ماجد الأنصاري للجزيرة نت: قطر وسيط دولي موثوق به
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
قال مستشار رئيس مجلس الوزراء والمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، إن تنفيذ اتفاق تبادل السجناء بين أميركا وإيران يدل على مكانة دولة قطر كشريك دولي موثوق به في مجال الوساطة.
وأكد الأنصاري في حوار مع الجزيرة نت أن تنفيذ الاتفاق يمثل نجاحا جديدا يضاف إلى النجاحات المشهودة للدبلوماسية القطرية في عدد من الملفات الإقليمية والدولية.
وفيما يلي نص الحوار الذي أجراه الزميل عمر الآغا:
ما دور قطر في تنفيذ هذا الاتفاق؟هذا الاتفاق تجاوز اليوم مدة عامين منذ بدء المفاوضات بين الأطراف بتنسيق قطري، وقد شهدت واشنطن خلال هذه المدة زيارات مكثفة من مسؤولين قطريين لتقريب وجهات النظر وتحقيق هذا الاتفاق وجعله واقعا نراه اليوم.
كما أن الدوحة، وبسبب دورها المحوري، ستكون المحطة التي سيتم تبادل السجناء فيها، من كلا البلدين، ليتم تسليمهم للجهات الرسمية في بلدانهم على أرض قطر، وقد وفرت الدوحة القناة المصرفية الإنسانية للأموال الإيرانية التي كانت محتجزة في كوريا ونقلها للدوحة ثم تسليمها للجانب الإيرانيّ وفق الضمانات التي نص عليها الاتفاق.
نحن ننظر لهذا الاتفاق باعتباره بداية لمسار التفاوض بين البلدين، وليس نهاية له، ونتطلع لأن يكون فرصة لإنجاز اتفاقات في مواضيع عدة، وأكثر أهمية. مع التأكيد أن ما حدث اليوم، ليس أمرا هينا، لكن بالتأكيد فإن قطر ستستمر في لعب دور الوسيط، ونتطلع لتحقيق المزيد من النتائج التي تسهم في تحقيق السلم والأمن الدوليين.
هل نتوقع وساطات قطرية في ملفات أخرى خاصة في ظل تفاقم الأزمات والتلويح المستمر بالحرب كسبيل لحل النزاعات عوضا عن الحوار؟تجارب الوساطة الناجحة، تعطي صورة عن صواب نهج الحلول السلمية وفاعليته في حل النزاعات، عوضا عن إعلاء صوت السلاح. فما تثبته قطر يوما بعد آخر أن دبلوماسية الوساطات ناجحة، وأنه يمكن للأطراف المتنازعة أن تجد حلولا وسطا إذا ما توافرت النوايا الجادة وتوافر الوسيط النزيه والمحايد، والذي يسعى بمثابرة لإزالة العقبات وتقريب وجهات النظر للوصول إلى اتفاقات من شأنها أن تعزز من أمن المنطقة والعالم.
لذلك فنحن نرى في دولة قطر، أن بإمكان هذه الاتفاقات أن تؤثر إيجابا في المستقبل القريب لحلحلة عدد من الملفات المتأزمة في المنطقة، وعلى المستوى الدولي.
تستمر قطر في لعب دور الوسيط لحل النزاعات الإقليمية والدولية، آخرها ما شهدناه من توقيع اتفاقية للسلام في تشاد، بالإضافة إلى أفغانستان.. فما الأسباب التي تدفع قطر للعب هذا الدور؟دولة قطر تلتزم دائما في نهجها السياسي بدعم كافة الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، لذلك فهي تحرص في تحركاتها الدبلوماسية على تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة والمختلفة، مستندة على أهمية الحوار وتفعيل دبلوماسية الوساطات في حل النزاعات بالوسائل السلمية. ووفق هذا النهج، استطاعت الدوحة أن ترسّخ نفسها كشريك دوليّ موثوق، وهي ستستمر في هذا النهج، في الملفات الإقليمية والدولية على السواء.
صفقة تبادل
الجدير بالذكر أن طائرة قطرية تقل 5 أميركيين كانوا محتجزين لدى السلطات الإيرانية وصلت أمس إلى مطار حمد الدولي في الدوحة بموجب صفقة تبادل سجناء تمت بوساطة قطرية.
وكان في استقبال المفرج عنهم مسؤولون قطريون وأميركيون بينهم السفير الأميركي في الدوحة، أشرفوا على تنفيذ هذا الجزء من صفقة التبادل التي تتضمن أيضا الإفراج عن 5 سجناء إيرانيين في أميركا، بالإضافة إلى وصول الأموال الإيرانية المفرج عنها من كوريا الجنوبية إلى الحسابات الإيرانية المسجلة في مصرفين قطريين.
وقال مصدر إن السجناء الأميركيين المفرج عنهم غادروا بعدها بساعات -على متن طائرة ثانية- الدوحة صوب الولايات المتحدة، في حين ذكرت وكالة رويترز بعد ظهر اليوم أن الطائرة وصلت بالفعل إلى الولايات المتحدة.
