أنقرة.. البرهان يبحث مع أردوغان تطورات الأزمة السودانية
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
التقى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الأربعاء، رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، في العاصمة أنقرة، وسط مساعٍ لتكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب.
وجرى اللقاء المغلق في المجمع الرئاسي التركي، ولم يصدر بيان رسمي حول تفاصيل ما تناوله الجانبان من قضايا، وفقا لما أوردته وكالة "الأناضول".
وبحسب بيان لمجلس الرئاسة السوداني، "من المقرر أن يجري البرهان "مباحثات مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تتناول مسار العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها".
وأشار البيان إلى أن وزير الخارجية المكلف، علي الصادق، ومدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول، أحمد إبراهيم، رافقا البرهان خلال الزيارة.
اقرأ أيضاً
أردوغان يهاتف البرهان ويعلن استعداد تركيا لاستضافة محادثات بين فرقاء السودان
وتعد تركيا المحطة الخامسة للبرهان خارج البلاد، منذ أواخر أغسطس/آب الماضي، إذ بدأ جولاته بزيارة مصر نهاية أغسطس/آب، أعقبتها زيارات إلى جنوب السودان وقطر وإريتريا.
وتأتي زيارة البرهان في ظل تقارير عن وساطات للتفاوض بينه وبين قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خارج البلاد؛ سعياً لإيجاد حلّ للنزاع.
ويتبادل الجيش السوداني و"الدعم السريع" اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال في أبريل/ نيسان الماضي، وارتكاب انتهاكات خلال هدنات متتالية.
وخلّفت الاشتباكات أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وما يزيد عن 4 ملايين نازح ولاجئ داخل وخارج إحدى أفقر دول العالم، بحسب الأمم المتحدة.
اقرأ أيضاً
صحيفة سودانية: أردوغان يعرض على البرهان وحميدتي مفاوضات مباشرة في تركيا
المصدر | الخليج الجديد + الأناضولالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تركيا السودان أردوغان عبدالفتاح البرهان حميدتي
إقرأ أيضاً:
حديث شغور منصب الرئيس في تونس…
المـؤكّد حاليا في تونس شيء واحد فقط: الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر، ومن غير المقبول أصلا أن يستمر.
مؤشرات عديدة بدأت في البروز تدريجيا متجاوزة الجدل العادي حول أداء الرئيس قيس سعيّد لتصل هذه المرة للحديث عن ضرورة رحيله لتجاوز حالة الانسداد القاتل وهو حديث لم يعد متداولا بين معارضيه فقط، خاصة في الخارج، بل اتسعت دائرته إلى أبعد من ذلك.
هذا الانتقال النوعي من انتقاد سعيّد إلى المطالبة برحيله أملته مجموعة عوامل على رأسها الوصول إلى اليأس الكامل والنهائي من إمكانية تراجع الرجل عن نهجه المنفرد في الحكم منذ انقلابه عن الدستور في يوليو 2021، إلى جانب وضعه الصحي، وأخيرا الخوف من انفلات الأمور والذهاب إلى حالة خطيرة من الفوضى أو عدم الاستقرار.
لكل ما سبق ازداد الحديث عن «شغور منصب رئيس الجمهورية» بعد أن ظل طوال أشهر من المحاذير التي يفضل الجميع تجنّب الخوض فيها علنا. لم يعد غريبا، على سبيل المثال لا الحصر، أن تجد أستاذا جامعيا في القانون الدستوري هو أمين محفوظ، الذي كان من مؤيدي سعيّد في انقلابه قبل أن يغيّر موقفه، يقول في مقابلة صحافية إنه في حال حدوث مثل هذا الشغور على رئيسة الحكومة تولي رئاسة الدولة مؤقتا إلى حين تنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، في حين لا يتردّد الصحافي زياد الهاني في نشر تدوينة يقول فيها إن على الجيش الوطني أن يتولى ذلك بهدف «منع حصول الفراغ في أعلى هرم الدولة، ومن ثمّ رعاية مؤتمر حوار وطني جامع»، رغم الحذر الشديد من خيار الزج بالمؤسسة العسكرية في تسيير شؤون البلاد ولو مؤقتا.
