طهران– يأمل الشارع الإيراني أن يشهد اقتصاد بلاده انفراجا بعد إتمام صفقة تحرير 6 مليارات دولار من أموال إيران المجمدة في الخارج. بينما ينقسم الخبراء حول إذا ما كانت هذه الأموال ستترك أثرا ملموسا في اقتصاد البلاد بشكل عام وحياة المواطن بشكل خاص. واعتبر البنك المركزي الإيراني أن تحرير موارد إيران من النقد الأجنبي سوف يقلل معدلات التضخم.

نقل أصول إيرانية إلى قطر

وأعلنت كوريا الجنوبية في 18 سبتمبر/أيلول الإفراج عن الأصول الإيرانية بقيمة 6 مليارات دولار، وذلك بعد صفقة أميركية إيرانية بوساطة قطرية على تبادل السجناء.

وكانت هذه الأموال قد جمدت في كوريا الجنوبية، التي تعد واحدة من أكبر عملاء النفط الإيراني، بسبب العقوبات الأميركية.

وبموجب الصفقة، تقرر أن تودع المليارات الـ6 في بنوك قطرية وتستخدمها طهران في تمويل السلع غير الخاضعة للعقوبات الأميركية مثل الغذاء والدواء.

وعن مدى تأثير الإفراج عن هذه المليارات في الاقتصاد الإيراني، قال الخبير الاقتصادي بيمان مولوي إن هذا المبلغ مؤثر، وإنه يكفي لشراء 70 طائرة إيرباص من نوع A330.

وفي السياق، أضاف مولوي في حديثه للجزيرة نت أن إيران بسبب العقوبات فقدت إيرادات كان بإمكانها أن تجنيها خلال الأعوام الـ12 الماضية من النفط بحجم 420 مليار دولار.

ويعتقد مولوي أن هذا المبلغ سيؤثر لفترة محدودة على استقرار سعر العملة والتضخم.

وعن أنباء بشأن تحرير 10 مليارات أخرى قريبا من الأموال الإيرانية المجمدة، يرى مولوي أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حريصة على عدم إغضاب إيران قبل انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني من العام القادم، وهو ما قد يُترجم بتحرير أموال إيرانية أخرى.

العلاقات مع العالم

ومن جانب آخر، قال عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان محمد باقري بنابي إنه لا يرى في الإفراج عن المليارات الـ6 ذلك التأثير الكبير على الاقتصاد الإيراني. وأوضح للجزيرة نت أن على الحكومة أن تركز على الدبلوماسية الاقتصادية وتعديل سياساتها التي تنعكس مباشرة على الاقتصاد.

ويضيف أن تحسين العلاقات مع دول الجوار بدون تحسين العلاقات مع دول العالم لا يكفي. وتابع أن هذه المبالغ بمثابة "مسكّن ومهدئ وليست علاجا حقيقيا"، مؤكدا أن العلاج الحقيقي طويل المدى يتحقق من خلال الاستثمار في البنى التحتية.

وبدوره، يقول أستاذ الاقتصاد مرتضى أفقه إن 6 مليارات دولار ليست مبلغا كبيرا مقابل الناتج المحلي الإجمالي وعائدات النقد الأجنبي في إيران، مستبعدا أن يكون لها تأثير كبير.


سعر العملة والتضخم

ويوضح أفقه في حديثه للجزيرة نت أن هذه المليارات الـ6 لن تدخل إيران على شكل دولار أو يورو، وإنما ستبقى في البنوك القطرية ويسمح لإيران أن تتصرف فيها لتلبية بعض احتياجاتها وبإشراف أميركي.

ويرى أن هذا المبلغ سيمنح الريال الإيراني نوعا من الاستقرار أمام الدولار لفترة محددة. ولا يعتقد أن يؤثر هذا الأمر على الاقتصاد الإيراني بشكل عام أو يوقف تصاعد التضخم.

وأوضح أن البنك المركزي الآن يحاول السيطرة على التضخم من خلال تقليص حجم السيولة في السوق الإيرانية، وأن هذه المليارات في أحسن الأحوال ستتمكن من تثبيت نسبة التضخم لمدة قصيرة فقط، وذلك لأن المبلغ ليس كبيرا بالإضافة إلى أنه ليس بيد إيران بشكل مباشر.

وبين أفقه أن هذه المليارات الـ6 لن  توفر فرص عمل ولن تخفض أسعار السلع ولن تزيد الرواتب، ومن ثم فلن يلمس المواطن تأثيرا مباشرا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: هذه الملیارات أن هذه

إقرأ أيضاً:

فساد الكهرباء في عدن.. مليارات مهدورة وثورة شعبية تلوح في الأفق

يمانيون | تقرير
في ظل صيفٍ لاهبٍ وحرارة لا تُطاق، تغرق مدينة عدن في ظلام دامس، ومع كل ساعة انطفاء، يتراكم الغضب الشعبي ويقترب المشهد من لحظة الانفجار.. أزمة الكهرباء في عدن لم تعد أزمة خدمية عابرة، بل أصبحت تجلّياً صارخاً لحالة الانهيار والفساد الذي ترعاه دول العدوان السعودي الإماراتي، وتغطي عليه حكومة الفنادق، وسط معاناةٍ تنذر بانتفاضة قادمة ضد أدوات الاحتلال ومشاريعه التدميرية.

فساد ممنهج وغياب للرقابة
تفاصيل الفساد في قطاع الكهرباء بعدن تكشف عن شبكة معقدة من الصفقات المشبوهة، والنهب المنظّم الذي يتم تحت أعين، بل بمباركة، من التحالف السعودي الإماراتي.. تقارير صادرة عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الموالي لحكومة الفنادق أظهرت بوضوح كيف تم التعاقد مع شركة أجنبية تدعى “برايزم إنتر برايس” لتوفير طاقة على متن سفينة عائمة بقدرة 100 ميجاوات مقابل 128 مليون دولار، بعقد مدته ثلاث سنوات.

