطني، لضمان استدامة الملفات الأرشيفية كمصدر معرفي للمستقبل، ويضيف: «نشجع المؤسسات على تنظيم أرشيفها لتيسير الوصول إلى المعلومة بدقة، سواء لمتخذي القرار أو الباحثين أو لأي فرد يسعى إلى معلومة موثوقة».
ويشير المطيري إلى تبني الأرشيف والمكتبة الوطنية خطة استراتيجية تمتد من 2024 حتى 2027، تقوم على إجراء دراسات تفصيلية سنوية تقيس مدى التزام مؤسسات الدولة ببنود القانون، وتحدد سبل تطوير الأداء ورفع مستوى الامتثال للمعايير الأرشيفية.

بيانات موثوقة
يرى المطيري أن الذكاء الاصطناعي، رغم قدراته الهائلة، لا يمكن أن يعمل بكفاءة دون تغذيته بمعلومات وبيانات أرشيفية موثوقة فيقول: «إذا لم تكن البيانات مطابقة للمعايير المعتمدة، فإن الناتج سيكون مضللاً، ولن يخدم الهدف الأسمى، وهو إتاحة معلومات دقيقة تمثل ذاكرة الوطن».
كما أوضح المطيري أن هناك تفاوتاً في تطبيق القانون الاتحادي بين مختلف الجهات، وهو ما يتطلب مزيداً من التنسيق والدعم والتشخيص السنوي للوقوف على التحديات والفرص.
وأشار إلى أنالقانون الاتحادي للأرشيف واللائحة التنفيذية الملحقة به قدما تفصيلاً دقيقاً لآليات التعامل مع الوثائق، من حيث الحفظ، الإتلاف، أو التنظيم المؤسسي، بما يسهم في حماية الإرث المؤسسي والوطني معاً.
وتابع: «نقوم بالتأكد من توفر الخصائص الأساسية في كل جهة، مثل وجود فريق مؤهل، أدوات إدارية، سياسات وتشريعات واضحة، ومستودعات مهيأة مادياً ورقمياً لحفظ الملفات، بما يحدد مصير الوثيقة ويدعم استمراريتها».

مسؤولية مشتركة
وفي معرض حديثه عن التحول الرقمي، شدد المطيري على أهمية الوثائق الإلكترونية، مشيراً إلى تحوّل إنتاج البيانات من البشر إلى الآلات عبر الذكاء الاصطناعي وأنظمة التشغيل الذكية. 
وأضاف: «نحن ننتج المعرفة اليوم بشكل آلي، لذا فإن ضمان موثوقيتها مسؤولية جماعية، تبدأ من المؤسسات وتصل إلى الأفراد، وينبغي علينا جميعاً تبني هذه التقنيات بشكل إيجابي يخدم المجتمع والتاريخ الوطني».
واختتم المطيري حديثه بالتأكيد على أن الكثير من المؤسسات بدأت تطبيق أنظمة تقنية متوافقة مع متطلبات القانون، بينما لا تزال أخرى بحاجة إلى تطوير، قائلاً: «السبيل الوحيد لضمان استدامة الأرشيف الوطني هو تطبيق القانون بدقة، ونحن في الأرشيف والمكتبة الوطنية مستمرون في التواصل مع جميع المعنيين، لنشر الوعي وتعزيز ثقافة الأرشفة بوصفها الذاكرة الحيّة للوطن».

ذكاء المستقبل
بهذا الدور المتكامل، يجسّد الأرشيف والمكتبة الوطنية فلسفة الدولة في تحويل المعرفة إلى قوة، والتاريخ إلى منصة لبناء الغد. فالأرشيف لم يعد خزينة صامتة، بل أصبح شريكًا نشطًا في صياغة المستقبل، وصون الحقيقة، ودعم القرار.. وما يُبنى على ذاكرة راسخة، لا يمكن أن يُهدم.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الأرشيف والمكتبة الوطنية الإمارات الأرشيف الأرشیف والمکتبة الوطنیة

إقرأ أيضاً:

«الشارقة الدولي للمكتبات» يجمع العالم لصياغة مستقبل المعرفة

الشارقة (الاتحاد) 

أخبار ذات صلة إطلاق «ضيّ دبي» 12 نوفمبر المقبل رئيس الدولة يستقبل وفد جامعة ماكغيل الكندية

على مدى ثلاثة أيام، تتحول إمارة الشارقة إلى ملتقى عالمي يجمع خبراء المكتبات والخبراء والأكاديميين من مختلف الدول، ضمن فعاليات الدورة الـ12 من مؤتمر الشارقة الدولي للمكتبات، الذي يقام في مركز إكسبو الشارقة خلال الفترة من 8 إلى 10 نوفمبر 2025، بالشراكة مع جمعية المكتبات الأميركية، حيث يفتح نقاشاً واسعاً حول مستقبل المكتبات في العصر الرقمي، ويطرح مسارات متخصصة لقضايا السياسات والتشريعات، ودورها كحاضنات للمعرفة والتنمية المجتمعية المستدامة.
يوفر المؤتمر للمشاركين منصة للتواصل مع مجتمع المكتبات العالمي، والاطلاع على أحدث الخدمات والتقنيات من خلال صالة عرض مخصصة للمكتبات، إلى جانب لقاءات مع العارضين والمزودين المهنيين، وبرامج متخصصة في تطوير المحتوى والخدمات، بما يعكس مكانة الشارقة كمحور عالمي للحوار الثقافي والمهني.

