قالت المحامية البريطانية المتخصصة في القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي، هايدي دايكستال، إن اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب خاطبت بشكل رسمي السلطات المصرية والإثيوبية، خلال الأيام الماضية، بخصوص أزمة سد النهضة.

وأوضحت دايكستال، في تصريحات مصورة لـ"عربي21"، أن "تلك الخطوة جاءت على خلفية تطورات الشكوى التي تقدمت بها، في 25 حزيران/ يونيو 2021، إلى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بالنيابة عن حركة (المصريين بالخارج من أجل الديمقراطية)، وبدعم من قِبل حزب (أمل مصر)، ونيابة عن المزارعين المصريين في صعيد مصر".





وأضافت: "الآن، بموجب النظام الداخلي للجنة الأفريقية أمام هاتين الدولتين (مصر وإثيوبيا) 60 يوما لتقديم رد، وبعد ذلك سيكون لدى فريقنا القانوني الوقت الكافي للرد قبل أن تتخذ اللجنة الأفريقية قرارها النهائي"، مُشدّدة على أنه "سيتم بذل كل الجهود للتأكيد على الالتزام بهذه الأطر الزمنية".

وذكرت المحامية الدولية أنه "في شهر أيار/ مايو 2022، قدّم الفريق القانوني لحركة مصريون في الخارج من أجل الديمقراطية مذكرات بشأن المقبولية والأسس الموضوعية، وتتمثل الخطوة التالية في قيام مصر وإثيوبيا بالرد على انتهاك الحقوق في هذه الادعاءات المقدمة من قِبلنا".

وأوضحت: "فيما يتعلق بقوة القضية، والتي تعني مدى فداحة انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة، فنحن نؤكد أن قضيتنا قوية، حيث أن مصر وإثيوبيا ارتكبتا انتهاكات مزعومة للحق في التنمية والحق في الملكية والموارد الطبيعية والتوظيف".


واستطردت دايكستال، قائلة: "يؤكد فريقنا القانوني أن هذه قضية قوية من حيث الحقائق والقانون، ونأمل أن يتم حلها في النهاية من قِبل اللجنة الأفريقية مع الإقرار بأن هناك انتهاكات لحقوق المزارعين من قِبل الدولتين المُشار إليهما".

وواصلت دايكستال حديثها بالقول: "إذا توصلت اللجنة الأفريقية بالفعل إلى نتيجة إيجابية مفادها أن حقوق المزارعين المصريين قد انتُهكت، لأنه لم يتم استشارتهم ولم يتم ضمان حقهم في التنمية والتشاور؛ فمن المأمول أن تقوم اللجنة الأفريقية بتقديم توصيات لمصر وإثيوبيا بشأن كيفية معالجة هذه الانتهاكات وكيفية الالتزام والتأكد من حماية حقوق المزارعين المصريين وجميع مواطني هذه الدول المتأثرة بالسد".

وأكدت أن فريقهم القانوني، الذي يضم كذلك أعضاء من معهد حقوق الإنسان والتنمية في أفريقيا، رفع هذه القضية من أجل "الدفاع عن حقوق المزارعين المصريين الذين تأثروا بسد النهضة الإثيوبي، وطالبنا اللجنة الأفريقية بأن تقرّ بأن مصر وإثيوبيا فشلتا في إجراء مشاورات فعّالة مع المواطنين المصريين لا سيما المزارعين المصريين فيما يتعلق بالسد وتأثيره".

وأوضحت أنه "جرى انتهاك حق المزارعين المصريين في التنمية بموجب الميثاق الأفريقي بسبب شرط المشاركة والتشاور المرتبط بهذا الحق، وقد أثّر ذلك بشكل كبير أيضا على الحقوق في الموارد الطبيعية والملكية والتوظيف، وهي أيضا حقوق بموجب الميثاق الأفريقي".

وتركّز الشكوى، بحسب دايكستال، على "انتهاك حق المزارعين المصريين في التنمية بسبب فشل مصر وإثيوبيا في التشاور مع المزارعين حول تأثير سد النهضة أثناء إنشائه وملئه والآن أثناء تشغيله، وبسبب هذا الفشل لم يتم التوصل إلى أفضل طريقة للحد من آثار السد على المزارعين المصريين".

ولفتت دايكستال، التي عملت سابقا لدى المحكمة الجنائية الدولية، إلى أن "عملية الملء الرابعة والأخيرة لسد النهضة الإثيوبي تؤثر مباشرةً على حقوق المزارعين المصريين، وخاصة الحق في التنمية، والحق في الموارد الطبيعية، والحق في الملكية، والحق في العمل".

وفي 10 أيلول/ سبتمبر الجاري، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، إتمام الملء الرابع لخزان سد النهضة، واصفا إياه بـ"الملء الأخير"، مما آثار جدلا واسعا وتكهنات كثيرة.