في المقابل، ذكرت قناة "برس تي في" الإيرانية أن مواطنين إيرانيين أطلق سراحهما في إطار الصفقة وصلا إلى طهران قادمين من الولايات المتحدة عبر قطر.
وفور تنفيذ بنود الاتفاق، شكر الرئيس الأميركي جو بايدن -في بيان- حكومات قطر وعُمان وسويسرا وكوريا الجنوبية على مساعدتهم في تأمين الإفراج عن الأميركيين.
ومن جهته، اعتبر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إطلاق سراح الأميركيين الخمسة مزدوجي الجنسية "عملا إنسانيا بحتا"، قد يفتح المجال لإجراءات إنسانية أخرى في المستقبل بين طهران وواشنطن.
وبدوره، قدّم رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الشكر إلى "الشركاء" الذين أسهموا في نجاح الاتفاق الأميركي الإيراني، لا سيما سلطنة عمان، مؤكدا أن قطر مستمرة في المساهمة في كل ما من شأنه تعزيز أمن المنطقة والعالم.
ويأتي تبادل السجناء بين إيران والولايات المتحدة وسط تصاعد التوترات بشأن محاولة إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015، ومواصلة إيران نشاطها النووي الذي تعترض عليه دول الغرب، وفي مقدمتها الولايات المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الإقلیمیة والدولیة الولایات المتحدة هذا الاتفاق
إقرأ أيضاً:
محام وبرلماني إسباني للجزيرة نت: هدفنا تثبيت جرائم الحرب الإسرائيلية قضائيا
مدريد- تقدّم الميكانيكي البحري سيرخيو توريبيو، الخميس الماضي، بشكوى أمام المحكمة الوطنية الإسبانية، بصفته المواطن الإسباني الوحيد ضمن طاقم سفينة "مادلين" التي كانت تحمل مساعدات إنسانية وتهدف لكسر الحصار عن قطاع غزة، لكن طاقمها تعرض للقمع والاختطاف على يد القوات البحرية الإسرائيلية في المياه الدولية، قبل أن يتم ترحيلهم لاحقا.
ويتولى المحامي والنائب في البرلمان الأوروبي عن إسبانيا خاومي أسينس تمثيل موكله مقدم الشكوى سيرخيو توريبيو أمام المحكمة. ويشغل أسينس عضوية لجنة الحريات المدنية وحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، وعضوية لجنة العلاقات مع فلسطين، بالإضافة إلى عضويته باللجان الفرعية لحقوق الإنسان والشؤون الخارجية.
الجزيرة نت حاورت المحامي أسينس الذي أكد أن الشكوى مقدمة باسم توريبيو بصفته من وقع عليه الضرر، لكن آخرين من أفراد الطاقم مثل الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ، والنائبة الفرنسية ريما حسن، وغيرهم، سيكونون شهودا في الشكوى.
وقال أسينس إن الشكوى تتضمن "وقائع تعد جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل، وتندرج ضمن هجوم ممنهج وواسع النطاق ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة، وضد من يحاول مساعدتهم. وهي أيضا جرائم ضد الإنسانية، تتضمن الحرمان التعسفي من الحرية، والمعاملة المهينة، وانتهاك حقوق طاقم السفينة".
وتتمثل قائمة الأفعال التي أقدمت على تنفيذها القوات الإسرائيلية على متن سفينة "مادلين" يوم 8 يونيو/حزيران الماضي والتي سيتم تضمينها في الشكوى القضائية، الآتي:
الاقتحام العنيف لسفينة مساعدات إنسانية في المياه الدولية، باستخدام وسائل قسرية كقنابل الغاز المسيل للدموع. ثم الترحيل القسري للطاقم المكون من 12 شخصا إلى إسرائيل، حيث بقوا ساعات من دون تواصل خارجي، ودون حضور محام أو ضمانات إجرائية. ثم ترحيل أفراد الطاقم إلى بلادهم من دون أي إجراء قضائي. إعلانكما أوضح المحامي الإسباني أن الشكوى الجنائية سترفع ضد كل من:
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بصفته أعلى سلطة تنفيذية والقائد الأعلى للجيش الإسرائيلي، وهو مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة. وزير الدفاع السابق يوآف غالانت بصفته أنه كان المسؤول الأول عن العمليات العسكرية الإسرائيلية، وهو مطلوب أيضا للمحكمة الجنائية الدولية. قائد سلاح البحرية الإسرائيلية دافيد سالاما. المتحدث الرسمي السابق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري. كبار قادة وحدة "شايطيت 13" وهي وحدة كوماندوز النخبة في البحرية الإسرائيلية، وسيتم التعرف على القادة المتورطين وتحديد هوياتهم في التحقيق لاحقا.ورغم أن الشكوى قُدمت باسم توريبيو، باعتباره أحد الضحايا المباشرين، فإن الضرر لم يقتصر عليه وحده -كما يوضح أسينس- "لأن الهدف من الهجوم كان منع وصول المساعدات إلى سكان غزة المحاصرين، لذا فالمتضررون هم سكان غزة جميعهم، وكل الفلسطينيين الذين لهم أقارب أو أصدقاء هناك".
وبناء على ذلك، انضمت إلى الدعوى "لجنة التضامن مع الشأن العربي" -وهي جمعية إسبانية تهدف لتعزيز الوعي بالوضع في العالم العربي وتعبئة المساندة الشعبية والسياسية في إسبانيا- باعتبارها تمثل الادعاء الشعبي، وهو أمر يسمح به القانون الإسباني.
ولاية قضائية عالميةيعتبر أسينس أن الأصل بالتحقيق في مثل هذه الوقائع أن يكون في المكان الذي حدثت فيه، "لكن إسرائيل لا تحقق في هذا النوع من الوقائع، وقد امتنعت عن التحقيق في الماضي، بل إنها تتفاخر بهذا".
وأضاف "لأنه لا توجد آلية فعالة في إسرائيل للتحقيق، ولأنها تستهين بالقانون الدولي وبقرارات المحكمة الجنائية الدولية، وبمجلس الأمن، وبالجمعية العامة للأمم المتحدة، فلا يمكن تقديم شكوى هناك".
وعن طلبهم مزيدا من الأدلة والإيضاحات من الجانب الإسرائيلي، مثل أسماء القادة العسكريين، والأوامر التي صدرت، وسلسلة القيادة، يقول المحامي "نحن نعلم أنهم لن يردوا، لأنهم لا يعترفون بأي محكمة غير محكمتهم، وهذا بحد ذاته يدعم حجتنا بأن إسرائيل لا نية لديها بالتحقيق".
وبناء على ذلك، بيّن أسينس أن هذه الشكوى القضائية المرفوعة تعد وسيلة لتفعيل مبدأ "الولاية القضائية العالمية"، ولخص فكرته بالقول إن "بعض الجرائم البشعة عند حدوثها لا تهين فقط ضحاياها، بل تهين البشرية جمعاء، ويجب ملاحقتها من أي مكان، بغض النظر عن مكان وقوعها أو جنسية الضحايا أو الجناة".
ورغم أن هذا المبدأ المعمول به في البلاد يتيح للمحاكم الإسبانية متابعة هذا النوع من القضايا الدولية، فإنه تم تخفيض أثره في المحاكم، بموجب تعديل أجراه الحزب الشعبي الحاكم عام 2014، بضغط من الولايات المتحدة وإسرائيل، بهدف إغلاق الملفات القضائية المرفوعة ضدهما.
وفي المحصلة، يؤكد رجل القانون والسياسة أن "فرص نجاح هذه الشكوى ضئيلة، لكنها ليست معدومة، إذ إنه يمكن تفعيلها فقط إذا دخل المتهمون الأراضي الإسبانية".
يؤكد المحامي خاومي أسينس أن الهدف من هذا التحرك القانوني هو استصدار مذكرات توقيف دولية، "رغم علمنا أن ذلك سيكون صعبا للغاية، ولكن على الأقل نطلب تحقيقا قضائيا بسيطا، يضمن سماع شهادة الضحية، وهذا جزء من الحق في الحماية القضائية".
إعلانوأضاف "نريد أن تثبت السلطات القضائية في إسبانيا الطبيعة الجنائية لهذه الأفعال التي قامت بها إسرائيل، وتحديد المسؤولين عنها، حتى لو لم تتقدم القضية لاحقا. هذا مهم، لأننا نؤمن بأن هذه الأفعال ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وطالب المحكمة الوطنية أن تُبلّغ المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية بالوقائع التي جرت على متن السفينة وفي أماكن الاحتجاز الإسرائيلية، ليرى إن كان من المناسب إدراجها في التحقيقات الجارية حاليا ضد نتنياهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين.
وذكّر أسينس بأن المحكمة الجنائية الدولية صرحت أكثر من مرة بأنها تواجه ضغوطا ومهامّ كثيرة، وأنها تدعو الدول الأعضاء إلى فتح تحقيقاتها الخاصة، "ونحن نريد التعاون معها من خلال فتح جزء من التحقيق في إسبانيا".
كما وجه دعوته للقضاة، معتبرا أنهم أيضا يتحملون مسؤولية تجاه ما يحدث في فلسطين، ولديهم أدوات قانونية لا تستخدم غالبا، "لذلك من واجبنا أن نسلط الضوء على دورهم".
وردا على سؤال عما إذا كان القائمون على الشكوى يتوقعون دعما شعبيا، أجاب "نعم، الشكوى لها بُعد رمزي وسياسي وأخلاقي، ولكن أيضا قانوني، ونريد تسليط الضوء على ما حدث، وتعزيز التضامن مع هذه المبادرات، لأنها تُظهر أن المجتمع المدني يتحرك، بينما الحكومات تواصل دعم إسرائيل سياسيا وعسكريا واقتصاديا، ومن ثم تتواطأ في الجريمة" حسب قوله.
وختم بقوله "نأمل أن تلهم هذه الشكوى بلدانا أخرى للقيام بالمثل، خصوصا الدول التي ينتمي إليها طاقم السفينة. هناك دول لديها قوانين تسمح بالولاية القضائية العالمية أكثر من غيرها، كحال السويد التي يمكن لنيابتها العامة أن تتحرك".