غزة- ترجح قيادات في فصائل المقاومة الفلسطينية احتمال نجاح المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي بالتوصل قريبا إلى اتفاق تهدئة في قطاع غزة.

وتتجه المؤشرات إلى أن الجهود القطرية المصرية ستثمر هذه المرة بعدما فشل الجيش الإسرائيلي في إطلاق سراح جنوده الأسرى في غزة، وتعثّر في تحقيق أهدافه بالقضاء على المقاومة رغم مرور أكثر من 21 شهرا من حرب الإبادة التي يشنها على القطاع.

وأبدت المقاومة الفلسطينية تمسكها بانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود، والتوصل إلى وقف إطلاق نار حقيقي ينهي العدوان ويرفع الحصار عن أكثر من مليوني فلسطيني.

مطالب المقاومة

وكشفت قيادات في فصائل المقاومة الفلسطينية للجزيرة نت عن تقديرات ميدانية وسياسية تشير إلى زيادة فرص التوصل إلى تهدئة خلال الأيام المقبلة، مع احتمالية تعنت الاحتلال الإسرائيلي بشأن بعض النقاط الخاصة بالملاحظات التي أبدتها قيادة المقاومة على مقترح المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

وعلمت الجزيرة نت أن النقاط التي طالبت قيادة المقاومة بأن يشملها المقترح المعدل الذي سلمته للوسطاء بعد سلسلة مشاورات داخلية تتمثل في:

استمرار تدفق المساعدات بكميات كافية ضمن البروتوكول الإنساني الذي تم التوافق عليه في اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، وليس عبر "مؤسسة غزة الإنسانية" الأميركية. فتح معبر رفح لسفر الجرحى والمرضى والحالات الإنسانية في الاتجاهين. جدولة انسحاب الجيش الإسرائيلي من داخل قطاع غزة ضمن خرائط واضحة خلال أيام التهدئة الـ60. تقديم ضمانات واضحة بخصوص نهاية الحرب والعدوان الإسرائيلي على غزة.

ورجحت قيادات في فصائل المقاومة في أحاديث منفصلة للجزيرة نت (لم تفصح عن أسمائها نظرا للظروف الأمنية) أن الوسطاء سيتمكنون من تجاوز التعنت الإسرائيلي تجاه النقاط السابقة عبر التفاوض غير المباشر، والسير نحو توقيع الاتفاق.

إعلان

وتعتقد القيادات أن هذه الجولة من المفاوضات تمثل "لحظة فارقة" في الحرب على غزة "ليس فقط لأنها تأتي بعد أشهر دامية من العدوان والإبادة، بل لأن موازين القوى على الأرض بدأت تميل لمعادلة جديدة فرضتها المقاومة الفلسطينية بصلابة مقاتليها، وصبر وثبات شعبي لا مثيل له".

وتشير إلى أن فرص التوصل إلى اتفاق واقعي باتت أعلى من أي وقت مضى، لكن بشروط تلجم العدوان، وتجبره على الانسحاب من داخل قطاع غزة، وتقديم ضمانات دولية حقيقية بإنهاء الحرب.

عوامل حاسمة

وترى قيادات في فصائل المقاومة أن حكومة الاحتلال تسعى هذه المرة للتوصل إلى اتفاق بسبب 3 عوامل مهمة، وهي:

استنفاد الجيش الإسرائيلي جميع الخطط التي من شأنها أن تعيد أسراه أحياء. فشل عملية "عربات جدعون" بعد "ثبات أسطوري" للمقاومين في الميدان، وقتالهم بشكل استثنائي في ظل ظروف معقدة أثبتت مدى الجاهزية العالية واليقظة الكبيرة لدى المقاومة الفلسطينية على المستويين الأمني في الحفاظ على الأسرى، والميداني في قتال العدو الإسرائيلي. تفاعل داخلي في أروقة المؤسستين الأمنية والعسكرية الإسرائيليتين بضرورة انعقاد الصفقة في ظل انسداد الأفق بجلب الجنود الأسرى بطرق أخرى، وهو ما يتزامن مع ضغط أميركي في هذا السياق.

يشار إلى أن الجيش الإسرائيلي اخترق اتفاق التهدئة في 19 مارس/آذار الماضي وأشعل الحرب في قطاع غزة من جديد، وأعلن في منتصف مايو/أيار الماضي انطلاق عملية "عربات جدعون" بهدف نقل معظم السكان إلى رفح جنوب القطاع، ودخول قوات عسكرية برا لاحتلال أجزاء واسعة من غزة بهدف القضاء على حركة حماس.

