أساتذة قانون: سعيد انقلب على الدستور ونصب نفسه أعلى من كل مؤسسات تونس
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
قالت الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية إن الرئيس قيس سعيد نصب نفسه أعلى من كل المؤسسات حتى الدستور نفسه الذي وضعه في 2022 .
ووصفت الجمعية في ندوة صحفية، حصيلة سنة من نشر دستور الرئيس سعيد " بالهزيلة والخطيرة " نظرا للانحرافات الكثيرة التي حصلت خاصة في مجال الحقوق والحريات .
وكان الرئيس سعيد قد ألغى العمل بدستور 2014، وشكل لجنة لصياغة دستور جديد ليتم فيما بعد عرض الدستور الذي قام هو بصياغته على الاستفتاء في 25 تموز /يوليو 2022، وختمه وإصداره في 18 آب /أغسطس من العام نفسه وبدء العمل به.
"انقلاب على دستوره "
وقال أستاذ القانون بجامعة قرطاج وعضو جمعية الدفاع عن الحريات الفردية وحيد الفرشيشي إن أهم ما تمت ملاحظته أنه وبعد سنة من نشر الدستور فإن قيس سعيد ينقلب على دستوره ولا يطبقه .
وفسر الأستاذ الفرشيشي في تصريح خاص لـ "عربي21"، أن " قيس سعيد انقلب على دستوره الذي يتحدث على الحقوق والحريات من خلال نشره للمرسوم عدد 54 الذي يتعارض مع الحريات، مرسوم ملاحقة الصفحات والمواقع، وأيضا من خلال المرسوم 55 الخاص بالانتخاب والاستفتاء والذي ضرب في العمق ومباشرة وصول النساء للبرلمان".
وتنص المادة 24 من المرسوم عدد 54 لسنة 2022 الصادر في 13 أيلول / سبتمبر، على عقوبة "السجن مدة 5 أعوام وبغرامة قدرها 50 ألف دينار (نحو 16 ألف دولار) لكل من يتعمد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان"، ولاقى المرسوم رفضا واسعا وطالبت منظمات وأحزاب بضرورة إلغائه.
وتساءل الفرشيشي "يتحدث عن الحريات ولكن ما يحصل مع الموقوفين السياسيين اليوم غير عادي نسمع بتهمة التآمر ولكن دون أي توضيحات، كما تم منع الخوض في ملف التآمر الذي طالت فيه الإيقافات العديد من الأسماء وخاصة السياسية".
ورأى الفرشيشي أن سعيد لم يحدث أي مؤسسة كما هو في الدستور "لا محكمة دستورية ولا مجالس الأقاليم ولا مجالس القضاء العليا واكتفى ببرلمان منزوع الصلاحيات وفي تبعية كاملة له".
وحول تركيز المحكمة الدستورية قال الفرشيشي: "وفق تقديري ليست أولوية عن الرئيس لأنه غير محتاج لمن سيقرأ ويراقب دستوره، أستبعد أن يتم تركيزها خاصة في هذه السنة وحتى إن وجدت فهي معلومة كيف ستكون".
"التفرد والانتهاك"
وقال أستاذ القانون أمين اللطيف إن "السنة الأولى من العمل بدستور قيس سعيد هي سنة أولى من جمهورية الفرد". وأضاف في تصريح خاص لـ "عربي 21" أن "الرئيس يتفرد بكل القرارات من ذلك التسميات والعزل ولعل أبرز حادثة عزل رئيسة الحكومة نجلاء بودن في منتصف الليل وتسمية رئيس حكومة جديد والذي أدى اليمين في منتصف الليل أيضا".
وتابع: "أيضا تم ضرب الحياد والشفافية والمساواة في التسميات بالإدارة العمومية التي أصبحت بالولاءات وكذلك في الإعفاءات للمديرين والمسؤولين السامين".
واعتبر عضو جمعية الدفاع عن الحقوق أن "التوجه للرئيس سعيد غلب عليه فرض الرؤية الأحادية وفرض القرار عبر التفرد به".
كما تحدث الباحث عن حصول العديد من الانتهاكات في سنة من ذلك "ضرب حرية التنقل، انتهاك قرينة البراءة بحديث سعيد المستمر عن "أعداء الشعب"، وانتهاك حرية الاجتماع والتظاهر السلميين بإيقاف المعارضين ومنع المظاهرات.
وختم حديثه بالقول إن "الدستور ينص على الحق في العيش الكريم في فصله الثاني والعشرين ولكن منذ صدور الدستور تفاقمت المشاكل الاقتصادية والمالية فالمواد الغذائية قلة والأدوية فقدت مع ندرة في الماء".
وتعاني تونس منذ أشهر طويلة من أزمات نقص وفقدان مواد غذائية أساسية كثيرة وخاصة في السميد والخبز والزيت والسكر والقهوة. كما تشهد منذ أربع سنوات موجة جفاف وندرة في المياه، حيث سجلت السدود تراجعا غير مسبوق في مخزون المياه حتى أن الدولة اعتمدت على سياسة توزيع المياه بعدد ساعات محدود وفرض عقوبات على المخالفين للقانون.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية التونسية قيس سعيد القضاء تونس القضاء قيس سعيد سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قیس سعید
إقرأ أيضاً:
ما دوافع حرب أوكرانيا على الفساد؟
كييف- نزولا عند رغبة مئات المحتجين في الشارع، ورضوخا -على ما يبدو- للضغوط والمطالب الأوروبية خصوصا، تتجه أوكرانيا نحو تحرير مؤسسات مكافحة الفساد من وصاية السلطة، ومنحها استقلالية كانت قد ألغيت قبل أيام قليلة فقط.
فالقرارات التي كانت قد أعلنت عن وضع "المكتب الوطني لمكافحة الفساد" و"النيابة العامة الخاصة بمكافحة الفساد" تحت رقابة "النيابة العامة العليا" قوبلت بمظاهرات غضب لم تشهدها كييف منذ سنوات ما قبل الحرب، تبعها قرار أوروبي يقضي بتجميد منح كييف مساعدات بقيمة 1.5 مليار يورو.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2سجن مسؤولين سابقين في كرة القدم الصينية بتهمة الفسادlist 2 of 2الحكم على نائب ألماني بالسجن في قضية فساد لصالح أذربيجانend of listبل إن المتحدث باسم المفوضية الأوروبية غيوم ميرسييه، هدد بالقول إن "الاتحاد الأوروبي لا يقبل التنازلات، وبصفتها دولة مرشحة (للعضوية)، يجب على أوكرانيا الالتزام الكامل بالمعايير، على السلطات الأوكرانية اتخاذ خطوات حاسمة لاستعادة ثقة المواطنين والشركاء الدوليين".
يشكك مراقبون بأن عدول كييف عن قراراتها لن ينهي الأزمة سريعا على المستويين المحلي والدولي، وسط دعوات جديدة للحد من سلطة رئيس الدولة و"النفوذ الأجنبي المفرط"، كما أن ثمة بوادر انقسام إزاء القضية بين المسؤولين المعنيين.
فاحتجاجا على التراجع الأوكراني، تقدمت رئيسة "وكالة التحقيق وإدارة الأصول" أولينا دوما باستقالتها، وهي المؤسسة التي دعمت إلغاء استقلال مؤسسات مكافحة الفساد.
وبعد قبول الاستقالة، لمحت رئيسة الوزراء يوليا سفيريدينكو، إلى أن إدارة الوكالة ستضم لجنة تمثل الحكومة وشركاء دوليين يدعمون أوكرانيا في مجال مكافحة الفساد.
وهذا لم يعجب رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو، التي اعتبرت أن "مشاركة مواطنين أجانب في إدارة الهيئات الحكومية الأوكرانية قد يدمر سيادة أوكرانيا، ويؤدي إلى اتخاذ قرارات تتعارض مع مصالح أوكرانيا وحقوق الناس".
إعلانحتى أن تيموشينكو اقترحت إنشاء جمعية وطنية تضم "أبطال أوكرانيا" الذين شاركوا في العمليات القتالية، وعنها تنبثق "قيادة مستحقة" لهيئات مكافحة الفساد.
اعتبرت الصحفية والناشطة في منظمة "بين" الحقوقية زويا كازانجي، في حديثها للجزيرة نت، أن "نشاط مؤسسات مكافحة الفساد أقلق السلطة، فقد كشف فسادا في مراكز حساسة داخلها، أبرزها مركز نائب رئيس الوزراء السابق".
وتابعت أن "هذا دفع الرئيس والبرلمان لإجراءات تعسفية عاجلة، ظنا منهم أن الشعب لن يتفاعل؛ وإذ به ينتفض دفاعا عن القيم والمبادئ التي سببت ظهور هذه المؤسسات بعد ثورة الكرامة في عام 2014، والتي يقاتلون ويموتون من أجلها الآن" على حد قولها.
وكان تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في أوائل شهر مايو/أيار الماضي قد اعتبر أن "أوكرانيا تحقق خطوات كبيرة في معركتها ضد الفساد رغم الحرب العدوانية الروسية المستمرة، مدركة أن إطار النزاهة القوي أمر ضروري للثقة في الاقتصاد وثقة الشعب والتعافي بعد الحرب".
ومن وجهة نظر كازانجي، فإن "الشعب -في حقيقة الأمر- لا يثق كثيرا بكفاءة هذه المؤسسات، لكنها الأبرز في هذا المجال"، معتبرة أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي "أخطأ التقدير والقرار، وإجراءاته انقلبت عليه، ولهذا تراجع قبل أن يتفاقم الأمر أكثر"، واعتبرت أنه "كان عليه معاقبة المسؤولين المتهمين بالعمالة والخيانة، دون إلغاء دور تلك المؤسسات نفسها".
وترى الصحفية أن رئيسة الوزراء السابقة تيموشينكو وغيرها في المعارضة "قد استغلت الأمر لتعود إلى الواجهة من جديد، مثيرة مخاوف موجودة وغير موجودة، لتحقيق أهداف سياسية خاصة" حسب قولها.
وترى كازانجي في هذا الصدد أن "محاربة الفساد تحتاج إرادة سياسية حقيقية، ودعما شعبيا، ورقابة دولية"، وتعتقد أن المجتمع الأوكراني لا يعارضها بتاتا "لأنه سئم فشل المشاريع المحلية المتعاقبة في هذا الصدد".
التقارب والدعمتعتبر محاربة الفساد -سابقا وحاليا- واحدة من أبرز شروط التقارب الأوكراني مع أوروبا وحلف شمال الأطلسي "الناتو" على أمل الحصول على العضوية في المستقبل، فبعد سقوط نظام الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الموالي لروسيا عام 2014، أنشأت أوكرانيا عدة مؤسسات لهذا الغرض، هي:
المكتب الوطني لمكافحة الفساد: المسؤول عن التحقيق في قضايا الفساد الكبرى. النيابة الخاصة بمكافحة الفساد: والتي تعمل بالتوازي مع المكتب الوطني، وكلاهما عُطل مؤخرا بقرار الرئيس زيلينسكي. المحكمة العليا لمكافحة الفساد: تأسست عام 2019 للنظر في قضايا الفساد الكبرى. الوكالة الوطنية لمنع الفساد: المسؤولة عن مراقبة ذمم كبار الموظفين الحكوميين وإدارة نظام كشف الذمم المالية.يقول رئيس مركز "المبادرات الديمقراطية" إيهور كوهوت للجزيرة نت إن "كييف لن تحقق أي تقدم نحو التكامل مع أوروبا إذا قُمعت مؤسسات مكافحة الفساد فيها، وهي التي يخضع نشاطها لرقابة الأوروبيين، ويعد استقلالها شرطا لاستمرار هذا التوجه والدعم، لا سيما في ظل الحرب الروسية الراهنة".
ويبقى تفشي الفساد واحدا من أبرز معضلات المجتمع الأوكرانية المستمرة منذ الاستقلال عام 1991؛ حيث تحتل أوكرانيا المركز 105 من أصل 180 دولة حول العالم في مؤشر الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية؛ بعد أن كانت في المركز 120 عام 2019.
إعلانومن وجهة نظر الخبير كوهوت فإن "هذا التحسن النسبي لا يلغي حقيقة تفشي الفساد في أوكرانيا، والصورة النمطية القاتمة حوله محليا ودوليا".
وأوضح أنه في عام 2012 صنفت شركة "إرنست ويونغ" أوكرانيا كواحدة من بين أكثر 3 دول فسادا حول العالم، إلى جنب كل من كولومبيا والبرازيل؛ ثم وضعتها في المرتبة 9 عام 2017، ووصفت حينها صحيفة "الغارديان" أوكرانيا بالدولة الأكثر فسادا في أوروبا؛ وذهب بعض الدبلوماسيين الأميركيين إلى اعتبار أن "لصوصا أداروا بعض أنظمة الحكم المتعاقبة في البلاد".
ويضيف "اليوم نحو 85% من الأوكرانيين يعتبرون الفساد مشكلة خطيرة جدا، ونسبة 60-65% لا تثق برغبة وقدرة السلطة الحالية حقا على محاربة الفساد؛ لكن نسبة تفوق الـ50% تشعر أن الوضع تحسن مقارنة بما كان عليه قبل 2014، وخاصة بعد بداية الحرب في 2022، بسبب الضغوط الأوروبية والغربية لتنفيذ إصلاحات والشروط التي على أساسها تمنح المساعدات".
ويختم بالقول "أعتقد أن محاربة الفساد تتم بالفعل بناء على الضغوط والشروط الخارجية للأسف، أكثر من كونها حاجة محلية، إنها تمس اليوم قطاعات الدفاع والأمن بشكل واضح؛ بينما يستشري الفساد في مجالات الحياة والقطاعات الخدمية الأخرى" على حد قوله.