الجزيرة:
2025-12-13@18:48:28 GMT

ما الذي يسبب شعور الفرد بـالهلاك الوشيك؟

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

ما الذي يسبب شعور الفرد بـالهلاك الوشيك؟

عمان- ربما تكون قد سمعت أشخاصا يتحدثون عن "الشعور بالهلاك الوشيك"، وهو تعبير يستخدم للإشارة إلى شعور عام بأن شيئا سيئا على وشك الحدوث، ولكنه قد يكون أيضا أحد أعراض عدد من الحالات النفسية والطبية.

يقول المختص بالطب النفسي الدكتور أحمد الشلبي، إن "هناك الكثير من الأشخاص الذين يرون الحياة بطريقة سوداوية، ويتوقعون حدوث الأسوأ بكل مجالاتها".

ويرى الشلبي، في حديث للجزيرة نت، أن أحد أسباب هذه النظرة هو الاكتئاب، والذي يعتبر من أكثر الاضطرابات النفسية المنتشرة، ويعاني الشخص المكتئب أيضا من فقدان لذة الحياة وانخفاض المزاج واهتزاز الثقة بالنفس.

ولكن هذه النظرة السوداوية تذهب بمجرد الحصول على العلاج المناسب وطلب المساعدة في الوقت المناسب وعدم الانتظار حتى تتفاقم الأمور، بحسب الشلبي، معللا، لأنه في بداية الاكتئاب قد نلجأ للعلاج النفسي فقط، كالعلاج المعرفي السلوكي، وقد لا نضطر لاستخدام العلاج الدوائي.

اضطراب الشخصية الاجتنابية

ويكشف الشلبي عن أسباب أخرى لشعور الفرد وتوقعه للحدث السيئ وهو اضطراب الشخصية الاجتنابية، كون ثقة الشخص بنفسه تكون معدومة، ودائما ما يظن أنه أقل درجة من أقرانه ويخاف من التقييم السلبي له والرفض من الآخرين.

ويشرح، "لهذا السبب يتجنب ذلك الشخص الذهاب للمناسبات الاجتماعية والاختلاط بالناس على الرغم من رغبته بذلك، وهو خوف مزعوم ولا أساس له من الصحة ولا يوجد دليل واضح عليه".

ويشير إلى أن أعراض الاضطراب تبدأ في مراحل الطفولة، وتظهر في مرحلة لاحقة عند الذهاب لمقابلة عمل مثلا، حيث يعتقد هؤلاء أنهم سيكونون الأسوأ في المقابلة، وأنه لن يتم تعيينهم، وتظهر عليهم أعراض جسدية، كاحمرار الوجه والتعرق، وخدران الأطراف، وزيادة نبضات القلب، والشعور بضيق التنفس، وألم في البطن.

ويذكر الشلبي أيضا أحد الأمراض الشائعة وهو الخوف أو الشعور بالموت أو ما يسمى "فوبيا الموت"، حيث إن الكثيرين يفقدون لذة الحياة فقط لكونهم يخافون من الموت بشكل مبالغ به، وبناء عليه يقومون بتصرفات كالاجتناب (تجنب القيام ببعض الأفعال والأمور) ويلتزمون منازلهم، لكونهم يعتبرون أن خروجهم قد يسبب لهم الوفاة، مثل أنهم إذا غادروا المنزل قد يتعرضون للدهس من السيارات.

وهناك الكثير من العوامل التي قد تسبب هذه الأمراض النفسية، ومنها العامل الجيني من الآباء للأبناء، والعامل البيئي، ومن الأمثلة على ذلك الصدمات والحوادث والظروف الحياتية الصعبة والحروب والهجرة، والعامل النفسي أيضا، كون أن بعض الأشخاص يعتبرون قلقين بطبعهم، وفق الشلبي.

ويختم "السكوت عن هذه الأعراض قد يؤدي لعواقب وخيمة، وتمنع الأشخاص من الاستمتاع بحياتهم، وتؤدي إلى الفشل في العمل وانعدام العلاقات الاجتماعية والعزلة، لذلك لا بد على جميع الأشخاص الذين يعانون من هذه الأعراض مراجعة الطبيب النفسي لمعرفة الأسباب والحصول على المساعدة اللازمة والعلاج المناسب".

أمل بورشك تنصح باستغلال وقت الفراغ والمشاركة في النشاطات المجتمعية والاستمتاع بالحياة (الجزيرة) دعم الأسرة

بدورها، تقول المستشارة الأسرية الدكتورة أمل بورشك، إن ظاهرة الشعور بحدث سيئ قبل وقوعه، تتكرر على أرض الواقع ويعاني منها الكثيرون، ولا يمكن إنكارها، وقد تعزى للإجهاد والتوتر أو تناقل الخبرات التراكمية من الكبار في العائلة.

