ما علاقة النظام السوري وحزب الله بأزمة اللجوء الجديدة في لبنان؟
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
لا تزال قضية اللجوء السوري إلى لبنان تشغل جدول أعمال حكومة تصريف الأعمال وأعضاء البرلمان على حد سواء، وسط انتقادات من عدم تطرق الطرفين لأسباب موجة الهجرة الجديدة، أو محاربة عصابات التهريب المقربة من "حزب الله" على حدود البلدين، بحسب ما أكده حقوقيون وصحفيون لـ"عربي21".
وكشف وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب، عن عزمه زيارة دمشق للقاء نظيره بحكومة النظام السوري فيصل المقداد، لبحث أزمة "النزوح السوري" الجديد وفق ما أطلق عليها السياسيون في لبنان.
ورغم إقرار الوزير اللبناني بسوء الأوضاع الاقتصادية في سوريا والتي تعتبر سببا رئيسيا في موجة اللجوء الجديدة، غير أنه هاجم الأمم المتحدة واتهمها بدفع المال للسوريين، ورفضها إعادة اللاجئين بشكل قسري.
وأظهرت إحصائية رصدتها "عربي21"، أن الجيش اللبناني قام بتوقيف5800 لاجئ سوري أثناء محاولتهم عبور الحدود المشتركة مع سوريا بطريقة شرعية، خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، بالتزامن مع توقيف عشرات السوريين خلال عمليات دهم لمخيمات اللاجئين في عرسال، بتهمة التسلل إلى لبنان.
علاقة "حزب الله" بعمليات التهريب
وأكدت الكاتبة السياسية عالية منصور، أن "حزب الله" يسيطر على المعابر غير الشرعية بين سوريا ولبنان، مشيرة إلى أن هذه الأعداد الكبيرة من الوافدين الجدد، أمر لا يمكن أن يتم بهذا الشكل وبهذه الأعداد وبشكل يومي دون موافقة أو تسهيل من نظام الاسد وحزب الله.
أضافت في حديث مع "عربي21": "المستغرب أن القوى الأمنية اللبنانية الشرعية قادرة على إحصاء أعداد اللاجئين السوريين يوميا ولكنها غير قادرة على ضبط الحدود".
وتابعت: "ببساطة الحدود بين البلدين بيد حزب الله يستخدمها لتهريب السلاح والمقاتلين بالاتجاهين، كما استخدمها مع النظام السوري بتهريب الفيول وغيره في وقت سابق، والحديث اليوم عن أن دخول السوريين يتم دون موافقة وتسهيل هذه الأطراف وبهذه الأعداد فيه سذاجة".
ورأت أن تعاطي السياسيين في لبنان مع "النزوح السوري الجديد" يأتي من منطلق "ترند"، إذ يسارع الخصوم للمزايدة في الحديث عن الأمر، باستخدام معلومات مغلوطة.
من جانبها، رأت المحامية والحقوقية اللبنانية، ديالا شحادة، أن سبب تركيز السياسيين في لبنان على أزمة اللجوء السوري هو محاولة ابتزاز المجتمع الدولي لتقديم المزيد من المعونات للبنان عبر حكومته من جهة، والضغط عليه كذلك لقبول الجلوس إلى طاولة الحوار مع سوريا من جهة غير مباشرة، باعتبار أن نظام الأسد هو المسؤول أولا عن عودة اللاجئين.
وأوضحت أن أزمة اللجوء الجديدة نتيجة طبيعية لغريزة حب البقاء التي تدفع بالبشر عموما وبالسوريين في المناطق السورية التي تشهد النزاع المسلح والاضطهاد المنهجي الجماعي وخطر الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والتعذيب والقتل وغيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان للمتلازمة مع نظام الأسد في سوريا منذ تأسيسه.
خلق فتنة
ورجحت الكاتبة عالية منصور، أن يكون النظام السوري ومعه حزب الله وبعض السياسيين اللبنانيين، يريدون خلق فتنة في لبنان، أو افتعال حدث أمني تمكنه من ممارسة ابتزاز أكبر على الدول العربية وغير العربية لتمويله أو رفع بعض العقوبات عنه بذريعة إعادة اللاجئين الذين بدأوا يشكلون خطرا أمنيا حينها.
