اعتقال سامي الباقر .. غياب لصوت العقل والضمير
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
اعتقال سامي الباقر هو غياب لصوت العقل والضمير
كتب: عمار الباقر
قامت قوة من الاستخبارات العسكرية باعتقال النقابي والقيادي بلجنة المعلمين والجبهة النقابية الاستاذ سامي الباقر وذلك يوم امس الجمعة الموافق 22/9/2023م.
يقول المثل اذا لم تستمع الي العاقل اليوم، فغداً سوف تستمع الي المجنون. وما لايفهمه الديكتاتوريون اعداء الشعوب ان الصوت النقابي والمدني هو صوت العقل الذي يعكس نبض الشارع والمواطن البسيط.
حينما طالبت لجنة المعلمين الدولة ان تضطلع بمسؤولياتها تجاه العاملين وسداد مرتباتهم؛ كان ذلك المطلب يصب في صالح دعم الاستقرار ومحاصرة اثار الحرب اكثر من كونه فعلاً معارضاً للسلطة الانقلابية وحربها الشنعاء. فالمرتبات تعني دعم قدرة الاسر علي الصمود ومقاومة الاثار القاتلة للحرب والتي ادت الي نزوح معظم العاملين الي خارج المدن اضافة الي التبعات الاقتصادية والاجتماعية الاخري للحرب وعلي راسها ارتفاع تكاليف المعيشة نتيجة لازدهار اقتصاديات الحرب في كل المدن السودانية بل وخارج السودان ايضاَ، ولكن من يفهم ومن يستوعب.
ان توقف الدولة عن سداد المرتبات للعاملين بها هو بمثابة قطع الحبل السري بينها وبين العاملين، وهو ايضا بمثابة هدم لواحدة من اهم اركان الدولة، فتوقف الدولة عن سداد المرتبات يعني انتفاء العلاقة التعاقدية بينها وبين عامليها والدولة التي بلا عاملين هي في الحقيقة ليست بدولة.
أن مطالبة الاستاذ سامي الباقر ومن خلفه لجنة المعلمين تمثل صوت العقل وقوي الحداثة المنحازة لقضية بناء جهاز دولة مقتدر وقادر علي تلبية احتياجات الشعب، ومن يعتقله فهو في حقيقة الامر يعتقل عشرات الالاف من المعلمين ومئات الاف من العاملين في جهاز الدولة، وهو يعتقل صوت المؤسسات والحداثة لصالح نظام الميليشيات الذي يسوده قانون الغاب، فانظروا يامن اعتقلتم سامي ماذا انتم فاعلون بمن تعتقلونهم لمطالبتهم برواتبهم وانتم تستمعون برواتبكم ومخصصاتكم جيمعها غير منقوصة، كيف ستواجهون اهلكم وجيرانكمم بفعلكم هذا وكيف تطلبون منهم دعمكم في حربكم الخرقاء تلك التي ورطتم شعبكم فيها دون ذنب أو جريرة.
إن من يعين ظالماً علي ظلمه هو شريك اصيل في هذا الظلم وان لم تستمعوا لصوت العقل وتطلقوا سراح الاستاذ سامي الباقر اليوم فغدا سوف تستمعون الي ما لا قبل لكم به.
ألا هل بلغت، اللهم فاشهد
#برهان_حميدتي_ستدفعون_الثمن
#صرف_مرتبات_العاملين_قضية_حياة
#أوقفوا_الحرب
الوسومالاستخبارات العسكرية التربية سامي الباقر لجنة المعلمين السودانيينالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الاستخبارات العسكرية التربية لجنة المعلمين السودانيين
إقرأ أيضاً:
مصر والسعودية.. استدعاء الماضي وتغييب العقل
تاريخيا، مرت العلاقات المصرية- السعودية، بمنعطفات خطيرة، سياسيا وعسكريا، على الرغم مما يجمع البلدين من عوامل مشتركة، جغرافيا ودينيا واجتماعيا، بل ما هو أكثر من ذلك، حيث المصاهرة التي بدأت بسيدنا إبراهيم عليه السلام، وزواجه من أُم العرب، السيدة هاجر المصرية، ثم زواج النبي محمد عليه الصلاة والسلام من السيدة ماريا القبطية، وغير ذلك من انتشار للقبائل العربية التي حطت رحالها في مصر عبر التاريخ، قادمة من الجزيرة العربية، بحثا عن الماء والطعام والزراعة والعمل والعيش الكريم، هروبا من حياة الصحراء والجفاف.