ما يثير الدهشة في هذا العقد أنه تم تمريره دون مناقصة عامة، وبشروط مجحفة تهدر المال العام، أبرزها دفع 12.8 مليون دولار مقدماً دون ضمانات بنكية، ما يفتح الباب واسعاً أمام التلاعب والتنصل من الالتزامات، في وقت لا يجد فيه المواطنون في عدن قوت يومهم ولا كهرباء تقيهم حر الصيف.

سباق على النهب
ليست هذه الصفقة سوى رأس جبل الجليد. فقد كشفت مصادر إعلامية في وقت سابق أن حكومة ما يسمى بـ”الشرعية” المقيمة في الرياض تورطت في مناقصتين مشبوهتين لتوريد الوقود لمحطات الكهرباء، بتكلفة تجاوزت 15 مليون دولار، ضاعت في دهاليز الفساد، وتحديداً عبر شخصيات مقربة من رئيس الحكومة السابق معين عبدالملك، أبرزهم المدعو أنيس باحارثة، مدير مكتب رئيس الوزراء الحالي، الذي أصبح اسمه مرادفًا للسمسرة والابتزاز.

كما تكررت حالات التعاقد غير القانوني لتوريد مشتقات نفطية بمبالغ وصلت إلى 285 مليون دولار خلال العام 2022، وسط تجاهل تام لقوانين المناقصات، الأمر الذي يعكس مستوى الفوضى والعبث المسيطر على القطاعات الحيوية في المناطق المحتلة.

عقود وهمية ومشاريع دون جدوى
الفساد لم يقف عند عقود الطاقة، بل امتد إلى مشاريع تحديث مصافي نفطية بقيمة 180.5 مليون دولار مع شركة صينية، رغم عدم الحاجة الفعلية لها، إلى جانب تشغيل سفن مثل “أميرة عدن” و”لؤلؤة كريتر” دون أي إنتاج حقيقي، مع دفع أجور باهظة مقابل خدمات معدومة، ما يكشف عن هدر مالي ممنهج.

كل هذه الوقائع، إلى جانب عقد شراء الطاقة من “برايزم إنتر برايس” بشروط تضمن الربح الكامل للشركة على حساب الشعب، رسمت صورة متكاملة للفساد العميق الذي ينخر قطاع الكهرباء في عدن، ويكشف في الوقت ذاته الدور التخريبي لدول العدوان السعودي والإماراتي، التي تصر على إبقاء الجنوب في دوامة الفوضى والحرمان.

عدن تختنق.. والغضب يتصاعد
أمام هذا المشهد الكارثي، لم يجد أبناء عدن سوى الشارع للتعبير عن سخطهم. التظاهرات التي اجتاحت المدينة في الأسابيع الأخيرة جاءت كرد فعل طبيعي على تراكم الأزمات، وعلى رأسها الانقطاع المتواصل للكهرباء في ذروة الصيف، وسط تجاهل تام لمعاناة الناس وانعدام شبه كامل للخدمات الأساسية.

محاولات قمع المتظاهرين لم تفلح في إسكاتهم، بل زادت من حجم الغليان، ورفعت من سقف المطالب التي تجاوزت حدود تحسين الخدمات لتصل إلى رفض الاحتلال وأدواته، والدعوة إلى إسقاط منظومة الفساد التي استباحت الجنوب وموارده.

ثورة تلوح في الأفق
بات من الواضح أن ما يجري في عدن ليس مجرد أزمة خدمية، بل مقدمات لثورة شعبية عارمة، خاصة وأن الشارع بات يدرك أن معاناته ليست قدراً، بل نتاج مباشر لسياسات الاحتلال ونهب التحالف السعودي الإماراتي للثروات، وتغطيته لحكومة لا تمتلك قراراً وطنياً، ولا ترى في المواطن سوى أداة للتربح والنهب.

عدن اليوم تقف على حافة التحول، ومن رحم المعاناة يولد الوعي، ومن بين ركام الانطفاءات تولد شرارة الرفض، وما لم يتم التوقف الفوري عن هذا النهب المنظم، فإن ثورة الجياع والمقهورين قادمة لا محالة، ولن تميز بين فاسد وآخر، بل ستجتث كل منظومة الاحتلال والفساد التي أوصلت الجنوب إلى هذا المصير المظلم.

مقالات مشابهة

  • انطلاق القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي بإسطنبول.. و3 عواصم خليجية تقود المنطقة عالميًا
  • أكثر من (206) ملايين دولار حجم الصادرات الإيرانية للعراق من منفذ المنذرية خلال الشهرين الماضيين
  • الخسائر تقدر بـ 7 مليارات دولار.. أوكرانيا تعلن نتائج ضربة شبكة العنكبوت
  • أبل تكشف أرقامًا ضخمة: متجر App Store حقق 406 مليارات دولار في 2024... و90% منها دون عمولة
  • فساد الكهرباء في عدن.. مليارات مهدورة وثورة شعبية تلوح في الأفق
  • القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي ترسم ملامح نظام اقتصادي حديث برؤية أخلاقية
  • تقرير سري.. إيران رفعت تخصيب اليورانيوم بشكل كبير
  • القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي تطلق نداءً لبناء منظومة اقتصادية إسلامية تنافسية
  • المبعوث الأمريكي إلى سوريا: صفقة الطاقة البالغة 7 مليارات دولار ليست سوى البداية في سوريا
  • بعد جمع 5 مليارات دولار من بيع سندات.. أرامكو قد تلجأ لأسواق الدين مجدداً