ولفتت إلى أن بعض السياسيين اللبنانيين المعارضين للنظام السوري، انضموا لجوقة التحريض على السوريين وتهيئة الأرضية في حال أراد النظام افتعال مشكلة أمنية من حيث لا يدرون.
قانونية الإعادة "القسرية"
وأكدت الحقوقية ديالا شحادة، أن لبنان ملتزم بعدم ترحيل اللاجئين "قسرا"، كونها ضمن الدول الموقعة على اتفاقية حماية اللاجئين الأممية عام 1951.
وأشارت إلى أن "اجتهاد قضاء مجلس شورى الدولة بشأن قانونية ترحيل اللاجئين السوريين، يقضي بحصر أي قرار ترحيل للقضاء المختص، ما يعني أن القرار في جميع الأحوال يعود للقضاء اللبناني حين يتعلق الموضوع بشخص معرّض للاضطهاد في بلده".
وشددت على أن الشعب السوري معرض للاضطهاد في كل الأراضي السورية، بسبب السياسية المنهجية لنظام الأسد والموثقة انتهاكاتها تراكميا بتقارير الأمم المتحدة.
وفي عام 2019، اتخذ قضاء مجلس شورى الدولة في لبنان، قرارا يقضي بترحيل المواطنين السوريين جماعيا وتسليمهم مباشرة إلى السلطات السورية، وذلك بعد الاستناد على اعتبارات خاطئة لدى السلطات اللبنانية ومفادها بأنه لم يعد هناك من سبب للجوء السوريين إلى لبنان، وأن أسباب الخوف من قمع النظام السوري لم يعد قائما بشكل عام، وفق ما أورده موقع "مذكرة قانونية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية لبنان حزب الله سوريا سوريا لبنان حزب الله اللاجئون السوريون مخيمات سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری حزب الله فی لبنان
إقرأ أيضاً:
الإصلاح الضريبي في سوريا يبدأ بعد عقود من المحاباة والفساد
دمشق – عانى السوريون لسنوات طويلة من النظام الضريبي الذي كان سائدا في عهد نظام بشار الأسد المخلوع، حيث صُمّم -وفقًا لرؤية العديد من الخبراء- لحماية مصالح كبار التجار ورأسمالية المحاسيب التي كانت تهيمن على البلاد؛ فأعفى النظام بذلك أصحاب الثروات المرتبطين بالسلطة من المساءلة، في حين أرهق كاهل صغار التجار والصناعيين بضرائب تُفرض دون معايير واضحة، الأمر الذي أدى إلى هجرة آلاف الصناعيين والتجار من البلاد.
وفي إطار التعامل مع هذه التركة الثقيلة، عقدت لجنة الإصلاح الضريبي، برئاسة وزير المالية السوري محمد يسر برنية، الأسبوع الماضي، أول اجتماع لها منذ الإعلان عن تشكيلها مطلع الشهر الجاري.
وأكد الوزير لوسائل الإعلام، عقب الاجتماع، أن النظام الضريبي الحالي "غير قابل للاستمرار، لأنه لا يخدم الرؤية الاقتصادية للبلاد، ولا مصالح القطاع الخاص، ولا مفهوم العدالة، فضلًا عن عدم قدرته على دعم عجلة الصناعة في البلاد".
وأوضح أن اللجنة اتفقت على المحاور الأساسية للإصلاح الضريبي، والتي تشمل تخفيض الشرائح الضريبية، وتبسيط الإجراءات، وتوحيد الضرائب.
شراكة مع القطاع الخاصوأشار برنية إلى أن الدولة حريصة على أن "تكون شريكا فاعلا للقطاع الخاص، وليست مجرد جهة جباية"، مؤكدا أن الإصلاحات الضريبية الجارية ستأخذ وقتها الكافي لتتبلور بصورة سليمة ومتوازنة، تضمن ملاءمتها لجميع الأطراف على المدى الطويل، وليس لفترة محدودة تمتد لعامين أو ثلاثة فقط.
وشدد الوزير على ضرورة تجنّب الاستعجال أو القفز على المراحل، داعيًا إلى اعتماد نهج تدريجي في بناء نظام ضريبي عصري يخدم مصلحة سوريا ويدعم عجلة الصناعة، مع السعي إلى توفير نظام واضح وشفاف يمنح المستثمر الثقة الكاملة بأنه سيخدم مصالحه.