وعلى الرغم من أهمية التعاون العسكري والتنسيق الأمني، بشكل خاص بين البلدين، في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة الآن، خصوصا في ظل الأطماع الإسرائيلية المعلنة، إلا أن ما يجري الآن يعكس ترديا، وصل إلى حد دخول الشعبين الشقيقين على خط الأزمة، من خلال "السوشيال ميديا" بقدر كبير، بما يشبه التغييب العقلي الذي لا يراعي الصالح العام، خصوصا إذا علمنا أن معظم تلك المداخلات إنما هي لجان رسمية، فيما يعرف في مصر بالكتائب الإلكترونية، وفي السعودية بالذباب الإلكتروني، الأمر الذي يساهم يوما بعد يوم في تأجيج الصراع من خلال ملاسنات تصل إلى حد الاحتدام.
بالعودة إلى المنعطفات التاريخية، تجدر الإشارة إلى الآتي: بعد حصار القوات المصرية، وقوامها عشرة آلاف مقاتل وخمسة آلاف مدني، بقيادة إبراهيم باشا، لمدينة الدرعية بإقليم نجد، في شبه الجزيرة العربية، والذي استمر ستة أشهر، من آذار/ مارس إلى أيلول/ سبتمبر 1818، سقطت الدولة السعودية الأولى، بعد استسلام رابع ملوكها، الإمام عبد الله بن سعود الكبير، مع حاشيته وحراسه وثروته، وتم نقله سجينا إلى القاهرة، مع بعض أعضاء عائلتي آل سعود وآل الشيخ، قبل إرساله إلى الأستانة، عاصمة الدولة العثمانية، حيث جرى إعدامه، وتم ضم نجد إلى الدولة العثمانية، بعد إدخال جميع قبائلها في طاعة دولة الخلافة.
وعلى الرغم من قيام دولة سعودية ثانية عام 1924، استمرت حتى عام 1891، قبل أن تسقط هي الأخرى لخلافات داخلية، ثم دولة ثالثة بقيادة الملك عبد العزيز عام 1932، واستمرت حتى الآن، إلا أن الذاكرة السعودية تستدعي الماضي دائما وأبدا، لا تنسى أبدا مرارة سقوط الدولة الأولى على يد قوات مصرية، واعتقال الملك ثم إعدامه، على الرغم من أن حملة ابراهيم باشا أولا وأخيرا، كانت لحساب دولة الخلافة العثمانية، وهو ما جعلها تتلقى دعما طوال شهور الحصار الستة، من البصرة في العراق، ومن إمارة الكويت آنذاك، وحتى من المدينة المنورة، وغيرها من الأقطار التي كانت ترى في الدولة السعودية خروجا على الشرعية.
ثم جاءت الحرب الأهلية في اليمن، 1962-1970، لتعود المواجهة من جديد، بين الجيش المصري وقوات آل سعود، وإن كان بطريقة غير مباشرة، حيث كانت مصر تدعم الجمهوريين، الذين أعلنوا قيام الجمهورية العربية اليمنية بعد أن أطاحوا بالنظام الملكي، بقيادة الإمام محمد البدر الذي كانت تدعمه السعودية، ماليا وعسكريا ولوجستيا، إلى جانب قوات بريطانية، بينما كان الدعم المصري بقوات بلغ قوامها 70 ألفا، وخسائر تجاوزت 15 ألف قتيل، وكان لذلك أثره الكبير على هزيمة مصر في حرب 1967، واحتلال الكيان الصهيوني شبه جزيرة سيناء، في الوقت الذي كانت العلاقات المصرية- السعودية في أسوأ حالاتها على الإطلاق.