وبحسب الإحصاءات التي كشف عنها الجيش الإسرائيلي، فإنه منذ استئناف الحرب على غزة قُتل 33 جنديا في المعارك الضارية مع المقاومة الفلسطينية، ليرتفع عدد القتلى الجنود منذ بدء الحرب إلى 883 قتيلا، منهم 441 قتلوا منذ بدء العدوان البري على القطاع.

تراجع الاحتلال

وبحسب قيادات في فصائل المقاومة، فإن الاحتلال الإسرائيلي أظهر في هذه الجولة من المفاوضات تراجعا نسبيا في مواقفه، لأن الميدان فرض عليه ذلك بعدما فشل في تحقيق أهدافه، واستنزفت الحرب قدراته، وأربكت جبهته الداخلية، بالتزامن مع تعرضه لضغوط خارجية.

وأوضحت أن الاحتلال يسعى اليوم إلى الاتفاق، ليس لأنه تغير "بل لأنه يريد إنقاذ ما تبقى من صورته الأمنية والعسكرية والسياسية"، إلى جانب محاولة بنيامين نتنياهو كسب هدنة تمكنه من استثمار جرائمه، والهروب من المحكمة، واحتواء الغضب والخلافات والاستقطابات الداخلية المتصاعد ضده.

يذكر أن الصحافة الإسرائيلية وجهت انتقادات لاذعة لتعامل الحكومة الإسرائيلية والجيش مع قطاع غزة، حيث قال ناحوم برنياع المحلل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت إن الجيش محبط، لأن عملية "مركبات جدعون" انتهت بفشل مدوّ، لأن الدافع خلفها كان سياسيا، والقرار اتخذه شخص واحد، ولذلك كان الثمن باهظا.

وأكدت قيادات في فصائل المقاومة أنها تعي جيدا أن الاحتلال الإسرائيلي قد يناور بالتوصل إلى تهدئة مؤقتة، لذلك شددت على أنها "لا تقايض دماء الشهداء بنصوص هشة أو وعود معلقة"، وأن وقف إطلاق النار الحقيقي يبدأ من إنهاء العدوان ورفع الحصار، وما دون ذلك يبقى مجرد تهدئة مؤقتة لا تلبث أن تنهار تحت أقدام المحتل.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الاحتلال الإسرائیلی المقاومة الفلسطینیة الجیش الإسرائیلی قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

لوموند: مقتل فلسطينيين وهما يستسلمان يكشف أساليب الجيش الإسرائيلي

قالت صحيفة لوموند إن إسرائيل اضطرت، أمام قوة الصورة، إلى فتح تحقيق في مقتل فلسطينيين في جنين بعد انتشار فيديو يظهر استسلامهما قبل أن يطلق جنود من شرطة الحدود النار عليهما.

وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم مراسلها في القدس لوك برونير- أن الرجلين خرجا من منزل جرفت القوات الإسرائيلية واجهته، ورفعا ملابسهما لإظهار أنهما لا يحملان متفجرات، ولكن 3 من عناصر شرطة الحدود أطلقوا عليهما النار فقتلوهما.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مركز روسي: أطراف أوروبية ترفض إنهاء الصراع بأوكرانياlist 2 of 2كاتبان روسيان: استمرار الحرب يحقق مكاسب لنخب وشركات غربيةend of list

وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية -حسب موقع الجزيرة على الإنترنت- "استشهاد المنتصر بالله عبد الله (26 عاما) ويوسف عصاعصة (37 عاما) برصاص الاحتلال في جنين".

وقدمت القوات الإسرائيلية الرجلين -حسب لوموند- على أنهما "إرهابيان" مطلوبان بسبب "إلقاء متفجرات وإطلاق نار على قوات الأمن"، وبعد ساعات من بدء التحقيق أفرج عن الجنود، وقال محاميهم إنهم واجهوا تهديدا حقيقيا على حياتهم، وأن إطلاق النار كان بهدف تحييد الخطر بدون نية القتل.

وعلق وزير الأمن القومي المسؤول عن الشرطة إيتمار بن غفير، قائلا إن "الجنود تصرفوا تماما كما هو متوقع"، وكتب على حسابه في منصة إكس "يجب أن يموت الإرهابيون".

