حوار حزب الله والتيار :استراحة وتقلبات ولا نتائج مضمونة
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
لم يقرر "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" الخروج من حوارهما الذي انطلق منذ فترة لأسباب أساسية يتمسك بها الفريقان ، فصحيح أنه قد تمر فترات يدخل فيها هذا الحوار في استراحة إنما قد يكون هناك تعليق له بالكامل إذا رغب أحدهما في ذلك . وحتى هذه الساعة يتمسك الطرفان بمبدأ تبادل الرأي والنقاش على الملفات المطروحة.
الواقع يقول أن "التيار البرتقالي" الذي سجل ملاحظات على "تفاهم مار مخايل" لا يسعى إلى تكرار التجربة لكنه مقتنع بهدف الحوار المتضمن لقضايا أساسية ، وما سرب من معطيات اوحى أن لا مانع من تأخير مطلبي اللامركزية الإدارية الموسعة والصندوق الائتماني إلى ما بعد الرئاسة، ومعلوم أن هاتين النقطتين تتصدران جدول هذا الحوار.
وترى أوساط سياسية مطلعة عبر "لبنان 24"أن الأرباك واضح في مواقف عدد من قيادات "التيار" بفعل عدم قدرتهم على حسم تطلعاتهم من الحوار الجاري والمنفعة منه في الوقت الذي بات "التيار" كما يعلن بعيدا عن الاصطفافات، حتى أنه لم يشر صراحة إلى أنه مؤيد أو معارض وهذه نابعة من"اللعب على الوتر الشعبوي",كما ان النائب باسيل الذي يعرفه الحزب عن "ظهر قلب"درج على توزيع الرسائل السياسية في مناسبات تتصل ب"التيار" ، أما الرد عليها فله توقيته وإي موقف بوقف الحوار قد لا يأتي بشكل صريح ، فيكفي الا ينعقد حتى يقال أنه اصبح من الماضي وهذه مسألة تتصل بالفريقين أيضا.
وتفيد هذه الأوساط أن ملف الرئاسة الذي حضر في حوارهما ظل محور خلاف في ظل مقاربة مختلفة وبدا الفريقان غير مستعدين للدخول في أسماء بديلة تحظى بتوافقهما المشترك، أما برنامج رئيس الجمهورية ومواصفاته فلا يحتاج إلى نقاش، أما إقناع أحدهما الآخر بهذه الشخصية أو تلك فليس سهلا على الاطلاق، ولذلك لم ترشح اجواء عن تقدم النقاش، ولعل إطلالات رئيس التيار كفيلة بأشاعة هذه الأجواء.
وتعرب الاوساط عن اعتقادها ان باسيل قد يواصل بعث ما يريده من مواقف حتى ترتسم له صورة واضحة عن التسوية التي تنتج رئيسا ومن يشارك فيها بشكل مباشر ، على أن بعض المراقبين يتحدثون عن رفض باسيل أي تسوية تستبعد "التيار" عن تفاصيلها .
اما اذا كان الطلاق سيقع بين "حزب الله" و"التيار" مرة أخرى ما يؤدي إلى الانفصال الكلي، فإن الترجيح بترتيب العلاقة يوازي الانفصال الجزئي وفق ما تؤكد هذه الأوساط ، فالفريقان لن ينعيا العلاقة التي تخضع للمد والجزر طيلة هذه المرحلة قبل مواعيد الأستحقاقات المقبلة والتي تستدعي التنسيق بينهما برضاهما، على أن الأيام المقبلة من شأنها أن تكشف النيات أو الخطط الموضوعة بشكل أو بآخر ، وقد يشهد الحوار تقلبات قبل أن يستقر على قرار حاسم وربما لن تكون هناك نتائج مضمونة .
بين أن تعود العلاقة بين الحزب والتيار الى سابق عهدها ومرورها بأزمات تتطلب تجاوزها، وبين انفراط عقدها ، يصعب تحديد مسارها، لكن من المؤكد أن ما أصابها يحتاج إلى فترة لترميمها بشكل صحيح أو مناسب .
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: هذا الحوار حزب الله
إقرأ أيضاً:
هل هناك موت ثقافي في القدس؟
القدس ليست مدينة عادية، فهي مدينة مركزية للديانات، وتمتد حضارتها لآلاف السنين، تعاقبت عليها حضارات وثقافات متعددة، تمتلك تراثا معماريا متنوعا وهائلا، كما أن كونها محتلة من قبل الصهاينة، هذا يمنحها قداسة وأهمية مضاعفة في عيون العرب والفلسطينيين وأحرار العالم، هذه الأيام بالذات تشتد الهجمات على القدس من قبل محتليها، وتتنوع الهجمات ما بين مداهمات للمكتبات ومصادرة كتب كما حصل مع مكتبة عماد منى، في شارع صلاح الدين، قبل أشهر، وما بين مداهمة حفلات إحياء التراث الفلسطيني كما حدث قبل أسبوعين مع مسرح الحكواتي، حيث منع المحتلون هذا الحفل وطردوا الأطفال والعائلات، وأغلقوا المسرح.