بعد ذلك جاءت المواجهة المصرية- السعودية الثالثة، سياسية خالصة هذه المرة، بعد أن قام الرئيس الراحل أنور السادات بزيارة القدس، في تشرين الثاني/ نوفمبر 1977، وإلقاء خطاب في الكنيسيت الإسرائيلي، وهي الزيارة التي تمخضت عنها مفاوضات كامب ديفيد في الولايات المتحدة بين الجانبين، برعاية الرئيس الأمريكي الراحل جيمي كارتر، وأسفرت عن اتفاقية سلام عام 1978، ثم معاهدة سلام عام 1979، وهو ما حدا بالمملكة العربية السعودية، مع كل الدول العربية باستثناء سلطنة عمان، لقطع العلاقات الدبلوماسية مع القاهرة، ونقل مقر جامعة الدول العربية إلى تونس، بعد تعليق عضوية مصر، واستمر هذا الوضع عشر سنوات، حيث عادت العلاقات عام 1989، ثم نقل مقر الجامعة مرة أخرى للقاهرة عام 1990.
ولم تتحسن علاقات البلدين سوى في ظل حكم الرئيس حسني مبارك، الذي كان لا يجد غضاضة في التعامل مع الأنظمة الملكية وغيرها، على عكس الرئيس جمال عبد الناصر، الذي كان يشجع كل حركات التحرر في العالم، ليس من الاستعمار فقط، بل من حكم العائلات أيضا، على غرار ثورة 1952 في مصر، وعلى عكس الرئيس أنور السادات أيضا، الذي اصطدم بكل العرب، في سعيه للصلح مع الكيان الصهيوني، بعد أن أيقن أن الحرب وحدها لن تعيد الأرض العربية المحتلة، ما دامت المواجهة العسكرية في نهاية الأمر مع الولايات المتحدة، على حد قوله.
وقد سارت الأمور على هذا النحو بين كل من الرياض والقاهرة، إلى أن اعتلى سدة الحكم في مصر الرئيس عبدالفتاح السيسي، عام 2014، والذي أظهر إصرارا واضحا على تسليم جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر، إلى المملكة، مرددا أنه قد وعدهم بذلك، فيما يشير إلى أن هذا الوعد ارتبط بدعم سعودي للانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي. وعلى الرغم من صدور أحكام قضائية نهائية بمصرية الجزيرتين، إلا أنه ضرب بالأحكام عرض الحائط، على الرغم من فشل الرياض في الحصول على الجزيرتين في ظل حكم الرؤساء السابقين عبد الناصر والسادات ومبارك، وسط الادعاءات بملكيتهما.
الآن عادت قضية الجزيرتين إلى الواجهة، بعد أن طلبت الولايات المتحدة الأمريكية استخدامهما عسكريا، من خلال إنشاء قاعدة ثابتة هناك، وهو ما رفضته مصر جملة وتفصيلا، نظرا لخطورة الموقع استراتيجيا على الأمن القومي المصري، ثم عادت الرياض لتوافق للولايات المتحدة على إقامة القاعدة بالقرب من ميناء ينبع، حيث لوحظ نشاط عسكري أمريكي في الآونة الأخيرة، وهو ما رفضته مصر أيضا، وخرج وزير الخارجية بدر عبد العاطي ليعلن أن إنشاء قواعد عسكرية على البحر الأحمر لغير الدول المتشاطئة أمر مرفوض تحت أي ظرف، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه تم إبلاغ تركيا أيضا بالموقف المصري، خلال استضافتها مفاوضات صومالية- إثيوبية.
