لم يخرجا من الباب.. كيف نجا العروسان في حفل بغديدا؟
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
بغداد اليوم - متابعة
لم تمر ساعات على الاحتفال بليلة العُمر، إلا وأصبحت القاعة كومًا من الرماد، وبات الحضور يهرولون من هول الحريق الذي نشب بالقاعة، والعروسان يحاولان الإفلات بحياتهما، النيران باتت تأكل كل من أمامها من جدران القاعة لأجساد الحضور، والضباب يحجب الرؤية فلا ترى أمامك أو خلفك، فإن لم تقتلك النيران، سيأخذ روحك الاختناق بدخانها.
رقصة "سلو"
أكثر من 100 ضحية، ومئات المصابين في حالات حرجة يصارعون الموت على فراش المستشفيات، وأسر تبحث عن ذويهم بين الجثامين ووسط الركام، الملابس مٌلطخة بالدماء، والصراخ والعويل يدوي بأركان العراق، والعروسان قضيا أول ساعاتهما أمام المقابر يودعون أسرهم في مشهد يفطر القلوب، فماذا حدث داخل قاعة الزفاف، وكيف نجا العروسان؟
رقصة الموت، هي الرقصة الأولى والأخيرة للعروسين داخل قاعة الزفاف، فلم تمر 10 ثوانِ على مشاركة العريس لعروسه برقصة "سلو" إلا ونشب الحريق في القاع، ليسقط السقف وتلتهم النيران كل من حولها، قبل أن تبدأ فقرات العُرس، بحسب ما وثقته عدسات الكاميرات، وأكده غاندي بشار، طبال الحفل".
ترتيبات كبيرة نظمها العروسان إلا أن القدر عاندهما وفقًا لما ذكره «طبال الحفل» إذ أرادا تنظيم دبكة بالطبل عقب رقصتهما الأولى التي لم تكتمل: "اتفقت مع العروسة بعد الرقصة السلو ماذا نعمل بالطبلة للحضور، لكن للأسف بعد 10 ثوان القاعة ولعت كلها ومحدش بقى شايف حد، القاعة بتشيل 1000 شخص، فجأة بقت ضلمة ونار ودخان والكل بيجري".
كيف نجا العريس والعروسة؟
اندلعت النيران في كل زاوية وتلتهم كل من أمامها، الرؤية انعدمت، وحالة من الاختناق، مئات المصابين والوفيات، إلا بعض الناجيين وعلى رأسهم العروسين الذين نجوا من فاجعة حفل زفافهم، ليتساءل البعض كيف نجا العريس والعروسة من الموت؟.ووفقًا لما ذكره طبال الحفل، فإن الناجيين والعروسين نجوا من الموت بعدما أسرعوا للخروج من المطبخ وليس باب القاعة».
سبب الحريق
وكان مرتضى أسعد الشبكي، صديق عريس العراق، اكد أن الألعاب النارية لم تكن هي السبب فقط في نشوب الحريق داخل القاعة، إنما أجهزة التبريد داخل القاعة: "ما حصل ليلة الكارثة، لم يكن بسبب الألعاب النارية لوحدها، نعم أن الألعاب النارية طالت جزءا من سقف القاعة، لكن قبلها كانت أجهزة التبريد تحترق دون أن ينتبه لها أحد".
وأعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق، الأربعاء الماضي، استجواب 9 متهمين وإصدار مذكرات قبض وتفتيش بحق شخصين، بعد الحريق الذي نشب ليلة الثلاثاء.
المصدر: العربية + الوكالة الرسمية
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
رسالة إلى العالم الآخر
تحت الرماد تختبئ جمرات لا تعرف شيئا اسمه الهدوء.. كذلك الفراق هو جزء من تلك الجمرات الملتهبة بمشاعر الفقد والألم، فكلما انزاح جزء من رماد خامد حتى طفت على الوجه حمرة الوجد، وكلما أبحرت الأيام في طريقها تظل بعض الشظايا معلقة في سقف الذكريات.
إلى كل الذين فقدناهم في تفاصيل حياتنا اليومية.. إلى أولئك الراحلين سيرا نحو حياة الخلود..وللذين توقف نبض قلوبهم وانطفأت شموع منيرة برحيلهم وخفتت أصوات إلى الأبد..«سلاما».
أيها الاغتراب، رفقا بقلوب الناس، فكم من رحيل أصبح موجعًا للإنسان !، لكل الذين رحلوا عنا جسدا.. أنتم باقون في ثنايا الروح لا تفارقنا رائحة الطيب التي تركتموها وراءكم في لحظات الوداع. في الفقد هناك اختناق ذاتي يعيش معنا لسنوات طويلة حتى لو غفلنا فيها عن إخراج مشاعرنا الإنسانية الممتلئة بألوان مزهرة من الحب والأمان. ها نحن اليوم، نخبركم بأن وجودكم قلعة شامخة في سوداء القلب، وأن بهاء حضوركم وروعة أماكنكم ستظل بيننا خالدة بخلود الأثر.. عذرًا منكم فمشاعركم اللطيفة لا تزال تهب كالريح الشتاء الجميلة، «فكم نحن كنا ممتنين لله تعالى على وجودكم».
نسأل أنفسنا، هل كانت تلك الطاقة العاطفية محتجزة فينا أو كنا نحن مكبلين بسلاسل الغفلة.. لا أعلم ؟!...كلمات بقيت على قيد الصمت، وعلى رفوف الأيام موصودة بقفل التعابير الباهتة. كل شيء كان محاطا بانشغال الوقت، وتفاصيل حياتية لم تتركنا نلتقط أنفسنا،أو ندرك قيمة الأوقات التي نجالس حضوركم، ونخلق ذكريات مغلفة بشرائط مشاعر حريرية تبقينا موصولين بكم وأنتم خلف مشاهد الحياة وضوئها الساطع..هنا تستحضرني مقولة لتوفيق الحكيم حين قال:»لا شيء يجعلنا عظماء إلا ألم عظيم».. فالموت من أعظم مصائب الحياة حتى وإن كان لطيفا في بعض المرات !.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في فراق ابنه إبراهيم: «إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون»..
وفي الأدب العالمي يقول الكاتب الأمريكي الراحل جيف ماسون: «الميلاد والموت هما ركيزتا حياتنا. العيش نحو الموت في الزمن يمنح الحياة اتجاهًا وإطارًا لفهم التغييرات التي تُحدثها الحياة.
يختلف العالم تمامًا بين الشباب والكبار. الشباب ينظرون إلى الأمام، والكبار ينظرون إلى الماضي. ما يهمنا يتغير مع تقدمنا في العمر. احتمال الموت يُلهم هذه التغييرات. لدى الشباب فهمٌ فكريٌّ بأن الموت آتٍ إلينا جميعًا، لكن فناءهم لم يُدرك بعد. أما بالنسبة للكبار، فيبدأون يستوعبون الموت».
نحن نقول: بعد رحيلكم الخاطف بتنا نجتهد طويلا لرسم صور حية لذكرياتكم وتفاصيل أحاديثكم معنا، وكأننا نحاول أن نفهم كل الغاز الماضي التي كنتم تخبرونا بها، واليوم نحاول أن نبقيكم بيننا من خلال صفحات الذكريات، كأننا لم نستفق من الحلم إلى الحقيقة، كل ما يفعله الغياب بأرواحنا المتعبة شيء يفوق الخيال..
نتذكر دوما كلماتكم الأخيرة، وضحكاتكم الآتية من صدى الذكريات، وأشياء لطالما بقيت تربطنا بالماضي منها: فنجان قهوتكم الصباحية، وحبات من ثمرة، وفاكهة تعيد إليكم جميل نهاركم بعد غروب الشمس وسطوع ضوء القمر.
كل تلك الذكريات الآن تطفو فوق أحاديثنا بنكهة الحضور البهي.. نعيد سرد ذكرياتكم القديمة معنا؛ لأننا لا زلنا نتشبث بحبل حضوركم، وإن كنتم تحت الثرى في حياة أخرى فأنتم على مقربة منا.. ستظل رسائل الذكرى نحو العالم الآخر مفعمة بوجود الإنسان وما تحمله الذكريات من وجع ينغرس في باطن الأرض، لذا ينطق قلبي النابض بالحياة كلمات ود إلى قلوبكم الصامتة «أحبكم بحجم هذا الكون».