كما أشار إلى أنه تم بالفعل إلغاء عدد من الرسوم، وهناك توجه لإلغاء المزيد من الضرائب، مع العمل على توحيد النظام الضريبي والانتقال إلى ضرائب أقل عددًا وأكثر توحيدًا.
إعلانوفي ختام تصريحاته، شدد برنية على أن سوريا ماضية نحو أن تصبح "من أكثر الدول تنافسية من حيث نظام الضرائب الحديث".
تنشيط صناعات
وفيما يتعلق بالإصلاحات الضريبية الجارية، يرى الخبير الاقتصادي أدهم قضيماتي أنها تستند إلى دراسات تهدف إلى إعادة تنشيط صناعات محلية تمتلك سوريا خبرة طويلة فيها، مثل صناعة النسيج، إلى جانب تحفيز صناعات جديدة وواعدة مثل التكنولوجيا، والتي لا تزال البلاد تفتقر إلى بنى تحتية كافية لها.
ويربط قضيماتي نجاح تعديل النظام الضريبي برؤية الحكومة وخططها الإستراتيجية، سواء على المدى المتوسط (5 سنوات) أو الطويل (10 سنوات). ويؤكد أن تخفيض الضرائب أو الرسوم يجب أن يتم وفق 3 معايير رئيسية:
حجم الإنتاج المحلي، الفترات الزمنية (المواسم). الحالة العامة للاقتصاد، بما في ذلك حجم الاستثمارات المتوقعة واحتياجات السوق المحلي من المنتجات القابلة للتصنيع الداخلي.ويشير الخبير إلى أنه كلما اقتربت البلاد من تحقيق الاكتفاء الذاتي من منتج معين، يمكن حينها رفع الضرائب عليه تدريجيًا، والعكس صحيح.
ويوضح أن سوريا، في الوقت الراهن، بحاجة للاستيراد، مما يتطلب ضرائب ورسومًا منخفضة، مؤكدًا ضرورة تعديل قيم تلك الضرائب بشكل دوري استنادًا إلى مراجعات منتظمة للواقع الاقتصادي.
ويضرب مثالًا بالضرائب الزراعية، التي يجب أن تتغير تبعًا للمواسم والمحاصيل، مشددًا على أن النظام الضريبي يعد ملفا شائكا يرتبط بالظروف المتغيرة بشكل مباشر.
وفيما يتعلق بالأثر المتوقع لهذه الإصلاحات على البيئة الاستثمارية والقطاع الخاص في سوريا، يشير قضيماتي إلى ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، نظرًا لما قد تحققه من فوائد عديدة، من أبرزها تقليص الهدر في القطاع العام، وتقديم نموذج إداري فعال من خلال القطاع الخاص.
ويشدد على ضرورة الحفاظ على دور الدولة الرقابي، لا سيما فيما يخص الأسعار وتوفير المنتجات الأساسية في السوق، مؤكدًا أن هذه الشراكة تمكّن الدولة من الخروج من دور "الجباية" التقليدي، وتقي القطاع العام من الخسارة كما كان على عهد النظام المخلوع.
ويرى قضيماتي أن تطبيق هذه الشراكة مستقبلًا قد يتم من خلال تأسيس شركات قابضة يديرها القطاع الخاص بمساهمة رمزية من الدولة، مقابل منح تسهيلات ونسب من الأرباح.
وعن الحاجة لزيادة الإيرادات الحكومية وتخفيف العبء الضريبي عن المواطن في آن واحد، يرى الخبير أن تحقيق هذه المعادلة يتطلب توفر عدة معايير، في مقدمتها "انتهاء ثقافة الرشوة والمحسوبيات".
ويؤكد أنه إذا تم "ضبط الاقتصاد"، فلن تواجه الدولة عجزًا في الموازنة، خاصة أن سوريا بلد غني بالثروات الباطنية التي من شأنها أن تخفف العبء المالي، إلى جانب الشراكات مع الدول الأخرى لتمرير خطوط الغاز والنفط والاستفادة من عائداتها.
ويخلص قضيماتي إلى أن الحكومة مطالبة بزيادة إيراداتها بشكل مدروس خارج إطار ما يُعرف بالإيرادات الضريبية أو الرسوم التقليدية.