في المقابل، قالت القاهرة، بحسب بيان لوزارة الخارجية، إنه ملء "أحادي مخالف للقانون"، غير أنها عبَّرت عن آمال أن تشهد مفاوضات أديس أبابا المقبلة تحولا نحو تحقيق التوصل إلى اتفاق ثلاثي ملزم لملء وتشغيل السد، لا سيما في أوقات الجفاف.


وأشارت دايكستال إلى أن "القضايا المعروضة أمام اللجنة الأفريقية عادة ما تتأخر وتستغرق وقتا طويلا جدا لإحراز تقدم، وهذا ينطبق على جميع القضايا المعروضة أمام اللجنة؛ إذ لا بد من مرور كل مرحلة من مراحل الإجراءات ببعض الوقت من أجل الوصول إلى المرحلة النهائية".

وأكدت دايكستال أن "اللجنة الأفريقية ستتخذ قرارا بشأن انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة، والقرار الذي سيُتخذ هو ما إذا كانت الدول المعنية مصر وإثيوبيا قد انتهكت الحقوق الإنسانية لأفراد معينين أم لا، ونحن هنا نتحدث عن مزارعين مصريين، وذلك بموجب الميثاق الأفريقي".

وأوضحت أن "اللجنة الأفريقية أبلغت في آذار/ مارس 2022 فريقنا القانوني بأنها قررت البتّ في القضية، وبالتالي اتخاذ قرار إيجابي بشأن النظر فيها، وهذه خطوة مهمة جدا، لأنها تعني أن اللجنة الأفريقية قرّرت أن القضية مبنية على أسُس جيدة من الأدلة الواقعية والقانون وتم استيفاؤها بحيث يمكن المضي قدما إلى المرحلة التي تنظر فيها اللجنة رسميا في مقبولية القضية وحيثياتها الموضوعية".

وتابعت دايكستال: "ينبغي أن يكون مفهوما أنه ليست جميع الشكاوى المُقدمة إلى اللجنة الأفريقية قد تجاوزت بنجاح هذه المرحلة بالكامل، وبالتالي هذه بادرة إيجابية للغاية للمضي قدما إلى المراحل التالية من الإجراءات بعد أن تقرر اللجنة النظر فيها".

وختمت المحامية الدولية تصريحاتها الخاصة لـ"عربي21"، بالقول: "لذا، سيواصل الفريق القانوني اتخاذ جميع الخطوات لضمان المضي قدما في القضية في أسرع وقت ممكن ونأمل تحقيق نتيجة إيجابية في نهاية المطاف لصالح هذه القضية".

يُشار إلى أن اللجنة الأفريقية تعتبر هيئة شبه قضائية، تعزز حقوق الإنسان وتحميها في أفريقيا عبر الإشراف على تنفيذ الميثاق الأفريقي وتفسيره، وهو الميثاق الذي صادقت عليه 53 دولة أفريقية، من بينها مصر وإثيوبيا والسودان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية اللجنة الأفريقية المصرية مصر أثيوبيا اللجنة الأفريقية سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللجنة الأفریقیة لحقوق الإنسان حقوق الإنسان مصر وإثیوبیا فی التنمیة سد النهضة والحق فی من أجل

إقرأ أيضاً:

اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. ما حققته مصر من تطورات لدعم منظومة الحريات

تُحيي المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يوافق العاشر من ديسمبر، ذكرى اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، بوصفه الوثيقة الأكثر تأثيرًا في ترسيخ مبادئ الكرامة الإنسانية والحرية والمساواة وعدم التمييز.

وبعد مرور 76 عامًا، يظل الإعلان العالمي الركيزة الأساسية التي قامت عليها البنية الدولية لحماية حقوق الإنسان، كما شكّل إطارًا مرجعيًا للتشريعات والسياسات الوطنية الهادفة لضمان حقوق المواطنين وصون حرياتهم.

وأشادت المنظمة بما حققته مصر خلال السنوات الأخيرة من تطورات بارزة في دعم منظومة الحقوق والحريات، وفي مقدمتها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان كأول إطار شامل في هذا المجال، إلى جانب الجهود المستمرة لدمج مبادئ حقوق الإنسان في السياسات العامة ومراجعة التشريعات ذات الصلة.

كما رحّبت بإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي، وما نتج عنه من الإفراج عن عدد من المستحقين، ومراجعة قوائم الإرهاب ورفع أسماء العديد من المواطنين لتمكينهم من العودة للحياة الطبيعية.

وفي السياق ذاته، مثّل إطلاق الحوار الوطني خطوة مهمة لتوسيع المشاركة المجتمعية وتعزيز التشاور بين كافة الأطياف السياسية.

وفي إطار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ثمّنت المنظمة البرامج الحكومية الرامية لتحسين مستوى المعيشة، وفي مقدمتها مبادرة "حياة كريمة"، وبرنامج "تكافل وكرامة" الذي شمل نحو 5.2 مليون أسرة خلال عام 2024 /2025، إضافة إلى مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان".

كما أسهم تنفيذ 1.5 مليون وحدة للإسكان الاجتماعي في تعزيز الحق في السكن الملائم، فيما كان لمبادرات الصحة العامة — مثل "100 مليون صحة" وبرامج صحة المرأة — دور محوري في تحسين جودة الخدمات الصحية.

وفي مجال تمكين المرأة ومناهضة العنف، رحّبت المنظمة بالتعديلات التشريعية الأخيرة، وبإنشاء أول وحدة مجمعة لحماية المرأة من العنف، وبإطلاق الخطة الوطنية للقضاء على ختان الإناث (2022–2026) التي تشير البيانات إلى مساهمتها في خفض معدلات الختان بنسبة 14%.

كما شهد ملف حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تطورًا لافتًا، مع ارتفاع عدد الطلاب المدمجين من 3,697 طالبًا عام 2013 إلى 114,157 طالبًا عام 2023، إلى جانب التوسع في خدمات الرعاية والتأهيل.

وثمّنت المنظمة أيضًا جهود تحسين المناخ التشريعي، وفي مقدمتها إصدار قانون تنظيم العمل الأهلي الجديد، ومناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي يُتوقع أن يُحدث نقلة نوعية في منظومة العدالة الجنائية، خاصة فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي وضمانات المحاكمة العادلة.

وأشادت المنظمة بدور اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان التي أُنشئت عام 2020 لتنسيق الجهود الوطنية في هذا المجال، وبالتطوير الجاري للفلسفة العقابية من خلال غلق عدد من السجون التقليدية واستحداث مراكز حديثة للإصلاح والتأهيل تتوافق مع المعايير الدولية.

وقد انعكست هذه الجهود إيجابيًا على مؤشر التنمية البشرية في مصر، الذي ارتفع من 0.751 عام 2022 إلى 0.754 عام 2023، لتظل مصر ضمن فئة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة، رغم استمرار التحديات مقارنة بالمتوسط العالمي.

وفي الوقت ذاته، تؤكد المنظمة أن تعزيز حقوق الإنسان مسار مستمر يتطلب البناء على ما تحقق، ومواصلة العمل على ملفات أساسية، من بينها: تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، مراجعة التشريعات المتعلقة بحرية الرأي والتعبير وحرية التنظيم، وتوسيع مساحة عمل منظمات المجتمع المدني باعتبارها شريكًا رئيسيًا في التنمية والرقابة والدعم القانوني.

وتشدد على أهمية نشر ثقافة حقوق الإنسان في المؤسسات التعليمية والإدارية، وتطوير برامج تدريب العاملين في أجهزة إنفاذ القانون وفق المعايير الدولية، وضمان متابعة تنفيذ توصيات المراجعة الدورية الشاملة.

وبهذه المناسبة، أكد المستشار عصام شيحة، رئيس المنظمة، التزام المنظمة الراسخ برسالتها في رصد أوضاع حقوق الإنسان، وتوثيق الانتهاكات، وتقديم الدعم القانوني للضحايا، والمساهمة في تطوير السياسات والتشريعات بما يجسد مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وشدد على أن حماية الحقوق والحريات هي مسؤولية مشتركة تتطلب تعاونًا جادًا بين الدولة والمجتمع المدني والمواطنين لبناء مجتمع تسوده العدالة والمساواة وسيادة القانون.

طباعة شارك المنظمة المصرية لحقوق الإنسان اليوم العالمي لحقوق الإنسان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منظومة الحقوق والحريات الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان قوائم الإرهاب الحوار الوطني لجنة العفو الرئاسي مبادرة حياة كريمة برنامج تكافل وكرامة بداية جديدة لبناء الإنسان 100 مليون صحة منظومة العدالة الجنائية حماية المرأة من العنف الخطة الوطنية للقضاء على ختان الإناث الأشخاص ذوي الإعاقة منظمات المجتمع المدني

مقالات مشابهة

  • أكاديمية الشرطة تنظم محاضرتين للإحتفال باليوم العالمى لحقوق الإنسان
  • "حقوق الإنسان" تحتفي بالمبادرات الرائدة لتمكين "ذوي الإعاقة".. وإبراز المنجزات الوطنية للفئات الأكثر احتياجًا
  • في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. ما هو وضعها في تونس؟
  • في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. أي وضع حقوقي في تونس؟
  • «الأونروا»: حقوق الإنسان تشمل لاجئي فلسطين ولا يجوز تطبيقها بانتقائية
  • مصر: كثفنا جهودنا على مدار عامين لدعم الأوضاع الإنسانية في غزة
  • اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. ما حققته مصر من تطورات لدعم منظومة الحريات
  • مصر تحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان
  • سلطنة عمان تحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان.. وتكرم المبادرات الرائدة في خدمة ذوي الإعاقة
  • القومي لحقوق الإنسان يشارك في المؤتمر الترويجي لمعرض الدول العربية والصين