محركات للتجديد
قال أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب: «حين جعل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، من المعرفة ركيزة لمشروع الإمارة الحضاري، كان يؤسس لرؤية عابرة للزمن، وضعت الشارقة في قلب الخريطة الثقافية العالمية؛ لذلك نمضي اليوم بقيادة ومتابعة سمو الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة الهيئة، في تحويل هذه الرؤية إلى مبادرات ومؤتمرات تُعيد فيها صياغة دور المكتبات بوصفها مؤسسات فاعلة في بناء الوعي المجتمعي وتعزيز التنمية المستدامة».
وأضاف العامري: «لقد ظلت المكتبات على مرّ العصور محركات للتجديد ومختبرات لإنتاج الأفكار التي تغيّر مسارات الأمم، ومن هنا يكتسب مؤتمر الشارقة الدولي للمكتبات أهميته، فهو لا يقتصر على متابعة التحولات الجارية في إدارة المعرفة، بل يفتح المجال أمام وضع سياسات وتشريعات جديدة، ويعزز من تكامل الجهود الدولية لجعل المكتبات فضاءات حيّة للحوار، ومراكز للتقدم والابتكار، ومنارات تضيء دروب المستقبل».

محطة استثنائية
بدوره، قال منصور الحساني، منسق عام المؤتمرات المهنية في هيئة الشارقة للكتاب: «يمثل مؤتمر الشارقة الدولي للمكتبات محطة استثنائية ليس فقط لأمناء المكتبات والمتخصصين، بل لكل من يؤمن بأن مستقبل المعرفة مرهون بقدرتنا على تطوير أدواتها ومؤسساتها، فالمكتبات لم تعد مؤسسات لحفظ الكتب، بل أصبحت فضاءات للتفاعل المجتمعي، ومختبرات لابتكار حلول رقمية وتقنية تعيد تعريف علاقة القارئ بالمعلومة. ومن خلال هذا المؤتمر، نمنح العاملين والمهتمين بهذا القطاع منصة لطرح رؤى جديدة حول كيفية توسيع دور المكتبات في التعليم والإبداع وصناعة السياسات الثقافية، ونؤكد أن الاستثمار في المكتبات هو في جوهره استثمار في بناء الإنسان، وتعزيز حضوره في مسيرة التنمية».

تحديات المكتبات
يشار إلى أن «مؤتمر الشارقة الدولي للمكتبات» انطلق لأول مرة عام 2014، وشهد منذ ذلك الحين مشاركة المئات من أمناء المكتبات والمختصين والناشرين من مختلف دول العالم، ليصبح واحداً من أبرز المنصات المهنية الإقليمية التي تناقش تحديات المكتبات المعاصرة، وآليات إدارة المعرفة في المؤسسات الأكاديمية والعامة، بالإضافة إلى تطوير مهارات العاملين في هذا القطاع الحيوي. وقد خرج المؤتمر في دوراته السابقة بتوصيات استراتيجية أسهمت في تحسين سياسات إدارة المكتبات، وتعزيز حضورها كمؤسسات مؤثرة في بناء المجتمعات.

مقالات مشابهة

  • الأرشيف والمكتبة الوطنية يختتم مشاركته في مؤتمر الجمعية العالمية للتاريخ الشفاهي
  • «الشارقة الدولي للمكتبات» يجمع العالم لصياغة مستقبل المعرفة
  • نفى وجود ثقافة أمازيغية.. القضاء الجزائري يثبت إدانة مؤرخ بتهمة المساس بالوحدة الوطنية
  • البريمي تستعرض جهود تجسين جودة الخدمات وتعزيز رضا المستفيدين
  • الأرشيف والمكتبة الوطنية ينظم دورة تدريبية حول الوثائق
  • رزيق وواضح يتفقان على آلية جديدة لمرافقة المؤسسات الناشئة في عمليات الاستيراد
  • رزيق و واضح يتفقان على آلية جديدة لمرافقة المؤسسات الناشئة في عمليات الاستيراد
  • المديفر: التحضير يصنع السؤال الجيد ويقود الحوار لصناعة الوعي
  • توجيه من وزير العمل بشأن المواقع الإنشائية بالعاصمة الإدارية بعد تطبيق القانون الجديد
  • تطوير المعايير المهنية وتعزيز الوعي بـ«المراجعة الداخلية»