مردّ هذا الاختلاف أن دستور قيس سعيّد الذي كتبه بنفسه عام 2022، وفرضه على البلاد باستفتاء هزيل، ينص على أنه في حال حصول شغور في منصب الرئاسة يتولى رئيس المحكمة الدستورية مقاليد الأمور حتى إجراء انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، لكن ما حصل هو أن سعيّد تعمّد عدم تشكيل هذه المحكمة إلى الآن، رغم مرور أكثر من ثلاثة أعوام على تصريح وعد فيه بأنه سيفعل ذلك «في أسرع وقت ممكن»!!
الحديث عن شغور منصب الرئاسة وضرورة معالجة هذه الثغرة الدستورية الخطيرة، التي تركها سعيّد متعمّدا وكأنه سيبقى رئيسا إلى الأبد، لا يعود فقط إلى ازدياد عدد المطالبين برحيل الرئيس، وإنما أيضا إلى معاينة وضعه الصحي الخطير، ليس النفسي فقط بل والجسدي كذلك، وسط تكتم رسمي عن حقيقة كل ذلك وما يشاع بين فترة وأخرى عن دخوله إلى المستشفى. المطالبة برحيله ظهرت كذلك في الشعارات التي رفعت في أكثر من مظاهرة أخيرة، بعد أن نفض الجميع اليد من إمكانية تعديل سياساته حين اتضح أنه غير مستعد أبدا لأي تراجع، أو حتى مراجعة، لاقتناعه المطلق أنه الوحيد على حق وكل من سواه خونة وعملاء.
في كل تاريخ تونس الحديث شكّل الإعلان عن إضراب عام مؤشرا بالغ الدلالة على تحوّل كبير في سير الأحداث
ما يعزز الزخم المتنامي رويدا رويدا في اتجاه رحيل قيس سعيّد نزول المركزية النقابية بثقلها معلنة عن الإضراب العام في البلاد في 21 يناير/كانون الثاني المقبل في جميع القطاعات بعد أن سجّلت في بيانها الأخير الصادر عن اجتماع هيئتها الإدارية «استمرار الاحتقان السياسي والاجتماعي وتدهور الوضع الاقتصادي في البلاد وإرساء منظومة استبداد منغلقة (…) وتواصل غلق أبواب الحوار ورفض التفاوض والتفرّد بالقرار والهروب إلى الأمام (..) وتنامي تدهور القدرة الشرائية للشغّالين وعموم الشعب بسبب التهاب الأسعار وغلاء المعيشة وتردّي خدمات المرافق العامة وتواصل الاحتكار وتقصّير الدولة من دورها الاجتماعي».
في كل تاريخ تونس الحديث شكّل الإعلان عن إضراب عام مؤشرا بالغ الدلالة على تحوّل كبير في سير الأحداث، سواء نُفّذ في كامل البلاد مثل 26 يناير /كانون الثاني 1978 زمن حكم الرئيس الحبيب بورقيبة، أو في بعض المحافظات الكبرى فقط مثل 14 يناير /كانون الثاني 2011 يوم مغادرة الرئيس زين العابدين بن علي وانتصار الثورة. هذه المرة، يأتي هذا الإضراب العام الجديد والرئيس سعيّد فاقد لكل سند سياسي، أو شعبي واضح ومقنع، مستقويا بأجهزة الدولة لا غير. إنه يعاني عزلة سياسية واضحة، بما في ذلك بين أنصاره الأوائل ومنهم نواب برلمان تحدث بعضهم في جلسات علنية عن «الزمن السياسي» لسلطته الحاكمة، وبعضهم الآخر عن «رئيس منفصل عن الواقع»، فضلا عن تناول محيطه العائلي باعتبارهم «طرابلسية جدد» في إشارة إلى فساد أصهار الرئيس بن علي.
هذه العزلة فاقمتها عزلة دولية وبيانات تنديد خارجية، رسمية ومن منظمات حقوقية كبرى، للمحاكمات السياسية وخضوع القضاء ووضع الحريات وحقوق الإنسان. المخيف أن سعيّد لا يواجه كل ذلك إلا بمزيد من العناد والتقوقع بعد أن تلبّسته حالة غير سويّة، سبق أن عبّر عنها بعظمة لسانه حين قال إنه يشعر أنه «قادم من كوكب آخر» وإنه سيكون «أحد صانعي التغيير في العالم كله»، بل وإنه يشعر كأنه «النبي صالح في قوم ثمود»!!.
القدس العربي