وتشير بورشك، في حديث للجزيرة نت، إلى أن للأسرة دورًا مهمًّا عند ملاحظة أن أحد أفرادها لديه شعور بهذه الحالة، إذ يجب تهدئته وتشتيت تفكيره قدر الإمكان حتى لا يسيطر الخوف عليه، وحثه على العمل وممارسة الرياضة، والمضي بحياة طبيعية دون توقف، وتقبل ما سيحدث لاحقا بالتوكل على الله.

وتنصح بورشك، بضرورة العمل على استغلال وقت الفراغ والمشاركة في النشاطات المجتمعية والاستمتاع بالحياة كما هي، إضافة إلى أن التحلي بالمرونة يساعد على الشعور بالرضا عن النفس، أو اللجوء لاستشاري، فقد يكون الاضطراب مرتبطا بأسباب مرضية لأحداث مؤلمة في الطفولة والعائلة.

الحصول على استشارة يسمح باستبعاد الأسباب الطبية المحتملة، والتوصية بعلاجات فعالة (بيكسيلز) كيف تحصل على المساعدة؟

وعن كيفية الحصول على المساعدة إذا كنت تعاني من شعورك بالهلاك الوشيك؟  نشر موقع "فري ول مايند" بعض النصائح المساندة، وأولها، التحدث مع طبيبك لتشخيص حالتك، واستبعاد الأسباب الطبية المحتملة، والتوصية بعلاجات فعالة يمكن أن تساعدك.

ويقترح أليكس ديميتريو دكتور في الطب النفسي ومؤسس شركة مينلو بارك للطب النفسي وطب النوم، العثور على طريقة ما لكسر الحلقة المفرغة، عند شعورك بالهلاك الوشيك، وتذكير نفسك أن هذا الشعور قد لا تكون له جذور في الواقع وأن ما تعتقده قد لا يكون دقيقا.

ويقول ديميتريو إن "العبارة الرئيسية التي أستخدمها غالبا مع مرضاي هي: لا تصدق كل ما تعتقده".

ويضيف، إذا كنت تعاني من هذا الشعور بسبب القلق أو الاكتئاب، فيمكن لطبيبك العمل معك لتحديد أنماط التفكير التي تسهم في القلق، وتطوير إستراتيجيات تكيّف جديدة تساعدك في إدارة هذه الأعراض.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

حجرُ الأحزاب في بركة السياسة

12 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة:

رياض الفرطوسي

من قبل سقوط النظام كان الحزب أشبه بصوتٍ واحدٍ يعلو فوق الجميع: لا يُناقَش، لا يُجاوَر، ولا يُزاحم. المعارضات كانت في المنافي، تُراكم ضوءها على نارٍ صغيرة، تنتظر لحظة العودة. لكن حين انهار الباب الحديدي عام 2003، لم تخرج السياسة بهدوء… بل انفجرت، وانفتح

المشهد حتى كاد يتشظّى من فرط الكثرة.

ظهرت الأحزاب كما لو أن الأرض أفرزتها دفعة واحدة: مئات اللافتات، عشرات الزعامات، وخطابات تتشابه حتى يُظنّ أنها خرجت من ورشةٍ واحدة. وبدلاً من أن تُحدث هذه الكثرة موجة حياةٍ سياسية، صنعت دوامةً بلا اتجاه. كل حزب يحمل هدفاً، وكل هدف يذوب بين الطائفة والهوية والغنيمة.

ثم جاء الشباب… لا كما حلمنا أن يأتوا، لا بوصفهم طلائع تُضيف معنى وتبني فكرة. جاءوا متعبين، يبحثون لا عن مشروعٍ ولا عن دور، بل عن «موقع» أو «فرصة» أو (امتياز). في زمنٍ صارت فيه الأحزاب بواباتٍ للترقي الوظيفي لا للارتقاء الفكري، وفي زمن صار فيه (الانتماء) بطاقةً للعبور أكثر منه إيماناً بمبادئ.

هكذا انقلب المشهد: بدلاً من أن تكون الطلائع الشابة رافعةً تعيد للحزب روحه، صار الحزب هو من يُغذي الأعضاء بالوعود والمغانم، حتى تفَرَّغت الأحزاب من مضمونها التربوي والفكري، وصارت أقرب إلى شبكاتٍ تنظيميةٍ تبحث عن القوة العددية أكثر مما تبحث عن القوة الأخلاقية.

ومع ولادة كل قضية اجتماعية، تولد معها أحزاب جديدة تقدم (رؤى للحل) على الورق، لكنها في العمق تتزاحم على صوتٍ واحد: صوت النفوذ. تاريخ الأحزاب يمتد عبر العصور، سريةً وعلنية، لأنها الوسيلة الأكثر منطقية حين تعجز قوة الفرد عن مواجهة الدولة أو المجتمع أو الخارج. هذا ما نعرفه نظرياً… لكن الواقع العراقي تَفَصَّل بطريقةٍ أخرى.