وأظهر الإفراج السريع عن الجنود وصمت المسؤولين السياسيين الإسرائيليين -حسب منظمات حقوق الإنسان- حالة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها جنود الاحتلال في الضفة الغربية.

وقد دانت منظمات إسرائيلية ودولية الحادث -كما تقول لوموند- وحذرت من تصاعد عمليات الإعدام الميداني ونزع الإنسانية عن الفلسطينيين، وقال جويل كارمل من منظمة "كسر الصمت" الإسرائيلية "إن إعدام فلسطينيين بهذه الطريقة يدل على عقود من نزع الإنسانية، وعلى اتباع أسلوب غزة في الضفة الغربية، مع إفلات تام من العقاب على أكثر الممارسات فظاعة".

جانب من اقتحامات قوات الاحتلال لمدينة جنين ومخيمها والعمليات العسكرية داخل المنازل (الجيش الإسرائيلي)

وأضافت المديرة التنفيذية لمنظمة "بتسيلم" يولي نوفاك: "إسرائيل لا توجد فيها أي آلية لإنهاء قتل الفلسطينيين ومحاسبة المسؤولين. من واجب المجتمع الدولي وضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب ومحاسبة المسؤولين عن هذه السياسات الإجرامية".

جنين ليست استثناءً

وفي هذا السياق يقول جيش الاحتلال الإسرائيلي -حسب تقرير لموقع الجزيرة- إنه نفذ أكثر من 200 عملية دهم واعتقال وتفتيش واحتجاز شمالي الضفة الغربية المحتلة، التي تتعرض لعملية عسكرية واسعة منذ يومين، وسط اتهامات بإعدام شبان فلسطينيين ميدانيا.

إعلان

وقال مراسل الجزيرة في فلسطين محمد الأطرش، إن هذه العمليات جرت في طوباس ومخيم الفارعة وبلدات طمون وتياسير وعقابة شمالي الضفة، وأحالت بعض منازلها إلى ثكنات عسكرية بعد طرد سكانها.

القانون الذي يفرض عقوبة الموت على الفلسطينيين لم يقر بعد، ولكنه يطبق منذ زمن طويل.

بواسطة أيمن عودة

وأظهرت تقارير الأمم المتحدة -حسب لوموند- ارتفاعا في استخدام الجيش للذخيرة الحية ضد المدنيين، سواء في المظاهرات أو ضد العمال الذين يحاولون دخول إسرائيل بعد إلغاء تصاريحهم.

وتتزامن هذه التطورات مع نقاش تشريعي في الكنيست حول فرض عقوبة الإعدام على المتهمين بالإرهاب من الفلسطينيين، في خطوة أثارت مخاوف من تصعيد إضافي، وقال النائب أيمن عودة، زعيم حزب حداش إن "القانون الذي يفرض عقوبة الموت على الفلسطينيين لم يقر بعد، ولكنه يطبق منذ زمن طويل".

ويؤكد نواب معارضون ومنظمات حقوقية أن حادثة جنين ليست استثناءً، بل جزء من سياسة متواصلة تنفذ منذ سنوات، وقال أيمن عودة "ليس هذا حادثا استثنائيا. الشيء الوحيد الاستثنائي هو أنه صور"، ووصف ما حدث بأنه "جريمة حرب".

مقالات مشابهة

  • واشنطن تتقدم في مسار التهدئة… المواجهة الحاسمة مع الكرملين لا تزال قادمة
  • واشنطن تتقدم في مسار التهدئة… لكن المواجهة الحاسمة مع الكرملين لا تزال قادمة
  • الجيش الإسرائيلي يقتحم طوباس.. والضفة تشتعل مجددا
  • ميليشيا النجباء الحشدوية تعلن عن استهداف القوات الأمريكية وإسرائيل قريباً
  • نتنياهو يستهدف استمرار الحرب.. جيش الاحتلال يعلن القضاء على قادة المقاتلين برفح الفلسطينية
  • الجيش الإسرائيلي يُخطط لتفكيك حركة حماس
  • الاحتلال الإسرائيلي: القضاء على قادة المقاتلين العالقين في رفح الفلسطينية
  • لوموند: مقتل فلسطينيين وهما يستسلمان يكشف أساليب الجيش الإسرائيلي
  • غوتيريش يجدد الدعوة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية
  • أمين عام الأمم المتحدة يجدد الدعوة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية