«محمد بن زايد للعلوم الإنسانية» تنظم «مؤتمر اللغة العربية»
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
أبوظبي (وام)
أخبار ذات صلةينظم مركز التميز في اللغة العربية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، يومي 27 و28 سبتمبر الجاري، المؤتمر العلمي الدولي الثاني بعنوان «اللغة العربية واللسانيات التطبيقية: الفرص والتطلعات».
ويشارك في المؤتمر 40 باحثاً ومختصاً في اللغة العربية من 22 دولة من 26 جامعة حول العالم، لاستعراض أحدث الدراسات والبحوث الأكاديمية والتطبيقية، واستشراف آفاق البحث والتطبيق في مجال اللسانيات الحاسوبية والدعم مستقبلاً.
وقال الدكتور خليفة مبارك الظاهري، مدير الجامعة إن انعقاد المؤتمر يؤكد اهتمام الجامعة، بمجالات البحث العلمي والنهوض باللغة العربية في حقل اللسانيات التطبيقية، وذلك للإسهام في تعزيز حضورها عالمياً.
وأضاف: «تنبع أهمية موضوع المؤتمر من كون اللسانيات التطبيقية أصبحت حقلاً علمياً رصيناً، يسهم في ترقية الحصيلة اللغوية العلمية والمعرفية من خلال صلته الحقيقية بالعالم الفعلي، وعبر التركيز على مستويات استعمال اللغة وارتباطها بحقول معرفية أخرى، كعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم التربية التي تعتبر مسارات متطورة، تطبق فيها الأفكار والتصورات اللغوية المختلفة من زوايا اجتماعية وثقافية إيديولوجية ونفسية، من أجل استثمارها في التطبيقات الوظيفية المختلفة».
وأشار إلى أن هذه العوامل تضع باحثي اللسانيات، خصوصاً اللغة العربية، أمام تحديات مواكبة التطورات البحثية والتطبيقية المتسارعة، والنهوض بالبحث اللساني في اللغة العربية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية اللغة العربية مؤتمر اللغة العربية اللسانیات التطبیقیة اللغة العربیة
إقرأ أيضاً:
اللغة العربية في المخاطبات الرسمية.. قرار في الاتجاه الصحيح
حمد الناصري
في خطوة طال انتظارها، أثلجت صُدورنا توجيهات أمانة مجلس الوزراء الصادرة في الأول من يونيو 2025، والتي تنص على ضرورة الالتزام باستخدام اللغة العربية السليمة في جميع المُخاطبات الرسمية في القطاعين الحكومي والخاص.
يُمثل هذا القرار انتصارًا للهوية الثقافية واللغوية لسلطنة عُمان، وتأكيدًا على أن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي وعاء للثقافة، وجذر راسخ في عُمق المجتمع العُماني الذي قامت حضارته وتاريخه على هذا اللسان العريق.
لقد لاحظنا في السنوات الأخيرة تزايد استخدام المصطلحات والمُسميات الدخيلة في تسمية المشاريع والمرافق والمُنشآت، وهو ما لا يتناسب مع روح الثقافة العُمانية، ولا مع مكانة اللغة العربية التي تمثل، منذ قرون، لغة الدولة والمُجتمع، ولغة التعليم والتشريع، بل ولغة الدين والقيم.. فاللغة العربية ليست كغيرها من اللغات؛ إنها لغة القرآن الكريم، اللغة التي اختارها الله سبحانه وتعالى لتكون وعاءً لِوَحْيه، ووسيلة بيَانِه إلى البشرية جمعاء. يقول تعالى: "إِنا أَنزَلْنَٰهُ قُرْءَانًا عَرَبِيا لعَلكُمْ تَعْقِلُونَ"، وفي ذلك دلالة جلية على تكريم اللغة العربية ورِفْعَة مكانتها، وارتباط العقل والفهم بها.
لقد قدَّس العرب لغتهم منذ القدم، واتخذوها مجالًا للبيان والفصاحة، وميدانًا للشعر والخِطابة، وسجلوا عبرها تاريخهم وأدبهم وفكرهم. كما أنها نالت التقديس الأسمى من المُسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، لكونها لغة الوَحْي، ولسان الصلاة، ومفتاح فهْم الدين. وهذا ما أكسبها الخلود، وأبقاها لغة حية، مُتجددة، لا تندثر..
وإذا كانت اللغة في جوهرها انعكاسًا لهوية الأمة، فإن اللغة العربية مثلت العمود الفقري للهوية الإسلامية والحضارة العربية. فهي التي حملت الفلسفة والفكر، واحتضنت التراث الإنساني المُتنوع، ووسعت من آفاق المعرفة حين استوعبت الحضارات الفارسية واليونانية والهندية، وترجمت علومها إلى العربية، فازدهر بها العقل الإنساني قرونًا طويلة.
إن هذا البُعد الحضاري والديني للغة العربية يستوجب أن نحافظ عليها، لا في الكتب فقط، بل في حياتنا اليومية، ومؤسساتنا، ومراسلاتنا، وخطابنا الرسمي. فليس من المنطقي أن تنشأ مؤسسة أو مشروع في قلب المجتمع العُماني، يحمل اسمًا أعجميًا أو مُصطلحًا بعيدًا عن الفهم الشعبي والهوية الوطنية، في الوقت الذي تزخر فيه لُغتنا بمفردات ثرية ودلالات دقيقة.. وقد أدركتْ الدول العربية، ومنها سلطنة عُمان، هذه القيمة الاستراتيجية للغتها الأم، فسعتْ إلى تعزيز استخدامها في التعليم والإدارة، وحرصت على تعليمها لغير الناطقين بها، من المُسلمين وغيرهم، إدراكًا لأهميتها في ربط الشعوب بالثقافة العربية والإسلامية.
لم يكن العرب الأوائل بحاجة إلى تفسير معاني القرآن، لأنهم كانوا يتخاطبون بالعربية الفصيحة، وكانوا يُدركون تمامًا بلاغته وإعجازه، حتى أن كِبار فُصحائهم كأمثال الوليد بن المغيرة اعترفوا بعجزهم عن الإتْيان بمثله، رغم تمرسهم في فنون اللغة والبيان.. وتتجلى فلسفة هذه اللغة في كونها أكثر من مجرد وسيلة للتخاطب؛ فهي نظام معرفي عميق يُعبر عن رُؤى الإنسان للعالم، ويُشكل وعيه ويدفعه للتأمل والفهم. اللغة العربية، بما تحمله من مُفردات دقيقة وتراكيب مرنة، تُتيح للمتكلم التعبير عن أدق المشاعر وأعْقد الأفكار، وهو ما جعلها لغة للفلسفة، والدين، والأدب، والعلم عبر قرون طويلة.
ولأن اللغة مرآة للفكر، فقد أسهمت اللغة العربية في بناء الوعي الثقافي الجمعي لدى العرب والمسلمين، واحتضنت عبر تاريخها ِسجالات فكرية وثقافية واسعة، من الشعر الجاهلي إلى الفقه الإسلامي والفلسفة العقلية. وهي ما تزال اليوم تشكل أساس الهوية الثقافية والحضارية، وتُحَفز العقل على التفكير والتحليل والتذوق الجمالي، مما يجعلها ليست فقط لغة للأدب، بل أداة للفهم والتأويل والتفاعل مع العالم.
خلاصة القول.. إن اللغة العربية هي لغة الأُمَّة، ولسان الدين، وجسر الحضارة.. وهي ليست مجرد أداة للتواصل، بل أداة لصياغة الفكر وتشكيل الهوية، وبناء الوعي.. وإن الحفاظ على اللغة العربية في الخطاب الرسمي ليس خيارًا ثقافيًا فحسب، بل هو واجب وطني وديني، يليق بمكانتها، ويُؤكد انتماءنا إلى هذه الأمة العريقة.
والتوجيه الأخير من مجلس الوزراء يُمثل لُبنة مُهمة في هذا البناء الحضاري، وعلينا جميعًا- مؤسسات وأفرادًا- أن نكون على قدْر المسؤولية، في احترام لُغتنا، وتعزيز استخدامها، وصَونها من التهميش والتراجع.. فاللغة العربية، باختصار، باقية خالدة.. ما بقي القرآن بيننا.