وهنا تجدر الإشارة، إلى أن الرئيس الأسبق أنور السادات رفض طلبا أمريكيا بإقامة قاعدة عسكرية، في جزيرة راس بناس في البحر الأحمر بمواجهة الشواطئ السعودية، وهو الطلب الذي رفضه أيضا الرئيس مبارك. كما تجدر الإشارة إلى أن الرئيس السوداني السابق عمر البشير، كان قد منح الجمهورية الإسلامية الإيرانية موافقته على إقامة قاعدة عسكرية في مدينة بورتسودان، وهو ما جعل الرئيس مبارك يعلن على الفور أن مصر سوف تهاجم القاعدة إن حدث ذلك، مؤكدا أن مصر ترفض إقامة أية قواعد عسكرية أجنبية في البحر الأحمر.
وتنطلق مخاوف مصر هنا من عدة عوامل؛ أهمها أن حركة الملاحة في قناة السويس سوف تصبح رهنا لهذه القاعدة أو تلك، كما أن القواعد الأمريكية بشكل خاص تمثل دعما لإسرائيل، كعدو تاريخي، مهما كان هناك من اتفاقيات ومعاهدات سلام، نظرا لأن ذلك العدو لا يتورع عن التوسع والأطماع في المنطقة. ومثل هذه القواعد تمثل انطلاقا لعمليات تجسس على مدار الساعة، برا وبحرا وجوا، ناهيك عن كونها احتلالا صريحا للمنطقة، خصوصا في الوقت الذي تتواجد فيه قوات إسرائيلية على أربع جزر إريترية في البحر الأحمر، أهمها جزيرة دهلك، التي تستخدمها في تخزين صواريخ وطائرات وأسلحة، وسط أنباء عن سلاح نووي أيضا، بينما تتواجد العديد من القواعد في جيبوتي، على مدخل البحر الأحمر، لكل من فرنسا والولايات المتحدة والصين واليابان، وأخرى لتركيا في الصومال، وللإمارات في إريتريا وأرض الصومال.
الأزمات المصرية السعودية لا تتوقف على الأحداث في البحر الأحمر، بعد أن رفضت مصر المشاركة في تحالف الحرب السعودية على اليمن عام 2015، كما تحفظت القاهرة على النظام الحاكم الجديد في سوريا، باعتباره امتداد للجماعات "الإرهابية" في سيناء وغيرها، كما ترددت تصريحات عن نية الرياض ترشيح سعودي لقيادة جامعة الدول العربية العام المقبل، خلفا لأحمد أبو الغيط، على الرغم مما جرت عليه العادة منذ إنشاء الجامعة عام 1945، أن يكون الأمين العام من مصر، دولة المقر، في الوقت الذي تتردد فيه أنباء عن خلافات واسعة حول الموقف من قطاع غزة والعلاقات مع إسرائيل.
وربما كانت زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إلى مصر الشهر الماضي، ولقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، بداية مرحلة جديدة من انفتاح القاهرة على عواصم كانت تتجنبها في السابق، إرضاء للسعودية التي استبعدت السيسي من اجتماعات الرئيس الأمريكي مع قادة الخليج الشهر الماضي في الرياض، على خلاف ما حدث خلال ولاية ترامب الأولى، في الوقت الذي تمر فيه علاقات القاهرة وواشنطن بمرحلة فتور واضحة، بعد رفض مصر الانصياع لطلب ترامب بترحيل الشعب الفلسطيني من غزة إلى سيناء، ورفض السيسي تلبية دعوة ترامب لزيارة واشنطن.
إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: إلى أي مدى يمكن السماح باستمرار اتساع هوة الخلاف بين كل مصر والسعودية، على الرغم مما يمثله ذلك من خسائر كبيرة للبلدين على كل المستويات، على المديين القريب والبعيد على السواء، خصوصا في ضوء مشاركة الرياض في إعادة صياغة وتقسيم المنطقة، بالتنسيق مع واشنطن وتل أبيب، بمنأى عن مصر، مع الوضع في الاعتبار ما يردده الذباب السعودي بشأن السعي لإنهاء حكم السيسي، وهو الأمر الذي يمكن أن يسفر عن عواقب وخيمة، تزيد من حدة التوتر، ولا يمكن تجاوزها على مائدة الحوار.