ما الذي يسبب شعور الفرد بـالهلاك الوشيك؟
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
عمان- ربما تكون قد سمعت أشخاصا يتحدثون عن "الشعور بالهلاك الوشيك"، وهو تعبير يستخدم للإشارة إلى شعور عام بأن شيئا سيئا على وشك الحدوث، ولكنه قد يكون أيضا أحد أعراض عدد من الحالات النفسية والطبية.
يقول المختص بالطب النفسي الدكتور أحمد الشلبي، إن "هناك الكثير من الأشخاص الذين يرون الحياة بطريقة سوداوية، ويتوقعون حدوث الأسوأ بكل مجالاتها".
ويرى الشلبي، في حديث للجزيرة نت، أن أحد أسباب هذه النظرة هو الاكتئاب، والذي يعتبر من أكثر الاضطرابات النفسية المنتشرة، ويعاني الشخص المكتئب أيضا من فقدان لذة الحياة وانخفاض المزاج واهتزاز الثقة بالنفس.
ولكن هذه النظرة السوداوية تذهب بمجرد الحصول على العلاج المناسب وطلب المساعدة في الوقت المناسب وعدم الانتظار حتى تتفاقم الأمور، بحسب الشلبي، معللا، لأنه في بداية الاكتئاب قد نلجأ للعلاج النفسي فقط، كالعلاج المعرفي السلوكي، وقد لا نضطر لاستخدام العلاج الدوائي.
ويكشف الشلبي عن أسباب أخرى لشعور الفرد وتوقعه للحدث السيئ وهو اضطراب الشخصية الاجتنابية، كون ثقة الشخص بنفسه تكون معدومة، ودائما ما يظن أنه أقل درجة من أقرانه ويخاف من التقييم السلبي له والرفض من الآخرين.
ويشرح، "لهذا السبب يتجنب ذلك الشخص الذهاب للمناسبات الاجتماعية والاختلاط بالناس على الرغم من رغبته بذلك، وهو خوف مزعوم ولا أساس له من الصحة ولا يوجد دليل واضح عليه".
ويشير إلى أن أعراض الاضطراب تبدأ في مراحل الطفولة، وتظهر في مرحلة لاحقة عند الذهاب لمقابلة عمل مثلا، حيث يعتقد هؤلاء أنهم سيكونون الأسوأ في المقابلة، وأنه لن يتم تعيينهم، وتظهر عليهم أعراض جسدية، كاحمرار الوجه والتعرق، وخدران الأطراف، وزيادة نبضات القلب، والشعور بضيق التنفس، وألم في البطن.
ويذكر الشلبي أيضا أحد الأمراض الشائعة وهو الخوف أو الشعور بالموت أو ما يسمى "فوبيا الموت"، حيث إن الكثيرين يفقدون لذة الحياة فقط لكونهم يخافون من الموت بشكل مبالغ به، وبناء عليه يقومون بتصرفات كالاجتناب (تجنب القيام ببعض الأفعال والأمور) ويلتزمون منازلهم، لكونهم يعتبرون أن خروجهم قد يسبب لهم الوفاة، مثل أنهم إذا غادروا المنزل قد يتعرضون للدهس من السيارات.
وهناك الكثير من العوامل التي قد تسبب هذه الأمراض النفسية، ومنها العامل الجيني من الآباء للأبناء، والعامل البيئي، ومن الأمثلة على ذلك الصدمات والحوادث والظروف الحياتية الصعبة والحروب والهجرة، والعامل النفسي أيضا، كون أن بعض الأشخاص يعتبرون قلقين بطبعهم، وفق الشلبي.
ويختم "السكوت عن هذه الأعراض قد يؤدي لعواقب وخيمة، وتمنع الأشخاص من الاستمتاع بحياتهم، وتؤدي إلى الفشل في العمل وانعدام العلاقات الاجتماعية والعزلة، لذلك لا بد على جميع الأشخاص الذين يعانون من هذه الأعراض مراجعة الطبيب النفسي لمعرفة الأسباب والحصول على المساعدة اللازمة والعلاج المناسب".
بدورها، تقول المستشارة الأسرية الدكتورة أمل بورشك، إن ظاهرة الشعور بحدث سيئ قبل وقوعه، تتكرر على أرض الواقع ويعاني منها الكثيرون، ولا يمكن إنكارها، وقد تعزى للإجهاد والتوتر أو تناقل الخبرات التراكمية من الكبار في العائلة.