ففي ظل العراق الجديد، لم تعد الأحزاب فقط كيانات سياسية تُحاول أن تُمثّل جماهيرها. صار بعضها (أحزاباً صغيرة) تُنشئها الأحزاب الكبيرة، كظلالٍ لها: واجهات تُبرقِع المسارات، أو أدوات لتشويش الخريطة، أو إشارات تُوحي بأن هناك «تنوعاً» بينما هو تنسيقٌ مقنّع. لعبةٌ تُؤدى على مسرح كبير، لا يعرف الجمهور تماماً من الذي يكتب النص.

وحين يعجز الحزب عن تمثيل الحقيقة المجتمعية — حين يفشل في صقل طبقته المستهدفة، أو يعجز عن تقديم قراءة ثاقبة للحدث — يذوي حوله الجمهور شيئاً فشيئاً. يبتعد الناس كما يبتعد الطير عن شجرة لم تعد تعطي ظلاً. لا يبقى سوى الهياكل: مقرات بلا فكرة، شعارات بلا روح، ووجوهٌ تُكرر ما لا تؤمن به.

يزداد هذا التآكل حين يتحول الخطاب إلى ازدواجية: قولٌ في العلن و قولٌ آخر في السر، وعندما يتجاور النفاق السياسي مع الجهل الثقافي، في مساحةٍ تتداخل فيها النخب السياسية مع النخب الثقافية دون أن تنتج رؤية مشتركة. إنها مساحةٌ ضبابية لا تُنتج فكراً ولا تفتح أفقاً. وحين نصل إلى الجذر العميق للأزمة، نجد أن تغييب الفرد في ثقافتنا كان عاملاً حاسماً في إجهاض أي تعددية سياسية حقيقية. نحن، بثقل الموروث، لم نمنح الفرد فرصة ليقف مستقلاً، ربّيناه ليكون ظلّ جماعته لا صوته الخاص. وفي اللحظة التي يحاول فيها اتخاذ قرار، تنهض العائلة والعشيرة والطائفة لتعيده إلى (الحظيرة) القديمة. وهكذا ينمو الفرد نصف مكتمل: يتكلم بثقة، لكنه يتصرف بتردد. وفي غياب الفرد الحرّ، تتولد أحزاب بلا روح، هياكل بلا مشروع، وتيارات تذوب عند أول امتحان. فالتعددية تحتاج أناساً أحراراً لا مجموعات تتحرك بدافع العرف والولاء. ولذلك لم تكن التعددية عندنا مشروعاً سياسياً بقدر ما كانت زينة لغوية… بينما التعدد الحقيقي الوحيد الذي نجحنا فيه، وبامتياز مبهر، هو تعدد الزوجات.

اليوم، يبدو العراق كبركةٍ طال سكونها، تحتاج إلى حجرٍ يُلقى فيها لا ليُحدث ضجيجاً عابراً، بل ليوقظ الماء من غفوته الطويلة. حجرٌ لا يُضيف حزباً إلى ازدحام الأحزاب، بل يضيف فكرة إلى جفاف الأفكار؛ حزبٌ يعيد للمثقفين مكانتهم الطبيعية في قيادة المزاج العام، وينهض بالطبقة الوسطى من سباتها، ويصلُ بالشباب إلى المعنى قبل المصلحة، ويُعيد تعريف الولاء باعتباره انتماءً للدولة لا ارتهاناً لسلطاتها العارضة. حزبٌ يمنح السياسة وجهاً يشبه حياة الناس، لا تشبه مقايضات السياسيين.

قد لا يتغيّر شكل الماء عند أول ارتجاجة، لكن ما في القاع سيتحرّك، وسيعرف السكون أن زمنه لم يعد مطلقاً. والعراق، بعد هذه السنوات الثقيلة، يستحق ارتجافةً تعيد إليه نبضه، وتذكّره بأن المعنى يمكن أن يعود… إذا وُجد من يملك الشجاعة ليرمي الحجر.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • رغم شهرتها كمشروب منشّط.. لماذا يشعر بعض الأشخاص بالنعاس بعد شرب القهوة؟
  • كيفية التعامل مع القلق النفسي
  • حجرُ الأحزاب في بركة السياسة
  • "التضامن" تشارك في ورشة عمل"تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر"
  • التضامن الاجتماعي تشارك في ورشة عمل تحت عنوان "تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر.. من الالتزامات العالمية إلى العمل الوطني"
  • التضامن: إصدار أكثر من 1.3 مليون بطاقة خدمات متكاملة عبر 225 مكتب تأهيل
  • قادرون باختلاف: إعداد برامج تدريبية لتأهيل ذوي الإعاقة في سوق العمل
  • ماذا ينتظر الأقصى خلال عيد الأنوار اليهودي الوشيك؟
  • الشلبي يوضح تراجع العجز وتحسن المؤشرات الاقتصادية
  • أسباب خفية وراء شعور البعض بالبرد