نحن نعرف أن هناك شبه موت اقتصادي في القدس بفعل إجراءات الاحتلال وإغلاق المدينة أمام المدن الفلسطينية الأخرى، لكن هل هناك موت ثقافي؟ ثمة نقاش دائم حول ذلك، هناك من ينفي هذا الموت كالفنان المسرحي حسام أبو عيشة الذي قال لنا: أعتقد حازما أن في ذلك تجن على الحالة الثقافية في القدس، هناك الكثير من الحالات الثقافية المستمرة والمتقدمة رغم ظرف القدس المعروف، قد يكون أنه بعد السابع من أكتوبر حصل سبات ما وليس موتا، إذ لا عودة بعد الموت، على سبيل المثال لا الحصر هناك خمس (إنتاجات مسرحية جديدة في المسرح الوطني الفلسطيني، هناك عملان موسيقيان للمعهد الوطني للموسيقا وفرقة بنات القدس، هناك عروض (سينما فلسطين) كل أول شهر لشباب مخرجين ومصورين من القدس، هناك مؤسسات ثقافية مهمة نفخر فيها جميعا أبرزها: مؤسسة يبوس ومسرح الحكواتي، وغيرها.
رغم تحديات الاحتلال وإجراءاته القمعية وحصاره للثقافة والحياة فإن مسرح الحكواتي استطاع تقديم خدمة ثقافية مهمة للمسرحيين الفلسطينيين ولمتذوقي المسرح وأيضا للكتاب والشعراء الذين يديرون منذ سنوات طويلة ندوة شهرية اسمها (ندوة اليوم السابع)، أما مؤسسة يبوس فتعمل على إحياء البنية التحتية الثقافية في القدس من خلال ترميم وإعادة بناء سينما القدس التاريخية وتحويلها إلى بؤرة ثقافية متكاملة تحوي قاعات للحفلات والعروض والورش.
وقد أطلقت المؤسسة مهرجانات مهمة: مهرجان القدس ومهرجان الحكايات ومهرجان الفنون الشعبية وليالي رمضان، وهي نشاطات تسحر الجمهور وتنهض بالفن الفلسطيني.
كما تنظّم يبوس أمسيات أدبية وحفلات توقيع كتب، وندوات ثقافية اجتماعية وسياسية، ومعارض فنية، مما يساهم في خلق مناخ ثقافي مضيء. وتقدّم ورشات مسرحية وقصصية وفعاليات ترفيهية تخدم الأجيال الصاعدة وتطور الإبداع لديها).
لكن القاص المعروف محمود شقير له رأي آخر: نعم، مقارنة بما كانت عليه أحوال الثقافة في سبعينيات وثمانينيات القرن (العشرين، فإن تجلّيات الثقافة في القدس هذه الأيام ليست على النحو المطلوب، وذلك بسبب عزل المدينة عن محيطها الفلسطيني في محاولات دائبة لتهويدها، وبسبب الحالة الأمنية المتردّية في المدينة، حيث تتضاءل حركة المواطنين عند الغروب أو قبله بقليل.
وثمة ضرائب باهظة تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين، فتجعل أحوالهم الاقتصادية صعبة، ما ينعكس سلبًا على الحالة الثقافية. ثم إنّ وباء كورونا ترك أثرًا سلبيًّا على الأنشطة الثقافية واضطر بعض الهيئات الثقافية مثل ندوة اليوم السابع إلى ممارسة نشاطها الأسبوعي إلى يومنا هذا عبر منصّة زووم، فيما يمارس المسرح الوطني الفلسطيني ومركز يبوس ومعهد إدوارد سعيد للموسيقى أنشطة ثقافية لها حضورها النسبي إلى حدٍّ ما).
فجّر الفنان الفلسطيني المقدسي خالد الغول، فكرة الجفاف الثقافي في القدس، عبر اقتراحه الذي كرره أكثر من مرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بإنشاء مكتبة عامة، تخدم الناس والطلاب والباحثين والمثقفين، الفنان المقدسي العاطل عن العمل الآن (ليس عن الحلم والأمل)، بعد سنوات من خدمة الثقافة الفلسطينية عبر مؤسسة يبوس المقدسية الشهيرة، يجيب عن سؤال بداية لمعان الفكرة في قلبه: (لمعت شرارة المبادرة بالصدفة، وفي ظروف اجتماعية محضة.
ففي زيارة اجتماعية لجمعية أهلية تعنى بشؤون الناس الاجتماعية والثقافية في القدس. قال لي أحد العاملين فيها، إن مقر الجمعية المقامة سيتم هدمه ويتحول إلى بناية تجارية. وعرض عليّ أن آخذ الكتب والمخطوطات من المقر قبل هدمه. وبالفعل نقلت الكتب. وفي الأسبوع ذاته، طلب مني صديق بعض الروايات والدواوين الشعرية لابنه اليافع، الذي ما زال معنيًّا بقراءة الكتب المطبوعة ولم تسيطر عليه بعد عقلية التذوق للأعمال الأدبية من خلال التكنولوجيا الحديثة والرقمية.
وبعد أن زودت الفتى بالكتب التي طلبها، نشرت على صفحتي في "فيسبوك" طالبًا التبرّع بكتب تحت عنوان "نحو مكتبة أهلية عامة في القدس"، فلبّى الكثيرون من الأصدقاء الطلب، وانهالت عروض التبرع بالكتب والمساعدة، وما زلت منهمكًا في جمع الكتب والبحث عن مكان مناسب يلبّي الغرض).
القدس المقدسة تحتاج منا جميعا مثقفين ورجال أعمال وأكاديميين، ومؤسسات أهلية ومن السلطة الوطنية الفلسطينية ومن المؤسسات الثقافية العربية واتحادات الكتّاب العرب مزيدًا من الدعم والاهتمام لتعزيز هويتها، ووقف تهويدها.