وتشير بورشك، في حديث للجزيرة نت، إلى أن للأسرة دورًا مهمًّا عند ملاحظة أن أحد أفرادها لديه شعور بهذه الحالة، إذ يجب تهدئته وتشتيت تفكيره قدر الإمكان حتى لا يسيطر الخوف عليه، وحثه على العمل وممارسة الرياضة، والمضي بحياة طبيعية دون توقف، وتقبل ما سيحدث لاحقا بالتوكل على الله.
وتنصح بورشك، بضرورة العمل على استغلال وقت الفراغ والمشاركة في النشاطات المجتمعية والاستمتاع بالحياة كما هي، إضافة إلى أن التحلي بالمرونة يساعد على الشعور بالرضا عن النفس، أو اللجوء لاستشاري، فقد يكون الاضطراب مرتبطا بأسباب مرضية لأحداث مؤلمة في الطفولة والعائلة.
وعن كيفية الحصول على المساعدة إذا كنت تعاني من شعورك بالهلاك الوشيك؟ نشر موقع "فري ول مايند" بعض النصائح المساندة، وأولها، التحدث مع طبيبك لتشخيص حالتك، واستبعاد الأسباب الطبية المحتملة، والتوصية بعلاجات فعالة يمكن أن تساعدك.
ويقترح أليكس ديميتريو دكتور في الطب النفسي ومؤسس شركة مينلو بارك للطب النفسي وطب النوم، العثور على طريقة ما لكسر الحلقة المفرغة، عند شعورك بالهلاك الوشيك، وتذكير نفسك أن هذا الشعور قد لا تكون له جذور في الواقع وأن ما تعتقده قد لا يكون دقيقا.
ويقول ديميتريو إن "العبارة الرئيسية التي أستخدمها غالبا مع مرضاي هي: لا تصدق كل ما تعتقده".
ويضيف، إذا كنت تعاني من هذا الشعور بسبب القلق أو الاكتئاب، فيمكن لطبيبك العمل معك لتحديد أنماط التفكير التي تسهم في القلق، وتطوير إستراتيجيات تكيّف جديدة تساعدك في إدارة هذه الأعراض.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
5 عادات بسيطة لتدريب العقل على السعادة
صراحة نيوز– يعد الشعور بالسعادة هدفًا مشتركًا يسعى إليه الجميع، لكن تحقيقه لا يعتمد فقط على الظروف الخارجية، بل يرتبط بدرجة كبيرة بالعادات اليومية التي يتبناها الإنسان. وقد أظهرت دراسات علم النفس الإيجابي أن العقل يمكن تدريبه على تبني نظرة أكثر تفاؤلاً من خلال ممارسات بسيطة لكنها فعالة، تسهم في تعزيز المشاعر الإيجابية وتحسين جودة الحياة.
واحدة من أبرز هذه العادات هي الامتنان، إذ تشير الأبحاث إلى أن تخصيص بضع دقائق يوميًا للتفكير أو تدوين الأشياء التي يشعر بها الإنسان بالامتنان، يعزز من مشاعر الرضا ويقلل من التوتر. كذلك، تلعب ممارسة التأمل واليقظة الذهنية دورًا كبيرًا في تحسين التركيز والهدوء النفسي، مما ينعكس بشكل مباشر على الشعور بالسعادة.
التواصل الاجتماعي الإيجابي أيضًا يُعد من أهم محركات السعادة العقلية، فالتفاعل مع الآخرين وتقديم الدعم أو تلقيه يعزز من إفراز هرمونات السعادة ويخفف الشعور بالوحدة. إلى جانب ذلك، تؤكد الدراسات أن تخصيص وقت للأنشطة التي يحبها الفرد، مهما كانت بسيطة، يحفز الدماغ على إنتاج مشاعر الفرح والرضا.
وأخيرًا، فإن إعادة توجيه التفكير السلبي واستبداله بأفكار واقعية وإيجابية يُعد تدريبًا مهمًا للعقل على التعامل مع التحديات بطريقة أكثر مرونة. فبدلًا من التركيز على الإخفاقات، يمكن تعليم الدماغ رؤية الفرص والنمو في التجارب الصعبة.
وباتباع هذه العادات الخمس بانتظام، يمكن لأي شخص إعادة برمجة دماغه نحو السعادة وتحقيق توازن أفضل في حياته اليومية، مهما كانت التحديات.